برعاية معالي رئيس ديوان الوقف الشيعي الدكتور حيدر حسن الشمّري، استضافت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة في قاعة سيدنا الحمزة بن عبد المطلب "عليه السلام" في رحاب الصحن الكاظمي الشريف يوم الخميس 23/12/2021 الندوة التثقيفية التي تحمل عنوان: (استراتيجية مكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب) التي أقامتها دائرة إحياء الشعائر الحُسينية في ديوان الوقف الشيعي، وبالتعاون مع الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة، بحضور نائب الأمين العام المهندس سعد محمد حسن، وعددٍ من أعضاء مجلس الإدارة الموقر، والوكيل الإداري والمالي لرئيس ديوان الوقف الشيعي الأستاذ حسين التميمي، وعدد من مسؤولي ديوان الوقف الشيعي، وكوكبة من الشخصيات الدينية والاجتماعية والأكاديمية.
استهلت الندوة بتلاوة معطرة من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين قارئ العتبة المقدسة الخادم علي ماهر، تلتها كلمة رئاسة ديوان الوقف الشيعي وألقاها الأستاذ حسين التميمي بيّن خلالها قائلاً: (تعدّ هذه الندوة بداية لتطبيق الستراتيجية المعتمدة والمصادق عليها بقدر ما يتعلق الأمر بديوان الوقف الشيعي، حيث أن الإرهاب يمثل تهديد للسلم والأمن والتماسك الاجتماعي، وكذلك سيادة القانون وحقوق الإنسان وسلامة المواطنين، بل يمثل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن المجتمعي الدولي، والتطرف هو أحد الأسباب الذي يؤدي إلى الإرهاب وعلى هذا الأساس سعت الحكومة جاهدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وتشكيل اللجنة العُليا لمكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب في الوزارات والهيئات المستقلة كافة.
وأضاف: وبدورنا سنعمل من خلال هذه الاستراتيجية على توجيه خطباء المساجد والحسينيات على بث روح التسامح نبذ التطرف بأشكاله كافة، والتأكيد على اللقاءات الدورية والتواصل المستمر مع الأوقاف والطوائف الأخرى، والسعي إلى إقامة الندوات لتوحيد الخطاب الديني، وإرسال كوكبة من الخطباء إلى السجون لأجل إصلاح السجناء وغيرها من البرامج الإصلاحية).
أعقبتها كلمة اللجنة العُليا لمكافحة التطرف العنيف وألقاها أ.م. د محمد الواضح، والذي قدّم خلالها الخطوات الاستراتيجية التي تُسهم في تعزيز البيئة الوطنية وتقدم المجتمع ونمو قواه وتكامله والحفاظ على مرتكزاته، كما أشار إلى أن استراتيجية مكافحة التطرف العنيف هي مكملة لاستراتيجية الأمن الوطني المشكلة في عام 2015 واستراتيجية مكافحة الإرهاب بما يتوافق مع البرنامج الحكومي، وأوضح أهم مرتكزاتها من خلال التعاون مع المجتمع الدولي عموماً والمحيط الإقليمي والدعوة إلى تكامل الجهود لمكافحة التطرف.
بعدها بدأت الجلسات البحثية حيث شارك سماحة السيد عمار الموسوي مدير عام التعليم الديني في ديوان الوقف الشيعي بورقة بحثية عرّف خلالها التطرف في المنظور الإسلامي، ونشأته وتطوره، كما سلط الضوء حول ما ورد في قوله تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، مبيناً أن سياسة السلطة هي التي ترسم مناخ التطرف، وعلاجه بشكل جذري يكون بيدها من خلال قراراتها، وعليها ضرورة بث روح التسامح في المجتمع وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري ونبذ التعصب والانغلاق الفكري وكل مظاهر التمييز بين المجتمع.
تلتها ورقة بحثية لفضيلة الشيخ عَدِي الكاظمي مدير قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الكاظمية المقدسة بيّن خلالها مسألة التفريق بين (الحقيقة والواقع)، وأشار فيها إلى التطرف الفكري الذي يؤدي إلى التطرف السلوكي، وإدراك خطورته، وكيف يتبين لدى الإنسان شيئاً ويظن أنه الحقيقة مع أنه واقع وليس حقيقة، فهنا ينبغي تعزيز الوعي المجتمعي ومحاربة الأيديولوجيات المتطرفة المغذية العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية.
بعدها قدّم فضيلة الشيخ طه حافظ العبيدي مدير شعبة الشؤون الفكرية في العتبة المقدسة بحثاً تربوياً في مكافحة التطرف، مبيناً أن مكافحته هي مسؤولية مشتركة تبدأ من الأسرة والمدرسة هي التي تجنب الشباب من تجنيدها وانخراطها نحو التطرف، مؤكداً أن ترسيخ الخطاب الوطني والإنساني هو ضرورة حتمية من خلال تفعيل الدور الإعلامي والثقافي الديني، وتسخير وسائل التواصل والإعلام الاجتماعي لتصويب المفاهيم والأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.
بعدها قدّم الدكتور عزت عبدالله الموسوي من دائرة البحوث والدراسات في ديوان الوقف الشيعي بحثاً بعنوان: (التربية الوقائية والثورة في المؤسسات التربوية في مواجهة التطرف) وأوضح أن التطرف ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، وإن محاربته تستدعي تضافر الجهود من مختلف الأطراف، وذلك لأن الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، ويتطلب كل وجه أسلوباً خاصاً لمواجهته.
وشهدت الندوة التثقيفية إيجاز فوائدها ومداخلات من قبل السادة الحضور والمشاركين عكست مدى توجههم وتفاعلهم مع موضوعاتها القيّمة.
من الجدير بالذكر أن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة تحرص على استضافتها ورعايتها للعديد من الندوات والمؤتمرات لأجل إثراء الساحة الثقافية والفكرية والعلمية والمعرفية وتسعى من خلال هذه الجهود أن تسهم في عملية التغيير والتطوير النوعي في بناء الفرد والمجمع العراقي والإسلامي وفق مفهوم المسؤولية الشرعية والاجتماعية والأخلاقية.