المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التركيب الاقتصادي لسكان الوطن العربي
2024-11-05
الامطار في الوطن العربي
2024-11-05
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05

القد (الحيز) الحرج critical size
12-7-2018
التوافق العقلي من مميزات الخطاب القرآني
4-05-2015
حكم البكاء واللطم والخدش وجز الشعر وشق الثوب على الميت
7-11-2016
حكم من تصدّق بجميع ماله ولم ينو بشي‌ء.
6-1-2016
Electrostatic energy
4-1-2017
غزوة وادي القرى
5-11-2015


تفسير آية (45-47) من سورة المائدة  
  
9656   03:42 مساءً   التاريخ: 16-10-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الميم / سورة المائدة /

قال تعالى : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة : 45-47].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [المائدة : 45] .

بين سبحانه حكم التوراة في القصاص فقال : {وَكَتَبْنَا} أي : فرضنا {عَلَيْهِمْ} أي : على اليهود الذين تقدم ذكرهم {فِيهَا} أي : في التوراة {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} معناه : إذا قتلت نفس نفسا أخرى ، عمدا ، فإنه يستحق عليه القود إذا كان القاتل عاقلا مميزا ، وكان المقتول مكافئا للقاتل ، إما بأن يكونا مسلمين حرين ، أو كافرين ، أو مملوكين فأما إذا كان القاتل حرا مسلما ، والمقتول كافرا أو مملوكا ، ففي وجوب القصاص هناك خلاف بين الفقهاء ، وعندنا لا يجب القصاص ، وبه قال الشافعي ، وقال الضحاك : لم يجعل في التوراة دية في نفس ولا جرح ، إنما كان العفو أو القصاص {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} قال العلماء . كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس ، جرى القصاص بينهما في العين ، والأنف ، والأذن ، والسن ، وجميع الأطراف ، إذا تماثلا في السلامة من الشلل ، وإذا امتنع القصاص في النفس امتنع أيضا في الأطراف {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} هذا عام في كل ما يمكن أن يقتص فيه ، مثل الشفتين ، والذكر ، والأنثيين ، واليدين ، والرجلين ، وغيرهما ، ويقتص الجراحات بمثلها الموضحة بالموضحة ، والهاشمة بالهاشمة ، والمنقلة بالمنقلة (2) ، إلا المأمومة والجائفة ، فإنه لا قصاص فيهما ، وهي التي تبلغ أم الرأس ، والتي تبلغ الجوف في البدن ، لان في القصاص فيهما تغرير بالنفس .

وأما ما لا يمكن القصاص فيه من رضة لحم ، أو فكة عظم ، أو جراحة يخاف منها التلف ، ففيه أروش مقدرة ، والقصاص هنا مصدر يراد به المفعول أي :

والجروح متقاصة بعضها ببعض ، وأحكام الجراحات وتفاصيل الأروش في الجنايات كثيرة ، وفروعها جمة ، موضعها كتب الفقه {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ} أي : بالقصاص الذي وجب له ، تصدق به على صاحبه بالعفو ، وأسقطه عنه {فَهُوَ} أي : التصدق {كَفَّارَةٌ لَهُ} أي : للمتصدق الذي هو المجروح ، أو ولي الدم ، هذا قول أكثر المفسرين .

وقيل : إن معناه فمن عفا ، فهو مغفرة له ، عند الله ، وثواب عظيم ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، في رواية عطاء ، والحسن ، والشعبي ، وهو المروي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " يكفر عنه من ذنوبه ، بقدر ما عفا من جراح أو غيره " . وروى عبادة بن الصامت ، أن النبي . قال : " من تصدق من جسده بشيء ، كفر الله عنه بقدره من ذنوبه " .

وقيل : إن الضمير في له يعود إلى المتصدق عليه أي : كفارة للمتصدق عليه ، لأنه يقوم مقام أخذ الحق منه ، عن ابن عباس ، في رواية سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وزيد بن أسلم . وعلى هذا ، فإن الجاني إذا عفا عنه المجني عليه ، كان العفو كفارة لذنب الجاني ، لا يؤاخذ به في الآخرة . والقول الأول أظهر ، لان العائد فيه يرجع إلى مذكور وهو من ، وفي القول الثاني يعود إلى مدلول عليه ، وهو المتصدق عليه ، يدل عليه قوله {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ} . {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} قيل : هم اليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله . وقيل : هو عام في كل من حكم بخلاف ما أنزل الله ، فيكون ظالما لنفسه بارتكاب المعصية الموجبة للعقاب ، وهذا الوجه يوجب أن يكون ما تقدم ذكره من الأحكام ، يجب العمل به في شريعتنا ، وإن كان مكتوبا في التوراة .

{ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة : 45-47] .

لما قدم تعالى ذكر اليهود ، أتبعه بذكر النصارى ، فقال : {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ} أي : وأتبعنا على آثارهم النبيين الذين أسلموا ، عن أكثر المفسرين ، واختاره علي بن عيسى ، والبلخي . وقيل : معناه على آثار الذين فرضنا عليهم الحكم الذي مضى ذكره ، عن الجبائي . والأول أجود في العربية ، وأوضح في المعنى .

{بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} أي : بعثناه رسولا من بعدهم {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي : لما مضى {مِنَ التَّوْرَاةِ} التي أنزلت على موسى ، صدق بها وآمن بها ، وإنما قال لما مضى قبله لما بين يديه ، لأنه إذا كان يأتي بعده خلفه ، فالذي مضى قبله يكون قدامه ، وبين يديه {وَآتَيْنَاهُ} أي : وأعطينا عيسى الكتاب المسمى الإنجيل .

والمعنى : وأنزلنا عليه {الْإِنْجِيلَ فِيهِ} يعني : في الإنجيل {هُدًى} أي : بيان وحجة ، ودلائل له على الأحكام {وَنُورٌ} سماه نورا ، لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ} يعني الإنجيل يصدق بالتوراة لان فيه أن التوراة حق . وقيل : معناه أنه تضمن وجوب العمل بالتوراة ، وأنه لم تنسخ . وقيل : معناه أنه أتى على النحو الذي وصف في التوراة {وَهُدًى} أي : ودلالة وإرشادا ومعناه :

وهاديا وراشدا {وَمَوْعِظَةً} أي : واعظا {لِلْمُتَّقِينَ} يزجرهم عن المعاصي ، ويدعوهم إلى الطاعة ، وإنما خص المتقين بالذكر لأنهم اختصوا بالانتفاع به ، وإلا فإنه هدى لجميع الخلق {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ} هذا أمر لهم . وقيل في معناه قولان أحدهما : إن تقديره وقلنا ليحكم أهل الإنجيل ، فيكون على حكاية ما فرض عليهم ، وحذف القول لدلالة ما قبله عليه ، من قوله {وَقَفَّيْنَا} كما قال تعالى {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أي : يقولون : سلام عليكم والثاني : إنه تعالى استأنف أمر أهل الإنجيل على غير الحكاية ، لان أحكامه كانت حينئذ موافقة لأحكام القرآن ، لم تنسخ بعد ، عن أبي علي الجبائي . والقول الأول أقوى ، وهو اختيار علي بن عيسى . (بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} أي : في الإنجيل {مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قيل : إن من هاهنا بمعنى الذي ، وهو خبر عن قوم معروفين ، وهم اليهود الذين تقدم ذكرهم ، عن الجبائي . وقيل : إن من للجزاء أي من لم يحكم من المكلفين ، بما أنزل الله ، فهو فاسق ، لان هذا الإطلاق يدل على أن المراد من ذهب إلى أن الحكمة في خلاف ما أمر الله به ، فلهذا قال فيما قبل {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فيكون معنى الفاسقين الخارجين عن الدين ، وجعلوا الكفر ، والظلم ، والفسق ، صفة لموصوف واحد . وقيل : إن الأول في الجاحد ، والثاني والثالث في المقر التارك .

_______________________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 344-347 .

2. الموضحة وتسمى الواضحة : من الشجاج التي بلغت العظم ، فأوضحت عنه ، والهاشمة : التي هشمته فتشعب وانتشر وتباين فراشه وهي قشوره التي تكون على العظم دون اللحم . والمنقلة ، بتشديد القاف وكسرها : التي تنقل العظم أي : تكسره .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ وكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ والْعَيْنَ بِالْعَيْنِ والأَنْفَ بِالأَنْفِ والأُذُنَ بِالأُذُنِ والسِّنَّ بِالسِّنِّ والْجُرُوحَ قِصاصٌ } . هذه الآية من آيات الأحكام ، وموضوعها القصاص ، وفي الفقه الإسلامي باب خاص به ، وهذا الحكم ، أي النفس بالنفس الخ من الأحكام التي نزلت في التوراة ، ولم تنسخه الشريعة الإسلامية .

وسبق الكلام عن القصاص عند تفسير الآية 178 من سورة البقرة ج 1 ص 274 .

{ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ } . ضمير ( به ) يعود على حق القصاص ، و ( فهو ) يعود على التصدق ، أي المصدر المتصيد من ( تصدّق ) وضمير ( له ) يعود على المتصدّق ، والمعنى ان المجني عليه إذا عفا عن الجاني فإن اللَّه سبحانه يجعل هذا العفو كفارة لذنوب العافي .

{ ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . يأتي الكلام عنه في الآية التالية .

{ وقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } . الضمير في آثارهم يعود على النبيين ، أي وبعثنا عيسى بعد النبيين الذين كانوا يحكمون بالتوراة ، وصدق هو التوراة بأقواله وأعماله ، ونقلوا عنه في أناجيلهم أنه قال :

« ما جئت لأنقض الناموس - أي شريعة التوراة - وإنما جئت لأتمم » . أي لأزيد عليها من الأحكام والمواعظ .

{ وآتَيْناهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً ونُورٌ } . شأن كل كتاب إلهي ، وكل نبي من أنبياء اللَّه ، والإنجيل الذي وصفه اللَّه بالهدى والنور هو الإنجيل الذي نطق بالتوحيد ، ونفى التثليث ، وأقر بنبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) { ومُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } التي تأمر بالعدل والإحسان ، ولا تبيح القتل والسلب .

{ وهُدىً ومَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } . وتسأل : ان اللَّه سبحانه وصف الإنجيل الذي أنزله على عيسى بالهدى والنور ، ثم وصفه ثانية بالهدى والموعظة للمتقين فما هو الوجه لتكرار وصفه بالهدى في آية واحدة ؟ .

الجواب : إن الهدى الأول جاء وصفا لطبيعة الإنجيل من حيث هو بقطع النظر عن العمل به ، والهدى الثاني جاء وصفا له من حيث العمل به ، أي ان هذا الذي في الإنجيل إنما ينتفع به ويتعظ بمواعظه المتقون ، فهو تماما كقولك :

إنما ينتفع بالنور ذوو الأبصار ، قال الإمام علي ( عليه السلام ) : « ربّ عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه » . لأنه لم يعمل بعلمه ، ونكرر القول : إن المراد بالإنجيل في الآية الإنجيل الذي ينزه اللَّه عن الولد والصاحبة ، وينفي الربوبية عن عيسى ( عليه السلام ) ويبشر بنبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) .

{ ولْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ } . أهل الإنجيل النصارى ، وأهل التوراة اليهود ، وأهل القرآن المسلمون ، وقد أمر اللَّه سبحانه كل من يدين بدين ، ويؤمن بكتاب من كتب اللَّه سبحانه أن يعمل به ، ويلزم نفسه بأحكامه ، ومن خالف فهو مفتر كذاب ، يهوديا كان أو نصرانيا أو مسلما . ولا ميزة لطائفة دون طائفة ، وإنما خص أهل الإنجيل بالذكر لأن الحديث عنهم .

بين الكفر والفسق والظلم :

قال سبحانه في الآية المتقدمة 44 : { ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ } . وقال في الآية 45 : { ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . وقال في الآية 47 ؟ { ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ } . ثلاثة أوصاف تواردت على موصوف واحد ، وقد اختلف المفسرون في التوجيه والتأويل ، ونضرب صفحا عن أقوالهم تجنبا للإطالة ، أما رأينا فنبديه فيما يلي :

ان الدين عقيدة وشريعة ، والعقيدة من صفات القلب ، ولها أصول ، وهي الإيمان باللَّه وصفاته ، وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر ، والشريعة أحكام عملية تتعلق بالأقوال والأفعال ، وإذا أطلق لفظ الكفر مجردا عن القرينة ، كما لو قيل : فلان كافر فهم منه انه يجحد أصول العقيدة كلا أو بعضا . . وإذا أطلق لفظ الفسق فهم منه انه مقر بالدين أصولا وفروعا ، ولكنه متهاون ، وتارك العمل بالفروع كلا أو بعضا .

هذا ، إذا أطلق كل من اللفظين ، دون أن يضاف إلى شيء ، أما إذا أضيف الفسق إلى العقيدة كقولنا : فلان فاسق العقيدة فيكون المراد بالفسق الكفر ، وقد جاء هذا الاستعمال في القرآن ، قال تعالى : {ولَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ }[ البقرة : 99] . وإذا أضيف الكفر إلى العمل ، لا إلى العقيدة فالمراد منه الفسق ، قال تعالى : {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهً غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ} [آل عمران : 97} .

فقد وصف سبحانه تارك الحج بالكفر ، مع انه مؤمن بجميع الأصول ، فيتعين ان المراد بالكفر الفسق .

أما لفظ الظلم فيجوز إطلاقه على الكفر وعلى الفسق ، لأن كلا من الكافر والفاسق قد ظلم نفسه ، حيث حملها من العذاب ما لا تطيق ، قال تعالى :

{ والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[ البقرة : 254] . وقال : { ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } [البقرة : 140] . وكتم الشهادة بوجه العموم لا يوجب الكفر باتفاق المسلمين .

وبهذا يتبين معنا ان الكفر والفسق والظلم ألفاظ كثيرا ما تتوارد في القرآن على معنى واحد ، وعليه يصح أن يوصف بها من لم يحكم بما أنزل اللَّه ، والقصد التغليظ على من لم يحكم بالحق ، سواء أحكم بالباطل ، أو استنكف عن الحكم سلبا وإيجابا ، ونفس الشيء يقال فيمن يحكم عليه بحكم اللَّه فيستنكف عن تنفيذه والإذعان له .

وبهذه المناسبة نشير إلى أن الفقهاء اتفقوا على ان من جحد حكما شرعيا ثبت بإجماع المسلمين كوجوب الصلاة وحرمة الزنا فهو كافر ، ومن خالفه مقرا به فهو فاسق .

________________________

1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص63-66 .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : { وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ـ إلى قوله وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ } السياق وخاصة بالنظر إلى قوله : { وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ } يدل على أن المراد به بيان حكم القصاص في أقسام الجنايات من القتل والقطع والجرح ، فالمقابلة الواقعة في قوله : { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } وغيره إنما وقعت بين المقتص له والمقتص به والمراد به أن النفس تعادل النفس في باب القصاص ، والعين تقابل العين والأنف الأنف وهكذا والباء للمقابلة كما في قولك : بعت هذا بهذا .

فيئول معنى الجمل المتسقة إلى أن النفس تقتل بالنفس ، والعين تفقأ بالعين والأنف تجدع بالأنف ، والأذن تصلم بالأذن ، والسن تقلع بالسن والجروح ذوات قصاص ، وبالجملة أن كلا من النفس وأعضاء الإنسان مقتص بمثله .

ولعل هذا هو مراد من قدر في قوله : { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } إن النفس مقتصة أو مقتولة بالنفس وهكذا وإلا فالتقدير بمعزل عن الحاجة ، والجمل تامة من دونه والظرف لغو .

والآية لا تخلو من إشعار بأن هذا الحكم غير الحكم الذي حكموا فيه النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله وتذكره الآيات السابقة فإن السياق قد تجدد بقوله : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ } .

والحكم موجود في التوراة الدائرة على ما سيجيء نقله في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى .

قوله تعالى : { فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ } أي فمن عفا من أولياء القصاص كولي المقتول أو نفس المجني عليه والمجروح عن الجاني ، ووهبه ما يملكه من القصاص فهو أي العفو كفارة لذنوب المتصدق أو كفارة عن الجاني في جنايته .

والظاهر من السياق أن الكلام في تقدير قولنا : فإن تصدق به من له القصاص فهو كفارة له ، وإن لم يتصدق فليحكم صاحب الحكم بما أنزله الله من القصاص ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون .

وبذلك يظهر أولا : أن الواو في قوله : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ } للعطف على قوله : { فَمَنْ تَصَدَّقَ } لا للاستئناف كما أن الفاء في قوله : { فَمَنْ تَصَدَّقَ } للتفريع : تفريع المفصل على المجمل ، نظير قوله تعالى في آية القصاص : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ } : ( البقرة : 178 ) .

وثانيا : أن قوله : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ } ، من قبيل وضع العلة موضع معلولها والتقدير : وإن لم يتصدق فليحكم بما أنزل الله فإن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون .

قوله تعالى : { وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } التقفية جعل الشيء خلف الشيء وهو مأخوذ من القفا ، والآثار جمع أثر وهو ما يحصل من الشيء مما يدل عليه ، ويغلب استعماله في الشكل الحاصل من القدم ممن يضرب في الأرض ، والضمير في { آثارِهِمْ } للأنبياء .

فقوله : { وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } استعارة بالكناية أريد بها الدلالة على أنه سلك به عليه ‌السلام المسلك الذي سلكه من قبله من الأنبياء ، وهو طريق الدعوة إلى التوحيد والإسلام لله .

وقوله : { مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } تبيين لما تقدمه من الجملة وإشارة إلى أن دعوة عيسى هي دعوة موسى عليه ‌السلام من غير بينونة بينهما أصلا .

قوله تعالى : { وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } (إلخ) سياق الآيات من جهة تعرضها لحال شريعة موسى وعيسى ومحمد صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ونزولها في حق كتبهم يقضي بانطباق بعضها على بعض ولازم ذلك :

أولا : أن الإنجيل المذكور في الآية ـ ومعناها البشارة ـ كان كتابا نازلا على المسيح عليه ‌السلام لا مجرد البشارة من غير كتاب غير أن الله سبحانه لم يفصل القول في كلامه في كيفية نزوله على عيسى كما فصله في خصوص التوراة والقرآن قال تعالى في حق التوراة : { قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ } : (الأعراف : 145) وقال : {أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} : (الأعراف : 154) .

وقال في خصوص القرآن : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } : ( الشعراء : 195 ) وقال : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } : ( الشعراء : 195 ) وقال : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } : ( التكوير : 21 ) وقال : { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ } : ( عبس : 16 ) وهو سبحانه لم يذكر في تفصيل نزول الإنجيل ومشخصاته شيئا ، لكن ذكره نزوله على عيسى في الآية محاذيا لذكر نزول التوراة على موسى في الآية السابقة ، ونزول القرآن على محمد صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله يدل على كونه كتابا في عرض الكتابين .

وثانيا : أن قوله تعالى في وصف الإنجيل : { فِيهِ هُدىً وَنُورٌ } محاذاة لقوله في وصف التوراة : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ } يراد به ما يشتمل عليه الكتاب من المعارف والأحكام غير أن قوله تعالى في هذه الآية ثانيا : { وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } يدل على أن الهدى المذكور أولا غير الهدى الذي تفسيره الموعظة فالهدى المذكور أولا هو نوع المعارف التي يحصل بها الاهتداء في باب الاعتقادات ، وأما ما يهدي من المعارف إلى التقوى في الدين فهو الذي يراد بالهدى المذكور ثانيا .

وعلى هذا لا يبقى لقوله : { وَنُورٌ } من المصداق إلا الأحكام والشرائع ، والتدبر ربما ساعد على ذلك فإنها أمور يستضاء بها ويسلك في ضوئها وتنورها مسلك الحياة ، وقد قال تعالى : { أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } : ( الأنعام : 122 ) .

وقد ظهر بذلك : أن المراد بالهدى في وصف التوراة وفي وصف الإنجيل أولا هو نوع المعارف الاعتقادية كالتوحيد والمعاد ، وبالنور في الموضعين نوع الشرائع والأحكام ، وبالهدى ثانيا في وصف الإنجيل هو نوع المواعظ والنصائح ، والله أعلم .

وظهر أيضا وجه تكرار الهدى في الآية فالهدى المذكور ثانيا غير الهدى المذكور أولا وأن قوله { وَمَوْعِظَةً } من قبيل عطف التفسير والله أعلم .

وثالثا : أن قوله ثانيا في وصف الإنجيل : { وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ } ليس من قبيل التكرار لتأكيد ونحوه بل المراد به تبعية الإنجيل لشريعة التوراة فلم يكن في الإنجيل إلا الإمضاء لشريعة التوراة والدعوة إليها إلا ما استثناه عيسى المسيح على ما حكاه الله تعالى من قوله : { وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } : ( آل عمران : 50 ) .

والدليل على ذلك قوله تعالى في الآية الآتية في وصف القرآن : { وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } على ما سيجيء من البيان .

قوله تعالى : { وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } قد مر توضيحه ، والآية تدل على أن في الإنجيل النازل على المسيح عناية خاصة بالتقوى في الدين مضافا إلى ما يشتمل عليه التوراة من المعارف الاعتقادية والأحكام العملية ، والتوراة الدائرة بينهم اليوم وإن لم يصدقها القرآن كل التصديق ، وكذا الأناجيل الأربعة المنسوبة إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا وإن كانت غير ما يذكره القرآن من الإنجيل النازل على المسيح نفسه لكنها مع ذلك كله تصدق هذا المعنى كما سيجيء إن شاء الله الإشارة إليه .

قوله تعالى : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ }(إلخ) وقد أنزل فيه تصديق التوراة في شرائعها إلا ما استثني من الأحكام المنسوخة التي ذكرت في الإنجيل النازل على عيسى عليه ‌السلام ، فإن الإنجيل لما صدق التوراة فيما شرعته ، وأحل بعض ما حرم فيها كان العمل بما في التوراة في غير ما أحلها الإنجيل من المحرمات عملا بما أنزل الله في الإنجيل وهو ظاهر .

ومن هنا يظهر ضعف ما استدل بعض المفسرين بالآية على أن الإنجيل مشتمل على صرائع مفصلة كما اشتملت عليه التوراة ، ووجه الضعف ظاهر .

وأما قوله : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ }فهو تشديد في الأمر المدلول عليه بقوله : { وَلْيَحْكُمْ }، وقد كرر الله سبحانه هذه الكلمة للتشديد ثلاث مرات : مرتين في أمر اليهود ومرة في أمر النصارى باختلاف يسير فقال : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ } فسجل عليهم  الكفر والظلم والفسق.

ولعل الوجه في ذكر الفسق عند التعرض لما يرجع إلى النصارى ، والكفر والظلم فيما يعود إلى اليهود أن النصارى بدلوا التوحيد تثليثا ورفضوا أحكام التوراة بأخذ بولس دين المسيح دينا مستقلا منفصلا عن دين موسى مرفوعا فيه الأحكام بالتفدية فخرجت النصارى بذلك عن التوحيد وشريعته بتأول ففسقوا عن دين الله الحق ، والفسق خروج الشيء من مستقره كخروج لب التمرة عن قشرها .

وأما اليهود فلم يشتبه عليهم الأمر فيما عندهم من دين موسى عليه ‌السلام وإنما ردوا الأحكام والمعارف التي كانوا على علم منها وهو الكفر بآيات الله والظلم لها .

والآيات الثلاث أعني قوله : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ } آيات مطلقة لا تختص بقوم دون قوم ، وإن انطبقت على أهل الكتاب في هذا المقام .

وقد اختلف المفسرون في معنى كفر من لم يحكم بما أنزل الله كالقاضي يقضي بغير ما أنزل الله ، والحاكم يحكم على خلاف ما أنزل الله ، والمبتدع يستن بغير السنة وهي مسألة فقهية الحق فيها أن المخالفة لحكم شرعي أو لأي أمر ثابت في الدين في صورة العلم بثبوته والرد له توجب الكفر ، وفي صورة العلم بثبوته مع عدم الرد له توجب الفسق ، وفي صورة عدم العلم بثبوته مع الرد له لا توجب كفرا ولا فسقا لكونه قصورا يعذر فيه إلا أن يكون قصر في شيء من مقدماته وليراجع في ذلك كتب الفقه .

____________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 294-298 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة : 45] .

القصاص والعفو :

تشرح هذه الآية الكريمة قسما آخر من الأحكام الجنائية والحدود الإلهية التي وردت في التّوراة ، فتشير إلى ما ورد في هذا الكتاب السماوي من أحكام وقوانين تخص القصاص ، وتبيّن أن من يقتل إنسانا بريئا فإنّ لأولياء القتيل حق القصاص من القاتل بقتله نفسا بنفس. حيث تقول الآية في هذا المجال : {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}.

كما بيّنت أن من يصيب عين انسان آخر ويتلفها ، يستطيع هذا الإنسان المتضرر في عينه أن يقتص من الفاعل ويتلف عينه ، إذ تقول الآية في هذا المجال : {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...}.

وكذلك الحال بالنسبة للأنف والأذن والسن والجروح الأخرى ، {وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ...}.

وعلى هذا الأساس فإنّ حكم القصاص يطبق بشكل عادل على المجرم الذي يرتكب أحد الجرائم المذكورة ، دون الالتفات إلى عنصره أو قوميته أو طبقته الاجتماعية أو طائفته ، ولا مجال أبدا لاستخدام التمايز القومي أو الطبقي أو الطائفي لتأخير تطبيق حكم القصاص على الجاني.

وبديهي أنّ تطبيق حكم القصاص على المعتدي شأنه شأن الأحكام الإسلامية الأخرى ، مقيد بشروط وحدود ذكرتها كتب الفقه ، ولا يختص هذا الكلام ولا ينحصر ببني إسرائيل وحدهم ، لأنّ الإسلام ـ أيضا ـ جاء بنظيره كما ورد في آية القصاص في سورة البقرة ـ الآية (١٧٨).

وقد أنهت هذه الآية التمايز غير العادل الذي كان يمارس في ذلك الوقت حيث ذكرت بعض التفاسير أنّ تمايزا غريبا كان يسود بين طائفتين من اليهود ، هما بنو النضير وبنو قريظة الذين كانوا يقطنون المدينة المنورة في ذلك العصر ، لدرجة أنّه إذا قتل أحد أفراد طائفة بني النضير فردا آخر من طائفة بني قريظة فالقاتل لا ينال القصاص ، بينما في حالة حصول العكس فإن القاتل الذي كان من طائفة بني قريظة كان ينال القصاص إن هو قتل واحدا من أفراد طائفة بني النضير.

ولمّا امتد نور الإسلام إلى المدينة سأل بنو قريظة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الأمر ، فأكّد النّبي صلى الله عليه و آله وسلم أن لا فرق في الدماء بين دم ودم ... فاعترضت قبيلة بني  النضير على حكم النّبي محمّد صلى الله عليه و آله وسلم وادعت أنّ حكمه حطّ من شأنهم ، فنزلت الآية الأخيرة وبيّنت أنّ هذا الحكم غير مختص بالإسلام ، بل حتى الديانة اليهودية أوصت بتطبيق قانون القصاص بصورة عادلة (2) .

ولكي لا يحصل وهم أنّ القصاص أو المقابلة بالمثل أمر إلزامي لا يمكن الحيدة عنه ، استدركت الآية بعد ذكر حكم القصاص فبيّنت أن الذي يتنازل عن حقه في هذا الأمر ويعفو ويصفح عن الجاني ، يعتبر عفوه كفارة له عن ذنوبه بمقدار ما يكون للعفو من أهمية {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ...} (3) .

ويجب الانتباه إلى أنّ الضمير الوارد في كلمة (به) يعود على القصاص ، وكانت الآية جعلت التصدق بالقصاص عطية أو منحة للجاني واستخدام عبارة «التصدق» والوعد الذي قطعه الله للمتصدق ، يعتبران عاملا محفزا على العفو والصفح ، لأنّ القصاص لا يمكنه أن يعيد للإنسان ما فقده مطلقا ، بل يهبه نوعا من الهدوء والاستقرار النفسي المؤقت ، بينما العفو الذي وعد به الله للمتصدق ، بإمكانه أن يعوضه عما فقده بصورة أخرى ، وبذلك يزيل عن قلبه ونفسه بقايا الألم والاضطراب ، ويعتبر هذا الوعد خير محفز لمثل هؤلاء الأشخاص.

وقد ورد عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ـ الإمام الصادق ـ عليه‌ السلام عن قوله الله عزوجل : {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَ ...} قال : «يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى» (4) .

وتعتبر هذه الجملة القرآنية في الحقيقة خير جواب مفحم للذين يزعمون أن القصاص ليس بقانون عادل ، ويدعون أنّه يشجع روح الانتقام والمثلة.

والذي يفهم من الصياغة العامّة للآية هو أنّ جواز القصاص إنّما هو لإخافة وإرعاب الجناة وبالنتيجة لضمان الأمن لأرواح الناس الأبرياء ، كما أنّ الآية فتحت باب العفو والتوبة ، وبذلك أراد الإسلام أن يحول دون ارتكاب مثل هذه الجرائم باستخدام الروادع والحوافز كالخوف والأمل ، كما استهدف الإسلام من ذلك ـ أيضا ـ الحيلولة دون الانتقام للدم بالدم بقدر الإمكان ـ إذا استحق الأمر ذلك .

وفي الختام تؤكّد الآية قائلة : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

وأي ظلم أكبر من الانجرار وراء العاطفة الكاذبة ، وترك القاتل دون أن ينال قصاصه العادل بحجّة لا ضرورة في غسل الدم بالدم ، وفسح المجال للقتلة للتمادي بارتكاب جرائم قتل أخرى ، وبالنهاية الإساءة عبر هذا التغاضي إلى أفراد أبرياء ، وممارسة الظلم بحقّهم نتيجة لذلك .

ويجب الانتباه إلى أنّ التّوراة المتداولة حاليا قد اشتملت على هذا الحكم أيضا ، وذلك في الفصل الواحد والعشرين من سفر الخروج ، حيث جاء فيها أنّ النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن واليد باليد والرجل بالرجل والحرق بالحرق والجرح بالجرح والصفعة بالصفعة (سفر الخروج ، الجمل ٢٣ و ٢٤ و ٢٥) .

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [المائدة : 46] .

بعد الآيات التي تحدثت عن التّوراة جاءت هذه الآية ، وهي تشير إلى حال الإنجيل وتؤكّد بعثة ونبوة المسيح عليه‌ السلام بعد الأنبياء الذين سبقوه ، وتطابق الدلائل التي جاء  بها مع تلك التي وردت في التّوراة ، حيث تقول الآية : {وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ ...} ولهذه الجملة القرآنية تفسير آخر وهو أنّ عيسى المسيح عليه ‌السلام قد أقرّ بحقيقة كلّ ما نزل في التّوراة على النّبي موسى عليه ‌السلام كإقرار جميع الأنبياء عليهم ‌السلام بنبوة من سبقوهم من الأنبياء ، وبعدالة ما جاؤوا به من  أحكام.

ثمّ تشير الآية الكريمة إلى إنزال الإنجيل على المسيح عليه ‌السلام وفيه الهداية والنّور فتقول : {وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ} وقد أطلق اسم النّور في القرآن المجيد على التّوراة  والإنجيل والقرآن نفسه ، حيث نقرأ بشأن التّوراة قوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ} [المائدة : 44] .

وأمّا الإنجيل فقد أطلقت عليه الآية الأخيرة اسم النّور .

والقرآن ـ أيضا ـ حيث نقرأ قوله تعالى : {قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ} [المائدة : 15] .

فكما أنّ النّور يعتبر ـ في الحقيقة ـ ضرورة حتمية لجميع الموجودات من أجل أن تواصل حياتها ، كذلك تكون الأديان الإلهية والشرائع والكتب السماوية ضرورة حتمية لنضوج وتكامل بني الإنسان.

وقد ثبت من حيث المبدأ أنّ مصدر كل الطاقات والقوى والحركات وكل أنواع الجمال هو النّور ، فكذلك الحال في تعليمات الأنبياء وإرشاداتهم ، فلولاها لساد الظلام كل القيم الإنسانية سواء الفردية منها أو الاجتماعية ، وهذا ما نلاحظه في المجتمعات المادية بكل وضوح .

لقد كرر القرآن الكريم في مجالات متعددة أنّ التّوراة والإنجيل هما كتابان سماويان ، ومع أن هذين الكتابين ـ دون شك ـ منزلان في الأصل من قبل الله سبحانه وتعالى ، لكنّهما ـ بالتأكيد ـ قد تعرضا بعد حياة الأنبياء إلى التحريف ، فحذفت منهما حقائق وأضيفت إليهما خرافات ، وأدى ذلك إلى أن يفقدا قيمتهما الحقيقية ، أو أنّ الكتب الأصلية تعرضت للنسيان والتجاهل وحلت محلها كتب أخرى حوت على بعض الحقائق من الكتب الأصلية (5) .

وعلى هذا الأساس فإنّ كلمة النّور التي أطلقت في القرآن الكريم على هذين الكتابين ، إنما عنت التّوراة والإنجيل الأصليين الحقيقيين .

بعد ذلك تكرر الآية التأكيد على أن عيسى عليه‌ السلام لم يكن وحده الذي أيد وصدق التّوراة ، بل أن الإنجيل ـ الكتاب السماوي الذي نزل عليه ـ هو الآخر شهد بصدق التّوراة حيث تقول الآية : {مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ ...} .

وفي الختام تؤكّد الآية أنّ هذا الكتاب السماوي قد حوى سبل الرشاد والهداية والمواعظ للناس المتقين ، حيث تقول : {وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} .

وتشبه هذه العبارة ، عبارة أخرى وردت في بداية سورة البقرة ، حين كان الحديث يدور عن القرآن الكريم ، حيث جاء قوله تعالى : {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} .

إن هذه الصفة لا تنحصر بالقرآن وحده ، بل أن كل الكتب السماوية تحتوي على سبل الهداية للناس المؤمنين المتقين ، والمراد بالمتقين هم أولئك الذين يبحثون عن الحق والحقيقة والمستعدون لقبول الحق ، وبديهي أن الذين يغلقون أبواب قلوبهم إصرارا وعنادا بوجه الحق ، لن ينتفعوا بأي حقيقة أبدا.

والملفت للنظر في هذه الآية أيضا ، أنّها ذكرت أوّلا أنّ الإنجيل (فيه هدى) ثمّ كررت الآية كلمة (هدى) بصورة مطلقة ، وقد يكون المراد من هذا الاختلاف في التعبير هو بيان أنّ الإنجيل والكتب السماوية الأخرى تشتمل على دلائل الهداية للناس ـ جميعا ـ بصورة عامّة ، ولكنّها بصورة خاصّة ـ تكون باعثا لهداية وتربية وتكامل الأتقياء من النّاس الذي يتفكرون فيها بعمق وتدبر.

{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة : 47] .

الامتناع عن الحكم بالقانون الإلهي :

بعد أن أشارت الآيات السابقة إلى نزول الإنجيل ، أكّدت الآية الأخيرة أنّ حكم الله يقضي أن يطبق أهل الإنجيل ما أنزله الله في هذا الكتاب من أحكام ، فتقول الآية : {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ ...}.

وبديهي أنّ القرآن لا يأمر بهذه الآية المسيحيين أن يواصلوا العمل بأحكام الإنجيل في عصر الإسلام ، ولو كان كذلك لناقض هذا الكلام الآيات القرآنية الأخرى ، بل لناقض أصل وجود القرآن الذي أعلن الدين الجديد ونسخ الدين القديم ، لذلك فالمراد هو أنّ المسيحيين تلقوا الأوامر من الله بعد نزول الإنجيل بأن يعملوا بأحكام هذا الكتاب وأن يحكموها في جميع قضاياهم (6) .

وتؤكّد هذه الآية ـ في النهاية ـ فسق الذين يمتنعون عن الحكم بما أنزل الله من أحكام وقوانين فتقول : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ}.

ويلفت النظر اطلاق كلمة «الكافر» مرّة و «الظّالم» أخرى و «الفاسق» ثالثة ، في الآيات الأخيرة على الذين يمتنعون عن تطبيق أحكام الله ، ولعل هذا التنوع في اطلاق صفات مختلفة إنّما هو لبيان أنّ لكل حكم جوانب ثلاثة :

أحدها : ينتهي بالمشرع الذي هو الله.

والثّاني : يمس المنفذين للحكم (الحاكم أو القاضي).

الثّالث : يرتبط بالفرد أو الأفراد الذين يطبق عليهم الحكم.

أي أنّ كل صفة من الصفات الثلاث المذكورة قد تكون إشارة إلى واحد من الجوانب الثلاثة ، لأنّ الذي لا يحكم بما أنزل الله يكون قد تجاوز القانون الإلهي وتجاهله ، فيكون قد كفر بغفلته هذه ، ومن جانب آخر ارتكب الظلم والجور بابتعاده عن حكم الله ـ على إنسان بريء مظلوم ، وثالثا : يكون قد خرج عن حدود واجباته ومسئوليته ، فيصبح بذلك من الفاسقين (لأنّ «الفسق» كما أوضحنا ، يعني الخروج عن حدود العبودية والواجب) .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 522-529

2. تفسير القرطبي ، الجزء الثّالث ، ص ٢١٨٨.

3. لقد أورد الكثير من المفسّرين احتمالا آخر ، وهو أن الضمير الوارد في كلمة «له» يعود على شخص الجاني ، بحيث يصبح المعنى أن الذي يتنازل عن حقه يرفع بذلك القصاص عن الجاني ويكون ذلك كفارة لعمل الجاني ، إلّا أن ظاهر الآية يدل على التفسير الذي أشرنا إليه أعلاه.

4. نور الثقلين ، الجزء الأول ، ص ٦٣٧.

5. راجع كتابي «الهدى إلى دين المصطفى» و «أنيس الأعلام» لمعرفة تفاصيل التحريف الوارد في الإنجيل والدلائل التأريخية على ذلك.

6. إنّ الحقيقة التي أكّدها الكثير من المفسّرين هي أنّ جملة «قلنا» تكون مقدرة هنا في هذه الآية حيث يصبح مفهوم الآية كما يلي : «قلنا ليحكم أهل الإنجيل ...».

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .