أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016
2327
التاريخ: 27-11-2021
2135
التاريخ: 20-8-2022
1517
التاريخ: 12-1-2016
1985
|
... من المتعارف عليه بين الناس هو كراهة أن يكون المولود بنتا , وإذا ما قيل للرجل أن زوجتك تحمل بنتا , أو ينشر بعد الولادة بذلك تراه وكأنه أصيب بمصيبة عظيمة وكارثة لا حل لها , وهذا في الحقيقة من عادات الجاهلية البغيضة , وهو غير جائز في الإسلام , وقد ورد التقريع على هذا الفعل في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[النحل: 58، 59] والسبب في هذا الشعور الذي كان يعيشه الناس في الجاهلية هو أنهم كانوا يخافون في تلك الأزمنة الغابرة من العار الذي يلحق بأحدهم إن سبيت نساؤه , فكان يشعر بالهوان من أن تكومن وليدته أنثى , وهذا ما لم يقره الإسلام ولم يرض به , واعتبر أن هذا التصرف منهم هو حكم سيء من خلال قول الله سبحانه وتعالى:{أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }[النحل: 59] وكان التقريع الأكبر هو الاستنكار على دفن الأنثى بالتراب هربا من عارها الذي قد لا يحصل فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير: 8، 9].
وبعد هذا التقريع والذم قام بهذا الفعل ولو على صعيد مجرد الاستنكار لولادة الانثى فقد عاد الى الجاهلية الأولى , في حين أننا نرى كثيرا من الروايات التي تحث على الاستبشار الإيجابي بالأنثى, والنهي عن الاستياء منها , فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) فيما رواه عنه الجارود بن المنذر أنه قال:(قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها ريحانة تشمها وقد كُفيت رزقها وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) أبا بنات)(1) .
وهذا الحديث يحمل الكثير من المعاني الرائعة :
أولها : أنه عاب عليه الإمام الصادق (عليه السلام) أن يسخط من أن رزقه الله سبحانه وتعالى بأنثى مع ما في ذلك من اعتراض على قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره .
ثانيها : ان هذه الابنة التي يسخط عليها هي ريحانة كان عليه أن يأنس بشمها .
ثالثها : الاستغراب من السبب الذي جعله يسخط وهو مكفي عنه رزقها , إما لأن رزقها من الله سبحانه وتعالى على قاعدة:{نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: 151], أو لأنها عندما تتزوج فستصبح مسؤولية زوجها من هذه الناحية والأول أوجه .
رابعها : إن خفت أن تعير بأنك أبا بنات , فإن خير البشر على الإطلاق وهو رسول الله (صلى الله عليه واله) كان أبا بنات وفي ذلك تسلية كبيرة لك .
والمؤسف هو ما يتداول اليوم على لسان الناس العوام من الأمثلة العامية التي تتعرض لموضوع البنات مثل:(هم البنات للممات) وكأن الأهل لا يحملون إلا همهن , والواقع أنه كثيرا ما يحمل الإنسان هم صبيانه أكثر مما يحمل هم بناته , وعلى الأقل فإن الأهل الحريصون يحملون هم أولادهم الذكور تماما كما يحملون هم بناتهم , ونحن وإن كنا لا ننكر أن البنت يحمل همها أكثر من الصبي كونها ضعيفة وخاصة إذا كان زوجها ظالما , إلا أنه لا يجوز مطلقا اعتبار ذلك سببا لمنعها من اتخاذ القرارات الخاصة بها وبحياتها , أو أن يؤدي ذلك بنا الى ان ننظر إليها نظرة دونية , أو أن نفرض عليها أن تعيش تحت وصيتنا طوال حياتنا , فإن متنا انتقلت الوصاية الى أخيها أو عمها , أو أن تنتقل الوصاية في حال زواجها الى زوجها , ونعني بالوصاية هنا سلب اختيارها ومنعها من أن يكون لها شخصية ورأيا خاصة في الامور التي تخصها ,وهذا يجب أن لا يتعارض فإن لهذه الولاية ولتلك القيمومة موردا خاصا يجب أن لا تتجاوزه بحيث تؤديان الى سلب الاختيار عن البنت مطلقا ومنعها من التفكير والإبداع فهذا حقها وهي قادرة عليه وتتمكن من ممارسته بكل سهولة وفي بعض الموارد وبعض الأحيان أفضل من الرجل .
وبالعودة الى الاحاديث نجد أن هناك تفضيلا للبنت على الولد في أكثر من مجال منها ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(في قول الله عز وجل:{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 80، 81] .
قال: أبدلهما الله عز وجل فكان الابن ابنة فولد منها سبعون نبيا)(2) . وهنا يبرز بشكل واضح كيف كانت البنت بالنسبة لهؤلاء الأهل أفضل من الصبي , فقام ولي الله الخضر(عليه السلام) بإراحة والديه منه كونه كما في علم الغيب سيكون ولدا يرهق أبواه طغيانا وكفرا , فأدبله الله سبحانه وتعالى بابنة صالحة خلدت في القرآن الكريم وولد له منها سبعون نبيا .
ولكي يسلي الإسلام والد البنت بشكل يجعله يواجه المجتمع الذي ينظر للمرأة نظرة دونية اعتبر انها حسنة في نفسها يثاب والدها عليها من الله سبحانه وتعالى فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(البنات حسنات , والبنون نعمة و والحسنات يثاب عليها , والنعمة يسأل عنها)(3) .
فاعتبر الإسلام من خلال هذه الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن البنت حسنة نتيجة لما يبذل إزاءها من رعاية من قبل الأهل , ولما لها من مكرمة عند الله سبحانه وتعالى , وهذه الحسنات يثاب عليها , في حين أن الذكور نعمة لأنهم سيساعدون الأهل مستقبلا في أمور الحياة ويركن إليهم في مواجهة الظروف الصعبة وهذه النعمة كما في كل نعمة يسأل عنه يوم القيامة وفي مقياس المفاضلة فإن الحسنة التي يثاب عليها أفضل من النعمة التي يسأل عنها , وأكثر من ذلك فإنه هذا الأجر الذي يحصل عليها من ينجب بنتا يتعاظم بقدر ما عنده من بنات , فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله):(من عال ثلاث بنات ,أو ثلاث أخوات , وجبت له الجنة , فقيل يا رسول الله واثنتين؟ فقال واثنتين , فقيل : يا رسول الله وواحدة ؟ فقال وواحدة)(4) .
إن أجرا يصل الى حد أن يستحق الإنسان بسببه الجنة يعتبر من أعظم الأجور , كيف وهي غاية المنى والأمل عند كل إنسان متدين , أليس من أجلها نقاتل ونستشهد ؟ فإذا بنا ننالها فيما لو أعطانا الله سبحانه وتعالى إناثا شرط أن نحسن تربيتهن على الأسس الإسلامية . بل أكثر من ذلك فإن رعاية مطلق البنت يكون كافيا في الحصول على هذا الأجر حتى لو لم تكن بنتا ودليله نفس ما جاء في الحديث الشريف حيث قال:(أو ثلاث أخوات) بمعنى أن الأجر الذي يأخذه على البنت يأخذه أيضا على رعايته للأخت وهو دليل على عمق الرعاية للأنثى في الإسلام .
ولكن مع ذلك كله ترى أن البعض في هذه الأيام وللأسف الشديد إذا ما بشر بالبنت يتمنى موتها أو على الأقل يتمنى موته هو من جراء الاسى الذي يعاني منه لأن الله سبحانه وتعالى رزقه ببنت , وهذا ليس طارئا في أيامنا هذه , بل إننا نرى أنه مستمر في كل الأزمنة , وفي كل زمان يكون مرتبطا بسبب ما , مما يدعونا لأن نؤمن بأن وراء هذا النوع من التفكير الشيطان الرجيم الذي يتخذ منه سببا لإيقاعنا في حبائله , وقد ورد في موضوع تمني الموت للبنت ما رواه عمر بن يزيد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إن لي بنات , فقال : لعلك تتمنى موتهن , أما أنك إن تمنيت موتهن ومتن لم تؤجر يوم القيامة ولقيت ربك حين تلقاه وأنت عاص)(5) .
ولعل الإمام الصادق (عليه السلام) علم أن هذا الشخص يتمنى الموت لبناته فأراد أن يعظه وفي نفس الوقت يصل كلامه (عليه السلام) إلينا فيكون واعظا لنا .
لذلك يجب علينا أن لا نفرق بين الذكر والأنثى , بل أن نعتبر كما اعتبر الإسلام أن فيهن أجرا كبيرا يطمح له , أن نعرف أن من يدخل السرور على قلب ابنته فإنه يفعل ما يفعله الله سبحانه وتعالى , فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال:(قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : إن الله تبارك وتعالى على الإناث أرق منه على الذكور , وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرحه الله يوم القيامة)(6) .
فهل نحن بغنى عن أن يفرحنا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ؟ أما أننا كما هو الواقع بحاجة الى ذلك في يوم الفاقة والحاجة إليه الذي نحتاج فيه الى ما يدعمنا لمواجهة أعظم واخطر استحقاق في حياتنا ؟ .
____________
1ـ وسائل الشيعة الجزء 15 ص102 .
2ـ المصدر السابق ص102 .
3ـ المصدر السابق ص103 .
4ـ المصدر السابق ص100 .
5ـ المصدر السابق ص 103 – 104 .
6ـ المصدر السابق ص 104 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|