أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-2-2018
5328
التاريخ: 18-2-2018
19152
|
قال تعالى : {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [المطففين: 1 - 17]
{ويل للمطففين} وهم الذين ينقصون المكيال والميزان ويبخسون الناس حقوقهم في الكيل والوزن قال الزجاج وإنما قيل له مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف ثم فسر المطففين فقال {الذين إذا اكتالوا على الناس} أي إذا كالوا ما على الناس ليأخذوه لأنفسهم {يستوفون} عليهم الكيل ولم يذكر اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع فأحدهما يدل على الآخر {وإذا كالوهم أو وزنوهم} أي كالوا لهم أو وزنوا لهم {يخسرون} أي ينقصون والمعنى أنهم إذا كالوا أو وزنوا لغيرهم نقصوا تقول كلتك وكلت لك كما تقول نصحتك ونصحت لك ويروى عن ابن مسعود أنه قال الصلاة مكيال فمن وفى و فى الله له ومن طفف قد سمعتم ما قال الله في المطففين ثم عجب الله خلقه من غفلة هؤلاء حيث فارقوا أمر الله وطريقة العدل فقال {أ لا يظن} أي أ لا يعلم {أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم} وهو يوم القيامة يريد أ لا يستيقن من فعل هذا أنه مبعوث محاسب عن ابن عباس.
ثم أخبر عن ذلك اليوم فقال {يوم يقوم الناس لرب العالمين} والمعنى يوم يقوم الناس من قبورهم لأمر رب العالمين ولجزائه أو حسابه وجاء في الحديث أنهم يقومون في رشحهم إلى إنصاف آذانهم وفي حديث آخر يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أطراف آذانهم ويحتمل أن يكون المراد أيضا أ لا يحسب أولئك لأن من ظن الجزاء والبعث وقوي ذلك في نفسه وإن لم يكن عالما به فإنه يجب عليه أن يتحرز خوفا من العقاب الذي يجوزه ويظنه كما أن من ظن العطب في سلوك طريق فواجب عليه أن يتجنب سلوكه وفي الحديث عن سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول ((إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون الشمس بقدر ميل أو ميلين)) قال سليم فلا أدري أ مسافة الأرض أم الميل الذي تكحل به العين ثم قال ((صهرتهم الشمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم فمنهم من يأخذه إلى عقبه ومنهم من يلجمه إلجاما.
قال فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يشير بيده إلى فيه قال يلجمه إلجاما أورده مسلم في الصحيح وروي أن ابن عمر قرأ {ويل للمطففين} حتى بلغ {يوم يقوم الناس لرب العالمين} فبكى حتى خر وامتنع من القراءة.
{كلا} هو ردع وزجر أي ارتدعوا وانزجروا عن المعاصي فليس الأمر على ما أنتم عليه تم الكلام هاهنا وعند أبي حاتم وسهل كلا ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقا {إن كتاب الفجار لفي سجين} يعني كتابهم الذي فيه ثبت أعمالهم من الفجور والمعاصي عن الحسن وقيل معناه أنه كتب في كتابهم أنهم يكونون في سجين وهي في الأرض السابعة السفلى عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وعن البراء بن عازب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((سجين أسفل سبع أرضين)).
وقال شمر بن عطية جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال أخبرني عن قول الله تعالى {إن كتاب الفجار لفي سجين} قال إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتدخل سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين وهو موضع جند إبليس والمعنى في الآية أن كتاب عملهم يوضع هناك وقيل إن سجين جب في جهنم مفتوح والفلق جب في جهنم مغطى رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل السجين اسم لكتابهم وهو ظاهر التلاوة أي ما كتبه الله على الكفار بمعنى أوجبه عليهم من الجزاء في هذا الكتاب المسمى سجينا ويكون لفظه من السجن الذي هو الشدة عن أبي مسلم.
والذي يدل على أن العرب ما كانت تعرفه وهو قوله {وما أدريك ما سجين} أي ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك عن الزجاج ثم قال مفسرا لذلك {كتاب مرقوم} أي كتاب معلوم كتب فيه ما يسؤهم ويسخن أعينهم وقيل مرقوم معناه رقم لهم بشر كأنه أعلم بعلامة يعرف بها الكافر والوجه الصحيح أن قوله {كتاب مرقوم} ليس تفسيرا لسجين لأنه ليس السجين من الكتاب المرقوم في شيء وإنما هو تفسير للكتاب المذكور في قوله {إن كتاب الفجار} على تقدير وهو كتاب مرقوم أي مكتوب قد تبينت حروفه {ويل يومئذ للمكذبين} وهذا تهديد لمن كذب بالجزاء والبعث ولم يصدق وذكر صاحب النظم أن هذا منتظم بقوله {يوم يقوم الناس} وأن قوله {كلا إن كتاب الفجار} وما اتصل به اعتراض بينهما ثم فسر سبحانه المكذبين فقال {الذين يكذبون بيوم الدين} أي يوم الجزاء فإن من كذب بالباطل لا يتوجه إليه الوعيد بل هو ممدوح ثم قال {وما يكذب به} أي لا يكذب بيوم الجزاء {إلا كل معتد} أي متجاوز للحق إلى الباطل {أثيم} كثير الإثم مبالغ في ارتكابه ثم وصف المعتدي الأثيم بقوله {إذا تتلى عليه آياتنا} وهي القرآن {قال أساطير الأولين} أي أباطيل الأولين والتقدير قال هذا أساطير الأولين أي ما سطره الأولون وكتبوه مما لا أصل له.
{كلا} لا يؤمنون وقيل ليس الأمر على ما قالوه ثم استأنف فقال {بل ران على قلوبهم} أي غلب عليها {ما كانوا يكسبون} والمعنى غلب ذنوبهم على قلوبهم وقيل إن معنى الرين هو الذنب على الذنب حتى يموت القلب عن الحسن وقتادة وقال الفراء كثرت المعاصي منهم والذنوب وأحاطت بقلوبهم فذلك الرين عليها وعن عبد الله بن مسعود قال إن الرجل ليذنب الذنب فتنكت على قلبه نكتة سوداء ثم يذنب الذنب فتنكت نكتة أخرى حتى يصير قلبه على لون الشاة السوداء وروى العياشي بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء فإذا تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله تعالى {كلا بل ران على قلوبهم} الآية وقال أبوعبد الله (عليه السلام) يصدأ القلب فإذا ذكرته ب آلاء الله انجلى عنه وقال أبو مسلم أن اعتيادهم الكفر وألفتهم له وغفلتهم صار غطاء على قلوبهم فلا يعقلون ما ينفعهم لأن ترك النظر في العواقب وكثرة المعاصي والانهماك في الفسق يقوي الدواعي في الإعراض عن التوبة والإيلاع بالذنوب فصار ذلك كالغالب على القلوب الرائن عليها وقال أبو القاسم البلخي وفي الآية دلالة على صحة ما يقوله أهل العدل في تفسير الطبع على القلوب والختم عليها والإضلال لأنه تعالى أخبر أن أعمالهم السيئة وما كانوا يكسبونه من القبيح ران على قلوبهم.
{كلا} يريد لا يصدقون عن ابن عباس ثم استأنف {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} يعني أن هؤلاء الذين وصفهم بالكفر والفجور محجوبون يوم القيامة عن رحمة ربهم وإحسانه وكرامته عن الحسن وقتادة وقيل ممنوعون من رحمته مدفوعون عن ثوابه غير مقبولين ولا مرضيين عن أبي مسلم وقيل محرومون عن ثوابه وكرامته عن علي (عليه السلام) {ثم إنهم} بعد أن منعوا من الثواب والكرامة {لصالوا الجحيم} أي لازموا الجحيم بكونهم فيها لا يغيبون عنها وقال أبو مسلم لصائرون صلاها أي وقودها {ثم يقال} لهم توبيخا وتبكيتا {هذا الذي} فعل بكم من العذاب والعقاب {الذي كنتم به تكذبون} في دار التكليف ويسمى مثل هذا الخطاب تقريعا لأنه خبر بما يقرع بشدة الغم على وجه الذم .
__________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي، ج10 ، ص291-294.
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} . الويل الهلاك والعذاب ، والمطففون فئة من الأقوياء يتاجرون بقوتهم ونفوذهم . . انهم يبيعون ويشترون ، ولكنهم يشترون بأبخس الأثمان ، ويبيعون بأغلاها ، وفي الحالين يحققون أقصى حد من الأرباح ، ويرغمون الناس بطريق الاحتكار أو بغيره على الاستسلام لجورهم ، ويبررونه باسم العمل الحر والتجارة الحرة . . وتطورت أساليب الاستغلال مع الزمن وبتقدم العلم واكتشاف الأسواق ، وظهور البترول وغيره من المعادن . . وأخيرا وجد مطففو هذا العصر في صناعة الحرب وسياسة الركض وراء التسلح - أفضل الوسائل لتركيم الثروات ، وحفظ الأرباح في أعلى المستويات .
ويبتدئ تاريخ التطفيف بما أشار إليه سبحانه بقوله : {الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وإِذا كالُوهُمْ أَو وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} . أي كالوا لهم أو وزنوا لهم . . انهم يستعملون الكيل والميزان ، ولكن عندهم مكيالان وميزانان ، فيأخذون بالأعلى ويعطون بالأدنى . . ويدل هذا على ان المطففين كان لهم من القوة ما يكرهون به الناس على ما يريدون ، وقد تكون هذه القوة مالا أوجاها أو احتكارا أو غير ذلك فالمهم عندهم هو الربح أيا كان سببه ! . . ومهما كان معنى التطفيف والمطففين فإن المراد هنا كل من أخذ من الناس بالباطل أو منعهم الحق ظلما وعدوانا .
{أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ} .
لنفترض ان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل لا يعتقدون بلقاء اللَّه وناره وجنته . .
ولكن ألا يظنون ذلك أو يحتملونه - على الأقل - ومجرد الاحتمال بأن الإنسان سيقوم بين يدي رب العالمين لنقاش الحساب كاف في الردع والإحجام . . وكيف يحجم الإنسان عما يظن بل يتوهم انه يعود عليه بالضرر اليسير في الحياة الدنيا ، ولا يحجم إذا ظن انه ملاق ربه الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وعاقب عليها ؟ . . اللهم إلا إذا جحد من غير شك وتردد .
{كَلَّا} . لا يظن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل انهم غير مبعوثين ليوم عظيم يقف فيه الناس بين يدي اللَّه للحساب والجزاء . . قال الشيخ محمد عبده : لا فرق بين من أنكر اليوم الآخر وبين من تأوّل فيما يدفع عنه العقاب وينجيه من الحساب ، فإن التأويل لا يبتعد به عن منزلة المنكر ، بل هو معه في النار وبئس القرار {إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} . كتاب هنا مصدر بمعنى الكتابة . واختلفوا في معنى سجين ، وأقرب الأقوال إلى الافهام انه اسم للسجل الذي أثبت فيه أسماء الفجار وأعمالهم ، والى هذا ذهب صاحب مجمع البيان لأنه قال : {هو ظاهر التلاوة} و وافقه الشيخ محمد عبده وقيل : هومن السجن بمعنى الحبس {وما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ} . من الذي جعلك به داريا ؟ فان علمه عند اللَّه وحده {كِتابٌ مَرْقُومٌ} فيه علامات تدل على أعمال المسيئين .
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} . هذا تهديد ووعيد لمن يكذّب باليوم الآخر . وتقدم في العديد من الآيات . انظر سورة المرسلات {وما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ} . ضمير به يعود إلى يوم الدين ، والمراد بآياتنا القرآن . . واليوم الآخر عذاب وجحيم على الطغاة المعتدين فكيف يؤمنون به ؟ قال الشيخ محمد عبده : من كان ميالا إلى العدل في أخلاقه وأفعاله فأيسر شيء عليه التصديق باليوم الآخر ، ومن اعتدى على حقوق الناس يكاد يمتنع عليه الإذعان بأخبار الآخرة لأن في ذلك قضاء على نفسه بالسفه ، وحكما عليها بالظلم {كَلَّا} ليس القرآن واليوم الآخر بأساطير وخرافات كما يزعم الجاحدون {بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ} . تراكمت الذنوب على قلوب المجرمين حتى أعمتها عن رؤية الحق .
{كَلَّا} . ارتدعوا عن الذنوب التي تعميكم عن الحق {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} . لقد حجبتهم المعاصي عن اللَّه ، وحالت بينهم وبين رحمته {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ} . بعد أن يطردوا من رحمة اللَّه يقذف بهم في سواء الجحيم {ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} . يقول لهم ملائكة العذاب هذا القول زيادة في الإيلام والتنكيل . وتقدم مثله مرارا ، من ذلك الآية 20 من سورة السجدة .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص534-536.
تفتتح السورة بوعيد أهل التطفيف في الكيل والوزن وتنذرهم بأنهم مبعوثون للجزاء في يوم عظيم وهو يوم القيامة ثم تتخلص لتفصيل ما يجري يومئذ على الفجار والأبرار.
والأنسب بالنظر إلى السياق أن يكون أول السورة المشتمل على وعيد المطففين نازلا بالمدينة وأما ما يتلوه من الآيات إلى آخر السورة فيقبل الانطباق على السياقات المكية والمدينة.
قوله تعالى: {ويل للمطففين} دعاء على المطففين والتطفيف نقص المكيال والميزان، وقد نهى الله تعالى عنه وسماه إفسادا في الأرض كما فيما حكاه من قول شعيب: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [هود: 85] ، وقد تقدم الكلام في تفسير الآية في معنى كونه إفسادا في الأرض.
قوله تعالى: {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} الاكتيال من الناس الأخذ منهم بالكيل، وتعديته بعلى لإفادة معنى الضرر، والكيل إعطاؤهم بالمكيال يقال: كاله طعامه ووزنه وكال له طعامه ووزن له والأول لغة أهل الحجاز وعليه التنزيل والثاني لغة غيرهم كما في المجمع، والاستيفاء أخذ الحق تاما كاملا، والإخسار الإيقاع في الخسارة.
والمعنى: الذين إذا أخذوا من الناس بالكيل يأخذون حقهم تاما كاملا، وإذا أعطوا الناس بالكيل أو الوزن ينقصون فيوقعونهم في الخسران.
فمضمون الآيتين جميعا ذم واحد وهو أنهم يراعون الحق لأنفسهم ولا يراعونه لغيرهم وبعبارة أخرى لا يراعون لغيرهم من الحق مثل ما يراعونه لأنفسهم وفيه إفساد الاجتماع الإنساني المبني على تعادل الحقوق المتقابلة وفي إفساده كل الفساد.
ولم يذكر الاتزان مع الاكتيال كما ذكر الوزن مع الكيل إذ قال: {وإذا كالوهم أو وزنوهم} قيل: لأن المطففين كانوا باعة وهم كانوا في الأغلب يشترون الكثير من الحبوب والبقول ونحوهما من الأمتعة ثم يكسبون بها فيبيعونها يسيرا يسيرا تدريجا، وكان دأبهم في الكثير من هذه الأمتعة أن يؤخذ ويعطى بالكيل لا بالوزن فذكر الاكتيال وحده في الآية مبني على الغالب.
وقيل: لم يذكر الاتزان لأن الكيل والوزن بهما البيع والشراء فذكر أحدهما يدل على الآخر.
وفيه أن ما ذكر في الاكتيال جار في الكيل أيضا وقد ذكر معه الوزن فالوجه لا يخلو من تحكم.
وقيل: الآيتان تحاكيان ما كان عليه دأب الذين نزلت فيهم السورة فقد كانوا يشترون بالاكتيال فقط ويبيعون بالكيل والوزن جميعا، وهذا الوجه دعوى من غير دليل.
إلى غير ذلك مما ذكروه في توجيه الاقتصار على ذكر الاكتيال في الآية، ولا يخلو شيء منها من ضعف.
قوله تعالى: {أ لا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم} الاستفهام للإنكار والتعجيب، والظن بمعناه المعروف والإشارة إلى المطففين بأولئك الموضوعة للإشارة البعيدة للدلالة على بعدهم من رحمة الله، واليوم العظيم يوم القيامة الذي يجازون فيه بعملهم.
والاكتفاء بظن البعث وحسبانه - مع أن من الواجب الاعتقاد العلمي بالمعاد - لأن مجرد حسبان الخطر والضرر في عمل يوجب التجنب عنه والتحرز عن اقترافه وإن لم يكن هناك علم فالظن بالبعث ليوم عظيم يؤاخذ الله فيه الناس بما كسبوا من شأنه أن يردعهم عن اقتراف هذا الذنب العظيم الذي يستتبع العذاب الأليم.
وقيل: الظن في الآية بمعنى العلم.
قوله تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} المراد به قيامهم من قبورهم - كناية عن تلبسهم بالحياة بعد الممات - لحكمه تعالى وقضائه بينهم.
قوله تعالى: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين} ردع - كما قيل - عما كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب.
وقوله: {إن كتاب الفجار لفي سجين} إلخ الذي يعطيه التدبر في سياق الآيات الأربع بقياس بعضها إلى بعض وقياس المجموع إلى مجموع قوله: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين} إلى تمام أربع آيات أن المراد بسجين ما يقابل عليين ومعناه علو على علو مضاعف ففيه شيء من معنى السفل والانحباس فيه كما يشير إليه قوله: { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [التين: 5] فالأقرب أن يكون مبالغة من السجن بمعنى الحبس كسكير وشريب من السكر والشرب فمعناه الذي يحبس من دخله على التخليد كما قيل.
والكتاب بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء المحتوم والمراد بكتاب الفجار ما قدره الله لهم من الجزاء وأثبته بقضائه المحتوم.
فمحصل الآية أن الذي أثبته الله من جزائهم أوعده لهم لفي سجين الذي هو سجن يحبس من دخله حبسا طويلا أو خالدا.
وقوله: {وما أدراك ما سجين} مسوق للتهويل.
وقوله: {كتاب مرقوم} خبر لمبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى سجين والجملة بيان لسجين و{كتاب} أيضا بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء والإثبات، و{مرقوم} من الرقم، قال الراغب: الرقم الخط الغليظ، وقيل: هو تعجيم الكتاب، وقوله تعالى: {كتاب مرقوم} حمل على الوجهين.
انتهى، والمعنى الثاني أنسب للمقام فيكون إشارة إلى كون ما كتب لهم متبينا لا إبهام فيه أي إن القضاء حتم لا يتخلف.
والمحصل أن سجين مقضي عليهم مثبت لهم متبين متميز لا إبهام فيه.
ولا ضير في لزوم كون الكتاب ظرفا للكتاب على هذا المعنى لأن ذلك من ظرفية الكل للجزء وهي مما لا ضير فيه فيكون سجين كتابا جامعا فيه ما قضي على الفجار وغيرهم من مستحقي العذاب.
وقوله: {ويل يومئذ للمكذبين} نعي ودعاء على الفجار وفيه تفسيرهم بالمكذبين، و{يومئذ} ظرف لقوله: {إن كتاب الفجار لفي سجين} بحسب المعنى أي ليهلك الفجار - وهم المكذبون - يومئذ تحقق ما كتب الله لهم وقضى عليهم من الجزاء وحل بهم ما أعد لهم من العذاب.
هذا ما يفيده التدبر في هذه الآيات الأربع، وهي ذات سياق واحد متصل متلائم الأجزاء.
وللقوم في تفسير مفردات الآيات الأربع وجملها أقوال متفرقة كقولهم: إن الكتاب في قوله: {إن كتاب الفجار} بمعنى المكتوب والمراد به صحيفة أعمالهم، وقيل: مصدر بمعنى الكتابة وفي الكلام مضاف محذوف والتقدير كتابة عمل الفجار لفي سجين.
وقولهم: إن الفجار أعم من المكذبين فيشمل الكفار والفسقة جميعا.
وقولهم: إن المراد بسجين الأرض السابعة السفلى يوضع فيها كتاب الفجار وقيل: واد في جهنم، وقيل: جب فيها، وقيل: سجين اسم لكتابهم، وقيل: سجين الأول اسم الموضع الذي يوضع فيه كتابهم والثاني اسم كتابهم، وقيل: هو اسم كتاب جامع هو ديوان الشر دون فيه أعمال الفجرة من الثقلين، وقيل: المراد به الخسار والهوان فهو كقولهم: بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الخمول، وقيل: هو السجيل بدل لامه نونا كما يقال جبرين في جبريل إلى غير ذلك مما قيل.
وقولهم: إن قوله: {كتاب مرقوم} ليس بيانا وتفسيرا لسجين بل تفسير للكتاب المذكور في قوله: {إن كتاب الفجار}.
وقولهم: إن قوله: {ويل يومئذ للمكذبين} متصل بقوله: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} والآيات الثلاث الواقعة بين الآيتين اعتراض.
وأنت إن تأملت هذه الأقاويل وجدت كثيرا منها تحكما محضا لا دليل عليه.
على أنها تقطع ما في الآيات من السياق الواحد المتصل الذي يحاذي به ما في الآيات الأربع الآتية في صفة كتاب الأبرار من السياق الواحد المتصل فلا نطيل الكلام بالتعرض لواحد واحد منها والمناقشة فيها.
قوله تعالى: {الذين يكذبون بيوم الدين} تفسير للمكذبين وظاهر الآية - ويؤيده الآيات التالية - أن المراد بالتكذيب هو التكذيب القولي الصريح فيختص الذم بالكفار ولا يشمل الفسقة من أهل الإيمان فلا يشمل مطلق المطففين بل الكفار منهم.
اللهم إلا أن يراد بالتكذيب ما يعم التكذيب العملي كما ربما أيده قوله السابق: {أ لا يظن أولئك أنهم مبعوثون} فيشمل الفجار من المؤمنين كالكفار.
قوله تعالى: {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم} المعتدي اسم فاعل من الاعتداء بمعنى التجاوز والمراد به المتجاوز عن حدود العبودية، والأثيم كثير الآثام بحيث تراكم بعضها على بعض بانهماكه في الأهواء.
ومن المعلوم أن المانع الوحيد الذي يردع عن المعصية هو الإيمان بالبعث والجزاء، والمنهمك في الأهواء المتعلق قلبه بالاعتداء والآثم تأبى نفسه التسليم لما يردع عنها والتزهد عن المعاصي وينتهي إلى تكذيب البعث والجزاء قال تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: 10].
قوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} المراد بالآيات آيات القرآن بقرينة قوله {تتلى} والأساطير ما سطروه وكتبوه والمراد بها أباطيل الأمم الماضين والمعنى إذا تتلى عليه آيات القرآن مما يحذرهم المعصية وينذرهم بالبعث والجزاء قال: هي أباطيل.
قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} ردع عما قاله المكذبون: {أساطير الأولين} قال الراغب: الرين صدا يعلو الشيء الجليل قال تعالى: {بل ران على قلوبهم} أي صار ذلك كصدء على جلاء قلوبهم فعمي عليهم معرفة الخير من الشر، انتهى.
فكون ما كانوا يكسبون وهو الذنوب رينا على قلوبهم هو حيلولة الذنوب بينهم وبين أن يدركوا الحق على ما هو عليه.
ويظهر من الآية: أولا: أن للأعمال السيئة نقوشا وصورا في النفس تنتقش وتتصور بها.
وثانيا: أن هذه النقوش والصور تمنع النفس أن تدرك الحق كما هو وتحول بينها وبينه.
وثالثا: أن للنفس بحسب طبعها الأولي صفاء وجلاء تدرك به الحق كما هو وتميز بينه وبين الباطل وتفرق بين التقوى والفجور قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشمس: 7، 8].
قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} ردع عن كسب الذنوب الحائلة بين القلب وإدراك الحق، والمراد بكونهم محجوبين عن ربهم يوم القيامة حرمانهم من كرامة القرب والمنزلة ولعله مراد من قال: إن المراد كونهم محجوبين عن رحمة ربهم.
وأما ارتفاع الحجاب بمعنى سقوط الأسباب المتوسطة بينه تعالى وبين خلقه والمعرفة التامة به تعالى فهو حاصل لكل أحد قال تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] وقال: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } [النور: 25] .
قوله تعالى: {ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي داخلون فيها ملازمون لها أو مقاسون حرها على ما فسره بعضهم و{ثم} في الآية وما بعدها للتراخي بحسب رتبة الكلام.
قوله تعالى: {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} هو توبيخ وتقريع والقائل خزنة النار أو أهل الجنة.
_________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج20 ، ص205-210.
ويلٌ للمُطفِّفين:
بدأ الحديث في هذه السّورة بتهديد شديد للمطففين: {ويل للمطفّفين}.
وتمثل الآية في حقيقة توجيهها، إعلان حرب من اللّه عزّوجلّ على هؤلاء الظالمين، الذين يأكلون حقّ النّاس بهذه الطريقة القذرة.
«المطفّفين»: من (التطفيف) وأصله من (الطف)، وهو جوانب الشيء وأطرافه، وإنّما قيل لكربلاء بـ (وادي الطف)، لوقوعها على ساحل نهر الفرات، و(الطفيف): الشيء النزر، و(التطفيف): البخس في الكيل والوزن، ونقص المكيال، وهو أن لا تملأه إلى أصباره.
«ويل»: تأتي بمعاني: حلول الشرّ، الحزن، الهلاك، المشقّة من العذاب، واد مهيب في نار جهنم، وتستعمل عادة في اللعن وبيان قبح الشيء، ورغم صغر الكلمة إلاّ أنّها تستبطن مفاهيم كثيرة.
وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال: «ولم يجعل اللّه الويل لأحد حتى يسميه كافراً، قال اللّه عزّوجل: {فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم}(2).
وما نستفيده من هذه الرّواية هو: إنّ التطفيف فيه وجه من الكفر.
وتتطرق الآيتين التاليتين إلى طريقة عمل المطففين، فتقول الآية الاُولى: {الذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون}(3).
وتقول الآية الثّانية: {إذا كالوهم أو وزنوهم يُخسرون} وذهب جمع من المفسّرين إلى أنّ الآية أرادت بـ «المطفف» مَن يأخذ عند الشراء أكثر من حقّه، ويعطي عند البيع أقل من الحقّ الذي عليه، والـ «ويل» إنّما جاء بلحاظ هاتين الجهتين.
ولكن ما ذهب أُولئك المفسّرون غير صحيح، بدلالة «يستوفون» التي تعني أخذهم بالكامل، وليس ثمّة ما يدلّ على أخذهم أكثر من حقّهم، ويمكننا توجيه (الذم) الحاصل، باعتبار أخذهم حقّهم كاملاً عند الشراء، وينقصون من حقّ الآخرين عند البيع، كمن يريد أن يذم شخصاً بقوله: ما أغربك من رجل، تراك تأتي في الموعد المقرر عندما تكون دائناً، وتتهرب من أداء ما عليك عندما تكون مديناً.
فأخذ الحقّ في موعده المقرر ليس عملاً سيّئاً، ولكن حصول الحالتين (أعلاه) في شخص واحد هو الشيء.
وقد جاء ذكر «الكيل» في الآيتين عند حالة الشراء، وذكر «الكيل» و«الوزن» عند حالة البيع، وربّما يرجع ذلك لأحد سببين:
الأوّل: كان تجار تلك الأزمان الكبار يستعملون (المكيال) عند شرائهم للكميات الكبيرة من المواد، لأنّه لم يكن عندهم ميزان كبير يستوعب تلك المواد الكثيرة.
(وقيل: إنّ (الكُر)، كان في الأصل إسماً لمكيال كبير.. والكُر: مصطلح يستعمل لقياس سعة الماء).
أمّا في حالة البيع، فكانوا يكيلون لبيع الجملة، ويزنون لبيع المفرد.
الثّاني: إنّهم كانوا يفضلون استعمال المكيال عند الشراء، لصعوبة الغش فيه، ويستغلون الميزان عند البيع لسهولة الغش فيه!
وممّا ينبغي الإلتفات إليه ..إنّ الآيات وإن تحدثت عن التطفيف في الكيل والوزن، ولكن، لا ينبغي حصر مفهومها بهما، فالتطفيف يشمل حتى العدد، وليس من البعيد أن تكون الآيات قد أشارت إلى إنقاص ما يؤدي من خدمة مقابل أجر، كما لو سرق العامل أو الموظف من وقت عمله، فإنّه والحال هذه سيكون في حظيرة «المطففين» المذمومين بشدّة في الآيات المباركة المذكورة.
ويتوسع البعض في مفهوم الآية أكثر وأكثر حتى يجعل أيّ تجاوز لحدود اللّه، وأيّ إنقاص أو اخلال في الروابط الإجتماعية أو إنحلال في الضوابط الأخلاقية، إنّما هو مفردات ومصاديق لهذا المفهوم.
ومع أنّ ظاهر ألفاظ الآية لا يرمز إلى هذه المعاني، ولكنّها لا تخلو من مناسبة.
ولذا، فقد ورد عن ابن عباس، أنّه قال: (الصلاة مكيال، فمن وفى، وفى اللّه له، ومَن طفف، قد سمعتم ما قال اللّه في المطففين)(4).
ويهدد القرآن الكريم المطففين، باستفهام توبيخي: {ألاّ يظنّ أُولئك أنّهم مبعوثون}.
{ليوم عظيم}.
يوم عظيم في: عذابه، حسابه وأهواله.
{يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}.
أي، إنّهم لو كانوا يعتقدون بالبعث والحساب: وأنّ أعمالهم مسجلة وستعرض كاملة في محكمة العدل الإلهي بخيرها وشرّها، وكبيرها وحقيرها، لو كانوا يعتقدون ذلك، لما ظلموا أحداً، ولأعطوا النّاس حقوقهم كاملة.
وقد اعتبر كثير من المفسّرين: إنّ «الظن» الوارد في الآية من «يظن» بمعنى (اليقين): كما هو في الآية (249) من سورة البقرة: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ} [البقرة: 249] ، وهذه الآية كانت تتحدث عن المراحل المختلفة لإيمان واستقامة بعض بني إسرائيل.
وممّا يشهد على ما ذُكر أيضاً، ما روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في تفسير الآية: {ألاّ يظنّ أُولئك أنّهم مبعوثون ليوم عظيم}، أنّه قال: «أليس يوقنون أنّهم مبعوثون»؟(5)
وروي عنه(عليه السلام) أيضاً، أنّه قال: «الظن ظنان، ظنّ شك وظنُّ يقين، فما كان من أمر المعاد من الظنّ فهو ظنّ يقين، وما كان من أمر الدّنيا فهو على الشك».(6)
واحتمل البعض: إنّ «الظنّ» الوارد في الآية، هو ذات «الظنّ» المتعارف عليه في زماننا، وهو غير اليقين، فيكون إشارة إلى أنّ الإيمان بالقيامة يترك أثراً في روح الإنسان، يجعله يتنزّه عن الوقوع في الذنوب والظلم، حتى وإن كان ذلك الإيمان بنسبة «الظنّ» ..فكيف به إن كان يقيناً؟! ويصطلح العلماء على هذا المعنى، عنوان (دفع الضرر المظنون) أو(دفع الضرر المحتمل).
فيكون مفهوم الآية، على ضوء ما ورد: ليس المطففين العاصين لا يملكون اليقين بوجود يوم القيامة، بل إنّهم لا يظنون بذلك أيضاً.
(ويبدو أنّ التّفسير الأوّل أنسب).
و «الظنّ» ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ: اسم لما يحصل عن إمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت جدّاً لم يتجاوز حدَّ التوهم.
وعليه ..فاصطلاح «الظنّ» ـ بخلاف ما يتبادر إليه الذهن في زماننا ـ يشمل العلم والظنّ، ويستعمل في الحالتين.
وقوله تعالى : {كَلاَّ إِنَّ كِتَبَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّين(7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ(8) كِتَبٌ مَّرْقُومٌ(9) وَيْلٌ يَوْمَئِذ لِّلْمُكَذِّبِينَ}
وما أدراك ما سجّين؟!
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن المطفّفين، وعن ارتباط الذنوب بعدم الإيمان الراسخ بالمعاد ويوم القيامة، تشير الآيات أعلاه إلى ما ستؤول إليه عاقبة المسيئين والفجار يوم حلول اليوم المحتوم، فتقول: (كلاّ) فليس الامر كما يظن هؤلاء عن المعاد وأنّه ليس هنا حساب وكتاب، بل {إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين}.
{وما أدراك ما سجّين}.
{كتابٌ مرقوم}.
وتوجد نظرتان في تفسير الآية أعلاه:
الاُولى: المراد من «كتاب»: هو صحيفة الأعمال، التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، من الأفعال الإنسان إلاّ وأحصتها.
والمراد بـ «سجّين»: هو الكتاب الجامع لكل صحائف أعمال الإنسان عموماً.
وما نستفيده من الآيات المذكورة وآيات اُخرى: إنّ أعمال جميع المسيئين تجمع في كتاب يُسمّى «سجّين»، وأعمال جميع الصالحين والأبرار تجمع في كتاب آخر، اسمه «علّيين».
و «سجّين»: من (السجن)، وهو(الحبس)، وله استعمالات متعددة، فهو: السجن الشديد، الصلب الشديد من كلّ شيء، اسم لوادي مهول في قعر جهنم، موضع فيه كتاب الفجّار، ونار جهنم أيضاً.
وقال: «الطريحي» في «مجمع البحرين» في «سجّين»: وفي التّفسير هو كتاب جامع ديوان الشرّ، دَوَّنَ اللّه فيه أعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس...(7)
أمّا القرائن التي تؤيد هذا التّفسير، فهي:
1 ـغالباً ما وردت كلمة «كتاب» في القرآن الكريم بمعنى (صحيفة الأعمال).
2 ـظاهر الآية التالية: (كتاب مرقوم) يشير إلى أنّها تفسير لـ «سجّين».
3 ـقيل: إنّ «سجّين» و «سجّيل» بمعنى واحد، وكما هو معلوم أنّ «سجّيل» بمعنى (كتاب كبير).(8)
4 ـوتشير آيات قرآنية اُخرى إلى أنّ أعمال الإنسان تضبط في عدّة كتب، حتى لا يبقى عذر للإنسان في حال حسابه.
وأُولى تلك الكتب، صحيفة الأعمال المعدّة لكلّ شخص، فالصالح سيعطى كتابه في يمينه، والمسيء سيعطى كتابه في شماله.
وهذا المعنى كثير ما تكرر ذكره في القرآن الكريم.
والكتاب الثّاني، هوما تسجّل فيه أعمال الاُمم، ويمكن أن نسميه بـ (صحيفة أعمال الأُمم) والآية (28) من سورة الجاثية تشير إلى هذا بقولها: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا } [الجاثية: 28].
وثالث الكتب، هو صحيفة أعمال جميع الأبرار والفجّار، التي وردت الإشارة إليهما في الآيات المبحوثة وما سيأتي من الآيات، باسم «سجّين» و «علّيين».
وخلاصة القول: إنّ «سجّين» عبارة عن ديوان جامع لكافة صحائف الفجّار والفسقة، وأطلق عليه هذا الاسم باعتبار أنّ ما فيه يؤدي إلى حبس أصحابه في جهنم، أو أنّ هذا الديوان موجود في قعر جهنم.
على عكس كتاب الأبرار فإنّه في أعلى علّيين.. في الجنّة.
الثّانية: إنّ «سجّين»، هي «جهنم»... وهي سجن كبير لجميع المذنبين، أوهي محل شديد من جهنم.
و«كتاب» الفجّار، أي: ما قرر لهم من عاقبة ومصير.
فيكون التقدير على ضوء هذا التّفسير: إنّ جهنم هي المصير المقرر للمسيئين، وقد استعمل القرآن كلمة «كتاب» بهذا المعنى في مواضع عدّة، ومن ذلك ما تناولته الآية (24) من سورة النساء حين بيّنت حرمة الزواج من المتزوجات: (كتاب اللّه عليكم) أي، إنّ هذا الحكم (وما سبقه من أحكام)، هي أحكام قررها اللّه عليكم، وكذلك ما جاء في الآية (75) من سورة الأنفال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] ، أي فيما قرره اللّه وجعله من أحكام.
وممّا يؤيد هذا التّفسير ما جاء في الرّوايات من أنّ «سجّين» هي «جهنم»...
ففي تفسير علي بن إبراهيم، قال في تفسير: (إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين): ما كتب اللّه لهم من العذاب لفي سجّين.
وعن الإمام الباقر(عليه السلام)، أنّه قال: «السجّين الأرض السابعة، وعلّيون السماء السابعة»، (إشارة إلى أخفض وأعلى مكان)(9).
وروي في روايات عديدة، إنّ الأعمال التي لا تليق بالقرب منه جلّ شأنه تُسقط في سجّين: كما نُقل الأثر عن سيد البشر(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «إنّ المَلك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً فإذا صعد بحسناته يقول اللّه عزّوجلّ اجعلوها في سجّين، إنّه ليس إيّاي أراد فيها!»(10)
ومن كلّ ما تقدم، نصل إلى أنّ «سجّين»: مكان شديد جدّاً في جهنم، توضع فيه أعمال المسيئين أو صحيفة أعمالهم، أو يكون مصيرهم الحبس في ذلك المكان (السجّن).
وعلى ضوء هذا التّفسير، تكون الآية: (كتاب مرقوم) تأكيداً للآية: {إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين}، وليس تفسيراً لها، لأن العقاب قد قرر لهم، وهو قطعي وحتمي.
«مرقوم»: من (رقم» على وزن (زخم)، وهو الخطّ الغليظ، ولكون هكذا خطّ من الوضوح بحيث لا إبهام فيه، فقد استعملته الآية للإشارة إلى قطعية ما قرر لهم من مصير من غير أيِّ إبهام أو إغفال.
وعلى أيّة حال، فلا مانع من الجمع بين التّفسيرين، لأنّ «سجّين» حسب التّفسير الأوّل بمعنى الديوان الجامع لكلّ أعمال المسيئين، وحسب التّفسير الثّاني بمعنى: «جهنم» أو قعرها، فالأمران على صورة علّة ومعلول، فإذا كانت صحيفة أعمال الإنسان السيئة في ذلك الديوان الجامع، فإنّ مقام الديوان هو قعر جهنم.
وتأتي الآية التالية لتقول: {ويلٌ يومئذ للمكذّبين}.
التكذيب الذي يوقع في ألوان من الذنوب، ومنها التطفيف والظلم.
وبملاحظة كلمة «ويل» الواردة في أوّل أية وآخر آية، تبيّن شدّة العلاقة الموجودة ما بين تلك الأعمال السيئة وإنكار المعاد، حيث بدأ الحديث بالويل للمطفّفين، ومروراً بالفجّار ومن ثمّ الويل للمكذبين بيوم الدين.
وسيتوضح هذا الترابط بشكل أدق في الآيات التالية.
وقوله تعالى : {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ(11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَد أثِيم(12) إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ ءَايَتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(13)كلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ(14) كلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَومَئِذ لَّمحْجُوبُونَ(15) ثُمَّ إِنّهُمْ لَصَالُواْ الْجَحِيمِ(16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِى كُنْتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ}:
صدأ الذنوب:
بعدما ذكرت آخر آية من الآيات السابقة مصير المكذّبين، تأتي الآيات أعلاه لتشرح حالهم، فتقول: {الذين يكذّبون بيوم الدين}، وهو يوم القيامة.
وتقول أيضاً: (وما يكذّب به إلاّ كلّ معتد أثيم).
فإنكار القيامة لا يستند على المنطق السليم والتفكير الصائب والإستدلال العقلي، بل هو نابع من حبّ الإعتداء وارتكاب الذنوب والآثام (الصفة المشبهة «أثيم» تدل على استمرار الشخص في ارتكاب الذنوب).
فهم يريدون الإستمرار بالذنوب والإيغال بالإعتداءات وبكامل اختيارهم، ومن دون أيّ رادع يردعهم من ضمير أو قانون، وهذا الحال شبيه ما أشارت إليه الآية (5) من سورة القيامة: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } [القيامة: 5] ، وعليه، فهو يكذّب بيوم الدين.
وعلى هذا الأساس، فإنّ للممارسات السيئة أثر سلبي على عقيدة الإنسان، مثلما للعقيدة من أثر على سلوكية وتوجيهات الإنسان، وهذا ما سيتوضح أكثر في تفسير الآيات القادمة.
وتشير الآية التالية للصفة الثّالثة لمنكري المعاد، فتقول: {وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين}.
فبالاضافة لكون منكر المعاد معتد وأثيم، فهومن الساخرين والمستهزئين بآيات اللّه، ويصفها بالخرافات البالية(11)، وما ذلك إلاّ مبرر واه لتغطية تهربه من مسؤولية آيات اللّه عليه.
ولم تختص الآية المذكورة بذكر المبررات الواهية لأولئك الضالّين المجرمين فراراً من الإستجابة لنداء الدعوة الربانية، بل ثمّة آيات أُخرى تناولت ذلك، منها الآية (5) من سورة الفرقان: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5] ، والآية (17) من سورة الأحقاف، حكاية عن قول شاب طاغ وقف أمام والديه المؤمنين مستهزءاً بنصائحهما قائلاً: {ما هذا إلاّ أساطير الأولين}.
وقيل في شأن نزول الآية: إنّها نزلت بشأن (النضر بن حارث بن كلدة)، ابن خالة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان من رؤوس الكفر والضلال.
ولا يمنع نزول الآية في شخص معين، من تعميم ما جاء فيها لكلّ من يشارك ذلك الشخص في الصفة والحال.
فالطغاة، كثيراً ما يتذرعون بأعذار واهية، عسى أن يتخلصوا من لوم وتأنيب الضمير من جهة.. ومن اعتراضات النّاس ورجال الحق من جهة اُخرى، والعجيب أنّ الطغاة من الحماقة والتحجّر بحيث أنّ اُسلوب مواجهتهم للأنبياء(عليهم السلام)وعلى مرّ التاريخ قد جاء على وتيرة واحدة، وكأنّهم قد وضعوا لأنفسهم مخططاً لا ينبغي الحيد عنه، فعند مواجهتهم لدعوة الأنبياء(عليهم السلام) بتعاليم السماء، ليس عندهم سوى أن يقولوا: سحر، كهانة، جنون، أساطير!
ويعري القرآن مرّة أُخرى جذر طغيانهم وعنادهم، بالقول: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
ما أشد تقريع العبارة! فقد احتوى صدأ أعمالهم كلّ قلوبهم، فأُزيل عنها ما جعل اللّه فيها من نور الفطرة الاُولى وذهب صفائها، ولذا.. فلا يمكن لشمس الحقيقة أن تشرق بعد في اُفق قلوبهم، ولا يمكن لتلك القلوب التعسة من أن تتقبل نفوذ أنوار الوحي الإلهي إلى دواخلها.
«ران»: من (الرين) على وزن (عين)، وهو: الصدأ يعلو الشيء الجليل (كما يقول الراغب في مفرداته)، ويقول عنه بعض أهل اللغة: إنّه قشرة حمراء تتكون على سطح الحديد عند ملامسته لرطوبة الهواء، وهي علامة لتلفه، وضياع بريقه وحسن ظاهره.
وقيل: ران عليه: غلب عليه، ورين به: وقع في ما لا يستطيع الخروج منه ولا طاقة له به(12)
وكل هذه المعاني هي من لوازم المعنى الأوّل.
وسنتناول موضوع تأثير الرين على صفاء القلب ونورانيته في البحوث القادمة.
ويستمر البيان القرآني: {كلاّ إنّهم عن ربّهم يؤمئذ لمحجوبون}.
وهو أشدّ ما سيعاقبون به، مثلما منزلة اللقاء باللّه ودرجة القرب منه هي من أعظم نعم الأبرار والصالحين وأكثرها لذةً واستئناساً.
«كلاّ»: عادةً ما تستعمل لنفي ما قيل سابقاً، وللمفسرين أقوال في تفسيرها:
القول الأوّل: إنّها تأكيد لـ «كلاّ» المتقدمة في الآية السابقة، أي: يوم القيامة ليس بأُسطورة كما يزعمون.
والقول الثّاني: «كلاّ» بمعنى لا يمكن إزالة الرين الذي فقأ البصيرة في قلوبهم، فهم محرومون من رؤية جمال الحقّ في هذا العالم وفي عالم الآخرة أيضاً.
القول الثّالث: إنّ الآية تجيب زعم اُولئك من أنّ القيامة (حتى على فرض وجودها!) فهم سينعمون بها كما (يتصورون) بأنّهم منعمين في الدنيا، {وقد تناولت الآيات الأُخرى ما جاء في زعمهم}(13).
ولكنّ أحلامهم ستتلاشى أمام حقيقة وقوع القيامة، وما سينالونه من شديد العذاب.
نعم، فأعمال الإنسان في دنياه ستتجسم له في آخرته شاء أم أبى، ولما كان أُولئك قد أغلقوا عيونهم عن رؤية الحق، ورانت أعمالهم على قلوبهم، فسيحجبون عن ربّهم في ذلك اليوم العظيم، وعندها فسوف لن يتمتعوا برؤية جمال الحق أبداً، وسيحرمون من نعمة اللقاء بالحبيب الحقيقي، الذي لا حبيب سواه.
و: {ثمّ إنّهم لصالوا الجحيم}.
فدخولهم جهنم نتيجة طبيعية لاحتجابهم عن اللّه تعالى وأثر لازم له، وممّا لا شك فيه إنّ لهيب الحرمان من لقاء اللّه أشدّ إيلاماً وإحراقاً من نار جهنم!
وتقول الآية التالية: {ثمّ يقال هذا الذي كنتم به تكذّبون}.
يقال لهم ذلك توبيخاً ولوماً لزيادة تعذيبهم روحياً، وهوما ينتظر كلُّ من عاند الحق وتخبط متاهات الضلال.
___________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج164-176.
2 ـ اصول الكافي، ج2، ص32; وعنه نور الثقلين، ج5، ص527.
3 ـ «على النّاس»: اشارة إلى ما لهم لدى النّاس، والتقدير: (إذا كالوا ما على النّاس) وذلك عند
الأخذ منهم، وهوما نستفيده من (كال عليه)..أمّا (كاله) أو(كال له) فهو عند العطاء.
4 ـ مجمع البيان، ج10، ص452.
5 ـ تفسير البرهان، ج4، ص438.
6 ـ نور الثقلين، ج5، ص528.
7 ـ ولم يوضح الطريحي أنّ هذا التّفسير لمعصوم كان أم لغيره.
8 ـ روح المعاني، ج30، ص70، ومجمع البحرين، مادة (سجل).
9 ـ تفسير علي بن إبراهيم، ج3، ص410; وعنه نور الثقلين، ج5،ص 530، الحديث 15.
10 ـ نور الثقلين، ج5، ص530، الحديث 19.
11 ـ «أساطير»: جمع (اُسطورة) من (السطر)، وغالباً ما تستعمل في وصف الشخصيات
الموهومة والأحاديث الملفقة والقصص الكاذبة.
12 ـ راجع: المنجد، وتفسير الفخر الرازي في الآية المبحوثة.
13 ـ كما في الآية (32) من سورة الكهف: (وما أطنّ الساعة قائمة ولئن رددت الى ربّي
لأجدن خيراً منها منقلباً)، كما وجاء نظير ذلك في الآية (50) من سورة فصلت.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|