الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو الحسن علي بن جودي
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
ص: 57-59
2025-07-16
37
أبو الحسن علي بن جودي(1):
برّز في الفهم، وأحرز منه أوفر سهم، وعانى العلوم بقريحة ذكيّة، وواخى بنفس في المعارف زكية، وله أدب واسع مداه، يانع كالروض بلّله نداهن، ونظمٌ أرقّ من دمع العاني، ولطيف المعاني، وأعبق من نفس الخمائل، في أكفّ الصّبا والشمائل، ونثر كالزهر المطلول، أو السلك المحلول، إلا أنّه سها فأسرف، وزها بما لا يعرف، وتصدى إلى الدين بالافتراء، ولم يراقب الله تعالى في ذلك الاجتراء، واشتهرت عنه في ذلك أقوال سدّد إلى الملّة نصالها، وأبدى بها ضلالها، فعظمت به المحنة، وكمنت له في كل نفس إحنة، ومازال يتدرّج فيها وينتقل، حتى عثر وما كاد يستقل، فمر لا يلوي على تلك النواحي، وفرّ لا ينثني إلى لوائم ولواحي، وما زال يركب الأهواء ويخوضها، ويذلل النفس بها ويروضها، حتى أسمحت ببعض الإسماح، وكفّت عن ذلك الجماح، واستقر عند أبي مالك فآواه، ومهّد له مثواه، وجعله في جملة من اختص من المبطلين، واستخلص من المعطلين، فكثيراً ما يصطفيهم، ولا يدري أيدّخرهم أم يقتنيهم، وقد أثبتُّ له ما يبهر سامعاً، ويظهر برقاً لامعاً، فمن ذلك قوله:
أحنّ إلى ريح الشمال فإنّها ... تذكرنا نجداً وما ذكرنا نجدا
تمرُّ على ربعٍ أقام به الهوى ... وبدَّل من أهليه جائمةً رُبدا
فيا ليت شعري هل تقضّى لبانة ... فأرتشف اللّميا وأعتنق القدّا
خليليّ لا والله ما أحمل الهوى ... وإن كنت في غير الهوى رجلاً جلدا وقوله أيضاً:
سل الركب عن نجد فإنّ تحيّةً ... لساكن نجد قد تحمّلها الركب
وإلا فما بال المطيّ على الوجى ... خفافاً وما للريح مرجعها رطب وقوله أيضاً:
إذا ارتحلت غربية فاعرضا لها ... فبالغرب من نهوى له البلد الغربا
لقد ساءنا أنّا بعيد وأنّنا ... بأرضين شتّى لا مزاراً ولا قربا
يفجّعنا إما بعاد مبرّحٌ ... وإمّا أمورٌ باعثاتُ لنا كربا
ظعنّا على حكم اللّيالي وخطبها ... فيا ليت لم ندر اللّيالي ولا الخطبا
وكنت أُرجّي الدهر بعد الذي مضى ... دياراً وقرباً والأصادق والصحبا
أحقّاً يسيرُ الركب لم ترتحل بنا ... إليك ولم تحد الحداة لنا ركبا وقوله أيضاً:
لقد هيّج النيران يا أمّ مالكٍ ... بتدمير ذكرى ساعدتها المدامع
عشيّة لا أرجو لقاءك عندها ... ولا أنا أن يدنو مع الليل طامع وقوله أيضاً:
حننت إلى البرق اليماني، وإنّما ... نعالج شوقاً ما هنالك هانيا
فيا راكباً يطوي البلاد تحمّلن ... تحيتنا إن كنت تلجأ لاقيا
ليالينا بالجزع جزع محجّر ... سقى الله يا فيحاء تلك اللياليا
وما ضرّ صحبي وقفة بمحجّرٍ ... أحيّي بها تلك الرسوم البواليا
وله أيضاً:
خليليّ من نجد فإنّ بنجدهم ... مصيفاً لبيت العامريّ ومربعا
ألا رجّعا عنها الحديث فإنّني ... لأغبط من ليلي الحديث المرجّعا
عزيز علينا يا ابنة القوم أنّنا ... غريبان شتّى لا نطيق التجمّعا
فريق هوى منّا يمانٍ ومشئمٌ ... يحاول يأساً أو يحاول مطمعا
كأنّا خلقنا للنوى وكأنّما ... حرام على الأيام أن تتجمّعا
ووجدت له في بعض نسخ "المطمح" قوله أيضاً (2):
سقى دارك اللائي ببطن محصّبٍ ... مثاكيل من وفد الغمام المرنّح
ألم تعلمي يا فتنة القلب أنّني ... تطارحت من حبي لكم كلّ مطرح
إذا نعبت غربان دارٍ وجدتني ... وشوقي مقيمٌ بين ناء ونزّح
وله أيضاً:
ألا خبر وللبلوى ضروب ... وفيك لكلّ مشتاق حبيب
حباك الله بالنعمى فنوناً ... وجرّ لكم مع النعمى خطوب
متى تقضي بخسفتك الليالي ... وتعصف فيكم ريح هبوب
فإنّكم تجرّون المنايا ... وتعمر من مجانيكم قلوب
وقد ذكر في " المطمح " له تخميساً جارياً على ألسنة الناس إلى الآن، وهو:
أيا ساكنين بأرض اللوى ... وصالكم لسقامي دوا
وعافاكم الله من ذا الجوى ... ملكتم فؤادي فصار الهوى عليّ رقيبٌ رقيبٌ رقيبْ ...
ولمّا تبدّت لهم حالتي ... وما حرّك الهجر من زفرتي
بكوا رحمةً لي من ساعتي ... فقلت متى الوصل يا سادتي فقالوا قريبٌ قريبٌ قريبْ ...
وهو وإن لم يكن في ذروة البلاغة فقد ذكرته لأنّه مطروق بالمغرب عند أهل التلاحين وغيرهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المطمح: 90 وبين النصين اختلاف.
(2) وردت هذه القطعة في ق بعد القطعة التي أولها " إذا ارتحلت
غربية ... ".
الاكثر قراءة في العصر الاندلسي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
