تشير أبحاث علماء النفس الإسلامي إلى أن الدوافع النقية من المصالح الأنانية والمعتادة على الإخلاص هي أفضل الدوافع في الأعمال الصالحة وخصوصا إذا اقترن ذلك بالعمل الصالح النوعي لا كميته وكثرته ...
فالكثرة ليست هي المعيار في الميزان الإلهي بل العمل الخالص والمتقن الصائب.
إن المؤمن يبحث عن تلك الأعمال الصالحة التي تجعله أكثر قربا من الله تعالى وإن قل، ليفوز بنظر الله ولطفه ويحظى بعنايته الخاصة فتفاض عليه الألطاف والبركات.
ومن جملة تلك الأعمال هو تنفيس الكرب وإزاحة الهم والغم عن القلوب التي تعتصرها دوامات الحياة كالفقر والأزمات والكوارث والمشاكل الاجتماعية ...
حينما يتمظهر دور المؤمن في إسعاف أصحاب الحوائج والعسرة سيكون لهذا أثرا عظيما في أصحاب تلك النفوس فلا تنساه بالحمد والثناء ما بقيت في الحياة.
وهذا ما يرشدنا إليه إمامنا الصادق -عليه السلام-بقوله:
"أربعة ينظر الله –عز وجل-إليهم يوم القيامة: من أقال نادما، أو أغاث لهفانا، أو أعتق نسمة، أو زوج عزبا ".
فالنادم في صفقته بعد عملية البيع والشراء، ويرغب باسترجاع نقوده أو بضاعته فيستحب إقالته، فالمبادرة إلى هذا العمل الصالح يعد من أفضل الطاعات والقربات لله تعالى لأنه عمل صالح نوعي
، والملهوف الذي يقع في ضائقة خانقة أو عسر في أمر ما، كأن تكون مشكلة اجتماعية، أو مرض لا يجد ما يكفي لعلاجه فيتطلع لمن يسعفه ويمد له يد العون، فمبادرة المؤمن لإغاثته تعد في الميزان الإلهي من الأعمال النوعية المتميزة التي يستحق عليها المؤمن كرامة خاصة من الخالق الكريم.
وأما عتق العبيد فقد كان عملا نوعيا صالحا يتسابق فيه المؤمنون في الأزمان السابقة، وربما في زماننا هذا يمكن أن يماثله – مع الفارق -الأجير الذي يعمل كموظف في المنازل أو المحال والدكاكين، فينبغي أن يتم مساعدته مثلا في إنشاء مشروع خاص به ليعمل منفردا عن الآخرين ويمتلك شغلا مستقلا عن سلطة أي جهة؛ ليكون مد يد العون له هذا عملا نوعيا يستحق المؤمن عليه الأجر العظيم .
وأما تزويج العزاب والسعي في بناء بيت الزوجية لمن لا يتمكن من ذلك فهذا من القربات التي يحبها الله تعالى وتجعل المؤمن في دائرة نظر الخالق وعنايته؛ لما يترتب عليها من صيانة شاب وفتاة من الانحراف، والمساهمة في اتساع الإنسانية ودعم بناء عش الزوجية، وهذا مما يحبه الله تعالى ويجزي فاعله بالأجر الكبير ...
فاغتنم أيها المؤمن هذه الطرق النوعية من الأعمال الصالحة ما دمت في دار الاختبار فإن ما بعد الموت ينقطع سعيك وتكون رهين عملك.