تعريف الجغرافيا التاريخية:

 اختلف تعريف الجغرافيا التاريخية من فترة إلي أخري، ويمكن عرض أهم التعريفات علي النحو التالي:

1- ظهرت في القرن التاسع عشر عدة دراسات اهتمت بتطور خريطة العالم بناء على ما تمخضت عنه الكشوف الجغرافية، ولم يكن هدف هذه الدراسات مجرد تطور تاريخي للمعرفة الجغرافية لسطح الأرض، أنما هي محاولة لإبراز علاقة الإنسان بالبيئة، وقد أستمر هذا الاتجاه قائمة في النصف الأول من القرن العشرين والذي يمكن التعرف عليه من دراسة «جلبرت» عام ۱۹۳۲ (1932 ,Gilbert).

2- عرف (فاوست) C.Fawcettالجغرافيا التاريخية بأنها العلم الذي يهتم بدراسة تأثير الحوادث التاريخية على الحقائق الجغرافية (45. Fawcett, 1932, p)، وربما يفسر هذا التعريف الصلة القوية التي ربطت الجغرافيا بالتاريخ، هذه الصلة أولاها عدد من الباحثين اهتماما خاصا. ويرى البعض الآخر أن الجغرافيا التاريخية هي دراسة ما قبل التاريخ أو دراسة جغرافية لأي فترة تاريخية أخري تحتوي علي أدلة تاريخية، على العكس من هذا التعريف يميل البعض إلى اعتبار أن الجغرافيا التاريخية تهتم بدراسة تأثير البيئة الجغرافية على مجري الحوادث التاريخية، ويؤكد مثل هذه التعريف أيضا الصلة بين الجغرافيا والتاريخ.

3- اهتم البعض بدراسة الجغرافيا التاريخية في إطار إقليمي، أو بعبارة أخري رصد التغيرات الجغرافية في فترات تاريخية مختلفة في إقليم معين، وتضم المكتبة الجغرافية العديد عن هذه الدراسات منها علي سبيل المثال: دراسة «داربي» H.Darby عن الجغرافيا التاريخية لإنجلترا قبل عام ۱۸۰۰ (1936 ,Darby) ، واتخذت دراسات أخري اتجاهات مختلفة، منها ما اهتم بدراسة مشكلات عامة في إطار وحدات إقليمية في خلال فترات تاريخية ماضية، وبعضها اهتم بنواح خاصة مثل: المجتمعات الريفية والزراعية في إطار إقليمي وتاريخي , وفي بريطانيا نهج أوجيلفي في دراساته نهجة إقليمية في إطار منهج تاريخي، مع التأكيد على هذا المنهج وتدعيم العلاقة بين الجغرافيا والتاريخ.(Ogilvie , 1952, pp. 1: 16).

4- ركز (کلارك) A.Clarkفي تعريفه للجغرافيا التاريخية على التغير الجغرافي لأي ظاهرة حضارية أو طبيعية أو بيولوجية في أي فترة زمنية، كما وجه اهتماما خاصة إلي مختلف العمليات التي أدت إلى التغير (1954 ,Clark)، وفي الوقت نفسه أهمل العوامل المؤثرة في التغير وهي بلا شك لا تقل أهمية عن دور العمليات، وبدونها تفقد الجغرافيا بشكل عام عنصر رئيسية من عناصر دراستها.

5- تنازع البعد الزمني ودوره في الجغرافيا التاريخية آراء عديدة، وفي رأي كل من «أيست وولدرج»، و«تايلور»، و«برون» أن الجغرافيا التاريخية هي جغرافية الماضي أو إعادة جغرافية الماضي، بينما أشار ماکیندر H.Makinder عام ۱۹۳۸ إلي أن الجغرافية التاريخية هي دراسة الحاضر التاريخي Historical Present، ومثل هذا الاتجاه لابد وأن يدعم بدراسة الماضي حتي يمكن فهم الحاضر.

6- اهتم البعض في دراسة الجغرافية التاريخية بإبراز دور الإنسان في التغير البيئي، مع عدم أهمال تأثير البيئة في الإنسان، ومثل هذا الاتجاه يمكن ملاحظته من خلال كتابات (كيرك) W.Kirk الذي أوضح العلاقة المتبادلة بين الإنسان والبيئة في إطار الماضي مع تطبيق المنهج السلوكي لإبراز هذه العلاقة, يتبين مما سبق صعوبة الاتفاق على تعريف محدد للجغرافيا التاريخية، ومع ذلك يتفق معظم الباحثين علي اعتبار أن الجغرافيا التاريخية جزء من الجغرافيا البشرية (يسري الجوهري وناريمان درویش، ۱۹۸۰، ص ص ۸-۹).