المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

مؤامرات اليهود المعاصرة
13-12-2014
الفيروسات التي تصيب النحل
22-7-2020
جمع الاسم
2024-09-08
حكم من نوى الاقامة ثم رجع عن نيته
10-12-2015
أثر عقوبة الإنذار على الترفيع
2023-07-23
Radioactivity
24-5-2016


منابع الصورة الأدبية  
  
4143   09:43 صباحاً   التاريخ: 27-7-2017
المؤلف : علي علي مصطفى صبح
الكتاب أو المصدر : الصورة الأدبية تأريخ ونقد
الجزء والصفحة : ص :164-165
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

 
منابع الصورة هي تلك المصادر التي تمتد في جوانبها، وهذه الروافد التي تنتهي إليها لتتجمع في تشكيل متماسك، ونظم مترابط، وتشع منها خيوط تتماوج فيها الألوان والظلال، في تتابع وتدفق، الحركة تلو الحركة في انسجام منغم، وإيقاع رتيب. ومنابع الصورة كأمطار السماء المتدفقة من كل صوب حين تتجمع على سطح الأرض، فتتحول إلى أشرطة نورانية، تشق الأرض من كل حدب، وتنعكس على صفحاتها ألوان الشمس، ممتزجة بظلال الأشجار، فتميس على أنغام البلابل، وتشيع جوًّا من الجلال والرهبة لا خوفًا ولكن حبًّا وعشقًا.
والصورة أيضًا كالشمس تستمد منابع الضوء فيها والحرارة من براكين نارية وتفاعلات كيماوية تنعقد في القرص الكوكبي، ويتبع منها خيوط تنسحب عليها قطع الغمام وقطرات المياه فتتحول إلى أطياف، تتجاوب فيها الألوان والأضواء والظلال مع أصداء الرياح، واصطكاك السحاب بعضه مع بعض لتحقق القوة والحياة والجمال والجلال.
تلك هي صلة الصورة بمنابعها ومواردها، وظن كثير من النقاد أن هذه هي عناصر الصورة الأدبية، ولو كان الأمر كذلك فماذا يقولون في الحركة واللون والحجم والشكل مما سأذكره عن عناصرها بعد ذلك.

إن الأمر يحتاج إلى دقة وتحديد، ولعل غموض الصورة هو الذي دفعهم إلى هذا الخلط، ومن تحدث منهم عن عناصر الصورة أهمل ذكر مصادرها، لتتميز عنده عن العناصر؛ لأن الناقد لم ينص عليها صراحة(1).
ولست مدعيًا أنني سأبتكر المنابع في ذاتها؛ لأن هذا ليس بمعقول أبدًا في أي نشاط إنساني أو أدبي أو علمي، ولكن غاية ما أستقل به أن أحدد المعالم وأضع الشيء في مكانه، وأذكر قيمته وأهميته في تكوين الصورة الأدبية.
فأما المنابع فهي:
أولًا: اللفظ الفصيح الذي يتناسب مع الغرض والعاطفة، ويطمئن إلى مكانه من التركيب أو النظم سواء أكان هذا اللفظ حقيقة أو مجازًا، والحقيقة منزلتها من الصورة حينًا كما للمجاز أحيانًا.
ثانيًا: الخيال بألوانه الخلابة الكثيرة كالاستعارة والتشبيه والكتابة والتمثيل والمجاز المرسل وحسن التعليل، والتجسيم والتشخيص وغير ذلك فبابه واسع ودقيق.
ثالثًا: الموسيقى بأنواعها المختلفة: من اللفظ الرشيق، الذي خفت حروفه على الأسماع وحلت في اللسان، وانسجم بعضها مع بعض، ومن العبارة التي تلاقت ولم تتنافر وتآخت ولم تتجاف فعزفت الكلمات والحروف أروع معزوفة موسيقية، ومن التراكيب في التئام والتحام، وتكونت أنغام فوق أنغام من الجناس والطباق والمقابلة والمزاوجة والتقسيم مع الجمع، والتشبيه المتعدد والمركب ثم الوزن والقافية.
رابعًا: النظم والتأليف سواء أقام على الحقيقة أو قام على الخيال فالنظم المجرد من الخيال يعد مصدرًا من مصادر الصورة أيضًا كالقائم عليه تمامًا بالتفصيل.

خامسًا: الصورة الجزئية التي تسهم مع أخواتها في تكوين الصورة الكلية من القصيدة، فتنسجم في وحدة وترابط مع التجربة الشعورية، التي أودعها الشاعر من مخزونه في إطار الصورة الواسع العميق.
سادسًا: العاطفة وهي التي تنتقي ألوان الصورة فتركز الأصباغ، أو تمزج الألوان، أو تبعث الأضواء وسط الظلام؛ لأن عصاها سحرية لا تبقى ولا تذر، وبها تنطق الصورة بالحزن، وتهتز للفرح، وتصطخب للحماس والنضال وهكذا.
سابعًا: الشعور وهو الفارق الجوهري بين الفنون المختلفة. فالصورة الشعرية الخالدة على وصل منه لا ينقطع، والرسم التصويري على هجر لا يتصل، لذلك فهو يحيي الصورة الأدبية، ويجمد المرسومة الفنية، ولو سرى الشعور في تمثال لكتب له الحياة.

 

__________
(1) كالعقاد في: يسألونك: 45 وما بعدها -وفي مراجعات: 160 وما بعدها- وفي ابن الرومي حياته من شعره: 200 وما بعدها.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.