الرقابة القضائية على عملية تسجيل الناخبين
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص140-142
2025-11-27
28
عادة ما تبين قوانين الانتخاب جهة الطعن فيما يتعلق بالقرارات المتخذة أثناء عملية تسجيل الناخبين ، وفي معظم هذه القوانين يكون القضاء هو المرجع المعتمد للطعن في القرارات التي تصدرها لجان القيد ـ والتي هي في الغالب لجان إدارية ـ لكن دول العالم اختلفت في تشكيلة الجهات الرقابية ، فمنها ما تكون تشكيلتها قضائية خالصة ، ومنها ما عهدت بالرقابة إلى هيئات مختلطة ( قضائية – إدارية ) ، ومنها ما رتبت الرقابة على مستويين الأول إداري والثاني قضائي(1) .
ففي فرنسا ، تتولى مهمة إعداد الجداول الانتخابية لجنة مشكلة من العمدة أو أحد ممثليه وأحد رجال الإدارة يعينه المدير أو مساعد المدير ومندوب يعين بواسطة رئيس المحكمة الابتدائية ، وعلى ذلك فأن قرار قيد الناخب في الجداول الانتخابية هو قرار إداري .
أما في مجال الرقابة القضائية على إجراءات القيد فالمجال محجوز لاختصاص المحكمة الإدارية في فرنسـا بنظر الطعون في قرارات اللجنة الإداريـة التـي تقوم بمراجعة الجداول الانتخابية، ويكون للمحكمة الإدارية سلطة إلغاء أعمال اللجنة الإدارية كلها(2).
أما مصر ، فقد انتهجت مبدأ تشكيل لجان مشتركة من الإدارة والقضاء للنظر في الطعون المتعلقة بالتسجيل في الجداول الانتخابية ، فكل من توافرت فيه الشروط الموضوعية وأصبح متعينا قيد اسمه في جداول الانتخاب وأهملت جهة الإدارة قيد اسمه بغير حق أو حدث خطأ في البيانات الخاصة به ، يحق له طلب قيد اسمه أو تصحيح الخطأ الوارد في هذه البيانات ، كما يحق له أن يطلب قيد أسم الغير الذي أُهمل قيده أو حُذف اسمه بغير حق ، وله طلب تصحيح البيانات الخاصة بهذا القيد ، وتقدم هذه الطلبات كتابة حتى يوم 15 مارس من كل سنة لمدير أمن المحافظة ، وتفصل في هذه الطلبات لجنة مؤلفة من رئيس المحكمة الابتدائية للمحافظة رئيساً وعضوية مدير الأمن بالمحافظة ورئيس نيابة يختاره النائب العام ، ولكل من رفض طلبه حق الطعن بغير رسوم في قرار اللجنة المشار إليها أمام محكمة القضاء الإداري المختصة التي تفصل في هذه الطعون على وجه السرعة وتكون الأحكام الصادرة في هذه الطعون نهائية وغير قابلة للطعن فيها(3) ، ولا شك أن إضفاء صفة النهائية على هذه الأحكام هو اتجاه محمود من الشارع ، يلزم جهة الإدارة بوجوب تعديل الجداول ، وإلا وقعت تحت طائلة القانون لامتناعها عن تنفيذ حكم قضائي(4) .
أما في العراق ، فلم يكن المشرع العراقي موفقا في تبيان جهة الطعن بعملية تسجيل الناخبين وآليات الطعن بشكل دقيق وواضح ، فهناك غموض بل قد يكون تناقض في الأنظمة التي أصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ( وهي الجهة التي أعطاها الدستور والقانون حق إصدار الأنظمة المتعلقة بالفعاليات الانتخابية ومن ضمنها عملية تسجيل الناخبين ) والخاصة بعملية تسجيل الناخبين(5) ، وسنحاول عن طريق الجمع بين النصوص الوصول إلى معرفة الآلية الخاصة بالطعون المتعلقة بعملية التسجيل .
فابتداءا ـ فان مراكز التسجيل التي افتتحتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في عموم القطر هي المسؤولة عن قيد الناخبين ، وكخطوة أولى فان الطعن الخاص بعملية القيد يجب تقديمه إلى المدير الانتخابي للمحافظة(6) ، والذي له صلاحية ( البت ) في الطعن(7) ، ويمكن الاعتراض على قرار المدير الانتخابي لدى مجلس المفوضين(8) ، وتخضع قرارات مجلس المفوضين بهذا الشأن إلى الطعن أمام الهيئة الانتخابية الانتقالية القضائية(9) ، وتكون قراراتها نهائية(10) .
______________
1- د. احمد فارس عبد المنعم ، دور القضاء في الرقابة على الانتخابات في مصر ، بحث منشور في كتاب " الانتخابات البرلمانية في دول الجنوب " مركز دراسات وبحوث الدول النامية ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 1997 ، ص 218 .
2- د. عيد أحمد الغفلول ، نظام الانتخابات التشريعية في فرنسا ، دار الفكر العربي ، مصر ، 2001 ، ص 69 .
3- المواد من (16-20) من القانون رقم (220) لسنة 1994 ، المعدل لأحكام القانون رقم (23) لسنة 1972 .
4- د. حسن محمد هند ، منازعات انتخابات البرلمان ، بدون مكان طبع ، 1998 ، ص 45 ؛ الشبكة العربية لحقوق الإنسان ، النظام الانتخابي في مصر ـ الضرورات والآليات ، 2006 ، الرابط الالكتروني : www.hrinfo.net
5- النظام رقم (2) ، والنظام رقم (7) لسنة 2004 ، والنظام رقم (1) والنظام رقم (4) لسنة 2005 .
6- المادة (1) من القسم الثالث من النظام رقم (7) لسنة 2004 " يجب إن تقدم الطعون في دقة سجل الناخبين خلال فترة عرض السجل ، على إن تقدم الطعون إلى المدير الانتخابي للمحافظة التي يوجد فيها مركز تسجيل الناخبين " .
7- المادة (6) من القسم الثالث من النظام رقم (7) لسنة 2004 " يبت المدير الانتخابي للمحافظة في الطعون كافة في موعد أقصاه يوم واحد بعد انتهاء فترة عرض السجل وتقديم الطعون " .
8- المادة (7) من القسم الثالث من النظام رقم (7) لسنة 2004 " أي اعتراض يقدم إلى مجلس المفوضين على قرار المدير الانتخابي للمحافظة لا يؤثر في سجل الناخبين ... " .
9- المادة (3) من القسم السابع من الأمر رقم (92) لسنة 2004 " لا يجوز استئناف قرارات المجلس إلا أمام الهيئة الانتخابية الانتقالية ( الهيئة ) التي تضم ثلاثة قضاة عينهم المجلس الأعلى للقضاء ... " ، أما القانون الجديد للمفوضية ، القانون رقم (11) لسنة 2007 فقد نحى نفس المنحى مع اختلاف في التفاصيل ، فقد نصت الفقرة ( ثالثا ) من المادة (8) من القانون على " تقوم محكمة التمييز بتشكيل هيئة تسمى الهيئة القضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة إليها من مجلس المفوضين أو المقدمة من قبل المتضررين من قرارات المجلس مباشرة إلى الهيئة القضائية " .
10- المادة (6) من القسم السابع من الأمر رقم (92) لسنة 2004 " إذا قررت الهيئة إن للاستئناف مقتضيات ولاية وسريان مفعول كفاية ، يجب إن تبت في هذا الاستئناف خلال عشرة أيام من ذلك القرار ، جميع قرارات الهيئة نهائية ولا تخضع للمراجعة من قبل أية سلطة أخرى ، بما في ذلك السلطة القضائية ... " ، ونفس المنحى انتهجه القانون رقم (11) لسنة 2007 ، حيث نص في الفقرة ( سابعا ) من المادة (8) من القانون على " قرارات الهيئة القضائية للانتخابات نهائية وغير قابلة للطعن بأي شكل من الأشكال " .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة