أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2020
1199
التاريخ: 8-9-2020
1495
التاريخ: 31-8-2020
1494
التاريخ: 2023-02-19
1156
|
رصد العرب ظاهرة المذنبات في مؤلفاتهم الموسوعية (العلمية الأدبية التاريخية)، باعتبارها نجوما أو كواكب تظهر عرضًا في السماء ثم تختفي، بوصفها ضربا من الأجسام السماوية، وبوصفها أحداثًا جديرة بالاهتمام. ومن اللافت للانتباه أن بعض المؤرخين العرب، صدروا أحداث السنين بظهور المذنبات، فوردت في أهم الأحداث التي حدثت في التواريخ التي يتناولونها بالتدوين مما يعني اهتمامهم بهذه الظاهرة الطبيعية. ومن تسجيلات المؤرخين العرب لظاهرة ظهور المذنبات، تسجيل حدث ظهور مذنب هالي في أكثر حالات اقترابه من الأرض. وهذا حدث لم تسجله دوريات وحوليات ووثائق الأمم الأخرى. ومن الطريف أن تبدو دورية المذنبات باعتبارها تتحرك وتختفي ثم تعود فتظهر ثانية. ومن بين أهم التعريفات العلمية لظاهرة المذنبات، ما أوردة المرزوقي (أحمد بن محمد بن الحسن أبو علي المرزوقي، عالم بالأدب من أهل أصبهان [المتوفى في سنة 421هـ / 1030م])، في كتابه الرائع «الأزمنة والأمكنة»، الذي فرغ من تأليفه في 13 جمادى الآخرة سنة 453هـ. ففي الباب الثالث والستين، وفي معرض حديثه عن الكواكب، ومواضعها يعرض تعريفا عمليًّا دقيقًا للمذنبات: 12 «فإن قيل: كيف تميز للعلماء مواضع هذه الكواكب ومقاديرها في سيرها على خفائها وعجز الحس عن إدراكها؟ قلت: أدركوا ذلك في الأزمنة المتعاقبة والدهور المترادفة، فكان أحدهم يقف عمره مع تفقده البليغ لها على بعض أحوالها، ثم يرسم ما يقف عليه لمن يخلف بعده، وقد شاركه فيما مضى ثم قاس الأخلاف بعدهم قرنًا بعد قرن، فوجدوها وقد تقدمت عن تلك الأماكن الأول، وكذلك فعل الأخلاف للأخلاف، وقد ضبطوا تواريخ تلك الأزمنة معتبرين فوجدها تتحرك بأسرها معًا حركةً واحدةً، فتقطع في كل مائة عام درجةً واحدةً، حينئذٍ حكموا بما قالوا، فهذه حال هذه الكواكب المسماة ثوابت، إلا كوكبًا واحدًا، فإنه سيار خلاف سيرها، وخلاف سير السيارات كلها وهو الكوكب الذي سماه المنجمون ذا الضفيرة وذا الذؤابة وهو الذي تسميه العامة كوكب الذنب، وإنَّما يظهر في الزمان بعد الزَّمان ولأصحاب الملاحم فيه روايات. فعلى هذا عرف العلماء مواضع هذه الكواكب من الفلك وحكموا بما حكموا في كتبهم من شأنها.»
وفي رواية نقلها بدر الدين العيني (محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد أبو محمد بدر الدين العيني الحنفي [762-855هـ / 1360 – 1451م])، في كتابه الموسوعي «عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان» دلائل على ما يمكن اعتباره توصل العرب لفكرة دورية المذنبات، قبل هالي بزمن كبير نسبيا. ففي معرض ذكره لحوادث السنة الرابعة والثمانين بعد الستمائة، يذكر المؤلف واقعة طريفة تشير إلى بعض المعتقدات التي كانت سائدةً لدى الناس حيال المذنبات، وتشير أيضًا إلى مفهوم دورية المذنبات، وإن لم تُصَغ صياغة علمية، فيذكر: 13 «وحدَّث الشيخ شعبان الهوي قال: حدثني الشيخ شرف الدين السنجاري التاجر السفّار قال: كنت بالموصل سنة أربع وثمانين (يشير إلى سنة 684هـ) ليلة النصف من المحرم، فظهر كوكب عظيم له ثلاث ذوائب طوال إلى جهة المغرب، فتعجب الناس من ذلك، وكان في الجماعة عماد الدين بن الدهان رئيس المنجمين، فسألوه عنه فقال: هذا الكوكب ظهر في سنة عشرين وأربعمائة، وله ذؤابتان في طول الذي ترونه وأخرى قصيرة جدًّا، فولد في ذلك التاريخ المستنصر خليفة مصر، فعاش سبعًا وستين سنة، وأقام خليفة ستين سنة، ثم ظهر هذا الكوكب في سنة تسعين وأربعمائة، فولد في هذا التاريخ عبد المؤمن صاحب الغرب، فعاش سبعين سنة، وملك خمسين سنة، ثم ظهر هذا الكوكب في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، فولد في هذا التاريخ الناصر لدين الله خليفة بغداد فعاش تسعًا وستين سنة، وأقام خليفة سبعًا وأربعين سنة، وها هو قد ظهر في هذا الوقت وذوائبه الثلاث كاملة متساوية، يدلُّ على أنه يولد في هذه الليلة مولود سعيد يملك مصر والشام والعراق ويعيش ثلاثين وثلاثين وثلاثين، فنظروا فلم يولد في تلك الليلة إلا الملك الناصر محمد بن قلاوون المذكور. قلت صادف كلامه ذلك ولكنه أخطأ في المدة على ما لا يخفى.» وفي كتاب «شذرات الذهب في أخبار من ذهب»، يسجل المؤرخ الفقيه الأديب أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089هـ، بعض الممارسات التي كانت سائدةً حيال ظهور المذنبات. ففي معرض تأريخه لأحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، يذكر حادثة ظهور مذنب في سنة 330هـ، أشار إليه بكوكب عظيم له ذنب منتشر، وارتبط بظهوره انتشار الغلاء وانتشار الأمراض: 14 «فيها (يشير لسنة 331هـ)، كما قال في الشذور وافى جراد زائد عن الحد حتى بيع كل خمسين رطلا بدرهم واستعان به الفقراء على الغلاء. وفي التي قبلها (330هـ) ظهر كوكب عظيم ذو ذنب منتشر فبقي ثلاثة عشر يومًا ثم اضمحل واشتد الغلاء والمرض.» ويذكر نفس المعتقدات تقريبًا في معرض تأريخه لأحداث سنة 458 هـ: 15 «وفيها كما قال في الشذور ظهر كوكب عظيم كبير له ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أذرع وطوله أذرع كثيرة ولبث ليالي كثيرة ثم غاب ثم ظهر وقد اشتد نوره كالقمر وبقي عشرة أيام حتى اضمحل، ووردت كتب التجار بأنه في الليلة الأخيرة من طلوع هذا الكوكب غرقت ستة وعشرون مركبًا وهلك فيها نحو من ثمانية عشر ألف إنسان وكان من جملة المتاع الذي فيها عشرة آلاف طبلة كافور، وكانت الزلزلة بخراسان ولبثت أيامًا فتصدعت منها الجبال وخسف بعدة قرى.» وفي معرض تأريخه لأحداث سنة خمس وثمانين وتسعمائة هجرية، يذكر حادثة ظهور مذنب، وينقل إشارات السيوطي عن ما شاع لدى الناس عند رؤيتهم لهذه المذنبات: 16 «فيها – كما قال في النور – طلع نجم ذو ذؤابة كهيئة الذَّنَب طويل جدا له شعاع ومكث كذلك يطلع نحو شهرين. انتهى. قلت: قال السيوطي، في كتابه حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ما لفظه ذكر كوكب الذَّنَب، قال صاحب المرآة: إن أهل النجوم يذكرون أن كوكب الذَّنَب طلع في وقت قتل قابيل هابيل وفي وقت الطوفان وفي وقت نار إبراهيم الخليل، وعند هلاك قوم عاد وقوم ثمود وقوم صالح وعند ظهور قوم موسى وهلاك فرعون، وفي غزوة بدر، وعند قتل علي، وأدنى الأحداث عند ظهور هذه الكواكب الزلازل والأهوال، قلت: يدل لذلك ما أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه من طريق ابن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس فقال: ما نمت البارحة، قلت: لم؟ قال: طلع الكوكب ذو الذَّنَب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق. انتهى ما أورده السيوطي بحروفه.» وفي بعض الحالات يكون ظهور المذنب بشير خير. ومن الأمثلة على ذلك ما أورده ابن كثير (إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي المتوفى سنة 774هـ)، في كتابه «البداية والنهاية»؛ إذ يؤرخ حادثة ظهور مذنب ضمن أحداث سنة 448هـ، فيذكر: 17 «قال ابن الجوزي: وفي العشر الثاني من جمادى الآخرة ظهر وقت السحر كوكب له ذؤابة طولها في رأي العين نحو من عشرة أذرع وفي عرض نحو الذراع ولبث كذلك إلى النصف من رجب ثم اضمحل، وذكروا أنه طلع مثله بمصر فملكت وخطب بها للمصريين وكذلك بغداد لما طلع فيها ملكت.»
___________________________________________________
هوامش
(12) المرزوقي، أحمد بن محمد بن الحسن أبو علي المرزوقي، الأزمنة والأمكنة، ضبطه وخرج آياته خليل المنصور، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1996، ص8.
(13) بدر الدين العيني، محمد بن أحمد بن موسى بن أحمد، عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، عصر سلاطين المماليك حوادث وتراجم (665–668هـ / 1266–1298م)، تحقيق: د. محمد محمد أمين، الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، مصر، ج 2، الطبعة الأولى، 2010، ص340-341.
(14) الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1997، ج 4، ص248.
(15) الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1997، ج 5، ص248.
(16) الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1997، ج 10، ص597.
(17) ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفدا، البداية والنهاية، تحقيق: صلاح محمد الخيمي، مراجعة: الشيخ عبد القادر الأرناؤوط والدكتور بشار عواد معروف، طبعة خاصة بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بقطر، دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 2015، ج 13، ص.27
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|