المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



درس في الزواج وما هية الأسرة  
  
2091   11:20 صباحاً   التاريخ: 13-11-2017
المؤلف : جون روزموند
الكتاب أو المصدر : كيف نبني العائلة
الجزء والصفحة : ص24ـ27
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /

... إن العلاقة بين الزوج والزوجة يجب أن تكون أقوى من العلاقة بين أيٍّ منهما من جهة وأي من الاطفال أو الاطفال كمجموعة , من جهة أخرى. في أحدى المقابلات طرح عليّ صحافي السؤال التالي

(ما هي أكبر مشكلة ستواجة أطفال اليوم عندما يصبحون كبارا ؟ )

أجبته قائلا : (( إن معظمهم لا ينمّون حسّاً عمليًّا بالمعنى الحقيقي للزواج وبالتالي العائلة .))

يُمنع أطفال اليوم بصورة نمطية من تعلم المعنى الحقيقي للزواج من قِبَل والدين ذوي نوايا حسنة. لكنّهم نادرا ما يتصرفون في إطار دورهم كأزواج وزوجات بل أنطلاقا من دورهم كآباء وأمهات ومن دون استثناء تقريبا. هذه هي النظرية المثالية الاميركية الجديدة القائمة على المفهوم الخاطىء المستحدث الذي يقول (كلما زاد اهتمامك بطفلك زاد ارتباطك به وكلما زاد ما تفعله من أجل طفلك أصبحت أبا (أو أما) أفضل.)

أنا أنتمي إلى آخر جيل من الاطفال الاميركيين الذين نشأوا في أسَر كان الزواج بِحُلوِه ومُرِّه يحتلّ مركز الصدارة في حياتها. كانت الأم هي الزوجة ربة البيت لا مجرد ماما تدور في فلك أطفالها طول الوقت . وحتى لو عملت خارج المنزل كما كانت  تفعل زوجتي لم تألف أمهات خمسينيات القرن الماضي العودة من الوظيفة الى المنزل وهن محملات بمشاعر ذنب يحاولن تنفيسها بتركيز  كل اهتمامهن على طفالهن والتحلق حولهم طول المساء. كذلك لم تكن لدى الاب عند عودته من العمل الى المنزل نية لتمضية الأمسية كلها في اللهو مع اطفاله من أجل (تجديد الروابط) معهم. كان الأب يعود الى داره وهو يتطلع الى تمضية أمسية هادئة مع زوجته التي أختارها شريكة لحياته. كان الأب والأم  يتوجهان الى غرفة الجلوس بعد وجبة العشاء  لتناول القهوة وتبادل الاحاديث, فيما كان الاطفال يجدون بأنفسهم ما يفعلونة مثل الواجبات المدرسية التي كانوا يتمونها بأنفسهم أيضا. لم يكونوا ينسلون خلسة الى حيث لا ينبغي أن يذهبوا وكانت لهذه القاعدة العامة استثناءات بطبيعة الامر, لكن هناك جيلين على قيد الحياة (جيلي وجيل والدي) يتذكر أن العلاقة بين الزوج والزوجة كانت في ما مضى في أمريكا أقوى من العلاقة بين الوالدين وطفلهما , وهذا هو الصواب .

يقول لي أحدهم (هيا يا جون ,أنت لا تقصد فعلا أقوى من بل بالقوة ذاتها.) كلا , أنا أقصد أقوى من. وعلى النقيض من الوضع اليوم لم تكن ماما خمسينيات القرن العشرين وما قبل متزوجة بطفلها بل كانت متزوجة بزوجها. وعلى النقيض من ((بابا)) اليوم كان الأب في ذلك الزمن الماضي زوجا في المرتبة الاولى وأبا من المرتبة الثانية . وبكل تأكيد لم يكن الأب أفضل صديق لطفله (المثال الاسمى الجديد للابوة في أمريكا). وما من ظروف أخرى عدا التي عرفها  جيلي وما قبله يستطيع الأطفال أن يتعلموا في كنفها المعنى الحقيقي للزواج وكل القيم التي ينطوي عليها وأن يدركوا أن نهل المعارف أهم بكثير والى أبعد الحدود من نيل لقب تلميذ متميز أو رياضي لامع .

وان شئتم اثباتات اضافية على ضرورة وضع العلاقة بين الزوج والزوجة في مرتبة أعلى من العلاقة بين الوالدين والطفل ,فكروا في الطرح التالي :مامن شيْ يُفقِد الطفل شعورة بالأمان أكثر من خوفه من أن تكون العلاقه بين والديه مهتزة وأن تنقطع في أي لحظه. وبالتالي ما من شيْ يعزز شعور الطفل بالأمان أكثر من معرفته أن العلاقة بين والديه، رغم عدم اتّسامها بالكمال , قوية بما يكفي لتصمد في وجه أيّة صعوبات أو خلافات .

ان تغليب العلاقة بين الزوج والزوجة على ما سواها يعطي الطفل إذنا كاملا للبدء في تهيئة انطلاقته للحياة. وانتفاءُ كونِه جزءاً حيويّاً من رفاه والديه لأن رفاههما محصور داخل زواجهما, يجيز له بصورة كاملة غير مشوبة أن ينطلق للحياة من تلقاء نفسه. إن ترك ولد منزل والديه والنتقال الى منزله يجب ان يكون مدعات ابتهاج وتطوراً مثيراً حافلا بالامل لجميع المعنيين. لكن عندما تكون العلاقة  الوالدية مع الوالد هي الغالبة يصبح التحرر صعبا بالنسبة الى جميع المعنيين. وفي بعض الاحيان يتمكن الولد من المغادرة جسديا وليس عاطفيا. من الامثلة على ذلك الزواج الذي يعير آراء والديه اهتماما أكبر مما يعيره لآراء زوجته أو الزوجة التي تفعل الشيء ذاته بالنسبه الى آراء زوجها. في أحيان أخرى يتخذ التحرر شكل (طلاق) مؤلم يصعب على جميع الأطراف المعنيين الشفاء منه تماما مدى العمر .

لدينا اليوم متلازمة (العشّ الخاوي)كما لدينا (الاطفال الحائرون) بين والدين مطلَّقين. ومتلازمة العش الخاوي هي نتيجة التعلق المفرط بالأطفال بحيث تفقد الحياة جل معناها عندما يغادرون المنزل , ناهيك عن الانكشاف المؤلم لحقيقة كون الزواج فقد معناه قبل زمن طويل , أي بعد فترة قصيرة من ولادة الطفل الأول .

وليس من المستغرب أن يكون خطر الطلاق كبيرا جدا بين الأزواج الذين غادرهم أصغر أولادهم قبل فترة قصيرة. أما تعبير (الاطفال الحائرون) فهو تسمية حديثة العهد لأنه لم تكن هناك حاجة الى تعريف كهذا قبل ثلاثين سنة لعدم وجود عدد كاف من الاطفال في هذه الفئة .

إن أعظم هدية يمكن أعطاؤها لولد عند بلوغه سن الراشد ليست مفاتيح سيارة جديدة أو شقة بل الطمأنينة النابعة من معرفته ان في وسعه حقا العودة الى البيت في أي وقت , لا ليسكن هناك بالتأكيد، بل للزيارة. لقد تحدَّثتُ الى عدد كبير من الراشدين الشباب المتحررين من أسَرهم , وهم يقولون أن الامر الأشد إيلاما في حياتهم هو العذاب الذي يمرون فيه عندما يقرورن كيفية تقسيم وقتهم بين زيارة الأم في منزلها والأب في منزله .

يقول والدي احيانا لزوجتي ولي كم هما محظوظان لأننا (زوجتي وأنا) ما زلنا معا ولأنهما يعرفان أننا سنبقى كذلك. ويتضمن كلامهما زلة لسان بالفعل لأن  كلاهما يعلم أن لا دور للحظ في هذا الامر يكمن جوهره في المحافظة على العلاقات ضمن ترتيبها الطبيعي وعدم السماح للأمور الثانوية بانتزاع الأولوية من الأمور ذات الأهمية القصوى .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.