قصة النبي صالح مع قومه
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص361-363
2025-06-12
415
قصة النبي صالح مع قومه
قال تعالى : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [الأعراف : 73، 74].
قال الشيخ الطبرسي : وقوله سبحانه : تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها السهل خلاف الجبل ، وهو ما ليس فيه مشقة للناس أي تبنون في سهولها الدور والقصور ، وإنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها { وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً } قال ابن عباس : كانوا يبنون القصور بكل موضع وينحتون من الجبال بيوتا ليكون مساكنهم في الشتاء أحسن وأدفأ . وكانت ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام وكانت عاد باليمن وكانت أعمار ثمود من ألف سنة إلى ثلاثمائة « 1 ».
وأما صالح عليه السّلام : فهو صالح بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام « 2 » .
وقال أبو جعفر الباقر عليه السّلام : « إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سأل جبرائيل عليه السّلام كيف كان مهلك قوم صالح ؟ فقال : يا محمد إن صالحا بعث إلى قومه وهو ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة ، لا يجيبونه إلى خير وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون اللّه فلما رأى ذلك منهم ، قال :
يا قوم إني قد بعثت إليكم وأنا ابن ست عشرة سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة ، وأنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني ، وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد شنأتكم - أي أبغضتكم - وشنأتموني ؟ فقالوا قد أنصفت ، فاتّعدوا ليوم يخرجون فيه ، فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا ، فلما فرغوا دعوه فقالوا يا صالح سل ، فدعا صالح كبير أصنامهم ، فقال ما اسم هذا ؟ فأخبروه باسمه فناداه باسمه فلم يجب فقالوا ادع غيره فدعا كلها بأسمائهم ، فلم يجبه واحد منهم ، فقال : يا قوم قد ترون دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم ، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها ما بالكن لا تجبن صالحا ، فلم تجب ، فقالوا : يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا . قال فرموا بتلك البسط التي بسطوها وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب وقالوا لها لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن ، ثم دعوه فقالوا يا صالح تعال فسلها ، فعاد فسألها فلم تجبه ، فقال :
يا قوم قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني ، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، فانتدب له سبعون رجلا من كبرائهم فقالوا يا صالح نحن نسألك ، فقال أكل هؤلاء يرضون بكم ؟ قالوا : نعم ، فإن أجابك هؤلاء أجبناك ، قالوا : يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك وتابعك جميع قريتنا . فقال لهم صالح سلوني ما شئتم ، فقالوا : انطلق بنا إلى هذا الجبل فانطلق معهم ، فقالوا : سل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شديدة الحمرة وبراء عشراء - يعني حاملا - بين جنبيها ميل ، فقال : سألتموني شيئا يعظم عليّ ويهون على ربي ، فسأل اللّه ذلك ، فانصدع - أي انشق - الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته واضطراب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ، ثم لم يفجأهم إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترّت ثم خرج سائر جسدها ، فاستوت على الأرض قائمة فلما رأوا ذلك ، قالوا يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ، فاسأله أن يخرج لنا فصيلها فسأل اللّه ذلك ، فرمت به فدب حولها ، فقال يا قوم أبقي شيء ؟ قالوا : لا فانطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأيناه ويؤمنوا بك ، فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا سحر ، وثبت الستة وقالوا الحق ما رأيناه ، ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها . . . « 3 » .
_____________
( 1) مجمع البيان : المجلد الثاني ، ص 679 .
( 2 ) وقال الثعلبي في العرائس : ص 58 ، صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن حادر بن ثمود .
( 3 ) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ح 54 .
الاكثر قراءة في قصة النبي صالح وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة