أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
1329
التاريخ: 27-08-2015
1861
التاريخ: 9-10-2014
1385
التاريخ: 27-07-2015
1902
|
ذكر أهل الاخبار أن بعض السبايا من نساء أشراف القبائل اخترن البقاء عند من سباهنّ وأبين الرجوع إلى عشائرهن عند المصالحة فأثار ذلك عندهم حميّة الجاهلية ووأدوا بناتهم كما روى أبو الفرج في الاغاني في خبر قيس بن عاصم التميمي السعدي وقال:
أن سبب وأد قيس بناته أن المشمرج اليشكري أغار على بني سعد فسبى منهم نساء واستاق أموالاً، وكان في النساء امرأة، خالها قيس بن عاصم، فرحل قيسٌ إليهم يسألهم أن يهبوها له أو يفدوها، فوجد عمرو بن المشمرج قد اصطفاها لنفسه.
فسأله فيها، فقال: قد جعلت أمرها إليها فإن اختارتك فخذها، فخيرت، فاختارت عمرو بن المشمرج. فانصرف قيس فوأد كل
بنت، وجعل ذلك سنة فى كل بنت تولد له، واقتدت به العرب في ذلك؛ فكان كل سيّد يولد له بنتٌ يئدُها خوفاً من الفضيحة.
وقال:
وفد قيس بن عاصم على رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) فسأل بعض الانصار عما يتحدث به عنه من الموءودات الّتي وأدهن من بناته؛ فأخبر أنّه ما ولدت له بنتُ قطُّ إلاّ وأدها. ثم أقبل على رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) يحدثه فقال له: كنت أخاف سوء الاحدوثة والفضيحة في البنات، فما ولدت لي بنتٌ قطُّ إلاّ وأدتها، وما رحمت منهنّ موءودة قطُّ إلاّ بنية لي ولدتها أمّها وأنا في سفر فدفعتها أمّها إلى أخوالها فكانت فيهم؛ وقدمت فسألت عن الحمل، فأخبرتني المرأة أنها ولدت ولداً ميتاً.
ومضت على ذلك سنون حتّى كبرت الصبية ويفعت فزارت أمّها ذات يوم، فدخلت فرأيتها وقد ضفرت شعرها وجعلت في قرونها شيئاً من خلوق ونظمت عليها ودعاً، وألبستها قلادة جزع، وجعلت في عنقها مخنقة بلح: فقلت: من هذه الصبية فقد أعجبني جمالها وكيسها؟ فبكت ثم قالت: هذه ابنتك، كنت خبرتك أنّي ولدت ولداً ميتاً، وجعلتها عند أخوالها حتّى بلغت هذا المبلغ. فأمسكت عنها حتّى اشتغلت عنها، ثم أخرجتها يوماً فحفرت لها حفيرة فجعلتها فيها وهي تقول: يا أبت ما تصنع بي؟!
وجعلت أقذف عليها التراب وهي تقول: يا أبت أمغطيَّ أنت بالتراب؟! أتاركي أنت وحدي ومنصرف عني؟! وجعلت أقذف
عليها التراب ذلك حتّى واريتها وانقطع صوتها، فما رحمت أحداً ممن واريته غيرها. فدمعت عينا النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ثم قال: ((إنّ هذه لقسوةٌ، وإنّ مَن لا يرحم لا يُرحم)) (1).
وقال القرطبي:
انّ قيس بن عاصم سأل النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وقال: يا رسول اللّه! إنّي وأدت ثماني بنات كنّ لي في الجاهلية.
قال : ((فأعتق عن كلّ واحدة منهم رقبة)).
قال: يا رسول اللّه إنّي صاحب إبل.
قال: ((فأهِد عن كلّ واحدة منهن بدنة إن شئت))(2).
وقال (القرطبي): ((إنّه كان من العرب من يقتل ولده خشية الاملاق، كما ذكر اللّه ـ عزّ وجلّ ـ وكان منهم من يقتله سفهاً بغير حجّة منهم في قتلهم، وهم ربيعة ومضر، كانوا يقتلون بناتهم لأجل الحميّة.
وروي أنّ رجلاً من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وكان لا يزال مغتماً بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم): مالك تكون محزوناً؟
فقال: يا رسول اللّه ، إني أذنبت ذنباً في الجاهلية فأخاف ألاّ يغفره اللّه لي وإن أسلمت.
فقال له: أخبرني عن ذنبك.
فقال: يا رسول اللّه، إنّي كنت من الّذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنت، فتشفعت إليّ امرأتي أن أتركها، فتركتها حتّى كبرت وأدركت، وصارت من أجمل النساء فخطبوها، فدخلتني الحميّة، ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج، فقلت للمرأة: إنّي أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي، فابعثيها معي، فسُرّت بذلك، وزيّنتها بالثياب والحلي، وأخذت علي المواثيق بألاّ أخونها.
فذهبت إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر فالتزمتني ، وجعلت تبكي، وتقول: يا أبت ايش تريد أن تفعل بي؟
فرحمتها، ثم نظرت في البئر، فدخلت علي الحميّة، ثم التزمتني وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمّي!
فجعلت مرّة أنظر في البئر ومرّة أنظر إليها فأرحمها حتّى غلبني الشيطان، فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة، وهي تنادي في البئر: يا أبت، قتلتني.
فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.
فبكى رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) وأصحابه، وقال: ((لو أمرت أن أعاقب أحداً بما فعل في الجاهلية لعاقبتك)) (3).
وفي شأن هؤلاء أنزل اللّه تعالى في سورة النحل / 58:
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}
ولمّا كانوا يعتقدون بأن اللّه اصطفى من الملائكة بنات له كما سيأتي ذكره بحوله تعالى في بحث أديان العرب قال سبحانه:
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: 17]
قال ابن الاثير في ترجمة صعصعة من أسد الغابة ما موجزه:
صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق همام بن غالب الشاعر، وكان من أشراف بني تميم، وكان في الجاهليّة يفتدي المؤودات وقد مدحه الفرزدق بذلك في قوله :
وجدّي الّذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يوأد
قال قدمت على النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) فعرض عليّ الاسلام ، فأسلمت وعلمني آياً من القرآن فقلت: يا رسول اللّه أنّي عملت أعمالاً في الجاهلية فهل لي فيها من أجر. قال، وما عملت، قلت: ضلّت ناقتان لي عشراوان، فخرجت أبغيهما على جمل لي ، فرفع لي بيتان في فضاء من الارض، فقصدت قصدهما، فوجدت في أحدهما شيخا كبيراً فبينما هو يخاطبني وأخاطبه إذ نادته امرأة قد ولدت قال وما ولدت. قالت جارية قال فادفنيها فقلت أنا أشتري منك روحها لا تقتلها فاشتريتها بناقتيّ وولديهما والبعير الّذي تحتي وظهر الاسلام وقد أحييت ثلاثمائة وستين موؤدة أشتري كلّ واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل. فهل لي من أجر؟ فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) هذا باب من البرّ لك أجره إذ من اللّه عليك بالإسلام (4).
_____________________
1- الاغاني ط. ساسي 12 / 144 و ط. بيروت 14 / 66. والخلوق: ضرب من الطيب، والودع: خرز بيض أجوف في بطونها شقّ مشقّ النواة تتفاوت في الصغر والكبر والواحدة: ودعة والجزع: الخرز اليماني الصيني فيه سواد وبياض والِمخْنَقة: القلادة وكيسها: عقلها.
2- القرطبي، التفسير الجامع، 19 / 233.
و (ثماني) في النص كذا : ثمان.
3- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام 5 / 93؛ والقرطبي، تفسير سورة الانعام الآية 140، 7 / 96 ـ 97.
4- أسد الغابة 3 / 22 ـ 23.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|