من جملة المبادئ المهمة التي ورد التأكيد عليها في زيارة الامام الحسين (عليه السلام) ألا وهو مبدأ الموالاة التولي لله تعالى ولرسوله والائمة الاطهار وايضاً التبريء من اعدائهم ومن جملة تلك الزيارات التي اكد عليها الائمة في زيارة الامام الحسين (عليه السلام) هي زيارة عاشوراء وورد حينما تقرؤون هذه الزيارة تجدون ان هناك تركيز وتكرار لهذا المبدأ في الزيارة.
فقد ورد التأكيد والحث على زيارة الامام الحسين (عليه السلام) بزيارة عاشوراء بل ورد الحث على الزيارة في كل يوم.. فلهذه الزيارة الكثير من الاثار في الدنيا والاخرة وهذا ما دعا اليه الائمة عليهم السلام.
فقد ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) لعلقمه وهو من رواة زيارة عاشوراء: وان استطعت ان تزوره في كل يوم بهذه الزيارة في دارك فافعل).
وقال الامام الصادق (عليه السلام) لصفوان الجمال: (يا صفوان ان حدث لك الى الله حاجة فزر بهذه الزيارة – يعني زيارة عاشوراء- من حيث كنت وادع بهذا الدعاء.. وسل حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده رسوله بمنّه والحمد لله رب العالمين).
لاحظوا في الزيارة هناك تكرار لمبدأ الموالاة من جملتها (اتقرب الى الله ثم اليكم بموالاتكم وموالاة وليكم وبالبراءة من اعدائكم والناصبين لكم الحرب وبالبراءة من أشياعهم واتباعهم اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم..)
وفي عبارة اخرى (فاسأل الله الذي اكرمني بمعرفتكم ومعرفة اوليائكم ورزقني البراءة من اعدائكم ان يجعلني معكم في الدنيا والاخرة..).
نجد ان هناك تلازم في هذه العبارات بين مبدأ الموالاة والتبري.. كأنه الامام (عليه السلام) يقول لا تكفي انك تحب الامام وانك تدافع عن الامام وعن قضيته وانك تنصر الامام.. يحتاج شيء يلازم هذه المحبة والوقوف مع الامام (عليه السلام) وهو التبري من اعدائهم ومقاطعة منهج اعدائهم والوقوف بوجه اعدائهم.
احياناً الانسان المؤمن عنده موالاة لكن ليس عنده براءة لأن البراءة مع اعداء الله ومع الظالمين والطواغيت اخطر وفيه صعوبة اكبر وتضحيات اكبر.. فلا يكفي انك تُحب الامام الحسين (عليه السلام) لابد ان تُبغض اعداء الله واعداء رسوله واعداء اهل البيت عليهم السلام.. فهما امران متلازمان لا ينفك احدهما عن الاخر..
ما معنى التولي الصادق؟
عند الكثير فهم ناقص لا يعرفون المعنى الشامل والكامل للتولي لذلك لا يتجسد عندهم ولأسباب عديدة من جملتها عدم الوعي وعدم الفهم لمعنى التولي الذي اراده الائمة.. وان هذا المبدأ مبدأ قرآني اكدت عليه الكثير من الآيات القرانية منها (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، في نفس الوقت هناك آيات تدعو الى التبري من اعداء الله، قال تعالى في سورة المجادلة: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22)).
وورد في الزيارة الجامعة: (بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا واصلح ما فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة، وعظمة النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة)..
وبهذا يتضح لنا مدى اهمية الموالاة والتبريء..
ما هي مقومات الولاية؟
1- المحبة
2- موقف
3- نصرة ودفاع
4- اتباع منهج
اما التبريء فهو بالعكس:
1- بغض
2- موقف الخذلان
3- الوقوف بوجه اعداء الله تعالى
4- ترك منهجهم
كل انسان يتمنى ان يصل الى تحقيق هذه العناصر الاساسية فما هي الوسائل التي ممكن ان اصل فيها الى الولاية التي جسّدها انصار الامام الحسين (عليه السلام) والموالي الحقيقي.
نحتاج لمعرفة هذه الوسائل والاليات نحتاج الى وعي ان الانسان يفهم ما معنى الولاية لله تعالى واوليائه فالبعض يتصور ان مسألة التولي هي المحبة لله سبحانه وتعالى وللنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة الاطهار (عليهم السلام)..
(لا) هذا شيء خاطئ.. احتاج ان استوعب وافهم معنى التولي التام بكل عناصره التي ذكرناه..
والشيء الآخر هو قوة الانتماء وقوة الايمان ففي بعض الاحيان تجد انسان فاهم وواعي وليس ليس لديه قوة ايمان وقوة انتماء لهذا المبدأ لذلك لا يجسده..
والامر الآخر هو صدق الانتماء والتعبير عن هذا الانتماء بالسلوك العملي..
فقد جاء في وصية الامام الباقر لجابر الجعفي: يا جابر أيكتفي من انتحل التشيّع ان يقول بحبنا اهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا الا من اتقى الله واطاعه.. من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو ولا تُنال ولايتنا الا بالورع والعمل.
وقد ورد انه جاء رجل الى الامام الصادق (عليه السلام) وقال: جُعلت فداك، إن الشيعة عندنا كثير، فقال (عليه السلام): فهل يعطف الغني على الفقير؟. وهل يتجاوز المحسن عن المُسيء ويتواسون؟. فقلت: لا، فقال (عليه السلام): ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل هذا.
فالإمام الصادق (عليه السلام) يريد ان ينبّه ما هو التشيّع الصادق والموالاة الصادقة.. والائمة عليهم السلام نبّهوا الى ان التولي هذا الذي ندعيه لابد ان يكون فيه هذه الامور الاربعة اساسها المحبة ثم اتخاذ الموقف وترجمة المحبة الى موقف والنصرة والدفاع عن مبادئ الامام الحسين (عليه السلام) ثم الاتباع لنهجهم بطاعة الله تعالى والابتعاد عن معاصيه فإن جمعنا هذه المقومات الاربع اصبحت الموالاة لنا حقيقة.
جانب من الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 15/محرم الحرام/1439هـ الموافق 6 /10 /2017م