أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-6-2018
9255
التاريخ: 15-3-2016
4967
التاريخ: 8-8-2017
2732
التاريخ: 11-12-2017
4638
|
ان تحليل البصمة الوراثية بوصفه دليلاً علمياً في الاثبات الجنائي يقتضي توافر شرطين اساسيين هما : التأكد من مصداقية نتيجة تحليل البصمة الوراثية، وضرورة الحصول على عينة من المتهم بطريقٍ مشروع . وسنبين هذين الشرطين في الفرعين الاتيين :
الفرع الاول
التأكد من مصداقية نتيجة تحليل البصمة الوراثية
ان التيقن من قيمة تحليل البصمة الوراثية يعتمد – بصورة كلية – على جودة طريقة البحث والدقة في تفسير النتائج التي اسفر عنها هذا التحليل ، وهو امر يتطلب وجود معمل ذي كفاءة عالية(1) ، لان هذا الاختبار يوصف بانه عملية معقدة ويحتاج الى مختبرات واجهزة علمية متطورة ، فضلاً عن العديد من المركبات الكيميائية(2) كما يتطلب خبرة واسعة وتخصصاً دقيقاً(3) . كما ان هذا التحليل يحتاج الى معاودة تحليل الحامض النووي لاكثر من موضع منه للتيقن من نتائجه ، كما يتطلب وجود عينة ايجابية للمقارنة ، وهذا مما يؤدي الى رفع معدل دقة نتائج التحاليل ، وقد جرى العمل في الشركات المتخصصة على وضع مادة خاصة لعينة المقارنة(4) . وقد حذر اريك لا ندر من الثقة الزائدة في التكنولوجيا الحديثة والاستخدام المتحيز لها اذ قال "ان للتكنولوجيا الجديدة ميلا الى ان تخلق متطلبات جديدة ، وكلما ازدادت قدرة التكنولوجيا مثل بصمة الدنا قل على الاغلب تفحصها كما يجب الاعتراض عليها عند التطبيق"(5) . ولأجل التأكد من مصداقية التحليل ، لابد من مراقبة الطريقة الفنية في المختبر الذي تجري فيه التحاليل (الاختبارات) الجينية(6) وبما ان تحليل البصمة الوراثية هو تقنية جديدة في مجال الاثبات الجنائي فيجب وضع قواعد لحفظ العينات والمعلومات الناتجة عن هذا التحليل ، اذ لابد ان تحفظ بأسلوب يمكن الرجوع اليه(7) ، وهذا ما دفع الادارات الحكومية على كافة الاصعدة المحلية والفيدرالية في الولايات المتحدة الامريكية الى وضع قواعد بيانات حاسوبية خاصة ببصمات الحامض النووي تشبه سجلات بصمات الاصابع ، وقد اخذ القانون الفيدرالي الامريكي بتحديد هوية الشخص من خلال حامضه النووي ، والذي صدر في سنة 1994 عن طريق حصر قواعد البيانات الحاسوبية الحكومية في هذا الاطار بالمجرمين الذين سبق وأن أدينوا بارتكاب جرائم جنايات وجنح ، ووفقاً لهذا القانون فان حق الوصول الى قواعد البيانات يقتصر على المنظمات المختصة بتطبيق القانون في البلاد ، وان استعمال المعلومات الخاصة بالحامض النووي في المحاكمات الجنائية يتطلب الحصول على امر من المحكمة(8) . اضافة الى ذلك فأن التوصية التي اصدرها المجلس الاوربي رقم (92-1-R) والمتعلقة باستخدام تحليل البصمة الوراثية في مجال الاثبات الجنائي اشارت في المبدأ الرابع منها الى عدم السماح باجراء هذا التحليل الا بترخيص من السلطة المختصة بالتحقيق ، كما لم يجز المبدأ الخامس منها اجراءها الا في نطاق الجرائم ذات الخطورة الاجرامية الشديدة(9) . ونخلص مما تقدم ، ان صحة نتيجة التحليل من عدمه تتعلق بأمر الترخيص بها ، كما لايمكن اجراء التحليل في جميع الجرائم ، وانما فقط الجرائم شديدة الخطورة . ومن الجدير بالاشارة توصلت هيأة تقويم التكنولوجيا في الكونغرس الامريكي (Cougreesiaual office of techuo assessents) التي تاسست عام 1990 ان لاختبار البصمة الوراثية قيمة عالية في مجال الاثبات من الناحية العلمية ، حيث ان امكانية التعويل عليها في اصدار الاحكام القضائية تعتمد على اساس هذه التحاليل (الاختبارات) ، مما حمل الهيأة على وضع نمطين متميزين من انماط المعايير هما: المعايير الاجرائية والمعايير التقنية، وتشمل المعايير الاجرائية جميع المسائل التي تلازم وتعاصر هذا التحليل من المراكز الصحية المختصة والكيفية التي يمكن من خلالها المحافظة على سرية المعلومات المستخلصة واجازة الكفاءات البشرية التي تمارس هذا التحليل ، اما المعايير التقنية فانها تتضمن المعايير المختبرية التي تستخدم في اجراء هذا التحليل والقواعد التي تتم على اساسها المقارنة بين العينات التي تؤخذ من الحامض النووي (DNA) والنطاق الذي يستعان فيه بأجهزة الكمبيوتر لاجراء هذا التحليل(10) .
"الفرع الثاني"
ضرورة الحصول على العينة من المتهم بطريق مشروع
ان قبول الادلة يستلزم ان تكون الاجراءات التي اتبعت في الحصول عليها مطابقة للاجراءات المنصوص عليها قانونا(11) وبخلاف ذلك لا يكون للادلة قيمة قانونية(12) وحتى يكون الدليل الجنائي مقبولا يشترط توافر امرين هما : حرية الدليل ومشروعية الدليل(13) .ويبدو ان استخدام تقنية البصمة الوراثية كأحد الادلة المعتمد عليها في الاثبات الجنائي، يولد بعض المشاكل المتعلقة بالمبادئ العامة للاجراءات الجزائية والحقوق والضمانات المقررة للمتهمين ، منها مدى جواز المساس بالسلامة الجسدية للمتهم لارغامه على اخذ عينة من جسمه او خلية من دمه والكيفية التي يمكن الاعتماد بها على البصمة الوراثية في التعرف على الاشخاص(14) ، وبناءاً على ما تقدم سنستعرض المشاكل التي يثيرها استخدام البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي اولا ، كما سنبين امكانية ارغام المتهم على الخضوع لتحليل البصمة الوراثية ثانياً .
اولا : المشاكل التي يثيرها استخدام البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي .
ان استخدام البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي يثير عدة مشاكل تتعلق بالسلامة الجسدية ، وحرمة الحياة الخاصة .
1- السلامة الجسدية : ان تحليل البصمة الوراثية يتطلب الحصول على عينة من جسم الانسان ، لانه لا يمكن اجراء تحليل في ظل الوضع العلمي الحالي الا على عينات الدم والحيوانات المنوية ، او اي خلايا صادرة او منفصلة من جسم الانسان (15) ، وهذا التحليل يقوم باجراء المقارنة بين المخلفات التي تترك في مكان الجريمة والعينات التي تأخذ من المتهم لتقدير ما اذا كان المصدر واحداً من عدمه(16) ، وهذه المقارنة تتطلب اقتطاع جزء من جسم الانسان (المتهم) لاجراء التحليل مما يشكل مساسا بالسلامة الجسدية(17) ، التي وفرت لها الشريعة الاسلامية واغلب المواثيق والاتفاقيات والمؤتمرات الدولية والدساتير الحماية اللازمة(18) ، الا ان حق الانسان في سلامة جسده ليس حقا مطلقاً ، وانما يجوز تقييده في حالات منصوص عليها قانوناً ، فقد نصت المادة (70) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على ان : "لقاضي التحقيق او المحقق ان يرغم المتهم او المجني عليه في جناية او جنحة على التمكين من الكشف على جسمه واخذ تصويره الشمسي او بصمة اصابعه او قليل من دمه او شعره او اظافره او غير ذلك مما يفيد التحقيق لاجراء الفحص اللازم عليها (ويجب بقدر الامكان)(19) ان يكون الكشف على جسم الانثى بواسطة انثى" (20).
يضاف الى ما تقدم هناك من لم يجز اخذ عينة من جسم المتهم بهدف اجراء تحليل البصمة الوراثية عليها ، وذلك لانها تمثل مساساً بحرمة الجسد وتعارضها مع الحرية الفردية للاشخاص ، فللشخص (المتهم) وحده الحرية الكاملة في تقديم عينة بيولوجية لاجراء التحليل البيولوجي عليها او رفض ذلك ، اذ ان استقطاع شعرة من الجسم او من الرأس او قطع احد الاظافر ، يسبب الالم الامر الذي يعد مساسا بحرمة الجسد(21) ، وهذا الرأي جاء متفقا مع ما قرره العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 من حظر الفحص الكامل لشخص المجرم باستخدام الوسيلة البيولوجية في العلم المعاصر ، سواء اكان بالغاً ام قاصراً وقت اجراء الفحص(22) ، الا ان اغلب الفقهاء يذهبون الى ان الاخذ بالاتجاه السابق يؤدي الى وضع عقبات في طريق تقدم المجتمع وتعوق تطوره ، وان قانون العقوبات يحدد الافعال التي تعد جرائم ، ويحدد عقوباتها وتوقيع العقوبة يحتاج الى دليل وبرهان ، فقد حددت القوانين الاجرائية الاجراءات التي يجب ان تلتزم بها سلطات التحقيق ، وهي تسعى الى الوصول الى الدليل ، فالتشريعات قد جاءت لتحمي حق المجتمع في ان يعيش في امان واطمئنان وحقه في الا يفر مجرم من العقاب ولا يقع بريء تحت طائلته (23) . ونخلص مما سبق ، ان الاعلانات الدولية والمؤتمرات والاتفاقيات الدولية والدساتير قررت مبدأ حرمة الجسد ، حيث ان الاصل هو عدم جواز المساس بجسم الانسان تحت اي مسمى يمكن ان تطرحه معطيات التطور العلمي ، الا اذا كان هذا المساس لغرض العلاج او التداوي ، كما ان القوانين اجازت استثناءاً من مبدأ حرمة الجسد ، اللجوء الى اخذ عينات من الجسم (جسم المتهم) رغماً عنه بعد موافقة السلطات المختصة للحصول منها على دليل ادانته او براءته تحقيقا للمصلحة العامة ، هذا في حالة كون الشخص على قيد الحياة ، اما اذا كان قد فارق الحياة واصبح جثة هامدة ، هل يجوز اخذ عينة من دمه او شعره او اظافره او اية خلية جسدية ام انه يعد انتهاكا لحرمة الميت ؟ . وللاجابة عن ذلك ، نصت المادة (374) من قانون العقوبات العراقي على ان : "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار او باحدى هاتين العقوبتين(24) من انتهك عمداً حرمة جثة او جزءً منها او رفات ادمية او حسر عنها الكفن واذا وقع الفعل انتقاماً من الميت او تشهيراً به فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات" (25) ، يتضح من هذا النص ان المشرع عاقب كل من انتهك حرمة جثة او جزء منها او رفات آدمية او حسر عنها الكفن وعد وقوع الفعل انتقاما من الميت او تشهيرا به ظرفاً مشدداً، وما يتعلق بموضوع بحثنا هو انتهاك حرمة جثة او جزء منها او رفاتها الادمية . ويراد بالجثة كل جسم انسان انعدمت فيه الحياة بصورة نهائية ، وذلك لاسباب قد تكون اعتيادية او غير اعتيادية(26) ، اما عبارة (جزء من الجثة) فيراد بها احد اعضاء الجثة ، وذلك لان الاتجاه التشريعي يعطي حكما واحداً للاعتداء على الجثة وأحد اجزائها(27) . والعضو البشري يشمل كل جزء من الانسان سواء كان عضوا مستقلا كالدماغ والقلب والكلية واليد والعين ام جزءً من عضو كالقرنية والانسجة والخلايا وما يتخلف منها كالشعر والاظافر وما لا يتخلف منها سواء كان جامدا ام سائلا كالدم متصلا به ام منفصلاً عنه(28) . في حين هناك من يرى عدم جواز اطلاق لفظة عضو(29) على الدم(30) ، لان هذا الاطلاق ينافي ما جاء في التعريف اللغوي(31) . الا ان المادة (71) من قانون اصول المحاكمات الجزائية نصت على ان : "لقاضي التحقيق اذا اقتضى الحال ان يأذن بفتح قبر للكشف على جثة ميت بواسطة خبير او طبيب مختص بحضور من يمكن حضوره من ذوي العلاقة لمعرفة سبب الوفاة" ، يتبين من هذا النص ان مشرعنا اجاز فتح القبر بإذن من قاضي التحقيق للكشف على جثة الميت - اذا اقتضى الحال ذلك – وطالما ان المشرع اجاز ذلك فمن باب أولى يكون بالامكان اخذ عينة من جثة الميت قبل دفنها في المكان المخصص للدفن أي عندما تكون موجودة في ثلاجات حفظ الموتى .
2- حرمة الحياة الخاصة (الخصوصية الجينية)
وفرت الشريعة الاسلامية الحماية للحياة الخاصة وتبنت ذلك اعلانات الحقوق والاتفاقيات الدولية والدساتير(32) ، وقد كرست القوانين العقابية ما جاء في تلك الاعلانات والاتفاقيات والدساتير(33) فقد نصت الفقرة (27) من المادة (226) من قانون العقوبات الفرنسي على الاتي: "ان اجراء دراسة حول الخصائص الوراثية لشخص ما لاغراض طبية دون اخذ موافقته مسبقا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة (145 – 150) من قانون الصحة العامة ، يعاقب فاعله بسنة حبس وغرامة تبلغ قيمتها (100.000) فرنك فرنسي" ، كما نصت المادة (22) من الفصل الخامس عشر من قانون الخصوصية الجينية لولاية (الينوى) الامريكية على انه : "باستثناء ما ينص عليه القانون فان الاختبار الجيني والمعلومات الناتجة عنه تظل سرية مضمونة ولا يجوز كشفها الا للشخص موضوع الفحص وللاشخاص المأذون لهم على وجه الخصوص ، وفيما عدا ما ينص عليه القانون ، فلا يجوز ان تؤخذ هذه المعلومات كدليل مقبول امام القضاء او التحقيق الذي يجريه في اية دعوى مهما كان نوعها وتسري هذه القاعدة على جميع المحاكم ايا كانت درجتها كما وتسري على جميع الهيئات او الوكالات الحكومية او غير الحكومية" (34) . يتضح من هذين النصين ، ان اللجوء الى الفحص الجيني (البصمة الوراثية) ، ينبغي ان يكون بعيدا عن التدخل الذي يمس الحياة الخاصة للافراد او خصوصياتهم الجينية ، وبعبارة اخرى يجب ان لا يؤدي هذا الفحص او التحليل الى كشف المعلومات المتعلقة بأسرار الافراد المرضية او الصحية(35) . وهذه الحماية للحياة الخاصة للمتهم لم تكن مطلقة ، وانما ترد عليها بعض الاستثناءات(36)، اذ ان المشرع قد وازن بين حق الافراد في الخصوصية الجينية واضفاء الحماية عليها ، كما وفق بين المصلحة العامة ومصلحة الفرد ، فقد اقر – كأصل عام – للافراد الحق في الحياة الخاصة (الخصوصية الجينية) واضفى عليه الحماية الجنائية من ناحية ، واجاز استثناء المساس بالحق في الخصوصية ، من ناحية اخرى ، اذا توافرت الشروط الاتية :
أ- صدور امر باجراء التحليل من الجهة القضائية المختصة :
يشترط في إذن إجراء تحليل البصمة الوراثية ، ان يكون صادراً من جهة التحقيق اذا كانت الدعوى لم تصل بعد لحوزة المحكمة ، او من قبل محكمة الموضوع المختصة . ووفقا لذلك ، فلا يستطيع اي شخص من تلقاء نفسه ان يطلب اجراء التحليل بصفة شخصية ، بدون ان تكون هناك دعوى او اذن صادر من الجهة المختصة وعلى الجهة القائمة بامر التحليل ان تمتنع عن القيام به قبل استيفاء كافة الشروط التي يتطلبها القانون ، نظراً لخطورة الاثار الناجمة عن مثل هذه الفحوصات في كافة المجالات(37) .
ب- توافر الضرورة الطبية والطوارئ :
نصت الفقرة الثانية من المادة (41) من قانون العقوبات العراقي على ان : "لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق : ... 2- عمليات الجراحة والعلاج على اصول الفن متى اجريت برضاء المريض او ممثله الشرعي او اجريت بغير رضاء ايهما في الحالات العاجلة" (38) .
ووفقا لنص هذه الفقرة ، فانه يجوز التدخل الطبي لغرض اجراء العمليات الجراحية او العلاج بشرط اتباع اصول الفن فيها بموافقة المريض او ممثله الشرعي او بدون رضا ايهما في الحالات المستعجلة التي يتعذر فيها الحصول على رضا المريض او ممثله الشرعي. كما اجاز قانون خصوصية الجينوم الامريكي لسنة 1990 في حالات الضرورة الطبية المساس بالخصوصية الجينية وكشف المعلومات الطبية او الوراثية دون موافقة من له الحق فيها(39) ، وعليه فان تطور الوسائل العلمية الحديثة تطوراً ملفتاً للانظار في كافة المجالات ، ومنها ادلة الاثبات الجنائي ترتب عليه امران اولهما : التضييق من نطاق الحياة الخاصة للفرد، وثانيهما ان خصوصيات الافراد ستكون معرضة للاعتداء سواء كان الاعتداء واقعا من قبل الافراد ام كان واقعا من قبل الدولة ، وهذا مما يشكل خطرا جسيما على الفرد(40) . هذا ولغرض مكافحة التجاوزات التي تحصل في استخدام الاختبارات الوراثية ، فقد عاقبت الفقرة (20) من المادة (226) من قانون العقوبات الفرنسي بالسجن لمدة سنة واحدة وغرامة مقدارها (100.000) فرنك فرنسي على واقعة تحويل المعلومات التي تم جمعها عن الشخص عن طريق دراسة صفاته الوراثية لاغراض طبية او لاغراض البحث العلمي . ويثور التساؤل هل يعد تحليل البصمة الوراثية ، تدخلا في الحياة الخاصة (الخصوصية الجينية) لشخص المتهم ام لا ؟ وللاجابة عن هذا التساؤل ، لابد ان نحدد طابع المعلومات التي ستكتشف من هذا التحليل ، فاذا كانت المعلومات تتعدى الغرض المطلوب منها ، وهو تحديد هوية الشخص (المتهم) وتمتد الى الحياة الخاصة له وتكشف عن معلومات وراثية تكون ذات طابع شخصي جدا ، ففي هذه الحالة يعد مساسا بالحياة الخاصة للمتهم لانها معلومات وراثية خاصة به لا يجوز الاطلاع عليها(41) ، اما اذا كانت المعلومات المتحصلة تنحصر ضمن حدود الغرض المنشود منها ، فلا يعد مساساً بالحياة الخاصة ، لانها لم تتعد الهدف الذي اجري الاختبار من اجله ، كما انها لم تكشف عن معلومات وراثية تخص المتهم وهذا ما يتفق مع الطريقة التي وضعها الدكتور جيفري "Jeffegs" في تحليل الحامض النووي التي واخيراً فاننا نوصي مشرعنا بالاتي :
- ان يحدد نطاق استخدام البصمة الوراثية من اجل توفير الحماية الكافية لحق الانسان في خصوصيته الجينية على ان يكون من بينها استخدامها في الاثبات الجنائي وبنص يضاف الى قانون العقوبات .
- ان يضمن قانون العقوبات نصوصاً قانونية تجرم المداخلات الطبية الجينية كافة التي تجري لاغراض غير علاجية سواء اكانت هذه الاغراض عرقية ترمي إلى تحسين بعض الصفات الوراثية للانسان ام تكوين الهجائن ام اختيار جنس الجين باستثناء المداخلات التي تجري باستخدام البصمة الوراثية لاغراض علاجية نظراً لما تمثله من انتهاك صارخ بحق الانسان في خصوصيته الجينية .
- وضع نظام داخلي تسير عليه المؤسسات الطبية التي تجري البصمة الوراثية لاغراض علاجية واشراف الدولة عليها بصورة مباشرة وترصين عمل هذه المؤسسات بالكوادر العلمية المتخصصة ووضع عقوبات انضباطية رادعة لاي مخالفة يمكن ان تصدر عن هذه المؤسسات .
ثانيا : مدى امكانية ارغام(42) المتهم على الخضوع لتحليل البصمة الوراثية
ان عملية اخذ عينة او خلية من جسم المتهم يعد احد متطلبات المقارنة التي تجري على ما عثر عليه في مكان الجريمة او على جسم المجني عليه ، ولكن ما مدى امكانية ارغام المتهم على الخضوع لتحليل البصمة الوراثية ؟ وبعبارة اخرى ما هو الحل اذا رفض المتهم أخذ عينة من جسمه ؟ وللاجابة عن هذا التساؤل لابد ان نفرق بين الفرضين الاتيين :
الفرض الاول : عندما توجد بعض الاثار المتخلفة من الجاني في مكان الجريمة ، فلا نحتاج الى جسم المتهم ، ولكن هذه الحالة تتطلب من القائم برفع الاثار الحرص والحذر ، كما ان استخدام الطرق المتطورة في اجراء التحليل على الملوثات المنوية ستجعل نتيجة تحليل البصمة الوراثية دليلا قاطعاً ، حيث تعد مسألة التأكد من التلوثات فيما اذا كان تلوثاً منوياً ام لا من الاجراءات المهمة في تحليل التلوثات المنوية ، نظراً لتشابهها مع التلوثات الاخرى من ناحية المظهر الخارجي(43) ، كما يجب ان يجري التحليل بدقة متناهية حتى يحقق الهدف المرجو منه(44) ، اما اذا تطلب الامر اخذ عينة من جسم المجني عليه ، فلابد من الحصول على موافقته او موافقة ولي امره على ذلك ، فان رفض المجني عليه اخذ العينة ، فيكتفي بما اخذ او رفع من عينات في مكان الجريمة(45) .
الفرض الثاني : عندما يتطلب الامر اخذ العينة من جسم المتهم ، وفي حالة رفض المتهم ذلك فهناك ثلاثة خيارات تمخضت عن مناقشات مطولة بشأن استخدام البصمة الوراثية في مجال الاثبات الجنائي ، ولاسيما تحليل البصمة الوراثية .
الخيار الاول ، هو فرض العقوبة على المتهم في حالة رفضه اخذ عينة من جسمه ، كما هو الحال في المخالفات المرورية(46) .
وهذا الخيار منتقد ، لان المتهم سيكون مجبراً على التعاون والخضوع للاختبار ، بسبب العقوبة التي تفرض عليه اذا ما رفض الامتثال لاجراء تحليل (DNA) ، كما ان هذه العقوبة يجب ان تكون مساوية للعقوبة التي ستقع عليه في حالة حصول التطابق بين العينة التي اخذت منه مع العينة التي عثر عليها في مكان الجريمة(47) .
الخيار الثاني ، لا يعاقب المتهم في حالة رفضه الخضوع للتحليل ، وتقدير ما اذا كان الرفض يعد دليلا على ارتكاب المتهم للجريمة من عدمه امر متروك لسلطة القاضي التقديرية، وقد اخذت بهذا الخيار قوانين انكلترا وايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا ، وانتقد هذا الخيار ، لان رفض المتهم لا يمكن اعتباره دليلاً قاطعاً على مسؤوليته الا إذا جاءت نتيجة التحليل تدل على تطابق بين العينة التي اخذت منه مع العينة التي وجدت في مكان الجريمة او على جسم المجني عليه(48) .
الخيار الثالث ، هو ارغام المتهم على المثول لتحليل البصمة الوراثية ، وهناك من يعده خروجاً على المبادئ الجوهرية في قانون الاثبات وهي عدم جواز امكانية ارغام الشخص بتقديم دليل ضد نفسه ، وكذلك مبدا البينة على المدعي(49) ، ولكنه الخيار المعول عليه في الدول الاوربية والدول العربية التي اعطت الصلاحية للقاضي بارغام المتهم على اخذ عينة من جسمه على ان تكون هذه العينة بالقدر اللازم لاجراء التحليل(50) . ونحن نحبذ الخيار الثالث لكونه الخيار الامثل ، كما اننا نثني على مشرعنا عندما اجاز في المادة (70) من قانون اصول المحاكمات في جناية او جنحة ارغام المتهم على أخذ عينة من دمه أو شعره أواظافره أو غير ذلك مما يفيد التحقيق لاجراء الفحص اللازم عليها ، لان الحصول على عينة دم من المتهم ، وان احدثت الما له ولكنه ليس بالألم الكبير لانه مجرد وخزة ابرة بسيطة ، فضلا عن ذلك ، ان اخذ عينة من دم المتهم في بعض الجرائم التي تتوافر فيها دلائل غير كافية على ارتكابه لها يعد اجراء ضرورياً من اجل مقارنتها بما عثر عليه من بقع دموية او منوية او غيرها من المخلفات البشرية في مكان الجريمة ، واخذ هذه العينة وان كان يمثل اعتداءا على السلامة الجسدية ، غير ان هذا الاجراء لا يمكن مقارنته بالضرر الذي سببه الجاني بارتكابه للجريمة ، ولهذا فالقانون قد سمح باخضاع المتهم لاجراءات من شأنها ان تمس بسلامته الجسدية من اجل رعاية مصلحة جديرة بالاهمية تحقيقاً للامن والعدالة ، كما هو الحال في الاثبات الجنائي بالنسبة لقائد السيارة المتعاطي للخمور .
__________________
1- د. جمال جرجس مجلع تاوضروس ، الشرعية الدستورية لأعمال الضبطية القضائية ، النسر الذهبي للطباعة ، 2006 ،ص440 .
2- د. حسنين المحمدي بوادي ، الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005، ص60 .
3- د. جميل عبد الباقي الصغير ، أدلة الإثبات الجنائي والتكنولوجيا الحديثة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001 ، ص69 .
4- وفي الواقع العملي فان البيولوجي يعمل على ما عثر عليه من عينات في مكان الجريمة ، فان كانت العينة من القلة اي ما يكفي لاجراء تحليل واحد لا اكثر فانه لا يسمح لاجراء معاودة التحليل خاصة اذ لم تكن نتيجة التحليل الاولى حاسمة ، كما حصل في قضية (نيويورك ضد كاسترو) ، عندما قتلت (فيلما يونس) وابنتها البالغة من العمر سنتين في شقتها ، والقى زوجها التهمة على بواب العمارة (جوزيف كاسترو) وقد لاحظ على ساعة يد (كاسترو) وجود بقعة دم صغيرة وقد ارسلت الى شركة لايفكودز لتحليل الحامض النووي ، وبعد التحليل وجد ان الدم الموجود على الساعة يتوافق مع دم الام القتيلة ، وقد ظهرت في التحقيق الاولي الذي اجري مشاكل عديدة فنية لذلك لابد من تكرار التجربة طالما ظهر التباس ، وعندما بدأت المحاكمة كان الحامض النووي (الدنا) الموجود على الفلتر قد استهلك ولم يعد ممكنا تكرار التحليل واخيرا قرر القاضي ان : (بينة الحامض النووي (الدنا) مقبولة من ناحية المبدأ ، لكن التحليل في هذه القضية لم يتبع المبادئ المقبولة ، وحكم بان بينة الحامض النووي (الدنا) عن التوافق بين الدم الموجود على الساعة وبين دم القتيلتين بينة غير مقبولة قانونا) . انظر : د. سعد الدين مسعد هلالي ، البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية ، مجلس النشر العلمي ، الكويت ، 2001، ص40 -41.
5- المرجع السابق ، ص42-43.
6- اذ تنص الفقرة (ب) من المادة 69 من قانون اصول المحكمات الجزائية على ان "لقاضي التحقيق او المحقق ان يحضر عند مباشرة الخبير عمله" ، المادة 134 من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري ، الفصل 102 من مجلة الاجراءات الجزائية التونسية ، الفقرة الثانية من المادة (221) من قانون الاجراءات الجنائية الايطالي .
7- د. حسنين المحمدي بوادي ، الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005، ص61 .
8- براين انيس ، الادلة الجنائية ، الطبعة الاولى ، الدار العربية للعلوم ، بيروت، 2002 ، ص176 .
9- د. رضا عبد الحكيم عبد المجيد ، الحماية القانونية للجين البشري ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001، 196 .
10- ظافر حبيب جباره ، النظام القانوني للهندسة الوراثية ، رسالة دكتوراه ، مقدمة إلى جامعة بغداد ، كلية القانون ،2006 ، ص79 .
11- قد نصت المادة (212) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على انه (لا يجوز للمحكمة ان تستند في الدعوى في حكمها الى دليل لم يطرح للمناقشة او لم يشر اليه في الجلسة ...) . وكذلك الفصل (151) من مجلة الاجراءات الجزائية التونسية ، والمادة (212) من قانون الاجراءات الجنائية الجزائري . والمادة (302) من قانون الاجراءات الجنائية المصري ، والفقرة 2 / المادة 427 من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي .
12- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص70 .
13- ويقصد بحرية الدليل هو ان يترك المشرع لمن عليه عبء الاثبات طرق عديدة لاثبات دعواه الا اذا منعه بنص خاص كالمنع الوارد في المادة 68 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ، اما شرعية الدليل فيقصد بها ان يكون الدليل شرعياً أي قانونياً ويشترط كذلك ان يكون قد طرح للمناقشة وهذا ما اكدته المادة (212) اصولية والتي تنص على ... " لا يجوز للمحكمة ان تستند في الدعوى في حكمها إلى دليل لم يطرح للمناقشة ..." انظر : د. عبد الستار الجميلي ، التحقيق الجنائي قانون وفن ، ط1 ، مطبعة دار السلام ، بغداد، 1973 ، ص37 - 38.
14- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص70 .
15- المرجع السابق ، ص71 .
16- د. عطا عبد العاطي ، بنوك النطق والأجنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001. ص291 .
17- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص71 .
18- فقد اكد القران الكريم على الحق في سلامة الجسد من خلال فرضه العقوبات على الاعتداء الذي يطول السلامة الجسدية ، كما في قوله تعالى : "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا ان النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ" سورة المائدة ، من الآية (45) وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه). وللمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع . انظر : د. سميرة عايد دياب ، عمليات نقل وزرع الاعضاء البشرية بين القانون والشرع ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، بلا سنة طبع ، ص23 – 97.
اما المواثيق والاتفاقيات الدولية ، فقد جاء الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان لعام 1789 ، واقر للانسان الحق في سلامة جسده ووفر الضمانات اللازمة لذلك من خلال فرض العقوبة على من يمس هذا الحق ( المادة 9 من الاعلان) ، وكذلك (المادة 3) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر 1948 ، و(المادة 3) من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان 1950 ، و(المادة 7) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية (العهد الدولي) لعام 1966 .
اما بالنسبة للاعلانات الاسلامية ، فقد وفر اعلان القاهرة حول حقوق الانسان لعام 1990 الحماية لها، عندما اكد على ان سلامة جسد الانسان مصانة ، ولا يجوز الاعتداء عليها ، كما حرم المساس بها دون وجود مسوغ شرعي يسمح بذلك ، واوجب على الدولة ان تتكفل بحمايتها الفقرة 2 / المادة 2 من الاعلان .
اما المؤتمرات الدولية فقد كان لها دور في تأكيد الحماية لحق المتهم في سلامة جسده ، نظرا لاهميته وقيمته للمتهم ويتبين ذلك من القرارات والتوصيات التي خرج بها مؤتمر الامم المتحدة المنعقد في وينكلتون في نيوزلندا للفترة من (6 – 20) شباط 1961 حيث حظر كافة الاشكال التي تعد مساسا بجسم المتهم عن طريق التحريم الجماعي للتعذيب ، ولكل الوسائل التي تتسم بالقسوة ، وللمزيد من التفاصيل حول الموضوع.انظر : د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الثاني ، ط1 ، دار الشروق ، القاهرة ، 2003 ، وكذلك انظر : ضياء عبد الله عبود ، الحق في سلامة الجسم ضمانة من ضمانات المتهم ، رسالة ماجستير ، مقدمة الى جامعة بابل ، كلية القانون ، 2002 ، ص16 – 17 . كما اكدت دساتير الدول على ضرورة حماية المتهم في سلامة جسده ، كما في (الفقرة اولا من المادة 17) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ، والمادتان (42 ، 43) من دستور جمهورية مصر العربية لعام 1971.
19- وقد الغيت عبارة (ويجب بقدر الامكان) من هذه المادة بموجب الفقرة (ب) من القسم الرابع (ايقاف وتعديل النصوص) من مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (3) في 18/حزيران/2003 (الاجراءات الجزائية).
20- انظر : الفقرة 2 / المادة 224 من قانون الاجراءات الجنائية الايطالي ، والمادة (77) من قانون اصول المحاكمات الجزائية البحريني ، كما اجاز قانون المرور المصري رقم 16 لسنة 1973 اخضاع الشخص الذي يقود السيارة وهو في حالة سكر الى تحليل الدم . انظر : ضياء عبد الله عبود ، الحق في سلامة الجسم ضمانة من ضمانات المتهم ، رسالة ماجستير ،مقدمة إلى جامعة بابل ، كلية القانون ، 2002 ، ص80. اما قانون المرور العراقي السابق والنافذ رقم 86 لعام 2004 لم ينظما مسألة ارغام السائق الذي يقود سيارته تحت تاثير المخدر او في حالة السكر لاخذ عينة من دمه لاجراء التحليل عليها .
21- Galloux–Jean chrisbophe, L'empreinte gen'etigue, Lapreuve, Parfait,1990,P108 اشار اليه : د. رضا عبد الحكيم عبد المجيد ، مرجع سابق ، ص84 الهامش رقم(2) .
22- انظر : المادة 7 منه التي تنص على ان : "لا يجوز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او الحاطة بالكرامة ،وعلى وجه الخصوص لا يجوز اجراء اية تجربة طبية او علمية على احد دون رضاه الحر" .
23- عبد الجبار يوسف محمد ، اجراءات الشرطة في الكشف عن الجريمة ، رسالة دكتوراه ، مقدمة الى جامعة بغداد ، كلية القانون ، 1993 ، ص198 . د. شرح قانون الإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1995، ص4 . د. رضا عبد الحكيم عبد المجيد ، مرجع سابق ، ص98. د. جمال جرجس مجلع تاوضروس ، الشرعية الدستورية لأعمال الضبطية القضائية ، النسر الذهبي للطباعة ، 2006 ، ص442 .
24- مما تجدر الاشارة اليه أن عقوبة الغرامة البدلية الواردة في قانون العقوبات والقوانين الاخرى قد الغيت بموجب قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 30 في 17/3/1994 ، المنشور في الوقائع العراقية العدد 3503 في 28/3/1994 ، كما صدر تعديل اخر يقضي بان تحل عقوبة الحبس محل عقوبة الغرامة اينما وردة في قانون العقوبات حيث نص قرار مجلس الثورة ذي الرقم 5 في 17/1/1998 على ما ياتي : "اولا : تحل عقوبة الحبس محل عقوبة الغرامة اينما وجدت في قانون العقوبات المرقم بـ (111) لسنة 1969 على ان لا تزيد على الحبس البسيط لمدة ثلاثة اشهر بالمخالفة . ثانياً : ينفذ هذا القرار من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية " . نشر القرار في الوقائع العراقية ، العدد 3706 في 26/1/1998 . وقد اعيد العمل بعقوبة الغرامة البدلية كما عدلت اقيام الغرامات بموجب قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 107 في 26/4/2001 حيث جاء فيه : " ... أولاً / مع مراعاة احكام هذا القرار يعاد العمل بنصوص المتعلقة بعقوبة الغرامة البدلية في جرائم المخالفات وجرائم الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات الواردة في قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 والقوانين الخاصة التي الغيت او عدلت بموجب قراري مجلس قيادة الثورة المرقمين بـ 30 في 17/3/1994 و 5 في 17/1/1998 ... ثالثاً / تعدل مبالغ الغرامات في الجرائم المنصوص عليها في البند أولاً من هذا القرار على النحو الاتي : 1- لا تقل عن (10000) عشرة الاف دينار ولا تزيد على (50000) خمسين الف دينار في جرائم المخالفات . 2- لا تقل عن (51000) واحد وخمسين الف دينار ولا تزيد على (250000) مئتين وخمسين الف دينار في جرائم الجنح . رابعاً / عند عدم دفع الغرامة المنصوص عليها في هذا القرار تحكم المحكمة بالحبس يوماً واحداً عن كل (500) خمسمئة دينار من مبلغ الغرامة المحكوم بها ، على ان لا تزيد مدة الحبس على سنة ونصف السنة ، وتنزل مدة التوقيف عند استيفاء مدة الغرامة بنفس المعدل . خامساً / يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المرقم بـ 30 في 17/1/1998 . وأخيراً فقد أقر مجلس النواب استناداً إلى أحكام المادة (138/خامساً /جـ) من الدستور قانون تعديل الغرامات الواردة بقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969المعدل والقوانين الخاصة الأخرى رقم (6) لسنة 2008 والذي نص على الأتي :
المادة الأولى : يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 206 لسنة 1994 .
المادة الثانية : يكون مقدار الغرامات المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل كالأتي :
أ – في المخالفات مبلغاً لا يقل عن (50000) خمسون ألف دينار ولا يزيد عن (200000) مئتي ألف دينار.
ب- في الجنح مبلغاً لا يقل عن (200001) مئتي ألف دينار وواحد ولا يزيد عن (1000000) مليون دينار.
جـ- في الجنايات مبلغاً لا يقل عن (1000001) مليون وواحد دينارولا يزيد عن (10000000) عشرة ملايين دينار.
المادة الخامسة : تكون الغرامات الواردة في القوانين الأخرى التي نصت عليها الفقرة ثانياً من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 206 لسنة 1994 والذي يلغي بموجب هذا القانون على عشرة أضعاف ماهي عليه في هذه القوانين.
أنظر : http ://www.bentarlrafedain.com
25- انظر : المادة (160) من قانون العقوبات المصري ، والمادة (479) من قانون العقوبات اللبناني . كما وفرت المادة (360) من قانون العقوبات الفرنسي الحماية للجثة من أي اعتداء يقع عليها من تاريخ حدوث الوفاة الى ما بعد الدفن ، انظر :
Dolloz , Good pena'l , art 360 , paris , 1958 , P.P. 231 – 232 .
26- اسماعيل نعمه عبود الجنابي ، جريمة انتهاك حرمة الموتى في التشريع العراقي ، رسالة ماجستير ، مقدمة الى جامعة بابل ، كلية القانون ، 2000 ، ص61 هامش رقم (2) .
27- حسن عودة زعال ، التصرف غير المشروع بالاعضاء البشرية ، رسالة دكتوراه ، مقدمة الى جامعة بغداد كلية القانون ، 1995 ، ص195 . وانظر ايضا : المادة (374) من قانون العقوبات العراقي ، والمادة (479) من قانون العقوبات اللبناني .
28- د. عبد اللطيف هميم ، زرع ونقل الاعضاء في الشريعة الاسلامية ، مجلة بيت الحكمة ، بغداد ، 2000، ص16 ، كما عرف العضو البشري بانه كل جزء من الانسان من انسجة وخلايا ودماء ونحوها سواء كان متصلا به ام منفصلا عنه . انظر : د. منذر الفضل ، التصرف القانوني في الاعضاء البشرية ، ط1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، 1990 ، ص16 – 17 .
29- ويعرف العضو لغة بانه جزء من مجموع الجسد كاليد والاذن وجمعه اعضاء ، انظر : د. احمد زكي بدوي وصديقة يوسف محمود ، المعجم العربي الميسر ، دار الكتب المصري ودار الكتب اللبناني ، القاهرة - بيروت ، 1991، ص556 .
30- د. حسن علي ذنون نقلا عن د. منذر الفضل ، مرجع سابق ، ص17 .
31- د. عبد اللطيف هميم ، زرع ونقل الأعضاء في الشريعة الإسلامية ، مجلة بيت الحكمة ، يصدرها بيت الحكمة , بغداد ، 2000 ، ص16 .
32- من اهم الحرمات التي جاءت بها الشريعة الاسلامية هي حرمة المسكن والتجسس وكذلك عدم افشاء الاسرار ، انظر : د. ممدوح خليل بحر ، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ، دار النهضة العربية ، القاهرة، 1983 ، ص44 – 67 . وقد منع الاعلان العالمي لحقوق الانسان اي تدخل تعسفي في الحياة الخاصة للانسان واسرته او مكانه او مراسلاته او لحملات على شرفه (المادة 12 من الاعلان) ، كما اقرت الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان ذلك في المادة الثامنة ، وكذلك الفقرة (1) من المادة (17) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والمادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الجينوم البشري ، الصادر عن منظمة اليونسكو عام 1997 .
وكذلك حضيت الحياة الخاصة باهتمام الدساتير فقد نصت صراحة عليها المادة (17) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ، والمادة (45 - 46) من دستور جمهورية مصر العربية .
33- انظر : المواد (437 ، 438) من قانون العقوبات العراقي لعام 1969، والمادة 309 مكرره من قانون العقوبات المصري .
34- د. حسني محمود عبد الدايم ، البصمة الوراثية ومدى حجيتها في الإثبات ،ط1، دار الفكر العربي ، الإسكندرية ، 2007 ، ص894 – 895 .
35- الا ان الطريقة التي وضعها العالم جيفري في تحليل الحامض النووي تضمن الا تعطي الشفرة اية معلومات – باي حال من الاحوال – عن الشخص الذي اخذت منه المادة الخلوية ، فلا تشير البصمة الوراثية للحامض النووي الى اي شيء عن المتهم ، ولا عن شخصه ، ولا عن طبعه ، ولا عن استعداداته الاجرامية او الوراثية ، كما لا تحدد هذه الطريقة ما اذا كان الشخص رجلا ام امراة ، ابيض البشرة ام اسود ، نحيفاً ام بدنياً ، طويلاً ام قصيراً ولا معرفة استعداداته لامراض القلب او الامراض السرطانية او العقلية او غيرها من الامراض ، الا ان المعامل تقوم باجراء تحاليل اخرى اضافية ، من اجل تحديد النوع او الجنس وغيرها من المعلومات ، كما يمكن استخدام تقنيات اخرى لتحديد مكان تواجد الجينات في مجموعة الكروموسومات التي تسمح بالكشف عن بعض الامراض او الاستعدادات الوراثية لها .
ولكن اذا كان هذا صحيحاً في ظل الوضع الراهن للعلم ، اذ لا يمكن قراءة المعلومات الوراثية على اشرطة الحامض النووي ، الا انه يمكن استبعاد هذه الامكانية في المستقبل وعليه يجب ان تمنع التشريعات توسيع الابحاث المتعلقة بالشفرات الشريطية في الاجراءات الجنائية من اجل التوصل الى معلومات وراثية . انظر : د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق، ص75 – 76 .
36- اوردت الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان في الفقرة الثانية من المادة الثامنة استثناءات على الحق في الخصوصية وهي حالة الضرورة التي يتطلبها الدفاع عن النظام العام والوقاية من الجرائم وحماية الصحة العامة ، كما سمحت الإتفاقية للسلطات العامة في الدول الاعضاء ممارسة هذا الحق في الحدود التي يفرضها القانون ، وانظر أيضاً ، المواد (80 ، 81) من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي .
37- د. حسني محمود عبد الدايم ، مرجع سابق ، ص896 .
38- انظر أيضاً: المادة (91) من قانون الصحة العامة العراقي رقم 81 لسنة 1981 المعدل ، والمادة 60 من العقوبات المصري ، كما اجازت المادة 145/15من قانون الصحة العامة الفرنسي اجراء الفحص الجيني للخصائص الوراثية للشخص او بغرض تحديد شخصيته بناء على تحليل البصمة الوراثية وللأغراض الطبية والبحث العلمي وبعد الحصول على موافقة الاطراف المعنية . انظر: اياد مطشر صيهود ، مدى مشروعية تطويع الجينات الوراثية البشرية (تقنيات العلاج الجيني) ، رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة صدام (جامعة النهرين حالياً) ، كلية صدام للحقوق (كلية الحقوق حالياً) ، 2001 ، ص108.
39- د. ممدوح خليل بحر ، حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1983 ، ص471 .
40- كما اجاز قانون التامين الصحي الامريكي لسنة 1997 المساس بخصوصية المعلومات الطبية للفرد لأغراض الكشف عن المعلومات الطبية في حالة الطوارئ او لأغراض البحث العلمي والانشطة المتعلقة بالدفاع والامن القومي والصحة العامة ، دون اذن صاحب هذه المعلومات. انظر : د. حسني محمود عبد الدايم ، مرجع سابق ، ص898 .
41- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص74 .
42- ويقصد به لغة : حمل الشخص على فعل شيء لا يحبه ، انظر : د. احمد زكي بدوي وصديقة يوسف محمود ، المعجم العربي الميسر ، دار الكتب المصري ودار الكتب اللبناني ، القاهرة - بيروت ، 1991.، ص53 .
43- كاللعاب والتلوثات الناشئة عن بعض انواع الاغذية ، فضلا عن مخاط الانف والافرازات المهبلية العادية وتلوثات العرق ، انظر : د. رضا عبد الحكيم عبد المجيد ، مرجع سابق ، ص154.
44- المرجع سابق ، ص153 – 154 .
45- المرجع السابق ، ص154 - 155 .
46- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص78 .
47- د. حسني محمود عبد الدايم ، مرجع سابق ، ص865 .
48- د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص79 .
49- ظافر حبيب جباره ، النظام القانوني للهندسة الوراثية ، رسالة دكتوراه ، مقدمة إلى جامعة بغداد ، كلية القانون ،2006 ، ص110 - 111 .
50- انظر : المادة (224ف /2) من قانون الاجراءات الجنائية الايطالي ، والمادة (195ف/4 ، 6) من قانون الاجراءات الجنائية الهولندي ، نقلاً عن د. جميل عبد الباقي الصغير ، مرجع سابق ، ص85 . والمادة (77) من قانون اصول المحاكمات البحريني ، والمادة (70) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|