المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تغلب التربية على الوراثة  
  
2389   01:12 مساءً   التاريخ: 24-4-2017
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور سلامي
الجزء والصفحة : ص192-194
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2017 2436
التاريخ: 29-4-2017 2154
التاريخ: 29-4-2017 3610
التاريخ: 2023-10-18 1127

تبلغ العادات التربوية والتمارين الاصلاحية المتواصلة درجة من القوة في التأثير بحيث تتغلب على الصفات الوراثية وتحدث وضعا جديدا في الافراد، يقول الإمام علي (عليه السلام) بهذا الصدد:(العادة طبع ثان)(1).

ان الرئتين في الإنسان خلقتا لاستنشاق الهواء، فالذي يدخن السيجارة لأول مرة، ويرسل دخانها الى اعماق رئتيه يحس باضطراب عجيب، اذ يحس بدوار في رأسه، يبدأ بالسعال، تنتابه حالة التقيؤ تملأ الدموع عينيه، وهكذا ينقلب حاله على اثر الدخان وهذا بديهي، لان الرئة لم تصنع للدخان بل للهواء النقي. ولكن بتكرار التدخين تعتاد الرئة على الدخان، وتتخلى عن طبعها الأولي الذي كان ينفر من الدخان. وهكذا ينقلب ما كان يبعث على النفور والاضطراب الى اداة للتسلية والترويح عن النفس وهنا نقول بان الرئة قد تربت على استنشاق الدخان، وعلى اثر التكرار حصلت على طبع ثانوي وتركت طبعها الأول، ولهذا السبب فإنها ترتاح لعملها غير الطبيعي وتستمر عليه، ان الانبياء لم يأتوا لان يحولوا المجانين الوراثيين الى عقلاء، او يجعلوا من البلداء الفطريين نوابغ. لان هذا لا يمكن ان يحدث... لان الانبياء يريدون ان يخضعوا البشر الى مراقبة ايمانية وعملية في خصوص الصفات القابلة للتغيير على ضوء التربية الصحيحة، لإيصالهم الى السعادة والكمال الإنساني اما بالنسبة الى الذين ينتمون الى اصول عائلية شريفة فينمون فيهم قابليتهم ومواهبهم ويخرجون الفضائل الكامنة من مرحلة الاستعداد الى مرحلة الفعلية لكيلا ينحرفوا عن الصراط المستقيم في مسير حياتهم. ويحفظوا ثروتهم الوراثية العظيمة من الملكات والفضائل، لكيلا يقعوا في هوة الفساد والجهل والطيش على اثر مصاحبة الفساد والجهال الطائشين، واما بالنسبة الى الذين ورثوا الصفات البذيئة من ابويهم فيعمل الانبياء على اطفاء الاستعدادات الكامنة نحو الفساد الموجودة فيهم بالتربية الصحيحة التدريجية واتخاذ الاساليب الاخلاقية الدقيقة. وبذلك يخرجونهم من طبائعهم الاولى الى طبائع جديدة حاصلة من احياء الخير والصلاح في نفوسهم وتكون النتيجة ان يحوز هؤلاء على درجة لا باس بها من الكمال.. هذا العمل امر ممكن من نظر العلم والدين. فما اكثر اولئك الذين كانوا متصفين بصفات رذيلة ثم زرع الاسلام في نفوسهم بذور الخير والصلاح واقتلع جذور الشر والفساد، فوصلوا بفضل التربية الاسلامية الرصينة الى اوج السعادة. (لوحدانية الانسان اصل مزدوج. فهي تأتي في وقت واحد من تركيب البويضة التي ينشأ منها كذلك من تطوره ونموه وقت تاريخه.. ان الخصائص الوراثية في البويضة ليست الا ميولا او امكانيات وهذه الميول تصبح حقيقية او تظل تقديرية تبعا للظروف التي تواجهها النطفة. فالطفل، ثم المراهق، ابان نموهم... وهكذا يتوقف اصل الانسان على الوراثة والنمو معا. ولكننا لا نعلم ما هو الدور الذي يلعبه كل منها في تكويننا هل الوراثة اكثر اهمية من النمو. او العكس؟.. ان الملاحظات والتجارب تعلمنا ان الدور الذي تلعبه الوراثة والنمو يختلف في كل فرد. وان قيمتها النسبية لا يمكن تحديدها عادة)(2)، ويرى العلماء ان التربية عامل قوي جداً حيث تقدر احيانا على ان توقف عمل الخواص الوراثية السيئة وتعود بالأفراد الى طريق السعادة والكمال وقد لا تعطي التربية نتيجة حتمية كاملة... وهذا يتبع الخصوصيات الفطرية للأفراد حيث انها متفاوتة، ولكن الثابت اننا يجب ان ننظر الى جميع الافراد بعين القابلية ويحتمل ان تؤثر فيهم الاساليب التربوية الصالحة. فان كانت هناك استعدادات كامنة للخير والكمال فأنها تظهر بفضل التربية الصالحة وتخرج من مرحلة القوة الى مرحلة الفعل (3) كما يقول : (الاستعداد بالدقة، فيجب علينا ان نفترض انه مناسب وان نتصرف تبعا لذلك. فمن المحتم ان يتلقى كل فرد تعليما يؤدي الى نمو صفاته المحتملة الى ان يتبين بصفة قاطعة ان هذه الصفات غير موجودة)(4).

وبما ان الاسلام لم تفته صغيرة ولا كبيرة، من الوسائل المؤدية بالبشر الى السعادة والكمال، لم تفته هذه الناحية فركز تعاليمه الروحية على اسس التربية الصالحة، وان الاسلام يدعو جميع الناس من أي طبقة كانوا الى الايمان والطهارة، ولذلك فهو يرى كل فرد ـ مهما كانت خصائصه العائلية الوراثية واستعداداته الفطرية - قابلا لتلقي الايمان والخلق الفاضل.. وهو لا يخيب امل أي فرد، بل يحاول البحث في اعماق فطرته للوصول الى القيم الحية التي يمكن ان تنمي وتستخرج من بين زوايا النفس وتجلي فتبعث على الحياة من جديد.

_____________

1ـ غرر الحكم ودرر الكلم ص19.

2ـ الانسان ذلك المجهول ص194.

3ـ الطفل بين الوراثة والتربية : ص129.

4ـ الانسان ذلك المجهول ص198.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.