حيدرعاشور
كان مضطربا نفسيا، حائر البال، حديثه غمرته نزعة من الحزن، لم يكن راضيا عن تصرفات اصدقائه المقربين، فالتنافس بينهم وصل الى ذروته وبدأت الروح العدائية تظهر بينهم، وبنفس الوقت لا يتفرقون بسبب جدران الصف الدراسي الذي يجمعهم كل يوم، وهم ثائرون على الحياة الجاهمة، يقاومون الحظ العاثر، ويرسمون قدرهم الغاشم، فكل واحد منهم يتقدم من سبقه تطلعا في الثقافة والفكر والدين والالتزام الاخلاقي، ليحسن احدهم صنعا اذ لم يتطلع خلفه، رافعا شعار لا خير في الحياة اذا لم أكون فيها شيئا، بارزا سبّاقا لمن حولي.ِ
وقف يتطلع عليهم، وهو يقرأ في مخيلته طموحهم المشروع، وأمانيهم وآمالهم، لم يستطع ضبط روحه المضطربه ونفسه المندفعة وعواطفه الجياشة، ولا يتمكن من كتم شجونه. اصبح سلوكهم غريبا ومفيدا بنفس الوقت، فهم يتنافسون حتى على القاء التحية والسلام يتسابقون على الوصول المبكر من يأتي متأخرا هو من يلقي التحية ويصافح يد صديقه، أو يأكلوا ببطء في المطعم حتى ينهض الاول كي يدفه كلفة الطعام، ويرحل بعيدا عند وقوعه في الخطأ او حصوله على درجة امتحانية اقل من صديقه، ويتذمر عندما تكرم الادارة احدهم بالتميز. فالجميع يحاولون ان يكونوا في الدراسة والحياة من الفائزين.
حاول ان يجرب فكرة تربطهم أكثر ببعظهم ، ان يكون وسطا، فالصديق الوسط لا يحدث ضجة، ولا يجلب صخبا، ومكان الصدارة في الحياة لا يكون، ولا يصل اليه الانسان الا بين الصخب والضجة، وهدير العمل والدراسة المتواصلان.. سرى في نفسه طائفا عنيفا من الحرارة وهو يستقبلهم في غرفة بيته، أنهم الاصدقاء الخمسة المميزين في الدراسة والصداقة، ليقول: اصدقائي نحن على مفرق الطرق، قد تقف الدنيا في وجوهنا احيانا، وقد تضيق بنا او تسخط علينا، ولكن اذا احسنا ضبط النفس وتمالكنا عواطفنا، كنا في اخر الأمر جميعاً من الناجحين، وأصدقاء متكاتفين.
أعلموا ان من اسباب النجاح في الحياة حسن اختيار الاصدقاء، فاذا صفا لك صديقا، فكن به أشد ضنّا منك بنفائس أموالك، لا تعطيك المقادة في كل ما تريد، فكيف بنفس غيرك، وحسبك ان يكون لك من صديقك أكثره.
واتفقنا سلفا ان لا ننظر الى الذين يمرون في طريقنا، ولا الى الذين يسيرون خلفنا، بل ننظر دائما الى الذين يسيرون أمامنا، فهم الذين يجب علينا ان نسبقهم.
الفكرة اصدقائي ان نتعاهد ونجعل منا قائدا يسير بنا ونسمع له، وسنبدأ من أول امتحان في المدرسة، فمن يحصل على اعلى درجة امتحانية يكون قائدنا الاول حتى الامتحان القادم فكل امتحان من يكون متميزا بدرجته يكون قائد بلا منازع. وسنعمل على ذلك حتى في نهاية العام الدراسي الذي يتفوق منا بدرجاته هو الصديق القائد الذي يسير بنا حيث يشاء ونحن له طائعون.
في هذه الحياة اما ان نكون صفرا من اصفارها لا شأن لنا ولا قيمة، وأما أن نكون في المقدمة، او من الاصدقاء الذين يحاولون ان يكونوا في المقدمة.
وقف قرير العين، مطمئن القلب الى ما فعل وأفاد، فهو تمكن من إنشاء صداقة حميمة مبنية على التنافس والتنظيم والاعتماد على الجهد الشخصي..







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN