أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2018
1102
التاريخ: 20-3-2018
1527
التاريخ: 19-9-2017
915
التاريخ: 19-9-2017
1208
|
رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغموم فقلت له فيما ذاك، قال: لِما كان اليوم من هذا الأسود " أي أبي جعفر الجواد (عليه السلام)" بين يدي أمير المؤمنين، قال قلت وكيف ذاك؟ قال: إن سارقاً أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره فجمع في ذلك الفقهاء وقد أحضر محمد بن علي (عليه السلام) فسألنا عن القطع في أي موضع؟ فقلت من الكرسوع (أي المفصل بين الكف والذراع)، قال: وما الحجة في ذلك؟ قلت: لأن اليد من الأصابع إلى الكرسوع لقوله تعالى في التيمم {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِنْهُ} (المائدة/6) واتفق معي على ذلك جماعة، وقال آخرون بل يجب القطع من المرفق لأن الله تعالى يقول في الوضوء {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } فدلّ على أن اليد من المرفق ، فالتفت المعتصم إلى محمد بن علي (عليه السلام)وقال : ما تقول أنت يا أبا جعفر (عليه السلام) فقال (عليه السلام): قد تكلم فيه القوم يا أمير المؤمنين ، قال : دعني عما تكلموا به ، أي شيء عندك ؟ قال : اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين ، قال : أقسمت عليك بالله تعالى لما أخبرت بما عندك فيه ؟ فقال: أما إذا أقسمت علي بالله فإني أقول أنهم اخطأوا فيه السنَّة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، فقال: فما الحجة في ذلك؟
قال: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقد قال الله عزّ وجلّ: {وإنَّ المَساجِدَ للّه} يعني بهذه الاعظاء السبعة التي يسجد عليها وما كان لله لم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم بذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
(قال ابن أبي داود) فقامت قيامتي وتمنيت أني لم أكُ حيّاً، (قال): ثم صرت إلى المعتصم بعد ثلاث وقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين واجبة وأنا أكلمه بما أعلم أني أدخل النار به، قال وما هو ؟ قلت إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر وقع من أمور الدين وسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم، وقد حضر مجلسه قوّاده ووزراؤه وكتّابه، وقد تسامع الناس ذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم، لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته، ويدّعون أنه أولى منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء!! ( قال ) فتغير لونه وتَنبه لما نبهته له ، قال : جزاك الله عن نصيحتك خيراً . قال : فأمر في اليوم الرابع فلاناً - بالطبع ، ذكر اسماً حذفه بعض المؤلفين أو الرواة - من كتَّاب وزرائه ، أن يدعو الجواد (عليه السلام)إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال : لقد علمت أني لا أحضر مجالسكم ، فقال : إنما أدعوك الى الطعام وأحب أن تطأ ثيابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك ، فقد أحب فلان ابن فلان من وزراء الخليفة لقاءك ، فصار إليه ( ودسَّ إليه السم في الطعام ) فلما طعم (عليه السلام)أحس بالسم ، فدعى بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم، فقال: خروجي من منزلك خير لك فلم يزل يومه ذاك وليلته يجود بنفسه والسمَّ يسري في بدنه حتى قبض (عليه السلام).
آه، إمام الحق، هذا جزاؤك بعد كل هذا أنك لم ترِم لهم إلاّ الخير، ولم يبغوا لك إلاّ الشر فسقياً لك ورعياً، وتعساً لهم وويلاً، غدُر والله ومكّر والله إن يطعموك السم وأنت في ربيع أيامك، ولكن لك في الأولين من آبائك أسوة حسنة، ولهم في الأولين من آبائهم أسوة سيئة فعليك السلام وعليهم اللعنة والعذاب.
نعم، انطفأ ذلك المشعل الوهاج وخلَّف وراءه الأمة الإسلامية تجّر حسراتها تندبه كالأرض تنتدب بعد مغيب الشمس.
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) أحدث الأئمة الإثني عشر سناً باستثناء الإمام الحجة (عليه السلام) حين انتقلت إليه الخلافة الروحية في آخر صفر من سنة 202 - وهو ابن سبع وكان أحدثهم سناً على الإطلاق، فحينما استشهد في آخر (ذي القعدة سنة 220 من الهجرة) وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين ربيعاً كما كانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة.
وضجت بغداد بوفاة ابن الرضا (عليه السلام) وذهبت الشكوك تحوم حول البلاط وكادت تتفجر ثورة عارمة على الحكم الجائر، وصلى عليه ابن المعتصم وولي عهده الواثق بالله كما صلى عليه نجله الكريم الإمام علي بن محمد النقي (عليه السلام) ودفن في مرقده في الكاظمية حيث لا يزال يُقصد ويُزار، فعلى محمد بن علي الجواد (عليه السلام) التحية والسلام .
وجاء في بعض الأحاديث عن وفاته (عليه السلام) أن المعتصم دعى بعض وزرائه وأمرهم بأن يشهدوا على محمد بن علي الجواد (عليه السلام) بأنه قد أراد أن يخرج عليه بثورة يفجرها مع تابعيه من الشيعة الإمامية ذلك لكي يسهل عليه أن يلقي به في السجن أو يقتله قتلاً.
فلما أحضر الإمام التفت المعتصم إليه قائلاً: انك اردت أن تخرج عليّ، فقال الامام: والله ما فعلت شيئاً من ذلك، قال: إن فلاناً وفلاناً شهدوا عليك، فأحضروا فقالوا: نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك قال: وكان جالساً في بهو (قاعة في مقدم الدار) فرفع أبو جعفر يده وقال : اللهم إن كانوا كذبوا عليً فخذهم .
قال الراوي: فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يرجف ويذهب ويجئ وكلما قام واحدٌ وقع.
فقال المعتصم: يابن رسول الله إني تائب مما فعلت فادع ربك أن يسكنه، فقال: اللهم سكّنه إنك تعلم أنهم أعداؤك وأعدائي، فسكن (1).
___________
(1) مختار الخرائج والجرائج: (ص 237).
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|