"ثقافة الشكوى والمبالغة في التذمر: بين الحاجة للتعبير واستنزاف الطاقة" د.الحقوقي علاء كاظم عثمان الذرب ال ازيرج
"الشخص كثير الشكوى يضخيم الأمور: في التعبير عن المعاناة وإثارة التعاطف".الشخص كثير الشكوى والمبالغة في التذمر: اضطراب نفسي أم أنانية مفرطة
نعيش في عالم مليء بالتحديات، والجميع يمر بمواقف صعبة تستدعي التعبير عن المشاعر والشكوى أحيانًا، لكن هناك فرقًا كبيرًا بين الشكوى الطبيعية التي تساعد في التنفيس عن الضغوط، وبين الشكوى المستمرة التي تتحول إلى نمط حياة، حيث يصبح الشخص غارقًا في السلبية، ولا يرى إلا الجانب المظلم من الأمور، بل يسعى لجذب انتباه الآخرين من خلال تضخيم معاناته.
ولكن هل هذا السلوك مجرد عادة سيئة، أم أنه يعكس مشكلة نفسية وهل الشخص كثير الشكوى يفكر في نفسه فقط، أم أنه ضحية لظروف خارجة عن إرادته
--
تحليل شخصية الشخص كثير الشكوى والمبالغة
النظرة الضيقة للحياة هذا الشخص غالبًا ما يكون غير قادر على رؤية الصورة الكبيرة للأمور، فهو يركز على الجوانب السلبية فقط، حتى لو كانت هناك إيجابيات واضحة.
عدم القدرة على التأقلم يميل إلى التهرب من التحديات بدلًا من مواجهتها، ويشعر أن الحياة تستهدفه شخصيًا، مما يجعله في حالة مستمرة من التذمر.
الأنانية المقنعة رغم أنه قد يبدو وكأنه يعاني، فإن معظم الأشخاص كثيري الشكوى لا يهتمون إلا بمشاعرهم الخاصة، ولا يعيرون اهتمامًا لمشاعر من حولهم. فهم يريدون التعاطف والاهتمام دون أن يفكروا كيف تؤثر سلبيتهم على الآخرين.
استنزاف طاقة الآخرين الشخص كثير الشكوى لا يدرك أنه يؤثر سلبًا على من حوله، بل يرى نفسه فقط، متجاهلًا أن الأشخاص الذين يستمعون له قد يكون لديهم مشكلات أكبر، لكنهم يواجهونها بشجاعة.
التهويل والمبالغة قد يعاني من مشكلة بسيطة، لكنه يصورها وكأنها نهاية العالم، مما يجعل المحيطين به يشعرون بالإحباط والتوتر.
رفض الحلول حتى عندما يُعرض عليه حل لمشكلته، فإنه يتجاهله أو يرفضه بحجج واهية، لأنه في الحقيقة لا يريد حل المشكلة، بل يريد أن يظل في دور الضحية الذي يجلب له الاهتمام.
---
هل الشخص كثير الشكوى يعاني من اضطراب نفسي
في بعض الحالات، قد يكون التذمر المفرط علامة على اضطراب نفسي، وليس مجرد سلوك مكتسب، ومن بين الاضطرابات التي قد تسبب ذلك:
الاكتئاب الشخص المصاب بالاكتئاب غالبًا ما يرى الحياة بمنظور سلبي، ويشعر بالعجز وقلة الحيلة، مما يجعله يشكو باستمرار.
اضطراب الشخصية النرجسية بعض الأشخاص كثيري الشكوى ليسوا ضحايا، بل هم أنانيون يستخدمون التذمر لاستدرار التعاطف وكسب الاهتمام، حتى لو كان ذلك على حساب راحة الآخرين.
اضطراب الشخصية الحدية يتميز هؤلاء الأشخاص بالمبالغة في ردود أفعالهم العاطفية، فهم يضخمون مشاعرهم ويشعرون أن كل مشكلة صغيرة هي أزمة كبرى.
القلق المزمن الأشخاص المصابون بالقلق يعانون من التفكير المفرط في المشكلات، ويجدون صعوبة في التعامل مع الضغوط، مما يجعلهم في حالة دائمة من التذمر والخوف.
---
كيف يمكن التعامل مع هذا النوع من الأشخاص
وضع حدود واضحة لا تسمح له باستنزاف طاقتك النفسية، كن داعمًا، لكن لا تكن ضحية لسلوكه.
عدم الانجراف في دراما الشكوى لا تتفاعل مع مبالغاته، وحاول أن تعيده إلى الواقع بأسلوب هادئ.
تشجيعه على تحمل المسؤولية ذكره بأنه ليس وحده في هذه الحياة، وأن الجميع يواجهون مشكلات، لكنهم يبحثون عن حلول بدلاً من التذمر المستمر.
عدم التعاطف المفرط لا تمنحه الاهتمام الذي يسعى إليه عندما يتذمر بلا سبب، لأن ذلك سيعزز سلوكه السلبي.
اقتراح الحلول، لكن مرة واحدة فقط إذا رفض الحل الذي تقدمه له، فلا تحاول إقناعه، لأنه غالبًا لا يريد حلًا بل مجرد اهتمام.
تشجيعه على التفكير الإيجابي ساعده على إعادة النظر في طريقة تفكيره، فقد يكون بحاجة إلى إعادة برمجة طريقة تعامله مع الحياة.
الابتعاد عند الضرورة إذا كان الشخص كثير الشكوى يؤثر على حالتك النفسية، فمن الأفضل تقليل التعامل معه، حفاظًا على طاقتك الإيجابية.
--
هل يمكن للشخص كثير الشكوى أن يتغير
نعم، لكن التغيير يحتاج إلى وعي ذاتي وإرادة قوية، ومن الطرق التي تساعده على تحسين سلوكه:
ممارسة الامتنان تسجيل ثلاثة أشياء إيجابية يوميًا يمكن أن يساعده على تغيير طريقة تفكيره.
البحث عن حلول بدلًا من المشكلات التركيز على ما يمكن تغييره بدلاً من الغرق في المشكلة نفسها.
مراقبة النفس عندما يشعر بأنه يبالغ في التذمر، يمكنه محاولة التوقف وإعادة تقييم الموقف.
طلب المساعدة النفسية إذا كان التذمر ناتجًا عن اضطراب نفسي، فقد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي.
---
ختامًا: بين الشكوى الطبيعية والتذمر المرضي
الجميع يمر بلحظات من الإحباط، والشكوى في بعض الأحيان طبيعية ومبررة، لكن عندما تصبح عادة دائمة، فإنها تتحول إلى مشكلة حقيقية تؤثر على الشخص نفسه وعلى من حوله.
الشخص الذي يكثر الشكوى ويضخم الأمور ليس دائمًا ضحية، بل قد يكون أنانيًا يبحث عن الاهتمام على حساب راحة الآخرين. ولذلك، من المهم التعامل معه بحكمة، وعدم السماح له باستنزاف الطاقة الإيجابية.
الحياة ليست مثالية، لكنها ليست كارثية أيضًا، والتعامل معها بروح إيجابية هو ما يجعلها أكثر سهولة ومتعة. بدلاً من تضخيم المشكلات، لنتعلم كيف نواجهها بحلول واقعية، فذلك هو الفرق بين من يتقدم في الحياة ومن يبقى عالقًا في دائرة التذمر والشكوى.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN