القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
المغايرة بين السلطة التأسيسية الأصلية والسلطة المشتقة
المؤلف:
منار سلمان كاظم
المصدر:
رقابة المحكمة الاتحادية العليا على التعديلات غير الدستورية لجمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص21-25
2025-06-25
11
إن التباين بين السلطة الأصلية والمشتقة يجد مداه في الدساتير المدونة الجامدة، إذ تختفي الحدود وتنتهي بين هاتين السلطتين في الدساتير غير المدونة، التي يكون فيها القانون العادي والدستور في مرتبة متساوية من حيث القوة التشريعية، مما يعني أن إرادة السلطة التأسيسية الأصلية في مكانة وموقع مساو الإرادة السلطة المشتقة (1).
يذهب بعضهم إلى أن التمييز بين السلطة المؤسسة والسلطة المؤسسة تم النظر فيه لأول مرة من قبل الاستاذ ريموند دي مالبرغ وتم تطويره لاحقا من قبل الفقيه جورج بوردو وروجر بونارد، أما اكتشاف مفهوم القوة التأسيسية المتميزة والمتفوقة على بقية السلطات الأخرى المشكلة بموجب الدستور، فيعود إلى الفقيه الفرنسي (Sieyes) بقوله " أن الدستور يفترض قبل كل شيء وجود سلطة مؤسسة، الذي أوضحه في كتابه ( ما الدولة الثالثة) حيث أعرب فيه بوضوح شديد عن هذا التمييز بقوله، بان الدستور ليس عمل السلطة المشكلة ولكن عمل السلطة المؤسسة، وفي خطابه في ترميدور السنة الثالثة كرر التميز نفسه بين السلطة الخالقة السلطة التأسيسية الأصلية وبين السلطات المخلوقة والمشكلة بموجب الدستور التي يحدد تنظيمها وعملها (2).
وسنبين الاتجاهات الفقهية التي أقرت بتمييز السلطة المؤسسة عن السلطة المؤسسة، والاتجاهات الأخرى التي رفضت ذلك التمييز وقالت بوحدة السلطة التأسيسية، وكالاتي:-
أولاً : - الاتجاهات الفقهية التي قالت بوحدة السلطة التأسيسية:-
أ- يذهب بعضهم إلى أنه لا يوجد إدنى أثر لفكرة التمييز بين السلطة المؤسسة والمؤسسة، ويؤسس اصحاب هذا الراي نظريته حول مفهوم السلطة التأسيسية الأصلية بديمومتها، فإذا كان هناك حاجة لتعديل الدستور تتدخل نفس السلطة التأسيسية الأصلية لتعديله، إذ لا يوجد اختلاف بين وضع دستور جديد وبين مراجعة وتعديل دستور موجود ولا يوجد اختلاف في الطبيعة إذ أنها تكون بالقوة التأسيسية نفسها، الأمر الذي يجعلها سلطة دائمة مختصة بوضع الدستور ولها مكنة تعديله، ولها تعديل الدستور كما تشاء وقت ما تشاء كونها متحررة من جميع الاشكال القانونية ولها الحق الأصلي في ممارسة ذلك خارج الإجراءات المنصوص عليها في الدستور (3).
ب- يذهب بعضهم الآخر إلى القول بوحدة السلطة المؤسسة، إذ إن السلطة المؤسسة هي سلطة واحدة، فالسلطة التي تعدل الدستور هي ذاتها التي أقامت الدستور فهي ليست بعيدة عنها بل متطابقة معها إذ هي ليست إلا السلطة السياسية، وهذه السلطة، يمكن أن تظهر بشكلها الأولي الخلاق المتمثل بوضع الدستور وأقامته، أو بشكلها الآخر المنظم حين ينص عليها الدستور أي عندما يضع الدستور قواعد ممارسة نشاطها، كما يشير هذا الاتجاه إلى اعتبار السلطة المؤسسة الأصلية هي خارج الدستور وليس للدستور ادنى دور في تحديد نشاطها ، وأن السلطة المؤسسة المشتقة التي توجد بموجب الدستور ويحدد ممارسة نشاطها وفق قواعد وإجراءات معينة، ما هو إلا فهم خاطئ إلى السلطة المؤسسة ومرد هذا التصور الخاطئ ناتج عن الاعتقاد بإمكانية تقييد السلطة المؤسسة، وهذا أمر ينافي حقيقة هذه السلطة المؤسسة فهي مطلقة ومستقلة ومن غير الممكن تقيدها (4).
إلا أن هذا الاتجاه لم يلق قبولا، إذ يرى بعضهم أنكار وجود السلطة التأسيسية المشتقة وإهمالها واللجوء إلى السلطة الأصلية ينافي مبدا الشرعية في شقه المتعلق بضرورة احترام القواعد القانونية من قبل واضعيها في حالة عدم الغائها أو تعديلها بمقتضى الإجراءات المقررة، ومن ثم فإن السلطة التأسيسية الأصلية لا يمكن لها تجاوز القواعد التي وضعتها (5).
في حين يرى البعض الآخر صعوبة هذا الرأي، إذ إن عدم تماثل سلطة تعديل الدستور مع السلطة التأسيسية الأصلية، يعود لصعوبة أعمال قاعدة توازي الأشكال في مجال تعديل الدستور التي تفرض تعديل العمل القانوني والغائه بذات الإجراءات والأشكال التي أصدرته، ومعظم الدساتير لا تنص على هذه الطريقة لتعديلها وغالبا ما تتبع طرق أيسر في تعديلها واقل تعقيدا وأكثر قدرة على محاكاة التطورات السياسية والاقتصادية (6).
ويتضح لنا أن هذا الاتجاه أنكر أي وجود للسلطة المشتقة أو الاعتراف بطبيعتها وأشار إلى اللجوء مباشرة إلى السلطة التأسيسية الأصلية لإجراء التعديل دون حاجة إلى وجود سلطة أخرى تأخذ على عاتقها هذه المهمة، وقال ايضاً بتماثلهما ووحدتهما.
ثانيا : الاتجاهات الفقهية التي قالت بتمييز السلطة المؤسسة عن السلطة المؤسسة:
أ- التمييز بين السلطة التأسيسية والسلطة المشتقة، وفقا لرؤى الاستاذ دي مالبرغ، فهو يفرق بين السلطة التأسيسية عند وضع أول دستور للدولة والسلطة التأسيسية في الدولة بعد تشكيلها، أي تشكيل الدولة، إذ يرى أنه لا يمكن اعتبار التشكيل الأولي للدولة، فضلا عن تنظيمها الأول إلا حقيقة محضة لا يمكن تصنيفها ضمن أي فئة قانونية، ولا تحكم الدولة بموجب مبادئ قانونية أو أحكام قانونية سوى في ظل احداث ناجمة عن ثورة وانقلاب أي في ظل وجود القوى، أو عند نشأة دولة جديدة لا عهد لها بالسلطان، فهنا لا يكون للقانون أساس يفرض على تلك السلطة، فتتولى هذه السلطة خلق دستور جديد ، أما السلطة التأسيسية المشتقة، فهي السلطة التي تظهر بمجرد تشكيل الدولة فهي سلطة قانونية، وجهاز من اجهزة الدولة، تقوم بتعديل الدستور على وفق القاعدة التي نص عليها الدستور وفي ظل الظروف العادية وبطريقة مغايرة عما يكون عليه حال تغيير الدساتير وفقا لتدخل السلطة التأسيسية الأصلية، إذ يكفي اشراك الهيئات التي انشأها الدستور نفسه لهذا الغرض (7).
ب- وذهب الاستاذ جورج بوردو في إرساء التمييز بين السلطة التأسيسية الأصلية والسلطة التأسيسية المشتقة بالأشارة إلى ان السلطة التأسيسية الأصلية هي سلطة بحكم الأمر الواقع، أي أنها واقعة خارجة عن أي قانون سابق الوجود ولا تخضع في وجودها لأي تنظيم آخر ، وبها تظهر إرادة الأمة، ولما كانت هي الواضعة للدستور فهي أعلى منه، أي أعلى مما تخلق، وذلك نتيجة منطقية لكونها سلطة أولية ومستقلة ومطلقة، إذ لا يعلوها قانون أو فعليا أي سلطة أخرى تقيدها أو تحد منها في عملها، فشكلا هي حرة لها ان تنطق وفقا لأية كيفيات تراها، أما من الناحية الجوهرية فهي غير خاضعة لأي اعتبار يقيد استقلالها، وهكذا فإن الاعتراف بالسلطة التأسيسية الأصلية يرسخ بهذا تمييزها عن السلطات المؤسسة الأخرى ، ومن بين احدى تلك السلطات يعطي الدستور لها عند الحاجة والاقتضاء القدرة على تعديله
أنها مؤسسة بالتحديد بقدر ما يتوقعها النظام القانوني الوضعي ويستعملها عضو خلقه الدستور ومن ثم يملك صفة السلطة المؤسسة " وهكذا يميز الفقيه جورج بوردو بين هاتين السلطتين، بسلطة أصلية مؤسسة لها وجود سابق على الدستور وأخرى مؤسسة ينظمها الدستور ويحددها (8).
ج - ميز الفقيه روجر بونارد بين السلطتين، إذ أشار إلى أن السلطة التأسيسية الأصلية هي سلطة قائمة بدون أي سلطة دستورية وتتدخل لوضع دستور عندما لا يكون موجودا أو لم يعد هناك دستور ساري المفعول نتيجة انشاء دولة جديدة أو بعد ثورة اطاحت بالدستور القائم، في حين أن السلطة التأسيسية المنشأة هي تلك الموجودة بموجب الدستور التي انشأت لتعديل ذلك الدستور، إذا لزم الأمر ومن ثم فإن السلطة التأسيسية المنشأة تفترض وجود دستور ساري المفعول على العكس من السلطة التأسيسية الأصلية الموجودة خارج أي دستور (9).
وهذا ما نؤيده، إذ إن السلطتين المؤسسة والمؤسسة هما مختلفتان واختلاف السلطتين عن بعضهما، يتجلى لنا بالنقاط بالآتية:
1. من حيث مصدر شرعية السلطتين: إن مصدر شرعية السلطة التأسيسية الأصلية، هو صاحب السيادة الشعب، أما السلطة التأسيسية المشتقة، فمصدرها هو السلطة الخالقة التي وضعتها ونظمت أسس عملها وصلاحياتها، ونتيجة منطقية لذلك، السلطة التي تستمد مصدرها من إرادة الأمة تعلو على السلطة تستمد شرعيتها من سلطة مخلوقة (10).
2. من حيث وقت تدخل السلطتين : فالسلطة التأسيسية الأصلية تتدخل لممارسة عملها في حالة وجود الفراغ القانوني، فهي تتدخل والدولة خالية تماما من أي نصوص دستورية (11).
ويحدث " الفراغ القانوني بالفعل وقت ولادة دولة جديدة، فتملأ السلطة الأصلية ذلك الفراغ بوضع دستور جديد، فيكون أول دستور للدولة وينشأ هذا الفراغ القانوني ايضاً في ظروف مثل الاستقلال وإنهاء الاستعمار وأتحاد الدول المستقلة، كما ينشأ الفراغ القانوني في حالة تغيير نظام الحكم في دولة قائمة بالفعل، ففي هذه الحالة ان السلطة التأسيسية الأصلية أولاً عن طريق إلغاء الدستور القائم، تخلق فراغا قانونيا ثم تملأه من خلال انشاء دستور جديد، فتقوم السلطة التأسيسية الأصلية بعملين اولهما سلبي متمثل بإلغاء الدستور وعمل ايجابي متمثل بإنشاء الدستور، أما السلطة المشتقة، فإنها تفرض مسبقاً وجود دستور ساري المفعول، يتعين تعديله فتتدخل السلطة المشتقة لتعديله ولكن ليس بأي وسيلة وإنما وفقا لما منصوص عليه من إجراءات وقواعد في هذا الدستور " (12).
3. من حيث طبيعة السلطتين ان السلطة التأسيسية الأصلية سلطة غير محدودة ومطلقة ومستقلة فهي لا تخضع في وجودها لأحكام أو مبادئ قانونية، فهي سلطة اولية وغير مشروطة، ولها كامل الحرية في ان تضمن الدستور ما تشاء من مبادئ وأحكام وليس عليها من رقيب إلا هي فهي تجسد إرادة الأمة، على العكس من السلطة المشتقة فأنها مقيدة في ممارسة وظيفتها في تعديل الدستور " أنها سلطة مشتقة من الاصلية، مؤسسة من خلال أحكام الدستور ذاته يعطيها شرعيتها، وذلك بالنص على شكلها القانوني الذي يشمل العضو المختص لمباشرتها والإجراءات التي يجب أن تتبع في ذلك ووقت ومناسبة قيامها"(13). ويتبدى لنا جليا مما تقدم، اختلاف السلطة المؤسسة (الأصلية) عن السلطة المؤسسة (المشتقة)، سواء من حيث وظيفة كُلَّ منهما أو من طبيعتهما والوقت الذي تتدخل فيه السلطتين، ونستطيع من ذلك أن نعرف السلطة التأسيسية الأصلية هي سلطة سن القواعد الدستورية وانشاء دستور عندما لا يكون هناك دستور نافذ وساري المفعول، أما السلطة التأسيسية المشتقة هي سلطة سن القواعد الدستورية وفقا لما نص عليه الدستور ساري المفعول والنافذ لهذا الغرض، ومن ثم فهناك مغايرة واضحة بين السلطتين.
____________
1- د. علي يوسف الشكري، الوسيط في فلسفة الدستور، ط1، مكتبة زين الحقوقية، بيروت، 2017 ، ص24.
2-Kemal Gozler, le pouvoir de révision constitutionnelle, villeneuve d'Ascq, Presses universitaires du septentrion, Cedex-France, 1997,p. 15.
3- ان الفقيه سيس انكر اي وجود للسلطة المشتقة أو الاعتراف بطبيعتها وأشار إلى اللجوء مباشرة إلى السلطة التأسيسية الأصلية لإجراء التعديل دون حاجة إلى وجود سلطة أخرى تأخذ على عاتقها هذه المهمة صباح جمعة او ختي، فكرة السلطة التأسيسية وتطبيقاتها في الدساتير العراقية اطروحة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق جامعة النهرين، بغداد، 2007، ص 21
4- د. منذر الشاوي فلسفة الدولة، ط 2 ، الذاكرة للنشر والتوزيع، بغداد، 2013، ص 395،397.
5- د. سام دلة، مبادى القانون الدستوري والنظم السياسية، ط 2 ، جامعة الشارقة، 2014، ص 40.
6- د. ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطوير الأنظمة الدستورية في مصر، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1969 ، ص 109.
7- صباح جمعة او ختي، فكرة السلطة التأسيسية وتطبيقاتها في الدساتير العراقية اطروحة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق جامعة النهرين، بغداد، 2007 ، ص21.
8- د. منذر الشاوي، في الدستور، بدون طبعة، مطبعة العاني ،بغداد 1964 ، ص 119،120.
9- Kemal Gozler, le pouvoir de révision constitutionnelle, villeneuve d'Ascq. Op, cit, p22.
10- د. علي يوسف الشكري فلسفة التعديل الدستوري، ط 1 ، الذاكرة للنشر والتوزيع، بغداد، 2017، ، ص25.
11- د. مصطفى ابو زيد فهمي، النظرية العامة للدولة، ط1، دار المطبوعات الجامعة الاسكندرية، 1997، ص171.
12- Kemal Gozler, le pouvoir de révision constitutionnelle, villeneuve d'Asc Op, cit, p.p 26,27.
13- د. يوسف الحاشي ، في النظرية الدستورية ، ط 1، دار ابن النديم للنشر والتوزيع ، بيروت ، 2009 ، ص215
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
