حقق كارثيك سارما، أرباحاً تجاوزت أرباح ستيف كوهين في العام الماضي، فقد ربح مدير صناديق التحوط المغمور ملياري دولار في عام 2021، ويرجع ذلك في الأغلب إلى رهانه الذي دام 11 عاماً على شركة "
أفيس بادجيت غروب" الذي انتهى إلى نتيجة رائعة مع ارتفاع السهم بنسبة 456%.
شكل 2021 عاماً صعباً على مديري صناديق التحوط، وهو تعكسه قيمة الأرباح المحققة خلال العام، حيث انخفضت الأرباح التي حققها أفضل 15 مديراً إلى نحو 16 مليار دولار، مقارنة بـ23 مليار دولار أرباح محققة في عام 2020.
يمكنك أن تقول إن سارما ليس من النمط الذي تعرفه عن مدير الصناديق الذي يرتدي صديرية صوفية في مانهاتن.
عندما انتشرت جائحة كورونا، لم يهرب إلى مدينة "هامبتونز"، أو "بالم بيتش" أو "أسبن" مثل كثير من نخبة وول ستريت.
بل إنه انتقل مع أخته وأسرتها ليعيشوا في منزلهم المتواضع في إحدى ضواحي الطبقة المتوسطة في نيوجيرسي، حيث أقيمت المنازل مصفوفة جنباً إلى جنب – ولا يوجد مساحة إلا لسيارتين في الطرق الجانبية.
كذلك يدير سارما، الذي يبلغ من العمر 47 عاماً، شركته بطريقة مختلفة.
استراتيجية استثمار غير تقليدية
في شركة "إس آر إس إنفستمنت مانجمنت"، يتجنب سارما سياسة الاستدانة الضخمة التي تنتهجها كثير من الصناديق الأخرى، ويدير محفظة أقوى كثيراً من الاستثمارات قصيرة الأجل.
علاوة على ذلك، فهو لا يخشى ضخ استثمارات كبيرة في أصل واحد – ويتمسك به ويصبر لأي فترة يتطلبها.
يساهم ذلك في تفسير ظهور سارما قرب القمة في ترتيب بلومبرغ لأعلى الرابحين في صناديق التحوط في عام 2021، إذ لم يتفوق عليه في الأداء بنسبة ضئيلة سوى كين غريفين، الذي يدير صندوق "سيتاديل" (Citadel) وكريس هون الذي يدير شركة "تي سي آي فاند مانجمنت".
يمتلك صندوق "إس آر إس" نحو 50% من شركة "أفيس" في صورة أسهم عادية وعقود مبادلة، ما ساهم في مضاعفة ثروة سارما ثلاث مرات إلى 3 مليارات دولار تقريباً، وفق تحليل أجراه مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، وأدر ربحاً لصالح المساهمين في صندوقه الرئيسي بلغ 35%.
يعد ذلك إنجازاً مثيراً في ضوء أن كل شركة من هاتين الشركتين تدير أصولاً تتجاوز قيمتها 40 مليار دولار، مقارنة مع 8 مليارات دولار عند شركة "إس آر إس".
رفض ممثلو مديري الصناديق التعقيب.
مديرو صناديق خارج الترتيب
رئيس سارما السابق، تشيز كولمان، مؤسس شركة "تايغر غلوبال مانجمنت" خرج من الترتيب، إذ اصطدم صندوق التحوط الذي يديره باضطرابات أسواق الأسهم في آخر شهرين من العام.
ومع ذلك، كان أداء ذراع الشركة لإدارة صندوق استثمار مباشر جيداً، وهو ما ساهم في تخفيف الصدمة من صندوق التحوط.
غاب مديرون آخرون عن آخر تصنيف لمدراء صناديق التحوط منهم أندرياس هالفورسن، مدير "فايكينغ غلوبال إنفيستورز"، وغيب بلوتكين، مدير "ملفين كابيتال مانجمنت".
سجل كل من هذين الصندوقين أكبر خسائر سنوية في تاريخهما في العام الماضي. تحطم صندوق "ملفين كابيتال" بسبب صعود سريع ومفاجئ قصير الأجل في أسهم شركة "غيم ستوب"، التي حلّقت أسهمها أثناء جنون التداول على أسهم "الميم" في يناير الماضي، في حين أن هالفورسن أخبر مستثمري صندوق "فايكينغ" أن الصندوق قام بـ"رهانات خاسرة" بعد أن أساء تقدير تأثير جائحة كورونا.
تقلب الأسواق
كان العام الماضي صعباً بالنسبة لكثير من مدراء الصناديق بسبب اضطراب أسواق الأسهم والسندات نتيجة المخاوف المتعلقة بمعدل التضخم والسياسة النقدية، ما أربك المستثمرين في الأسهم وكذلك الصناديق المرتبطة بالاقتصاد الكلي مثل صندوق "إليمنت كابيتال"، الذي اختفى أيضاً مؤسسه جيف تالبينز من تصنيف "بلومبرغ".
كان انقلاباً كاملاً وواضحاً مقارنة بعام 2020، عندما دفع صعود أسواق الأسهم عمالقة صناديق التحوط إلى تحقيق مكاسب قياسية.
وقد حقق أفضل 15 مديراً أرباحاً بلغ مجموعها 23 مليار دولار في 2020. هذه المرة وصل مجموع أرباحهم إلى رقم أكثر تواضعاً عند 15.8 مليار دولار.
بسبب هذا التغيير الجذري، يظهر على القائمة عدد كبير من مدراء الأموال لأول مرة، ومن بينهم ستيفين شونفيلد، وريتشارد ماشال، ودان لوب من شركة "ثيرد بوينت" (Third Point).
أرباح كبيرة
حقق صندوق ماشال "سنفست كابيتال" 123 مليون دولار في شهر يناير 2021 وحده، عبر رهانه على استثمار طويل الأجل في شركة "غيم ستوب" التي حلقت أسهمها بنسبة 1625% في ذلك الشهر.
وقد تخارج صندوق "سنفست كابيتال"، الذي كان واحداً من أكبر المساهمين في شركة تجارة ألعاب الفيديو، من الشركة قبل انهيار أسهمها في فبراير الماضي.
من ناحية أخرى، كان صندوق "شونفلد ستراتيجيك أدفايزرز" ينمو بوتيرة سريعة وتحت تصرفه حالياً تقريباً نحو 11 مليار دولار من أموال المستثمرين فيه، بما يضيق الفجوة بينه وبين صناديق أخرى متعددة الاستراتيجية من الوزن الثقيل، مثل صندوق "سيتاديل" وصندوق "ميلينيام مانجمنت" الذي يديره إزي إنغلاندر.
جميع هذه الصناديق أعلنت تحقيقها مكاسب بأرقام مزدوجة في العام الماضي، علاوة على أن حصة "شونفلد" الكبيرة في شركته جعلته يربح نحو 300 مليون دولار.
تحليل "بلومبرغ" لأرباح المديرين يحسب فقط صناديق التحوط وصناديق الاستثمارات طويلة الأجل التابعة لهم، ويستثني صناديق الاستثمار المباشر المنفصلة، كما يستثني المستثمرين ممن لا يستقبلون رؤوس أموال من خارج الشركة، مثل مايكل بلات، مؤسس صندوق "بلوكرست كابيتال مانجمنت" (BlueCrest Capital Management).
الاستثمار في التكنولوجيا
انضم سارما، الذي جاء إلى الولايات المتحدة من الهند للحصول على درجة الماجستير في بحوث العمليات من "جامعة برنستون"، إلى العمل بشركة "تايغر غلوبال" بعد شهور قليلة من انطلاقها في عام 2001.
وكان يعتبر أكثر الأشخاص موهبة من غير الشركاء في الشركة في ذلك الوقت، واستقل عن الشركة بعد ذلك بخمسة أعوام مستخدماً الأحرف الأولى من اسم والده اسماً لشركته الجديدة.
كانت خطته الأولى هي الاستثمار في قطاع الاستثمار المباشر في الهند علاوة على الأسهم العالمية، غير أنه سرعان ما تحول بشكل كامل إلى الاستثمار في الشركات العامة، خاصة أسهم التكنولوجيا.
أصبحت شركة "
نتفلكس" واحدة من أكبر الشركات التي تدر عليه دخلاً، إذ كان سارما يحقق أرباحاً سواء عند صعود السهم أو هبوطه، كما يقول مستثمرون.
وحقق صندوقه أرباحاً سنوية اقتربت من 12% منذ عام 2007، متجاوزاً في أدائه مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الذي ارتفع بنسبة 11% خلال الفترة.
يحتفظ سارما بوجه عام بنحو 25 سهماً، يتوقع أن تحقق أرباحاً، و35 سهماً أخرى يراهن على هبوطها، بحسب مستثمرين وإفصاحات للجهات الرقابية، مما يعني أن صافي استثماراته أقل من أقرانه.
استثمار طويل الأجل
رهان شركة "أفيس" كان استثناءً بالنسبة له، فقد كان أكبر استثماراته وأطولها أجلاً، وهي الشركة الوحيدة التي جلس هو – أو أي شخص آخر في الشركة – على مقعد في مجلس إدارتها.
تتجنب صناديق التحوط بوجه عام الحصول على مقاعد في مجلس إدارة الشركات لأن ذلك يقيد حركتها من حيث مواقيت بيع أو شراء الأسهم.
تبنى سارما نظرة طويلة الأجل مؤداها أن الشركات التي تستطيع إدارة أسطول من السيارات والحافلات بطريقة ترشد التكاليف ستحظى بقيمة عالية جداً في مستقبل صناعة نقل البشر.
ورغم هذا الاعتقاد، لم يستطع سارما مقاومة أن يجني بعض الأرباح من بيع نحو 5% من حيازته عندما بلغت أسهم "أفيس" لحظة "الميم" التي تخصها.
ارتفعت أسهم الشركة بأكثر من الضعف في 2 نوفمبر الماضي، بعد أن أعلنت أنها ستلعب دوراً كبيراً في تبني السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
كانت القفزة التي تحققت في ثروة سارما كبيرة نوعياً بسبب أن استثماره كان موزعاً على العديد من محافظ الشركة، كما أنه شخصياً يمتلك نحو 90% من صندوق واحد لا يستثمر إلا في حصة الشركة من شركة "أفيس".
عودة إلى نيويورك، يتعافي سارما من شهر يناير العصيب هو وكثير من المستثمرين في الأسهم. فقد هبطت أسهم "أفيس" بنسبة 15%، ورغم ذلك، لم يخسر الصندوق الرئيسي التابع لشركة "إس آر إس" إلا 4.5% على مدار الشهر، متفوقاً على أداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" وعلى كثير من صناديق التحوط الأخرى.