المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الرقابة الادارية على الوجود المادي للوقائع  
  
4481   09:53 صباحاً   التاريخ: 5-4-2017
المؤلف : حبيب ابراهيم حمادة الدليمي
الكتاب أو المصدر : سلطة الضبط الاداري في الظروف العادية
الجزء والصفحة : ص147-157
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يفترض في قرارات الضبط الاداري ، ان تصدر استناداً لوقائع مادية تتمثل عادة بالتهديد الحاصل بالنظام العام او الاخلال به فعلاً، حيث تمثل تلك الوقائع اساسا ًلاصدار قرارات الضبط الاداري، وهي تخضع لرقابة القضاء الاداري، للتأكد من صحتها ، كونها السبب الدافع لاصدار القرار، بحيث يترتب على تخلفها، ان يكون القرار الاداري قد صدر استنادا ًلاساس خاطئ الامر الذي يتطلب اصدار الحكم بإلغائه وبغض النظر عما اذا كانت سلطة الضبط قد اصدرت قرارها وهي حسنة النية بان اعتقدت خطأ وجود تلك الوقائع على خلاف الواقع ، او كانت سيئة النية بان كانت عالمة بعدم توافر تلك الوقائع، ومع ذلك فقد اصدرت قرارها الاداري .(1) وللوقوف على رقابة القاضي الاداري على الوجود المادي للوقائع في قرارات الضبط الاداري، فلابد من بيان موقف القضاء الاداري في فرنسا ومصر والعراق، كل على انفراد.

الفرع الاول: موقف القضاء الاداري الفرنسي.

لم يمارس مجلس الدولة الفرنسي رقابته على الوقائع في دعوى الالغاء اول الامر ، على اعتبار ان الرقابة التي يمارسها القاضي الاداري هي رقابة قانونية وليست رقابة وقائع ، بحيث لايمكن الغاء القرار الاداري الا اذا كان معيباً بعيب في الاختصاص او الشكل او كان هنالك انحراف بالسلطة او مخالفة للقانون ، واستمر ذلك في احكام مجلس الدولة طوال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، الا ان المجلس قد عدل عن موقفه السابق لاحقاً ، وعمد الى بسط رقابته على الوقائع التي تستند اليها الجهة الادارية عند اصدار قراراتها الادارية ، وخاصة في الحالات التي يوجب القانون فيها توافر وقائع محددة بغية الاقرار بحق الادارة بالتدخل ، بحيث تصدر الاحكام بالغاء القرارات الادارية التي تستند لوقائع غير صحيحة(2).  وإذا كان اتجاه مجلس الدولة الفرنسي قد ظهر واضحا للعيان بالنسبة لعموم القرارات الادارية في حكمه الصادر بتاريخ 18/1/1907 في قضية السيد موند Monod (3) ، فان المجلس قد اخضع الوجود المادي للوقائع في قرارات الضبط الاداري للرقابة القضائية لاحقاً،واوجب على سلطة الضبط الاستناد الى وقائع صحيحة وقائمة ، بحيث لايعد تدخل سلطة الضبط مشروعاً الاَّ اذا كان هنالك تهديد حقيقي للنظام العام ، وتطبيقاً لذلك فقد الغى المجلس القرار الاداري الذي أصدرته سلطة  الضبط المتضمن سحب الترخيص الممنوح لاتحاد الشباب الحر في فرنسا لغرض اقامة صلاة في حدائق احد القصور التاريخية ، بادعاء ان ازدحام المصلين قد يؤدي الى الحاق الضرر بالاثار الموجودة في ذلك المكان، بعد ان تبين عدم صحة الوقائع المذكورة ، اذ سبق ان اقيمت صلاة مشابهة في ذات المكان دون حدوث اية اضرار فيه.(4)  ومن تطبيقات مجلس الدولة الفرنسي ما قضى به من رد الدعوى المقامة من قبل احد الاجانب لالغاء القرار الاداري الصادر بمنعه من الدخول الى الاراضي الفرنسية ، باعتبار ان ((القرار الاداري الصادر بالمنع قد بنيَّ على دوافع تتعلق بالامن العام ، وانه لا يبين من ملف الدعوى  ان القرار الاداري المطعون فيه قام على اساس وقائع مادية غير صحيحة، ومن ناحية فان الادعاء بإساءة استعمال السلطة غير قائم ..))(5). وفي مجال حرية المواطنين من السفر الى الخارج ، وحيث ان لسلطة الضبط الاداري منع المواطنين من السفر للخارج حفاظاً على النظام العام،(6) الا ان مجلس الدولة الفرنسي كان يرفض اول الامر بسط رقابته على الوقائع المادية في القرارات المذكورة(7), الأ إنه عدل لاحقاًعن موقفه السابق ، لذا فقد قضى بان ((.. السلطة المختصة لها ان تصدر جواز السفراو ترفضه ، وليس لمجلس الدولة الا ان  يبحث من خلال اوراق الدعوى ما اذا كان القرار المطعون فيه قد اقيم على اساس عن وقائع موجودة مادياً..))(8). واذا كان مجلس الدولة الفرنسي قد اخضع الوقائع المادية لقرارات الضبط الاداري لرقابته ، الا انه قد استثنى من ذلك القرارات المتعلقة ((بتدابير الامن العليا التي تتخذ بمقتضى قوانين لها طابع استثنائي)) إذ رفض مجلس الدولة مد رقابته على الوقائع الحاصلة  في القرارات الادارية الصادرة استناداً للقوانين الاستثنائية،(9) واكتفى بالنسبة لها من التحقق كون سلطة الضبط الاداري قد استندت عند اصدار قراراتها الادارية الى وقائع تكفي مع افتراض صحتها لتبرير الاجراءات المتخذة بهذا الشان.(10) وقد تعرض موقف مجلس الدولة الفرنسي باستثناء بعض القرارات الادارية من اخضاعها للرقابة القضائية، فيما يتعلق بالوجود المادي للوقائع المادية فيها الى نقد شديد من الفقه الاداري الفرنسي على اعتبار انه لايوجد مايمنع من الرقابة على الوجود المادي للوقائع وبغض النظر عما اذا كانت قد صدرت القرارات الادارية في ظل الظروف العادية ام الاستثنائية ، كون ذلك يمثل الحد الادنى للرقابة القضائية على القرارات الإدارية عموماً، وعلى قرارات الضبط الاداري على وجه الخصوص  وذلك لاتصال هذه الأخيرة بحقوق الافراد وحرياتهم العامة وذلك مايقتضي ممارسة تلك الرقابة باعتبارها مطلبا ًمن مطالب المشروعية من جهة وما يقتضيه المنطق بذات الوقت من جهة اخرى، حيث ان القرار الاداري لا يمكن ان يكون صحيحاً مالم يستند لوقائع مادية صحيحة ، والقول بخلاف ذلك يجعل الرقابة على السبب في قرارات الضبط الاداري بصورها الاخرى (الرقابة على التكييف القانوني والرقابة على الملائمة) غير ذي مضمون ، وبالتالي تفقد اهميتها كليا ً، اذ لا يمكن  تصور وجود رقابة قضائية على وقائع غير موجودة مادياً (صورية)(11). وازاء الانتقادات الموجهة لموقف مجلس الدولة الفرنسي السابق ، فان هذا الاخير قد عدل عن موقفه لاحقاً بحيث اخضع الوقائع المادية لكافة القرارات الادارية، لرقابته القضائية ليتحقق من كون الوقائع المذكورة موجودة فعلاً من الناحية المادية ، وانها تصلح ان تكون سبباً للقرارات الادارية وكان ذلك تحديداً عام 1959 ، في حكمه الصادر في قضية " Grange" والذي الغى فيه مجلس الدولة القرار الذي اصدرته سلطة الضبط الاداري المتضمن تحديد اقامة احد المحامين استناداً لنصوص المرسوم بقانون المؤرخ 16/مارس/1956 ، بادعاء انتماء المحامي الى احد التنظيمات السرية الهادفة الى الإخلال  بالامن ومساعدة الثوار في الجزائر، بعد ما تبين للمجلس عدم صحة الوقائع المادية التي استندت اليها سلطة الضبط الاداري عند اصدارها للقرار الاداري.(12)

الفرع الثاني: موقف القضاء الاداري المصري:

يمكن تحديد موقف القضاء الاداري المصري بالنسبة للرقابة القضائية على الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري من خلال استقراء موقف محكمة القضاء الاداري ، من جهة وموقف المحكمة الادارية العليا من جهة اخرى. وقدر تعلق الامر بموقف محكمة القضاء الاداري في مصر ، فان احكام هذه المحكمة قد استقرات ومنذ انشائها على اخضاع الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري لرقابة القاضي الاداري للتحقق من صحتها ، بوجود تهديد حقيقي للنظام العام الذي تسعى سلطة الضبط المحافظة عليه ، بحيث تشددت المحكمة المذكورة بوجوب استناد قرارات الضبط الاداري على اسباب جدية تبرر اصدارها، ذلك للاتصال المباشر لهذه القرارت مع حقوق الافراد وحرياتهم العامة.(13) وتطبيقاً لذلك فقد ذهبت محكمة القضاء الاداري فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بابعاد الاجانب او الترخيص لهم بالاقامة، بانه ((اذا كان من حق ادارة الجوازات والجنسية انهاء اقامة  الاجانب من ذوي الاقامة المؤقتة اذا ما انتهت  المدة المصرح لهم بها  والامتناع كذلك عن تجديد الاقامة لهم بعد انتهاء مدتها الاولى ،الاَّ ان قرارها في ذلك يجب ان يكون بعيداً  عن اساءة استعمال السلطة او التعسف  باستعمال  الحق ومستنداً الى اسباب معقولة . وقد جاء على لسان الحاضر عن الحكومة انها جددت للمدعي  اقامته عدة مرات  مراعاة لحالته  الصحية من جهة ورافة به لكبر سنه من جهة اخرى، وهي اسباب مازالت قائمة بالمدعي ولم توضح الحكومة سبباً جديداً يبرر امتناعها من تجديد اقامته رغم مطالبته لها بذلك الامر الذي يفيد عدم قيام سبب جدَّي يبرر هذا الامتناع عن تجديد إقامة المدعي))(14) .      وفي مجال حرية المواطنين من التنقل  والسفر الى خارج البلاد، فقد قضت محكمة القضاء الاداري  ايضاً بان ((تقييد الادارة لحق المواطن في التنقل والسفر الى خارج البلاد يتعين ان تكون له اسبابه ومبرراته الصحيحة الثابتة  التي تبيح لها الانتقاص من تلك الحقوق الدستورية التي هي وثيقة الصلة بحياة المواطن وكيانه، ولا يحيا مستوياً مع نفسه ومجتمعه دون التمتع بها ، فاذا انعدم السبب في قرار الادارة بحرمان المواطن من استعمال  هذا الحق الدستوري او كان قائما على اسباب ليست صحيحة او تؤدي الى هذا الحرمان او التقييد كان قرارها باطلاً مخالفاً للدستور والقانون...))(15). كما قضت محكمة القضاء الاداري في مجال الترخيص للمواطنين بالسفر بانه (( ولئن كان لا يجوز لمحكمة القضاء الاداري تقرير ملائمة اصدار القرار الاداري او عدم ملائمة ذلك ، الا ان لها الحق في بحث الوقائع التي بنيَّ عليها القرار الاداري بقصد التحقق من مطابقته للقانون، وحقها في ذلك لايقف عند حد التحقق من صحة الوقائع المادية التي بنيَّ عليها القرار، بل يمتد الى تقدير هذه الوقائع اذا ارتبطت بالقانون باعتبارها من العناصر التي بنيَّ عليها القرار، وللمحكمة في حدود رقابتها للقرار ان تقدر تلك العناصر التقدير الصحيح  لتنزل حكم القانون على مقتضاه ، ومن حيث انه وان كان للسلطة الادارية تقدير قرب المحال العمومية او بعدها من الاماكن المعدة لاقامة الشعائر الدينية عند منح الترخيص ، الا ان سلطتها في ذلك ليست مطلقة ، بل يجب ان يقوم قرارها على اساس من الوقائع المادية الصحيحة ))(16). اما بالنسبة لموقف المحكمة الادارية العليا في مصر ، فانه  قد اختلف عما سار عليه قضاء محكمة القضاء الاداري السابق ، وتحديداً في الفترة منذ انشائها عام 1955 ولغاية صدور الدستور المصري عام 1971، اذ عمدت المحكمة الادارية في  الفترة المذكورة الى عدم اخضاع الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري حصراً للرقابة القضائية، ويعود السبب في ذلك الاتجاه لهذه المحكمة للظروف السياسية السائدة في مصر انذاك وما شهدته البلاد من عدم استقرار سياسي، ورغبة من المحكمة المذكورة من عدم الاصطدام مع السلطة السياسية القائمة بوقتها، كان دافعاً لها في الامتناع عن رقابة الوقائع المادية في قرارات الضبط الإداري(17) . وتطبيقاً لذلك فقد قضت المحكمة اعلاه في مجال اقامة الاجانب بان ((الدولة بحكم مالها من سيادة على اقليمها والحق في اتخاذ ما تراه لازما من الوسائل للمحافظة على كيانها وامنها  في الداخل  او الخارج . تتمتع بسلطة عامة مطلقة في تقدير مناسبات اقامة او عدم اقامة الاجنبي على اراضيها، فلا تلزم بالسماح له بالدخول في اراضيها ولا بمد إقامته  بها الا اذا كانت تشريعاتها ترتب له حق من هذا القبيل بحسب الاوضاع والشروط التي تقررها، فان لم يوجد، وجب عليه مغادرة البلاد مهما تكن الاعذار او الذرائع التي يتعلل فيها ، حتى ولو لم يكن به سبب يدل على خطورته على الامن او الاداب..))(18)، كما قضت ايضا بان ((الترخيص  او عدم الترخيص للاجنبي بالاقامة ، ومد اوعدم مد اقامته بعد ذلك هو من المسائل التي تترخص الادارة في تقديرها بسلطة  مطلقة ، في حدود ماتراه متفقاً مع الصالح العام ، وليست سلطتها في هذا مقيدة بقيود او اثار قانونية فرضها القانون مقدماً))(19).كما رفضت المحكمة الادارية  العليا ، الرقابة على الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري الصادرة بخصوص السماح للمواطنين للسفر الى الخارج ، اذا قضت بان (( الترخيص او عدم  الترخيص في السفر للخارج هي من الامور المتروكة لتقدير الادارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح العام ، فلها ان ترفض الترخيص اذا قام لديها من الاسباب ما يبرر ذلك...))(20) وبعد صدور الدستور المصري لعام 1971 ، وتغير المناخ السياسي في مصر، فان ذلك كان دافعا ًعلى تغيير المحكمة الادارية العليا  لموقفها السابق وبشكل تدريجي ، بحيث عمدت الى مد رقابتها على الوقائع المادية في كافة القرارات الادارية عموماً ، في قرارات الضبط الاداري على وجه الخصوص،(21) . وتطبيقا ًلذلك فقد قضت المحكمة بشان ابعاد الاجانب بانه ((وان كانت جهة الادارة  في ممارسة الابعاد بالنسبة  لاصحاب الاقامة المؤقتة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة لا يحد منها الأ قيداً واحداً هو الاَّ يكون القرار مشوباً بالتعسف في استعمال السلطة او الانحراف  بها فانه يشترط ان تقوم امام الادارة اعتبارات جدية تجعل في اقامة الاجنبي تهديدا ً لامن الدولة او سلامة  اقتصادها او الاخلال بالنظام العام او الاداب العامة او الصحة العامة او السكينة ويخضع قرار جهة الادارة في هذا الشان لرقابة القضاء الاداري ...))(22). ومن تطيبقات المحكمة الادارية العليا ايضا ، ما قضت من انه ((وان كانت اجهزة الامن تترخص في تقدير  الخطورة الناشئة  عن الحالة الواقعية  التي يصح لها ان تتدخل  لمواجهتها بالاجراء الضبطي المناسب الا انه  يشترط ان يكون  لهذه الحالة وجود حقيقي بأن تكون ثمة وقائع محددة من شانها ان تتنبئ في التقدير المنطقي السليم للامور بان ثمة خطراً يتهدد الأمن وبأن الاحتياط له بمقتضى التدخل من جانب هذا الأجهزة بالإجراء الضبطي الذي تم...))(23). كما قضت ايضاً بانه ((لا يتحتم لصحة القرار الصادر برفض ترخيص السلاح او سحبه او الغائه توافر الادلة القطعية على خطورته على المجتمع وتهديده للامن العام كصدور احكام قضائية بالادانة، وانما يكفي لقيام القرار على سببه المشروع ان يكون مستنداً الى دلائل جدية او قرائن مادية من شانها ان تؤدي الى قيام الحالة الواقعية او القانونية التي دعت  الادارة الى اتخاذ هذا القرار..))(24). ونخلص مما سبق بيانه لموقف القضاء الاداري المصري من الرقابة على الوقائع  المادية في قرارات الضبط الاداري بان موقف محكمة القضاء الاداري سار باتجاه واضح لا يكتنفه الغموض او الابهام في اخضاع الوقائع المادية لرقابتها دون تردد منها في ذلك يبنما اتجهت المحكمة الادارية العليا الى الامتناع عن ممارسة الرقابة المذكورة اول الامر للفترة منذ انشائها عام 1955 ولغاية صدور الدستور المصري عام 1971، وكان ذلك الموقف بحسب السياسة القضائية التي اتبعتها المحكمة المذكورة في تلك الفترة تبعاً للظروف السياسية انذاك ، وحسناً فعلت المحكمة الادارية العليا عندما عمدت الى تغيير موقفها السابق باخضاع الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري لرقابتها باعتبار ان ذلك يمثل الحد الادنى من الرقابة التي تمارسها لغرض التحقق من مشروعية قرارات الضبط الاداري ، ومدى مطابقتها للقانون من عدمه ، على ضوء الوقائع المتحصلة بها عند نظر دعوى الالغاء .

الفرع الثالث: موقف القضاء الاداري العراقي:

درجت احكام القضاء الاداري على اتباع ذات النهج المتبع في احكام القضاء الاداري الفرنسي والمصري ، في ممارسة الرقابة القضائية على الوقائع المادية في قرارات الضبط الاداري ، للوقوف على صحة تلك الوقائع الحاصلة التي تشكل سبباً لتدخل سلطة الضبط الاداري لغرض المحافظة على النظام العام او اعادته لنصابة عند اختلاله. وتطبيقاً للقاعدة العامة ، فقد قضت محكمة القضاء الاداري بان (( المدعي لم يقدم الادلة الثبوتية التي تؤيد انه كان مستاجراً للدار المرقمة 162 محطة الكحلي في عنّه القديمة وان إستمارة الحصر التي يستند اليها غير موقعة من قبل لجنة الحصر المنصوص عليها في القرار رقم 1080 لسنة 1985 ولم يقدم المدعي عقد ايجار او تاييد من الضريبة على انه كان مستاجراً للدار قبل اجراء عملية حصر الدور المشمولة بالقرار المذكور ... لذا تكون الدعوى واجبة الرد لهذه الاسباب ...))(25). ومن تطبيقات القضاء الاداري العراقي ايضاً ، ما قضت به الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة من ان (( قرار الحجز على الاموال المنقولة وغير المنقولة والعائدة للمدعين واعمام وزارة المالية الرقم 316 في 13/3/2002 لتنفيذ قرار  الحجز لم يتطرق للسند القانوني للحجز ... وحيث ان المدعي عليهما قد انكرا شمولهما بهذا القانون واسسا دعواهما على هذا الانكار  مما كان الواجب على المحكمة اجراء التحقيقات للتثبت من مدى انطباق احكام القانون المذكور على حالة المدعين واموالهما المحجوزة فاذا تبين لها صحة شمولها تلك الاموال باحكام القانون المشار اليه فلها بعد ذلك ان تقضي برد الدعوى وفق احكام المادة السادسة منه ، اما اذا تبين لها عدم شمولها باحكامه فعليها بما تملكه من تكييف الوقائع ازاء هذه الدعوى ان تبت بالطعن))(26).  كما صدقت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة ، الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري المتضمن  الغاء القرار الاداري الصادر عن وزير التربية المتضمن اعتبار احد الطلاب راسباً في صفه كونه ((صحيح وموافق للقانون ومتفقاً مع وقائع الدعوى ، ذلك انه لم يثبت وجود تلاعب او تواطئ  بين الطالب وادارة المدرسة بشان الزيادة في درجات مادة التربية الفنية وان هذه الزيادة لم تحصل بفعل الطالب وانما بفعل ادارة المدرسة وبالتالي لا يتحمل الطالب مسؤولية خطا الادارة ، وحيث ان الطالب اعتبر ناجحاً من الصف الاول الى الصف الثاني وادى امتحان نصف السنة فتكون حالته الدراسية قد استقرت واصبح له حق مكتسب في النجاح ، وحيث ان القرار الصادر لم يستند الى سبب وهو ركن من اركان القرار الاداري مما يجعل القرار المطعون به معيباً بعيب السبب مما يستوجب الغاؤه..))(27). ويلاحظ على قرارات القضاء الاداري العراقي انها قد جاءت مسايرة لما هو مستقر فقهاً وقضاءً من اخضاع الوقائع في دعوى الالغاء للرقابة القضائية ولم نجد في طيات الاحكام المذكورة مايشير  الى خلاف ذلك، وهذا ما يمثل اساساً ترتكز عليه احكام القضاء الاداري بغية الحكم بمشروعية قرارات الضبط الاداري عند توافر تلك الوقائع وكونها صحيحة ولازمة لاصدار القرار الضبطي للمحافظة على النظام العام من جهة، ومن جهة ثانية فان احكام القضاء الاداري العراقي قد صدرت بهذا الشان وهي متضمنة لتفاصيل الوقائع المادية التي تم الاستناد اليها في قرارات الضبط الاداري، وفي ذلك اثار ايجابية تتمثل بامكانية التحديد الواضح والصريح للسبب الذي تم الاستناد اليه عند اصدار القرارات المذكورة، وبشكل يمكن ان يولد القناعة التامة لدى طرفي الدعوى (الادارة، الافراد)، بصحة صدور القرارات الادارية من عدمه، على ضوء الوقائع المادية المعروضة سابقاً، مما يمكن ان يرتب نتائجه فيما يتعلق بالطعن بالاحكام الصادرة بهذا الخصوص لاحقا. 

__________________

1- د. عصام عبد الوهاب البرزنجي: السلطة التقديرية للادارة والرقابة القضائية, كلية الحقوق, جامعة القاهرة, 1971.

2..AubyetDrago:op.cit,p.359.                                                                        

 

3- وتتخلص  تفاصيل القضية انه قد تم احالة السيد مونود على التقاعد من قبل الجهة الادارية على اساس تقديمه طلباً بذلك وحيث انه لم يقدم الطلب المذكور ، فانه بادر الى الطعن بالقرار بادعاء انه قد صدر كونه عقوبة تاديبية ، واقرت الجهة الادارية صراحة بعدم تقديم طلب من السيد مونود الا انها عمدت الى ذلك حتى لايحمل القرار على انه عقوبة تاديبية وان الشروط القانونية للاحالة على التقاعد متوافرة فيه ، وقد اصدر المجلس  حكمه برد الدعوى وذلك لتوفر الشروط القانونية كشرط السن ومدة الخدمة لغرض الاحالة على التقاعد لتفصيل ذلكC.E18.Jain,1907,Mond,Rec, p.616                                                  .

4- قرارها المؤرخ 1/ كانون الاول /1948 اورده اسماعيل صعصاع غيدان البديري : مسؤولية الادارة عن الضرر المعنوي في القانون الاداري ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية  القانون  ، جامعة بغداد ، 2003 ، ص163-164.

5..C.E.21.Nov.1952.sieurMarcon,p.524                                                       

6- احمد جاد منصور: الحماية القضائية لحقوق الانسان، دراسة خاصة في حرية التنقل والاقامة في القضاء الاداري المصري، دراسة مقارنة ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة عين شمس ،1997، ص477

7- محمد احمد ابراهيم عبد الباقي : الحماية القضائية للحرية الشخصية ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق ، جامعة القاهرة،1990، ص485.

    8..E.1.Juin,1954,JoudauxetRianx,Rec,p.346.                                                      

 

9- د. . عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده, الهيئة المصرية للكتاب, 1995،ص418

10- د.محمد ماهر ابو العينين : الانحراف التشريعي والرقابة على دستوريته، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة ،1987،ص88.

11- لتفصيل ذلك ينظر د. محمد حسنيين عبد العال : الرقابة القضائية على قرارات الضبط الاداري ،ط2، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1991،ص10. د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده ، المصدر السابق،ص419.

12- د رمضان محمد بطيخ: الاتجاهات المتطورة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي للحد من سلطة الادارة التقديرية وموقف مجلس الدولة المصري منها, دار النهضة العربية, القاهرة, 1994، ص77.

13- د محمد محمد بدران: مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري, دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي, دار النهضة العربية, القاهرة, 1992، ص303

14- قرارها المرقم 143/ س6.ق في 21/1/1954 اورده د. فاروق عبد البر: دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة، ج1، مطابع سجل العرب، 1988 ص243.

15- قرارها المرقم 7851 في 13/2/1996 اورده د. سامي جمال الدين: الوسيط في دعوى الغاء القرارات الادارية, ط1, منشأة المعارف بالاسكندرية, 2004،ص521.

16- قرارها المرقم 250/س1.ق في 24/8/1948،اورده رضا عبد الله حجازي: الرقابة القضائية على ركن السبب في اجراءات الضبط الاداري، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمه الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة،2001 ،ص123.

17- د.محمد محمد بدران : مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري ، المصدر السابق ،ص312.

18- قرارها المرقم 753/س1.ق في 7/4/1956، اورده د. سامي جمال الدين : الوسيط في دعوى الغاء القرارات الادارية ، المصدر السابق ،ص519.

قرارها المرقم 753/س1.ق في 7/4/1956 اورده د. محمد الوكيل : المصدر السابق ،ص404.

20- قرارها المرقم 1977/ س6. ق في  1/12/1962 اورده د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة: دعوى الغاء القرار الاداري في قضاء مجلس الدولة, الاسباب والشروط, منشأة المعارف بالإسكندرية,  2004،ص251.

21-  د. محمد محمد بدران: مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري, دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي, دار النهضة العربية, القاهرة, 1992،ص312.

22- قرارها المرقم 257/س26.ق في 27/2/1982 اورده د. محمود سلامة جبر : نظرية الغلط البين في قضاء الالغاء, رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق, جامعة عين شمس, 1992، ص42 .

23-  قرارها المرقم 74/س17.ق في 28/10/1978 مجموعة المبادىء التي قررتها المحكمة الادارية العليا في (15) عاماً من (1965-1980)، ص725.

24- قرارها المرقم 1216/س33. ق.في 19/12/1993اورده رضا عبد الله حجازي: الرقابة القضائية على ركن السبب في اجراءات الضبط الاداري، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمه الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة،2001، ص145.

25- قرارها المرقم 116/قضاء اداري /1999 في 5/8/2000 منشور في مجلة العدالة ،ع1 ( كانون الثاني ، شباط ، اذار)،2001،ص169.

26- قرارها المرقم 1/ اداري/ تمييز /2004/في 15/1/2004، غير منشور.

27- قرارها المرقم 31/اداري / تمييز /1998 في 8/6/1998، وبذات المعنى قرارها الرقم 34/اداري/ تمييز/1998، في 8/6/1998 غير منشورين. 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .