هناك في كتب الإمامية روايات في تحريف القرآن ، ورأي العلماء في ذلك |
2291
05:05 مساءاً
التاريخ: 27-11-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014
1422
التاريخ: 18-11-2020
1960
التاريخ: 17-10-2014
1471
التاريخ: 27-04-2015
1389
|
هناك في كتب الإمامية روايات ظاهرة في تحريف القرآن ، لكنّ دعوى كثرتها لا تخلو من نظر ، لأنّ الذي يمكن قبوله كثرة ما دلّ على التحريف بالمعنى الأعم (1) وقد جاء هذا في كلام الشيخ أبي جعفر الطوسي ، فإنّه ـ بعد أن استظهر عدم النقصان من الروايات ـ قال : « غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ».
وأما ما دلّ على التحريف بالمعنى الأخصّ الذي نبحث عنه وهو « النقصان » فلا يوافق على دعوى كثرته في كتب الامامية ، ومن هنا وصفت تلك الروايات في كلمات بعض المحقّقين كالشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد جواد البلاغي بالشذوذ والندرة.
وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين :
الأول : الروايات الضعيفة أو المرسلة أو المقطوعة. وبكلمة جامعة : غير المعتبرة سنداً. والظاهر أنّ هذا القسم هو القسم هو الغالب فيها ، ويتضح ذلك بملاحظة أسانيدها ، ويكفي للوقوف على حال أحاديث الشيخ الكليني منها ـ ولعلّها هي عمدتها ـ مراجعة كتاب ( مرآة العقول ) للشيخ محمد باقر المجلسي ، الذي هو من أهمّ كتب الحديث لدى الإماميّة ، ومن أشهر شروح « الكافي » وأهمّها.
ومن الأعلام الذين دقّقوا النظر في أسانيد هذه الروايات ونصّوا على عدم اعتبارها : الشيخ البلاغي في ( آلاء الرحمن ) والسيد الخوئي في ( البيان ) والسيد الطباطبائي في ( الميزان ). ومن المعلوم عدم جواز الإستناد إلى هكذا روايات في أيّ مسألة من المسائل ، فكيف بمثل هذه المسألة الاصولية الإعتقادية ؟!
والثاني : الروايات الواردة عن رجال ثقات وبأسانيد لا مجال للخدش فيها.
ولكن هذا القسم يمكن تقسيمه إلى طائفتين :
الاولى : ما يمكن حمله وتأويله على بعض الوجوه ، بحيث يرتفع التنافي بينها وبين الروايات والأدلّة الاخرى القائمة على عدم التحريف.
والثانية : ما لا يمكن حمله وتوجيهه.
وبهذا الترتيب يتّضح لنا أنّ ما روي من جهة الشيعة بنقصان آي القرآن قليل جداً ، لانّ المفروض خروج الضعيف سنداً والمؤوّل دلالة عن دائرة البحث.
وأوّل ما في هذه الروايات القليلة أنّها مصادمة للضرورة ، ففي كلمات عدّة من أئمة الإمامية دعوى الضرورة على كون القرآن مجموعاً على عهد النبّوة ، فقد قال السيد المرتضى : « إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ... إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة » (2).
وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء : « لا عبرة بالنادر ، وما ورد من أخبار النقص تمنع البديهة من العمل بظاهرها » (3).
وقال السيد شرف الدين العاملي : « إنّ القرآن عندنا كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوة ، مؤلفاً على ما هو عليه الآن ... وهذا كلّه من الامور الضرورية لدى المحقّقين من علماء الإمامية » (4).
وقال السيد الخوئي : « إنّ من يدّعي التحريف يخالف بداهة العقل » (5).
فإن نوقش في هذا ، فلا كلام في مخالفة روايات التحريف لظاهر الكتاب حيث قال عزّ من قائل : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] ليكون قدوة للامة وبرنامجاً لأعمالها ، ومستقى لأحكامها ومعارفها ، ومعجزة خالدة. ومن المعلوم المتسالم عليه : سقوط كل حديث خالف الكتاب وإن بلغ في الصحّة وكثرة الأسانيد ما بلغ ، وبهذا صرّحت النصوص عن النبي والأئمة (عليهم السلام) ، ومن هنا أعرض علماء الإمامية الفطاحل ـ الأصوليّون والمحدّثون ـ عن هذه الأحاديث ... قال المحدّث الكاشاني في ( الصافي ) : « إنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذّب له فيجب ردّه » (6).
فإن نوقش في هذا أيضاً فقيل بأنّه استدلال مستلزم للدور ، أو قيل بأن الضمير في « له » عائد إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإن هذه الروايات تطرح لما يلي :
أولاً : إنّها موافقة للعامة ، فإنّ القول بالتحريف منقول عن الذين يقتدون بهم من مشاهير الصحابة ، وعن مشاهير أئمتهم وحفاظهم ، وأحاديثه مخرّجة في أهمّ كتبهم وأوثق مصادرهم كما سيأتي في بابه ، وهذا وجه آخر لسقوط أخبار التحريف عند فرض التعارض بينها وبين روايات العدم ، كما تقرّر ذلك في علم اصول الفقه.
ثانياً : إنّها شاذة ونادرة ، والروايات الدالّة على عدم التحريف مشهورة أو متواترة ، كما في كلمات الأعلام كالشيخ كاشف الغطاء وغيره ، وسيأتي الجواب عن شبهة تواتر ما دلّ على التحريف ، فلا تصلح لمعارضة تلك الروايات ، بل مقتضى القاعدة المقرّرة في علم الاصول لزوم الأخذ بما اشتهر ورفع اليد به عن الشاذ النادر.
ثالثاً : إنّه بعد التنزّل عن كلّ ما ذكر ، فلا ريب فلا ريب في أنّ روايات التحريف أخبار آحاد ، وقد ذهب جماعة من أعلام الإمامية إلى عدم حجّية الآحاد مطلقاً ومن يقول بحجّيتها لا يعبأ بها في المسائل الإعتقادية ، وهذا ما نصّ عليه جماعة.
من اخبار التحريف
وبعد ، فلا بأس بذكر عدد من أهمّ الروايات الموجودة في كتاب الإمامية ـ التي ادّعى بعض العلماء ظهورها في النقصان ـ وعلى هذه فقس ما سواها.
ولا بدّ من عرض تلك الأحاديث بنصوصها ، ثم الكلام عليها بالنظر إلى اسانيدها وفي مدى دلالتها على المدعى ، وما يترتّب عليها من شبهات ووجوه الجواب عنها.
وأهمّ الأحاديث التي قد يستند إليها للقول بتحريف القرآن هي الأحاديث التالية :
1 ـ عن جابر ، قال :
« سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول :
ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمّة من بعده (عليهم السلام) » (7).
2 ـ عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) إنّه قال :
« ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الأوصياء » (8).
3 ـ عن سالم بن سلمة ، قال :
« قرأ رجل على أبي عبدالله (عليه السلام) ـ وأنا أسمع ـ حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) :
مه ، كفّ عن هذه القراءة ، إقرأ كما يقرأ الناس ، حتى يقوم القائم ، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله تعالى على حدّه وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام).
وقال : أخرجه علي إلى الناس حين فرغ منه وكتبه ، فقال لهم : هذا كتاب الله تعالى كما أنزله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد جمعته بين اللوحين ، فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن ، لا حاجة لنا فيه. فقال : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً ، إنّما كان عليّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه » (9).
4 ـ عن ميسر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال :
« لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص عنه ، ما خفي حقّنا على ذي حجا ، ولو قد قام قائمنا فنظق صدّقه القرآن » (10).
5 ـ عن الأصبغ بن نباتة ، قال :
« سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » (11).
وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
« إنّ القرآن نزل أربعة أرباع : ربع حلال ، وربع حرام ، وربع سنن وأحكام ، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم ، وفصل ما بينكم » (12).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال :
« نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام » (13).
6 ـ عن محمد بن سليمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال :
« قلت له : جعلت فداك ، إنّا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟
فقال : لا ، اقرؤا كما تعلّمتم ، فسيجيئكم من يعلّمكم » (14).
7 ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال :
« إنّ في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فالقيت ، إنّما الإسم الواحد منه في وجوه لا تحصى ، يعرف ذلك الوصاة » (15).
8 ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال :
« لو قد قرئ القرآن كما انزل لألفينا فيه مسمّين » (16).
9 ـ عن البزنطي ، قال : « دفع إليّ أبو الحسن (عليه السلام) مصحفاً فقال ـ وقال ـ : لا تنظر فيه ، ففتحته وقرأت فيه ( لم يكن الذين كفروا ... ) فوجدت فيه ـ فيها ـ اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ، قال : فبعث إليّ : إبعث إليّ بالمصحف » (17).
10 ـ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، قال :
« نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هكذا : ( وإن كنتم في ريب ممّا نزّلنا على عبدنا ـ في علي ـ فأتوا بسورة من مثله ) (18).
11 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال :
« من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأزواجه ، ثم قال : سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم ، يا ابن سنان : إنّ سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ، ولكن نقصوها وحرّفوها » (19).
12 ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال :
« أنزل الله في القرآن سبعة بأسمائهم ، فمحت قريش ستة وتركوا أبا لهب » (20).
13 ـ عن ابن نباتة قال :
« سمعت علياً (عليه السلام) يقول : كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلّمون الناس القرآن كما انزل ، قلت : يا أمير المؤمنين أو ليس هو كما انزل؟
فقال : لا ، محي منه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وما ترك أبو لهب إلاّ للإزراء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنّه عمه» (21).
14 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزّوجلّ : «من يطع الله ورسوله ـ في ولاية علي والأئمة من بعده ـ فقد فاز فوزاً عظيماً. هكذا نزلت» (22).
15 ـ عن منخّل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : « نزل جبرئيل على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآية هكذا : ( يا أيا الذين اوتوا الكتاب آمنا بما أنزلنا ـ في علي ـ نوراً مبيناً ) (23).
16 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله في قوله :
( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات ـ في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم ـ فنسي ... ) (24).
فهذه طائفة من تلك الأحاديث ، ولنلق الأضواء عليها واحداً واحداً ، لنرى ما قيل في الجواب عن كلّ واحد أو ما جاء فيه من تأويل.
الكلام على هذه الأخبار
الحديث الأول :
رواه الشيخ الكليني والشيخ الصفار ، كلاهما بسند فيه « عمرو بن أبي المقدام » وقد اختلف علماء الرجال فيه على قولين ، كما اعترف بذلك بعضهم (25).
الحديث الثاني :
رواه الشيخ الكليني والصفار أيضاً بسند فيه « المنخّل بن جميل الأسدي »
وقد ضعّفه أكثر علماء الرجال ، بل كلّهم ، وقالوا : إنّه فاسد العقيدة ، وإنّه يروي الأحاديث الدالّة على الغلو في الأئمة (عليهم السلام) (26).
هذا بالإضافة إلى أنّه يمكن تفسير هذا الحديث وسابقة بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما.
ولذا فقد قال السيد الطباطبائي في الخبرين ما نصّه :
« قوله (عليه السلام) : إنّ عنده القرآن كلّه ... إلى آخره ، الجملة وإن كانت ظاهرة في لفظ القرآن ومشعرة بوقوع التحريف فيه ، لكنّ تقييدها بقوله : ( ظاهره وباطنه ) يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي.
وكذا قوله في الرواية السابقة ( وما جمعه وحفظه ... إلى آخره ) حيث قيّد الجمع بالحفظ ، فافهم » (27).
وقد أورد السيد على بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الأحاديث التي استشهد بها على أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) والأوصياء من أبنائه ، علموا جميع ما في القرآن علماً قطعيّاً بتأييد إلهي وإلهام رباني وتعليم نبوي ، وذكر أنّ الأحاديث في ذلك متواترة بين الفريقين ، وعليه إجماع الفرقة الناجية ، وأنّه قد طابق العقل في ذلك النقل (28).
وقد روى الشيخ الصفّار القمي حديثاً آخر في معنى الحديثين المذكورين هذا نصه بسنده :
« جعفر بن أحمد ، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم ، عن محمد بن علي القرشي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : ما أحد من هذه الامة جمع القرآن إلاّ وصي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) » (29). ولكن في سنده « محمد بن علي القرشي » (30).
الحديث الثالث :
فإن راويه هو « سالم بن سلمة » أو « سالم بن أبي سلمة » ومراجعة واحدة لكتب الرجال تكفي للوقوف على رأيهم في هذا الرجل. فقد ضعّفه ابن الغضائري والنجاشي والعلاّمة الحلّي والشيخ المجلسي وغيرهم (31). ويفيد الحديث مخالفة القرآن الذي جمعه أمير المؤمنين (عليه السلام) مع القرآن الموجود بين أيدينا ، وسيأتي الكلام على ذلك في فصل ( الشبهات ). كما يفيد أيضاً مخالفة القرآن الكريم على عهد سيدنا الإمام المهدي (عليه السلام) لهذا القرآن ، وسيأتي الكلام على هذا أيضاً في الفصل المذكور.
الحديث الرابع :
هو من روايات الشيخ العياشي في تفسيره (32) ، وقد رواه عنه الشيخ الحرّ العاملي على النحو التالي :
« وعن ميسر ـ أي وروى العياشي عن ميسر ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقّنا على ذي حجا ، ولو قد قام قائمنا قنطق صدّقه القرآن » (33).
ويبطل هذا الحديث إجماع المسلمين كافّة على عدم وقوع الزيادة في القرآن ، وقد ادّعى هذا الإجماع : السيد المرتضى ، وشيخ الطائفة ، والشيخ الطبرسي ، رضي الله تعالى عنهم.
وقال سيدنا الجدّ الميلاني : « هذا ... على أنذ أحداً لم يقل بالزيادة ». وقال السيد الخوئي في بيان معاني التحريف : « الخامس : التحريف بالزيادة ، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين ، بل هو مما علم بطلانه بالضرورة » (34).
الحديث الخامس :
وقد صرّح الشيخ المجلسي (رحمه الله) بأنّه مجهول (35).
وفي الأول من تالييه : إنّه مرسل (36). وفي الثاني منهما بأنّه : موثّق (37).
وظاهر هذه الأحاديث ـ وإن أنكر جماعة كالمجلسي والفيض وشارح الكافي ـ منافاة بعضها للبعض ، كما اعترف بذلك السيد عبدالله شبر (38) وأوضح ذلك السيد هاشم معروف الحسني في دراساته.
الحديث السادس :
ضعّفه الشيخ المجلسي (39) ، وأوّله المحدّث الكاشاني في الوافي : على أنّ المراد من تلك الآيات ، ما كان مأخوذاً من الوحي من قبيل التفسير وتبيين المراد ، لا من القرآن الكريم على حقيقته ، حتى يقال إنّه يدلّ نقصان القرآن.
الحديث السابع :
هو من روايات الشيخ الصفار القمي والشيخ العياشي ، وسيأتي الكلام عن رواياتهما ، على أنّهما روياه عن « إبراهيم بن عمر » وقد اختلفوا في تضعيفه وتوثيقه على قولين (40).
ومن الممكن القول : بأنّ تلك الأسماء التي القيت إنما كانت مثبتة فيه على وجه التفسير لألفاظ القرآن ، وتبيين الغرض منها ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن كذلك ، كما قيل نظائره.
الحديث الثامن :
رواه الشيخ العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد عمّن أخبره ، عنه (عليه السلام) ، وقد يجاب عنه أيضاً بمثل ما يجاب به عن الأحاديث الآتية.
الحديث التاسع :
رواه الشيخ الكليني عن البزنطي ، وقد قال الشيخ المجلسي : إنّه مرسل (41).
واعترف شارح الكافي بكونه : مرفوعاً.
وروى نحوه الشيخ الكشي عنه أيضاً (42) وسيأتي ما في رواياته.
هذا ... ولقد قال المحدّث الكاشاني بعده ما نصّه :
« لعلّ المراد أنّه وجد تلك الأسماء مكتوبة في ذلك المصحف تفسيراً للذين كفروا وللمشركين ، مأخوذة من الوحي ، لا أنّها كانت من أجزاء القرآن ...
وكذلك كل ما ورد من هذا القبيل (عليهم السلام) » (43).
الحديث العاشر :
ونظائره التي رواها الشيخان القمي والكليني وغيرهما ، من الأحاديث الدالّة على حذف اسم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و « آل محمد » وكلمة « الولاية » وأسماء « المنافقين » ... وغير ذلك.
ويغنينا عن النظر في أسانيد هذه الأحاديث واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحتها ، وحملها ـ على فرض الصحة ـ على أنّه بهذا المعنى نزلت ، وليس المراد أنّها كذلك نزلت في أصل القرآن فحذف ذلك.
ثم قال ـ رحمة الله تعالى ـ : « كذلك يخطر ببالي في تأويل تلك الأخبار إن صحت ... » (44).
وقال السيد الخوئي :
« والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة : إنّا قد أو ضحنا فيما تقدّم أنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن ، وليس من القرآن نفسه ، فلا بدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بدّ من طرح هذه الروايات ، لمخالفتها الكتاب والسنّة والأدلّة المتقدّمة على نفي التحريف.
وقد دلّت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنّة ، وإن ما خالف الكتاب منها يجب طرحه وضربه على الجدار ».
وقال أيضاً : « ومما يدلّ على أنّ اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يذكر صريحاً في القرآن : حديث الغدير ، فإنّه صريح في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما نصب علياً بأمر الله ، وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس ، ولو كان اسم « علي » مذكوراً في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصب ، ولا إلى تهيئة ذلك الاجتماع الحافل بالمسلمين ، ولما خشي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من إظهار ذلك ، ليحتاج إلى التأكيد في أمر التبليغ ».
وقال بالنسبة إلى هذا الحديث بالذات :
« على أنّ الرواية الآخيرة المرويّة في الكافي مما لا يحتمل صدقه في نفسه ، فإنّ ذكر اسم علي (عليه السلام) في مقام إثبات النبوّة والتحدي على الإتيان بمثل القرآن لا يناسب مقتضى الحال ».
قال : « ويعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله : {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] .
قال : فقال : نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام).
فقلت له : إنّ الناس يقولون لهم : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزلت عليه الصلاة ولم يسّم لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسّر لهم ذلك.
فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات ، وموضّحة للمراد منها » (45).
هذا ، وقد تقدّم عن الشيخ البهائي قوله :
« وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) منه في بعض المواضع ، مثل تعالى : ({يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] ـ في علي ـ ) وغير ذلك فهو غير معتبر عند العلماء » (46).
الحديث الحادي عشر :
فيجاب عنه ـ بعد غضّ النظر عن سنده ـ بأنّ الشيخ الطبرسي رحمة الله وغيره رووه عن ابن سنان بدون زيادة « ثم قال ... » (47).
على أنّ نفس هذا الحديث ، وكذا الحديثان الآخران (48) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دليل على أنّ سورة الأحزاب كانت مدوّنة على عهده (صلى الله عليه وآله وسلم).
كما يجاب عنه ـ إن صح ـ بما اجيب عن نظائره فيما تقدّم.
ولنا أن نطالب ـ بعد ذلك كلّه ـ من يصحّح هذا الحديث ويعتمد عليه ، أن يثبت لنا أن ذهبت هذه الكثرة من الآيات؟ وأن يذكر كيفيّة سقوطها ـ أو إسقاطها ـ من دون أن يعلم سائر المسلمين؟
ألم تكن الدواعي متوفّرة على أخذ القرآن وتعلّمه كلّما نزل من السماء؟ ألم تكن السورة تنتشر بمجرد نزولها بأمر النبي (49) (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المسلمين وتقرأ في بيوتهم؟
الحديث الثاني عشر :
من روايات الشيخ الكشي ، وسيأتي الكلام عنها بصورة عامة.
الحديث الثالث عشر :
سنده غير قويّ كما يتّضح ذلك لمن راجعه ، ثمّ إنّ الشيخ النعماني نفسه قد روى حديثين آخرين :
أحدهما : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً ، قال : « كأنّي أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة ، وقد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن كما أنزل » (50).
والثاني منهما : عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) ، قال : « كأنّي بشيعة علي في أيديهم المثاني يعلّمون القرآن » (51).
وهذان الحديثان يعارضان الحديث المذكور.
وأوضح من ذلك قول الإمام الباقر (عليه السلام) : « إذا قام القائم من آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن على أنزله الله عزّ وجلّ ، فاصعب ما يكون على من حفظه اليوم ، لأنّه يخالف فيه التأليف » (52).
وليتأمّل في قوله (عليه السلام) : « لأنّه يخالف فيه التأليف » فإنّه يفيد فيما سيأتي.
أمّا الأحاديث المتبقية ـ 14 ، 15 ، 16 ـ فقد ضعّفها الشيخ المجلسي جميعها (53) ، بالإضافة إلى أنّه يجاب عنها بما يجاب عن نظائرها.
__________________
(1) يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الإشتراك :
أ ـ نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره.
ب ـ النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزاً في الخارج عن غيره.
جـ ـ النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل.
د ـ التحريف بالزيادة والنقصية في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل.
هـ ـ التحريف بالزيادة ، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
و ـ التحريف بالنقيصة ، بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن المنزل.
وموضوع بحثنا هو التحريف بالمعنى الأخير ، ونعني بالمعني الأعمّ ما يعمّ جميع المعاني المذكورة.
(2) المسائل الطرابلسيات ، نقلاً عن مجمع البيان للطبرسي 1 : 15.
(3) كشف الغطاء في الفقه ، ونقله عنه شرف الدين في أجوبة المسائل : 33.
(4) أجوبة مسائل جار الله : 30.
(5) البيان : 27.
(6) تفسير الصافي 1 : 46.
(7) الكافي 1 : 178 ، ورواه الصّفار في بصائر الدرجات : 13.
(8) الكافي 1 : 178 ، بصائر الدرجات : 213.
(9) الكافي 2 : 462.
(10) تفسير العياشي 10 : 13.
(11) الكافي 2 : 459.
(12) الكافي 2 : 459.
(13) الكافي 2 : 459.
(14) الكافي 2 : 453.
(15) تفسير العياشي 1 : 12.
(16) تفسير العياشي 1 : 13.
(17) الكافي 2 : 461 ، وانظر البحار 92 : 54.
(18) الكافي 1 : 345.
(19) ثواب الاعمال : 100 ، وعنه في البحار 89 : 50.
(20) رجال الكشي 247 ، وعنه في البحار 89 : 54.
(21) الغيبة للنعماني : 318.
(22) الكافي 1 : 342.
(23) الكافي 1 : 344.
(24) الكافي 1 : 345.
(25) تنقيح المقال 2 : 323.
(26) تنقيح المقال 3 : 247.
(27) حاشية الكافي 1 : 228.
(28) شرح الصحيفة السجادية : 401.
(29) بصائر الدرجات للصّفار ، وعنه في البحار89 : 48 ، وانظر مرآة العقول المجلد 2 : 535.
(30) تنقيح المقال 3 : 151.
(31) نفس المصدر 2 : 4.
(32) تفسير العياشي 1 : 13.
(33) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3 : 43.
(34) البيان : 218.
(35) مرآة العقول 12 : 517.
(36) مرآة العقول 12 : 517.
(37) نفس المصدر 12 : 517.
(38) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار 1 : 294.
(39) مرآة العقول 12 : 506.
(40) تنقيح المقال 1 : 27.
(41) مرآة العقول 12 : 521.
(42) رجال الكشّي : 492.
(43) الوافي 2 : 273.
(44) نفس المصدر 2 : 274.
(45) البيان 178 ـ 179.
(46) نقله عنه في آلاء الرحمن : 26.
(47) مجمع البيان 4 : 334.
(48) مجمع البيان ، ورواه أهل السنة في كتبهم المعتبرة. انظر منها الدر المنثور 5 : 179 عن جملة من كتب الحديث.
(49) نصّ على هذا أكابر الطائفة ، منهم العلامة الحلّي في كتابة نهاية الوصول ، وقد تقدمت عبارته في الفصل الثاني من الكتاب.
(50) الغيبة للنعماني : 317.
(51) الغيبة للنعماني : 318.
(52) روضة الواعظين : 265 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 365.
(53) مرآة العقول 5 : 14 ، 29 ، 29.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|