المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



آداب السفر ومستحباته لحج أو غيره  
  
1036   10:01 صباحاً   التاريخ: 7-9-2017
المؤلف : السّيّد مُحمّد كاظُم اليزديّ
الكتاب أو المصدر : العروة الوثقى
الجزء والصفحة : ج‌2 [ص: 412‌]
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الحج والعمرة / احكام عامة /

وهي أمور ‌:

أولها : ومن أوكدها الاستخارة بمعنى طلب الخير من ربه ومسألة تقديره له عند التردد في أصل السفر أو في طريقه أو مطلقا والأمر بها للسفر وكل أمر خطير أو مورد خطر مستفيض ولا سيما عند الحيرة والاختلاف في المشورة وهي الدعاء لأن يكون خيره فيما يستقبل أمره وهذا النوع من الاستخارة هو الأصل فيها بل أنكر بعض العلماء ما عداها مما يشتمل على التفؤل والمشاورة بالرقاع والحصى والسبحة والبندقة وغيرها لضعف غالب أخبارها وإن كان العمل بها للتسامح في مثلها لا بأس به أيضا بخلاف هذا النوع لورود أخبار كثيرة بها في كتب أصحابنا بل في روايات مخالفينا أيضا عن النبي (صلى الله عليه واله )  : الأمر بها والحث عليها‌ ، وعن الباقر والصادق (عليهما السلام ) : كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن.

وعن الباقر (عليه السلام ) : إن علي بن الحسين (عليه السلام )  كان يعمل به إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق.

بل في كثير من رواياتنا النهي عن العمل بغير استخارة وأنه من دخل في أمر بغير استخارة ثمَّ ابتلي لم يؤجر‌.

وفي كثير منها: ما استخار الله عبد مؤمن إلا خار له وإن وقع ما يكره.

وفي بعضها: إلا رماه الله بخير الأمرين.

وفي بعضها: استخر الله مائة مرة ثمَّ انظر أجزم الأمرين لك فافعله فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالى.

وفي بعضها: ثمَّ انظر أي شيء يقع في قلبك فاعمل به ، وليكن ذلك بعنوان المشورة من ربه وطلب الخير من عنده وبناء منه أن خيره فيما يختاره الله له من أمره ويستفاد من بعض الروايات أن يكون قبل مشورته منه سبحانه وأن يقرنه بطلب العافية‌ . ، فعن الصادق (عليه السلام ) : ولتكن استخارتك في عافية فإنه ربما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله.

وأخصر صورة فيها أن يقول : أستخير الله برحمته خيرة في عافية ثلاثة أو سبعا أو عشرا أو خمسين أو سبعين أو مائة مرة ومرة ، والكل مروي وفي بعضها في الأمور العظام مائة وفي الأمور اليسيرة بما دونه والمأثور من أدعيته كثيرة جدا والأحسن تقديم تحميد وتمجيد وثناء وصلوات وتوسل وما يحسن من الدعاء عليها وأفضلها بعد ركعتين للاستخارة أو بعد صلوات فريضة أو في ركعات الزوال أو في آخر سجدة من صلاة الفجر أو في آخر سجدة من صلاة الليل أو في سجدة بعد المكتوبة أو عند رأس الحسين (عليه السلام ) أو في مسجد النبي (صلى الله عليه واله ) والكل مروي ومثلها كل مكان شريف قريب من الإجابة كالمشاهد المشرفة أو حال‌ أو زمان كذلك ومن أراد تفصيل ذلك فليطلبه من مواضعه كمفاتيح الغيب للمجلسي (قدس سره)  والوسائل ومستدركة وبما ذكر من حقيقة هذا النوع من الاستخارة وأنها محض الدعاء والتوسل وطلب الخير وانقلاب أمره إليه وبما عرفت من عمل السجاد (عليه السلام )  في الحج والعمرة ونحوهما يعلم أنها راجحة للعبادات أيضا خصوصا عند إرادة الحج ولا يتعين فيما يقبل التردد والحيرة ولكن‌ ، في رواية أخرى : ليس في ترك الحج خيرة .، ولعل المراد بها الخيرة لأصل الحج أو للواجب منه.

ثانيها : اختيار الأزمنة المختارة له من الأسبوع والشهر ، فمن الأسبوع يختار السبت وبعده الثلاثاء والخميس والكل مروي‌ ، وعن الصادق (عليه السلام ) : من كان مسافرا فليسافر يوم السبت فلو أن حجرا زال عن جبل يوم السبت لرده الله إلى مكانه.

وعنهم (عليه السلام ) : السبت لنا والأحد لبني أمية ، وعن النبي (صلى الله عليه واله ) : اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم سبتها وخميسها.

ويتجنب ما أمكنه صبيحة الجمعة قبل صلاتها والأحد‌.

فقد روي: إن له حدا كحد السيف والاثنين فهو لبني أمية والأربعاء فإنه لبني العباس خصوصا آخر أربعاء من الشهر فإنه يوم نحس مستمر وفي رواية ترخيص السفر يوم الاثنين مع قراءة سورة هل أتى في أول ركعة من غداته فإنه يقيه الله به من شر يوم الاثنين وورد أيضا اختيار يوم الاثنين وحملت على التقية وليتجنب السفر من الشهر والقمر في المحاق أو في برج العقرب أو صورته‌. ،  فعن الصادق (عليه السلام ) : من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم يرَ الحسنى.

و قد عد أيام من كل شهر وأيام من الشهر منحوسة يتوقى من السفر فيها ومن ابتداء كل عمل بها وحيث لم نظفر بدليل صالح عليه لم يهمنا التعرض لها وإن كان التجنب منها ومن كل ما يتطير بها أولى ولم يعلم أيضا أن المراد بها شهور الفرس أو العربية وقد يوجه كل بوجه غير وجيه وعلى كل حال فعلاجها لدى الحاجة بالتوكل والمضي خلافا على أهل الطيرة‌ فعن النبي (صلى الله عليه واله ) : كفارة الطيرة التوكل.

وعن أبي الحسن الثاني (عليه السلام ) : من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله له حاجته .

وله أن يعالج نحوسة ما نحس من الأيام بالصدقة‌ ، فعن الصادق (عليه السلام ) : تصدق واخرج أي يوم شئت . ،  وكذا يفعل أيضا لو عارضه في طريقه ما يتطير به الناس ووجد في نفسه من ذلك شيئا وليقل حينئذ: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني وليتوكل على الله وليمض خلافا لأهل الطيرة ويستحب اختيار آخر الليل للسير ويكره أوله‌ ففي الخبر: الأرض تطوى من الليل. ،  وفي آخر: إياك والسير في أول الليل وسر في آخره.

ثالثها :  وهو أهمها التصدق بشيء عند افتتاح سفره ويستحب كونها عند وضع الرجل في الركاب خصوصا إذا صادف المنحوسة أو المتطير بها من الأيام والأحوال ففي المستفيضة رفع نحوستها بها وليشتري السلامة من الله بما يتيسر له ويستحب أن يقول عند التصدق :

اللهم إني اشتريت بهذه الصدقة سلامة سفري اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل‌ .

رابعها :  الوصية عند الخروج لا سيما بالحقوق الواجبة.‌

خامسها : توديع العيال بأن يجعلهم وديعة عند ربه ويجعله خليفة عليهم وذلك بعد ركعتين أو أربع يركعها عند إرادة الخروج ويقول‌ :

اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي ، فعن الصادق (عليه السلام ) : ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل منها ولم يدع بذلك الدعاء إلا أعطاه عز وجل ما سأل .

سادسها : إعلام إخوانه بسفره ، فعن النبي (صلى الله عليه واله ) : حق على المسلم إذا أراد سفرا أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه.

سابعها : العمل بالمأثورات ، من قراءة السور والآيات والأدعية عند باب داره وذكر الله والتسمية والتحميد وشكره عند الركوب والاستواء على الظهر والإشراف والنزول وكل انتقال وتبدل حال‌ ، فعن الصادق (عليه السلام ) : كان رسول الله (صلى الله عليه واله )  في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

وعن النبي (صلى الله عليه واله ) : من ركب وسمى ردفه ملك يحفظه ومن ركب ولم يسم ردفه شيطان يمنية حتى ينزل ومنها قراءة القدر للسلامة حين يسافر أو يخرج من منزله أو يركب دابته وآية الكرسي والسخرة والمعوذتين والتوحيد والفاتحة والتسمية وذكر الله في كل حال من الأحوال.

ومنها: ما عن أبي الحسن (عليه السلام )  أنه يقوم على باب داره تلقاء ما يتوجه له ويقرأ الحمد والمعوذتين والتوحيد وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ويقول : اللهم احفظني واحفظ ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل. ،  يُحفظ ويبلغ ويسلم هو وما معه . ومنها‌: ما عن الرضا (عليه السلام )   : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل:  بسم الله وبالله توكلت على الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله . ،  تضرب به الملائكة وجوه الشياطين وتقول ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه .

و منها‌ : ما كان الصادق (عليه السلام )  يقول : إذا وضع رجله في الركاب سُبْحٰانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وما كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ ، ويسبح الله سبعا ، ويحمده سبعا ، ويهلله سبعا .

وعن زين العابدين (عليه السلام )   : أنه لو حج رجل ماشيا وقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر ما وجد ألم المشي .

وقال: ما قرأه أحد حين يركب دابة إلا نزل منها سالما مغفورا له ولقارئها أثقل على الدواب من الحديد .

وعن أبي جعفر (عليه السلام )  : لو كان شي‌ء يسبق القدر لقلت قارئ إنا أنزلناه في ليلة القدر حين يسافر أو يخرج من منزله والمتكفل لبقية المأثور منها على كثرتها الكتب المعدة لها‌ ، وفي وصية النبي (صلى الله عليه واله ) : يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها : اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها اللهم حببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا .

وعنه (صلى الله عليه واله ) : يا علي إذا نزلت منزلا فقل : اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين . ، ترزق خيره ويدفع عنك شره.

وينبغي له زيادة الاعتماد والانقطاع إلى الله سبحانه وقراءة ما يتعلق بالحفظ من الآيات والدعوات وقراءة ما يناسب ذلك كقوله تعالى {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] وقوله تعالى {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40] ودعاء التوجه وكلمات الفرج ونحو ذلك‌ .

وعن النبي (صلى الله عليه واله ) : يسبح تسبيح الزهراء ويقرأ آية الكرسي عند ما يأخذ مضجعه في السفر يكون محفوظا من كل شي‌ء حتى يصبح .

ثامنها :  التحنك بإدارة طرف العمامة تحت حنكه ، ففي المستفيضة عن الصادق والكاظم (عليهما السلام ) : الضمان لمن خرج من بيته معتما تحت حنكه أن يرجع إليه سالما وأن لا يصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق .

تاسعها : استصحاب عصا من اللوز المر ، فعنه : من أراد أن تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصا ، و(النقد عصا لوز مر) ،  وفيه نفي للفقر وأمان من الوحشة والضواري وذوات الحمة وليصحب شيئا من طين الحسين (عليه السلام )  ليكون له شفاء من كل داء وأمانا من كل خوف، ويستصحب خاتما من عقيق أصفر مكتوب على أحد جانبيه ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله وعلى الجانب الآخر محمد وعلي ، وخاتما من فيروزج مكتوب على أحد جانبيه الله الملك وعلى الجانب الآخر الملك لله الواحد القهار‌.

عاشرها : اتخاذ الرفقة في السفر ، ففي المستفيضة الأمر بها والنهي الأكيد عن الوحدة‌ : ففي وصية النبي (صلى الله عليه واله ) لعلي (عليه السلام ) لا تخرج في سفر وحدك فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد .

ولعن ثلاثة الآكل زاده وحده والنائم في بيت وحده والراكب في الفلاة وحده .

وقال: شر الناس من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده وأحب الصحابة إلى الله أربعة وما زاد على سبعة إلا كثر لغطهم ، (أي تشاجرهم ) ، ومن اضطر إلى السفر وحده فليقل : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آمن وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي . ، وينبغي أن يرافق مثله في الإنفاق ويكره مصاحبته دونه أو فوقه في ذلك وأن يصحب من يتزين به ولا يصحب من يكون زينته له ، ويستحب معاونة أصحابه وخدمتهم وعدم الاختلاف معهم وترك التقدم على رفيقه في الطريق‌ .

الحادي عشر : استصحاب السفرة والتنوق فيها ، وتطييب الزاد والتوسعة فيه لا سيما في سفر الحج‌ . ، وعن الصادق (عليه السلام ) : إن من المروة في السفر كثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك . ،  نعم يكره التنوق في سفر زيارة الحسين (عليه السلام )  بل يقتصر فيه على الخبز واللبن لمن قرب من مشهده كأهل العراق لا مطلقا في الأظهر‌، فعن الصادق (عليه السلام) : بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين (عليه السلام )  حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأخبصة وأشباهه ولو زاروا قبور آبائهم ما حملوا معهم هذا.

و في آخر:

تالله إن أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزينا وتأتونه أنتم بالسفر كلا حتى تأتونه شعثا غبرا

الثاني عشر حسن التخلق مع صحبه ورفقته .

فعن الباقر (عليه السلام )  : ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال خلق يخالق به من صحبه أو حلم يملك به غضبه أو ورع يحجزه عن معاصي الله .

وفي المستفيضة: المروة في السفر ببذل الزاد وحسن الخلق والمزاح في غير المعاصي .

وفي بعضها: قلة الخلاف على من صحبك وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم .

وعن الصادق (عليه السلام ) : ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يتفق في السفر من خير أو شر.

وعنه (عليه السلام ) : وطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك وكف لسانك واكظم غيظك وأقل لغوك وتفرش عفوك وتسخي نفسك .

الثالث عشر : استصحاب جميع ما يحتاج إليه من السلاح والآلات والأدوية ، كما في ذيل ما يأتي من وصايا لقمان لابنه وليعمل بجميع ما في تلك الوصية‌ .

الرابع عشر  : إقامة رفقاء المريض لأجله ثلاثا ،  فعن النبي (صلى الله عليه واله ) : إذا كنت في سفر ومرض أحدكم فأقيموا عليه ثلاثة أيام ، وعن الصادق ( عليه السلام ) :حق المسافر أن يقيم عليه أصحابه إذا مرض ثلاثا .

الخامس عشر : رعاية حقوق دابته . ، فعن الصادق ( عليه السلام ) : قال رسول الله (صلى الله عليه واله )  : للدابة على صاحبها خصال يبدأ بعلفها إذا نزل ويعرض عليها الماء إذا مر به ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشي إلا ما يطيق.

وفي آخر: ولا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس .

وفي آخر: ولا يضربها على النفار ويضربها على العثار فإنها ترى ما لا ترون .

ويكره التعرس على ظهر الطريق والنزول في بطون الأدوية والإسراع في السير وجعل المنزلين منزلا إلا في أرض جدبة وأن يطرق أهله ليلا حتى يعلمهم ويستحب إسراع عوده إليهم وأن يستصحب هدية لهم إذا رجع إليهم‌

وعن الصادق ( عليه السلام ) :إذا سافر أحدكم فقدم من سفره فليأت أهله بما تيسر ولو بحجر.

(الخبر) ،  ويكره ركوب البحر في هيجانه‌ .

وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) : إذا اضطرب بك البحر فإنك على جانبك الأيمن وقل : بسم الله اسكن بسكينة الله وقر بقرار الله واهدأ بإذن الله ولا حول ولا قوة إلا بالله . ولينادي إذا ضل في طريق البر: يا صالح يا أبا صالح أرشدونا رحمكم الله. وفي طريق البحر: يا حمزة ، وإذا بات في أرض قفر فليقل : {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ  فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [الأعراف: 54]  ، وينبغي للماشي أن ينسل في مشيه أي يسرع‌ ، فعن الصادق ( عليه السلام ) : سيروا وانسلوا فإنه أخف عنكم ، وجاءت المشاة إلى النبي (صلى الله عليه واله )  : فشكوا إليه الإعياء ، فقال عليكم بالنسلان ففعلوا فذهب عنهم الإعياء وأن يقرأ سورة القدر لئلا يجد ألم المشي كما مر عن السجاد ( عليه السلام ) ‌، وعن رسول الله (صلى الله عليه واله )   : زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خناء ، وفي نسخه جفاء وفي أخرى حنان ، وليختر وقت النزول من بقاع الأرض أحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا هذه جملة ما على المسافر وأما أهله ورفقته فيستحب لهم تشييع المسافر وتوديعه وإعانته والدعاء له بالسهولة والسلامة وقضاء المآرب عند وداعه‌ قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) : من أعان مؤمنا مسافرا فرج الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم ونفس كربه العظيم يوم يعض الناس بأنفاسهم.

وكان رسول الله (صلى الله عليه واله )  :إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى ووجهكم إلى كل خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردكم سالمين إلى سالمين.

وفي آخر: كان إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثمَّ قال : أحسن لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير عليك بتقوى الله استودع الله نفسك سر على بركة الله عز وجل.

وينبغي أن يقرأ في إذنه : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرٰادُّكَ إِلىٰ مَعٰادٍ إن شاء الله.  ثمَّ يؤذن خلفه وليقم ، كما هو المشهور عملا وينبغي رعاية حقه في أهله وعياله وحسن الخلافة فيهم لا سيما مسافر الحج‌. ، فعن الباقر ( عليه السلام ) : من خلف حاجا بخير كان له كأجره كأنه يستلم الأحجار ، وأن يوقر القادم من الحج‌ ، فعن الباقر ( عليه السلام )  : وقروا الحج والمعتمر فإن ذلك واجب عليكم .

وكان علي بن الحسين ( عليه السلام ) يقول: يا معشر من لم يحج استبشروا بالحاج وصافحوهم وعظموهم فإن ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر.

وكان رسول الله (صلى الله عليه واله )  : يقول للقادم من مكة : قبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك .

ولنتبرك بختم المقام بخير خبر تكفل مكارم أخلاق السفر بل والحضر‌:

فعن الصادق ( عليه السلام )  قال: قال لقمان لابنه يا بني إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم وأكثر التبسم في وجوههم وكن كريما على زادك وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم واستعمل طول الصمت ، وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثمَّ لا تعزم حتى تتثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتضع وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك فإن من لم يمحض النصح لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع منه الأمانة وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم فإذا تصدقوا أو أعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل نعم ولا تقل لا فإنها عي ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا وإذا شككتم في القصد فقفوا أو تؤامروا وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا  تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم واحذروا الشخصين أيضا إلا أن ترون ما لا أرى فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي‌ء صلها واسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس زج ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك وابدأ بعلفها فإنها نفسك وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثمَّ ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة فإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ وتصدق منه فافعل وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا وعليك بالدعاء ما دمت خاليا وإياك والسير في أول الليل وسر في آخره وإياك ورفع الصوت يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك وتزود معك من الأدوية فانتفع به أنت ومن معك وكن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله عز وجل .

هذا ما يتعلق بكلي السفر ويختص سفر الحج بأمور أخر منها اختيار المشي فيه على الركوب على الأرجح بل الحفاء على الانتعال إلا أن يضعفه عن العبادة أو كان لمجرد تقليل النفقة وعليهما يحمل ما يستظهر منها أفضلية الركوب وروي ما تقرب العبد إلى الله عز وجل بشي‌ء‌ أحب إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين وأن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجة وما عبد الله بشي‌ء مثل الصمت والمشي إلى بيته ومنها أن تكون نفقة الحج والعمرة حلالا طيبا‌

فعنهم ( عليه السلام ) : أنا أهل بيت حج صرورتنا ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا .

وعنهم ( عليه السلام ) : من حج بمال حرام نودي عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك ، وعن الباقر ( عليه السلام ) : من أصاب مالا من أربع لم يقبل منه في أربع من أصاب مالا من غلول أو رباء أو خيانة أو سرقة لم يقبل منه في زكاة ولا صدقة ولا حج ولا عمرة .

و منها استحباب نية العود إلى الحج عند الخروج من مكة وكراهة نية عدم العود‌.

فعن النبي ( صلى الله عليه واله ) : من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره ومن خرج من مكة ولا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه .

وعن الصادق (عليه السلام ) مثله مستفيضا‌ وقال لعيسى بن أبي منصور: يا عيسى إني أحب أن يراك الله فيما بين الحج إلى الحج وأنت تتهيأ للحج.

ومنها أن لا يخرج من الحرمين الشريفين بعد ارتفاع النهار إلا بعد أداء الفرضين بهما ومنها البدأة بزيارة النبي (صلى الله عليه واله )  : لمن حج على طريق العراق ومنها أن لا يحج ولا يعتمر على الإبل الجلالة ولكن لا يبعد اختصاص الكراهة بأداء المناسك عليها ولا يسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في الطريق ومن أهم ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النية وإخلاص السريرة وأداء حقيقة القربة والتجنب عن الرياء والتجرد عن حب المدح والثناء وأن لا يجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة والافتخار بل وصلة إلى التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفح الأمصار وأن يراعي أسراره الخفية ودقائقه الجلية كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام أن الله تعالى سن الحج ووضعه على عباده إظهارا لجلالة وكبريائه وعلو شأنه وعظم سلطانه وإعلانا لرق الناس وعبوديتهم وذلهم واستكانتهم وقد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم والملاك لمماليكهم يستذلونهم بالوقوف على باب بعد باب واللبث في حجاب بعد حجاب وأن الله تعالى قد شرف البيت الحرام وأضافه إلى نفسه واصطفاه لقدسه وجعله قياما للعباد ومقصدا يؤم من جميع البلاد وجعل ما حوله حرما وجعل الحرم آمنا وجعل فيه ميدانا ومجالا وجعل له في الحل شبيها ومثالا فوضعه على مثال حضرة الملوك والسلاطين ثمَّ أذن في الناس بالحج ليأتوه رجالا وركبانا من كل فج وأمرهم بالإحرام وتغيير الهيئة واللباس شعثا غبرا متواضعين مستكينين رافعين أصواتهم بالتلبية وإجابة الدعوة‌ ، حتى إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول وأوقفهم في حجبه يدعونه ويتضرعون إليه حتى إذا طال تضرعهم واستكانتهم ورجموا شياطينهم بجمارهم وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم أذن لهم بتقريب قربانهم وقضاء تفثهم ليطهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه وليزوروا البيت على طهارة منهم ثمَّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرق وكنه العبودية فجعلهم تارة يطوفون فيه ويتعلقون بأستاره ويلوذون بأركانه وأخرى يسعون بين يديه مشيا وعدوا ليتبين لهم عز الربوبية وذل العبودية وليعرفوا أنفسهم ويضع الكبر من رءوسهم ويجعل نير الخضوع في أعناقهم ويستشعروا شعار المذلة وينزعوا ملابس الفخر والعزة وهذا من أعظم فوائد الحج مضافا إلى ما فيه من التذكر بالإحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر وأهوال يوم القيامة إذ الحج هو الحشر الأصغر وإحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم إلى المواقف ووقوفهم بها والهين متضرعين راجعين إلى الفلاح أو الخيبة والشقاء أشبه شي‌ء بخروج الناس من أجداثهم وتوشحهم بأكفانهم واستغاثتهم من ذنوبهم وحشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب أليم بل حركات الحاج في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأ ومفزعا نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم فبحلول هذه المشاعر والجبال والشعب والتلال ولدى وقوفه بمواقفه العظام يهون ما بأمامه من أهوال يوم القيامة من عظائم يوم المحشر وشدائد النشر عصمنا الله وجميع المؤمنين ورزقنا فوزه يوم الدين آمين رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين‌




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.