أقرأ أيضاً
التاريخ:
3752
التاريخ: 27-3-2016
8591
التاريخ:
5129
التاريخ: 29-3-2016
2722
|
الجزاء بمعناه الواسع هو الوسيلة التي تكفل للقاعدة القانونية صيغتها الآمرة, فالقاعدة القانونية تتكون من شقين: الشق الأول هو (التكليف) الذي يتضمن على الأمر أو النهي عن فعل ويخاطب به الكافة, و(الجزاء) هو الشق الثاني والذي يطبق فقط عند مخالفة شق التكليف وهو التهديد بتوقيع الأذى الذي نص عليه المشرع على من يخالف القاعدة القانونية(1). فجوهر الجزاء هو الإيلام ولكن إيلام الجزاء لا يقصد لذاته, بل لما يرجى منه من أغراض أخرى نفعية تحققها العقوبة للمجتمع, وتتمثل في إصلاح مرتكب الجريمة وتحقيق غاية مزدوجة وهي المنع العام (الردع العام) عن طريق التهديد بتوقيع الجزاء, والمنع الخاص (الردع الخاص) بتوقيع الجزاء على المدان, الأمر الذي يترتب عليه كف أذى المدان عن المجتمع وإعادة إصلاحه وتهذيبه مع الأنماط السائدة في المجتمع(2). والجزاء في المفهوم التقليدي يتميز بالطابع الزجري أو الردعي كونه يستهدف ردع الجاني وغيره من ارتكاب الجريمة, لذلك اتسم بالقسوه في أسلوب تنفيذه, وهذا الاتجاه بقي سائداً فترة طويلة من الزمن إلى أن بدأ في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين يتحول تحت ضغط الاعتبارات الإنسانية نحو أهداف إصلاحية ترمي إلى العلاج والتأهيل(3). ولكن هذا لا يعني تجرد الجزاء من الطابع الزجري في العصر الحديث, بل يعني استمراره إلى جانب الإصلاح وإن بدا أن الجانب الإصلاحي يعلو على الجانب الردعي, وما يؤكد ذلك تبني عقوبة الإعدام التي وجدت جذورها في التشريعات القديمة ومازالت تسود بعض تشريعات العصر الحالي(4). فالجزاء الجنائي بمفهومه الحديث تنفرد الدولة في فرضه بما لها من سلطة العقاب المقررة لمصلحة المجتمع الذي يصيبه ضرر الجريمة, فهو ليس مقرر لمصلحة المجني عليه أو المتضرر من الجريمة, فالمجتمع وحده صاحب الحق بفرض العقاب عن طريق الأجهزة التي تُناط بها تلك المهمة(5), وبهذا فإن الجزاء الجنائي لا يكون ناتجاً عن اتفاق بين طرفين, فعندما يرى المشرع تجريم فعل معين أو امتناع ما فإنه بذلك يعلن عن خطورته وبالتالي فإنه يفرض له جزاءاً جنائياً(6). ولما كان الجزاء الجنائي يتميز بالخطورة بالنسبة لغيرة من الأجزية, فإنه من اللزوم إخضاعه لقاعدة شرعية العقوبات, وبالتالي فلا يستطيع القاضي أن يقضي بجزاء جنائي غير منصوص عليه ووفق الضوابط القانونية, كما أنه لا يجوز استخدام القياس ولا يسوغ تطبيق الجزاء الجنائي بأثر رجعي. وفي مجال تسويغ الجزاء الجنائي فلا بد من توقيعه على شخص تتوافر بحقه المسؤولية الجنائية حتى يمكن القول بجدوى الجزاء الجنائي، فإذا انتفى الإدراك او حرية الاختيار مثلاً فيتحقق مانع المسؤولية الذي يحول دون فرض عقوبة، إلا انه يمكن اتخاذ تدبير احترازي قبل الجاني لان العقوبة تدور وجوداً وعدماً مع المسؤولية، أما التدبير الاحترازي فلا شأن له بالمسؤولية الجزائية. فركيزة الوجود الاجتماعي لا بد من سبيل لصيانتها على نحو فعال, من أن يمتد الجزاء الجنائي لا إلى السلوك المخل بها مباشرة فحسب، وإنما إلى كل سلوك يعد خطوة في الطريق إلى هذا الإخلال المباشر(7).
_____________
1- ينظر: الأستاذ. علي حسن فهمي, التدابير الاحترازية في القوانين الجنائية في الدول العربية, مجلة القضاء, العدد 1، س25, آذار 1970, ص48.
2- ينظر: د. فتوح عبد الله الشاذلي, المسؤولية الجنائية, دار المطبوعات الجامعية, الإسكندرية 2001, ص205, والأستاذ. علي حسن فهمي, المرجع السابق, ص48.
3- ينظر: د. علي محمد جعفر, مكافحة الجريمة (مناهج الأمم المتحدة والتشريع الجنائي), المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت 1999, ص15, ولنفس المؤلف أيضاً, العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذها, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت 1988, ص7.
4- ينظر: د. علي محمد جعفر, مكافحة الجريمة, المرجع السابق, ص16.
5- ينظر: د. فتوح عبد الله الشاذلي, المسؤولية الجنائية, المرجع السابق, ص206.
6- ينظر: الأستاذ. علي حسن فهمي, المرجع السابق, ص49.
7- ينظر: د. رمسيس بهنام, نظرية التجريم في القانون الجنائي, منشأة المعارف, الإسكندرية 1971, ص20.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|