لا يَشُكُّ أحَدٌ بأنَّ الدلالَ الزائدَ للأبناءِ مِن قِبَلِ الأهلِ إنَّما هوَ بدافعِ الحُبِّ، والمساحةَ الواسِعَةَ مِنَ التَّساهُلِ الى درجةِ أنَّهُم يرفعونَ يَدَ الضَّبطِ والالتزامِ عَن تَصرُّفاتِهِم، كُلُّ ذلكَ لأنَّهُم يُحبُّونَهُم ...
غيرَ أَنَّ الدلالَ المُفرِطَ يُعَدُّ مِنَ الأساليبِ التربويةِ الخاطئةِ، وإنَّ التساهُلَ لا يُنتِجُ أبناءً سائرينَ على مَنهَجٍ تربويٍّ صحيحٍ، ولا يُنَمِّي أيَّ مهاراتٍ مُفيدةً تنفَعُهُم في حياتِهم بَل ينشؤونَ كُسالى وأنَانييَن ومُتقَلِّبي المزاجِ الى درجةِ أنَّهُم قد يتلاعَبونَ بمشاعرِ الآخرينَ ولا يعبؤونَ باحتياجاتِ غيرِهِم !!
قد يَجِدُ الأبوانِ مُتعَةً في رؤيةِ الفَرحَةِ بعيونِ أبنائِهِم وهُم يمنحونَهُم الهدايا والحلوياتِ مثلاً، كما وَيجِدُ الأبوانِ صعوبةً في ضَبطِ مشاعِرِهِم أمامَ رؤيةِ أبنائِهِم مُنكسري الخاطرِ؛ لأنَّهُما يَظُنّانِ أنَّ التسبُّبَ في إبكاءِ أبنائهِم -بمنعهِم مِن شراءِ لُعبةٍ أو جِهازٍ إلكترونيٍّ مثلاً-أمرٌ غيرُ لطيفٍ وغيرُ صَحيحٍ!
وهُنا ينبغي أَنْ نُوَجِّهَ السؤالَ الأساسيَّ الى الأبوينِ.. فهل مِن مَصلَحَةِ أبنائِكِم أنْ تُدَلِّلُوهُم الى حَدِّ التَسبُّبِ في إفسادِهِم؟
يجبُ عليكُم أنْ تُطَبِّعُوا أبناءَكُم على (مشاعِرِ التَّقَبُّلِ)، عليكُم أنْ تُعَمِّقُوا مِن تمارينِ (ترويضِ الإرادَةِ).
يقولُ أحَدُ الباحثينَ: -إنَّ نوعاً مِنَ المُسرِّعَاتِ تنطَلِقُ في دماغِ الطفلِ حِينَما يسمعُ كلمةَ (نَعَم) فيما يضغَطُ عقلُهُ على المكابِحِ حينَما يسمَعُ كلمةَ (لا).
إنَّ تدريبَكُم لإرادةِ الأطفالِ يُساعِدُهُم على بناءِ تفكيرِهِم على وجودِ حدودٍ منطقيّةٍ تُنَمّي لديهِم السيطرةَ على عواطفِهِم وتُمكِّنُهُم مِن تنظيم ِدوافِعِهِم العاطفيّةِ ورَغباتِهِم، ومِنِ انتقاءِ التَّصَرُّفِ المُنضَبطِ، واختيارِ الطريقةِ المُناسِبَةِ التي لا تُوقِعُهُم في الانحرافاتِ النفسيّةِ والسِّلوكيَّةِ.