أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-8-2017
482
التاريخ: 20-8-2017
2678
التاريخ: 21-4-2018
805
التاريخ: 16-8-2017
404
|
يعد المعجم في واحدة من زوايا النظر إليه المرجع الذي يحتوي على ألفاظ اللغة، أو ما يستطاع تدوينه منها، ويصف أحوالها الدلالية، والتراث المعجمي العربي يعطينا هذ. الخصيصة، فبقدورنا استجلاء الألفاظ وما يدور حولها من
ص40
دلالات، ونغض الطرف عن مسألة التطور وإمكانية التعرف عليه في مصادرنا القديمة لأننا سنعرض لها بعد ونحاول الاستعانة بما أورده عدد من المعاجم في القرن الرابع متصلاً بالمصطلحين اللفظ والمعنى ، وذلك لنسهم في إيضاح مفهومها لدى النقاد عندما يتخذونها من أدوات نقدهم.
ولا يبعد عنا أن الحالة المعجمية للألفاظ تمثل الصوت الأساسية لمحيطها الدلالي، أو هكذا ينبغي أن تكون، وهي المعنى لنا في تفسير جنوح النقاد الى فهم خاص للمصطلح، وهي تشكل أينأ عنصرا يكشف المغايرة إن وجدت لدى هؤلاء، فنحن نسعى الى معرفة ما إذا كان الناقد يفصل دلالة المفردة ثم يسعى إلى ربطها بالمعنى المتأدي في اجتماعها بغيرها وعندئذ نميز بين هذه العملية التحليلية، وذاك النمط من التحليل الذي يحمل النظر إلى الألفاظ، ومن ثم إلى الأفكار التي هي عندهم.
والمعجمات التي نقف عندها هي: الصحاح للجوهري، ومقاييس اللغة لأحمد بن فارس، وتذيب اللغة للأزهري، وسنتبعها بمصنفين آخرين قريبين من المضار المعجمي هما: متخير الألفاظ لابن فارس، والألفاظ الكتابية لعبد الرحمن الهمذاني، لفرى تداول المصطلح في تلك الكتب التي تدرج في (معاجم المعاني) .
ونبدأ بالمادة اللغوية المتصلة بالمصطلح اللفظ : فالجوهري يقدم:
(1) أولاً الدلالة العامة للمادة (لفظ) وهي (الرمي من الفم) : " لفظت الشيء من في ألفظه لفظا رميته " (2)، ثم يعدد الدلالة المخصصة إذ يكون الملفوظ من الفم كلاماً: " لفظت بالكلام وتلفظت به أي تكلمت به "، وبعدها يعين المفردة بأنها " اللفظ واحد الألفاظ "، ويذكرن الصيغة ذاتها تستعمل مصدرا للفعل: لفظ، وجلي أن اهتمام الجوهري انصب على الناحية الصوتية في
ص41
المادة ولم يعر مضمون هذا الصوت أي انتباه (1) .
أما ابن فارس في المقاييس فهو يقول إن الماد (لفظ) تعني (1) أولا الدلالة على الطرح المطلق، ثم هي (2) يغلب عليها أن تكون من الفم، ثم (3) يخصص الفعل، فتقول: " لفظ الكلام يلفظ لفظا ، وبعدها يورد واحدا من المشتقات، وما يحتمله من دلالات " اللافظة: فهو الديك، ويقال: للرحى، والبحر "، وظاهر لنا معنى الصوت في الديك والطرح في الرحى للحبوب المطحونة، وكذلك في البحر إذ يخرج أشياء كثيرة من جوفه. ولا يختلف منحى (المقاييس) عما هو في (الصحاح)، إذ لا ربط بين هذا الصوت: اللفظ ومدلوله: معناه (2).
وأما الأزهري في التهذيب (3) فيأتي (1) بدلالة (الرمي من الفم) على أنها الأولى " فاللفظ هو أن ترمي بشيء كان في فيك، والفعل لفظ يلفظ لفظا" ، (2) ثم يخصص المادة بالكلمات " واللفظ لفظ الكلام قال الله جل وعز ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ [ق 50/18] " (3) وبعد ذلك يورد عبارة كنائية هي (لفظ فلان عصبه) إذا مات. وعصبه: ريقه الذي عصب بفيه أي غري به فيبس. ويؤكد صنيع الأزهري ما ذهب إليه صاحبا الصحاح والمقاييس، فبحثنا عن المقابلة بين لفظة ومدلولها لا يجدي في صريح نصوصهم للمادة (لفظ) .
ص42
ونتتبع مادة (المعنى، وعنى)، ويطالعنا الجوهري بدلالة عامة واوية اللام هي الإخراج والإظهار، " عنوت الشيء: أخرجته وأظهرته "، ثم يلتفت الى التخصيص فيورد الفعل اليائي اللام، " عنيت بالقول كذا أعني عناية، أي أردت وقصدت "، ثم يحدد الصيغة (معنى) أي الفحوى، ومعنى الكلام ومعناته واحد، تقول " عرفت ذلك في معنى كلامه، وفي معناة كلامه أي فحواه "، ونلحظ هنا أن ربط القصد والإرادة يتم في حالة الجمع (القول، والكلام)، أي مجمل ما يتحدث به المتكلم.
وابن فارس يسرد في أول المادة ودلالتها سواء أكانت واوية الاعتلال أو يائية فثم " القصد للشيء بانكماش فيه، وحرص عليه، والثاني دال على خضوع وذل، والثالث ظهور الشيء، وبروزه، ومنه عنيان الكتاب وعنوانه، وتفسيره أنه البارز منه إذا ختم "، ويردف بقوله: " ومن هذا الباب (معنى الشيء) ". ويذكر أن الخليل لم يزد على أن قال في هذا المجال: " معنى كل شيء محنته وحاله التي يصير إليها أمره ".
ويعود ابن فارس ليحدد ما يدل عليه قياس اللغة بشكل عام أولاً " فالمعنى هو القصد الذي يبرز ويظهر في الشيء إذا بحث عنه "، ثم يشرحه بعبارة أخرى: يقال: هذا معنى الكلام، ومعنى الشعر، أي الذي يبرز من مكنون ما تضمنه اللفظ. وأخيراً يذكر أن عنوان، وعنيان – كما يقول الخليل – مشتق من المعنى. وهذا الشرح اللغوي يظل غائماً فيما يتعلق بالمفردات، فالحديث يدور حول (معنى الكلام) و (معنى الشعر).
وأما الأزهري فيذكر (1) نقلاً عن الليث، الذي يتصل بالخليل، اشتقاق عنوان الكتاب من المعنى، (2) ثم يورد دلالة العناية في المادة (عنى): عناني هذا الأمر يعنيني عناية فأنا معنيُّ به، وقد اعتنيت بأمره، (3) يقول (عن الليث) ومعنى كل شيء محنته، وحاله التي يصير إليها أمره، وبعدها يقول
ص43
والأزهري (4) والمعنى والتفسير والتأويل واحد. وههنا نجد الإجمال السريع في العبارة الأخيرة الشارحة (المعنى).
وإذا ما قلّبنا ما أورده هؤلاء المعجميون في المادة اللغوية (كلم)، فإننا واجدون أقرب الصور الى ذلك التقابل بين المفردة ومعناها أي ما تدل عليه هي أولاً، والجوهري في الصحاح يميز ما تنطبق عليه الصيغتان: الكلام، والكلم، فالأولى اسم جنس يقع على القليل والكثير، أما الأخرى فلا تكون أقل من ثلاث كلمات، ويستشهد باستعمال سيبويه لها إذ قال في (الكتاب): هذا باب علم ما الكلم من العربية، لأنه أراد نفس ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف، وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة، ونحن نفيد الإشارة الى أفراد الكلمات ههنا، أي الكلمة التي ينبئ الجوهري أنها تدل كذلك على (القصيدة بطولها).
وابن فارس في المقاييس يعرض دلالتين (1) الجراح، و (2) الدلالة على نطق مفهم وهو الكلام، فتقول " كلمته أكلمه تكليماً وهو كليمي "، ثم إنه يفصّل لنا عدة مراتب لصيغة (كلمة)، فهي " اللفظة الواحدة المفهمة، ثم إنهم يسمون القصة كلمة، والقصيدة بطولها كلمة "، وأخيراً يحدثنا عن جمع الكلمة: كلمات، وكلم، قال تعالى: {يحرفون الكلم عن مواضعه} [النساء 4/45].
وينقل الأزهري عن الليث دلالة (كلم) على الجرح، ثم يذكر (الكليم) الذي تكلمه ويكلمك، ويورد صيغة (الكلام) مكتفياً بأنه (معروف) ومتبعاً إياه بالمفردة (كلمة) حجازية وتميمية، وبعد هذا نرى عنده المراتب التي تحتلها (الكلمة)، فهي تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة واحدة مؤلفة من جماعة حروف لها معنى، وتقع على قصيدة بكمالها، وخطبة بأسرها. وبذا نجد تحديداً واضحاً للعلاقة بين مجموعة حروف تكوّن لفظة، أي كلمة لها دلالة على معناها.
ص44
ولقد عرف القرن الرابع عدداً من المصنفات بشكل حلقة وسطى في تتابع الكتب التي انتهت الى صورة المعاجم المتكاملة للمعاني (معاجم المعاني)، وابرزها (فقه اللغة) للثعالبي، و (المخصّص) لابن سيده، ونستحضر من هذه الحلقة مصنفين هما (الألفاظ الكتابية) للهمذاني، و (متخير الالفاظ) لأحمد بن فارس، وذلك لنطلع على تداول مصطلحي اللفظ والمعنى فيهما، فنجمع الى المعجمات السابقة الصحاح، مقاييس اللغة، التهذيب (وهي التي تنطلق من اللفظ لتظهر معناه) ضرباً مقابلاً لها يهتم بالمعنى أساساً ومنطلقاً.
أما (الألفاظ الكتابية) فهو مصنف قسمه صاحبه الهمذاني الى عدد من الأبواب تمثل الأغراض الجزئية للحديث والتعامل والتفكير، التي تصب اللغة فيها معبرة عنها ليتم التواصل الإنساني وممارسة الحياة العملية والفكرية، ولكن الهمذاني اتجه بعمله وجهة خاصة هي: خدمة الكتاب في دواوينهم، وكذلك من شابههم، وقد اهتم بإيراد الجمل والعبارات الدائرة حول فكرة أو غرض (الشكر، الإسراع، النصر، التباطؤ، الأمر والنهي، وانتشار الخبر)، ولم يجعل وكده الألفاظ المفردة أسماء أو صفاتٍ ولم يرد منها إلا القليل النادر.
ونرى في (الألفاظ الكتابية) أن استعمال مصطلح (معنى) إنما يراد به (الفكرة) أو (الغرض الجزئي)، وهذا بيّن في تسمية الأبواب مثل: (باب في معنى لا يستطاع إصلاح الأمر) (4)، وباب بمعنى سلك طريقته، وباب بمعنى أصل الشر (4)، إضافة الى ما قدم به الهمذاني في صدر مؤلفه من أنه قصد الى أن يستطيع الكاتب أن يعبر عن (المعنى)، أي الفكرة بألفاظ متعددة مرة بعد مرة، فإن كتب – الكاتب – عدة كتب في معنى تنئة او تعزية أو فتح أو وعد أو
ص45
وعيد أو احتجاج أو غير ذلك أمكنه تغيير ألفاظها مع اتفاق معانيها وأن يجعل مكان (أصلح الفاسد): (لّم الشعث)، ومكان (لّم الشعث): (رتق الفتق)، و (شعب الصدع)، وهذا قياس فيما سواه من أبواب ألفاظ هذا الكتاب (5).
وهذا النص يعطينا مفهوم الألفاظ عند المؤلف إذ تدل على عموم المفردات في العمل الكتابي، وتظل في هذا الإطار عندما يسرد عدداً من الجمل يقابل فيها اللفظ المعنى مثل: اللفظ زينة المعنى والمعنى عماد اللفظ (6).
ولا نلحظ تحليل اللفظة والكلمة والاهتمام بالحالة المفردة إلا في لمحة عابرة يذكر فيها اللفظة الغريبة، والحرف الشاذ (7).
أما (متخيّر الألفاظ) لابن فارس، فيفارق صنيع الهمذاني بأنه يورد في أبوابه: الألفاظ المفردة السهلة، ويختمه بالألفاظ المركبة الجارية مجرى الأمثال والتشبيهات والمجازات والاستعارات (8). ورغم أن الجهد سخّر لخدمة الألفاظ فإننا لا نستخلص إلا أوصافاً عامةُ لا تقف لتربط اللفظة ومدلولها، ومن ثم تصلها بالمعنى (الفكرة) العام الذي تنضوي تحته هذه الألفاظ متجاوزة الفروق الدقيقة ما دامت في حيز دلالي عريض. إن ابن فارس في هذا الكتاب يكتفي بمثل: " محاسن كلام العرب، ومستعذب ألفاظها، والكلام الوحشي، والكلام الذي هو أحسن في السماع وألذ على الأفواه، وأزين في الخطابة، وأعذب في القريض، وأدلّ على معرفة من يختاره (9) "، وإذا ما بحثنا عن مصطلح " المعنى " فلا نعثر عليه حتى في رأس الأبواب، فالمؤلف يذكر أن هذا " باب متخيّر ألفاظهم في
ص46
وصف الكلام الحسن (10) " أو " هذا باب الرجل المحمود الخلق (11) "، إلا أن تكون عبارة في خضم من الشروح كأن يخبرنا بأن " العرب تقول: عرفت في فحوى كلامه وفي لحن كلامه... قال قطرب يقال: عرفته في معراض قوله، ومعنى كلامه(12) "، ويعسر إذا أن يلحظ المصطلح أو أن يثير الاهتمام لدى مطالعي متخير الألفاظ، فينعكس في تطبيقات وأعمال أدبية.
ص47
________________
(1) الصحاح، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري. تحقيق أحمد عبد الغفور العطار القاهرة 1956 ستة أجزاء، دار الكتاب العربي.
(2) مقاييس اللغة، أحمد بن فارس. تحقيق عبد السلام هارون القاهرة 1371 هـ ستة أجزاء، دار إحياء الكتب العربية.
(3) تهذيب اللغة، لأبي منصور محمد بن أحمد الهروي، ج3، تحقيق عبد الحليم النجار، ج10، تحقيق علي حسن الهلالي، ج14، يعقوب عبد النبي، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة 1964.
(4) الألفاظ الكتابية، عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني، بيروت 1911 نشرة لويس شيحوا ليسوعي / مطبعة اليسوعيين 4، 5، 80.
(5) الألفاظ الكتابية، الهمذاني VII من المقدمة.
(6) الألفاظ الكتابية، الهمذاني IX من المقدمة.
(7) الألفاظ الكتابية، الهمذاني VI من المقدمة.
(8) متخير الألفاظ، أحمد بن فارس 43-44.
(9) متخيّر الألفاظ 43.
(10) متخير الألفاظ 47 .
(11) متخير الألفاظ 71 .
(12) متخير الألفاظ 53 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|