قدم أستاذ الحوزة العلمية العلّامة السيد أحمد الصافي المحاضرة العلمية الرمضانية الثالثة، في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي، بحضور مسؤولي العتبة العبّاسية المقدسة وخَدَمتها. المحاضرة الثالثة تأتي ضمن سلسلة المحاضرات التي قدّمها قبل أكثر من أربع سنوات، في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي للإمام السجاد(عليه السلام)، وانطلقت في هذا الشهر الفضيل مجدّداً لشرح ما يتعلّق بخصوص هذا الشهر ومضامينه. وذكر السيد الصافي في مستهلّ حديثه، أنّ الصلاة والمناجاة من الخصال المهمّة للتقرّب إلى الله تبارك وتعالى، وتوجّه الإنسان إلى الله تعالى في الصلاة وانشغاله الدائم بها أمرٌ محبّب إلى الشارع المقدّس، والمناجاة أيضاً هي هذه الحالة التي يفزع فيها العبد إلى مولاه. وفيما يخصّ العلاقة بين العبد وربّه، أوضح السيد الصافي أنّ العلاقة بين العبد والله تعالى هي علاقة الفقير إلى الغنيّ، والمحتاج إلى الغنيّ، والزائل إلى الدائم، والفاني إلى غير الفاني، والضعيف إلى القويّ، وأمثال ذلك، إذن هناك حالة وحاجة مستمرّة دائماً إلى الله تعالى. مسألة العبودية إلى الله تعالى أمرٌ واقعيّ وفق ما بيّن السيد الصافي، والعبد لا بُدّ أن يتحرّى دائماً رضا ربّه، والله تعالى خلق الإنسان في هذه الدنيا لأَجَل، ثمّ بعد ذلك يقبضه وينتقل به إلى عالمٍ آخر، وهذا الأمر ليست له علاقة بالمؤمن وغير المؤمن، ولذلك الأنبياء كانوا يركّزون على مسألة العبودية عندهم وعند أتباعهم، ويأتون دائماً إلى عنوان التوحيد ويدعون دائماً إلى عبادة الله الواحد. وتناول السيّد الصافي بعض عبارات دعاء أبي حمزة الثمالي، التي أراد الإمام (عليه السلام) من خلالها أن يبيّن أنّ الله تعالى يحبّ أن يرى العباد في مواطن الطاعة، ويحبّ أن يفقدهم في مواطن المعصية، والجميع يعرف أنّ للطاعة أهلاً وللمعصية أهلاً، وهاتان الطائفتان موجودتان في سالف الزمان وفي الحاضر والمستقبل، فهناك طائفة تبحث عن طاعة الله تبارك وتعالى، وطائفة تبحث عن معصيته. وأشار السيّد الصافي إلى أن الكذب كما ذُكِر في الدعاء (لعلّك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني) من الصفات الذميمة، فالإمام (عليه السلام) يبيّن أنّ الموجب للرفض هو الكذب، والإنسان إذا كذب غير إذا عصى فالمعصية لها علاقة بالشهوة، أمّا الكذب ليست فيه شهوة بل فيه حالة من التحدّي والإصرار على إخبار خلاف الواقع والانطواء على سريرةٍ خبيثة، وهذه تعتبر من الصفات الذميمة.
الإمام (عليه السلام) يبيّن حال الداعي وفق ما ذكر السيد الصافي، فمسألة الرفض أيضاً ليست مسألة سهلة، والله تعالى يرفض العبد ولا يقبل منه لأنّ العبد قد جاء بفعلٍ غير طبيعي وهو الكذب، والكاذب يجب التعامل معه وفق ما أمرنا به النبيّ الأكرم وأهل البيت(عليهم السلام)، وتعريفه بأنّه مطرودٌ من رحمة الله. ولفت السيّد الصافي في المحاضرة إلى نعم الله التي لا تُعدّ ولا تُحصى على المؤمنين، والإمام زين العابدين(عليه السلام) في بعض الأدعية قد نوّه إلى أنّه حتّى الشكر على النعمة هو نعمة، والله عندما يطلب من عباده الشكر يريد أن يلفت النظر إلى النعم، التي تحتاج إلى شكر.