أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1618
التاريخ: 2023-08-04
1213
التاريخ: 11-10-2014
1935
التاريخ: 11-10-2014
5710
|
قال تعالى : { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } [الكهف : 32 -34] .
« الحفُّ » من حفَّ القوم بالشيء إذا أطافوا به ، وحفاف الشيء جانباه كأنّهما أطافا به ، فقوله في الآية ( وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ) أي جعلنا النخل مطيفاً بهما ، وقوله : ( مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ ) فهو من باد الشيء ، يبيد بياداً إذا تفرق وتوزع في البيداء أي المفازة.
« حسباناً » : أصل الحسبان السهام التي ترمى ، الحسبان ما يحاسب عليه ، فيجازى بحسبه فيكون النار والريح من مصاديقه ، وفي الحديث انّه قال 6 في الريح : « اللهم لا تجعلها عذاباً ولا حسباناً ».
« الصعيد » يقال لوجه الأرض « زلق » أي دحضاً لا نبات فيه ويرادفه الصلد ، كما في قوله سبحانه : { فَتَرَكَهُ صَلْدًا } [البقرة : 264].
هذا ما يرجع إلى مفردات الآية.
وأمّا تفسيرها ، فهو تمثيل للمؤمن والكافر بالله والمنكر للحياة الأُخروية ، فالأوّل منهما يعتمد على رحمته الواسعة ، والثاني يركن إلى الدنيا ويطمئن بها ، ويتبين ذلك بالتمثيل التالي :
قد افتخر بعض الكافرين بأموالهم وأنصارهم على فقراء المسلمين ، فضرب الله سبحانه ذلك المثل يبين فيها بأنّه لا اعتبار بالغنى المؤقت وانّه سوف يذهب سدىٰ ، أمّا الذي يجب المفاخرة به هو تسليم الإنسان لربه وإطاعته لمولاه.
وحقيقة ذلك التمثيل انّ رجلين أخوين مات أبوهما وترك مالاً وافراً فأخذ أحدهما حقه منه وهو المؤمن منهما فتقرب إلى الله بالإحسان والصدقة ، وأخذ الآخر حقه فتملك به ضياعاً بين الجنتين فافتخر الأخ الغني على الفقير ، وقال : { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا } ، وما هذا إلاّ لأنّه كان يملك جنتين من أعناب ونخل مطيفاً
بهما وبين الجنتين زرع وافر ، وقد تعلّقت مشيئته بأن تأتي الجنتان أُكلها ولم تنقص شيئاً وقد تخللها نهر غزير الماء وراح صاحب الجنتين المثمرتين يفتخر على صاحبه بكثرة المال والخدمة.
وكان كلما يدخل جنته يقول : ما أظن أن تفنى هذه الجنة وهذه الثمار ـ أي تبقى أبداً ـ وأخذ يكذب بالساعة ، ويقول : ما أحسب القيامة آتية ، ولو افترض صحة ما يقوله الموحدون من وجود القيامة ، فلئن بعثت يومذاك ، لآتاني ربي خيراً من هذه الجنة ، بشهادة أعطائي الجنة في هذه الدنيا دونكم ، وهذا دليل على كرامتي عليه.
هذا ما كان يتفوّه به وهو يمشي في جنته مختالاً ، وعند ذاك يواجهه أخوه بالحكمة والموعظة الحسنة.
ويقول : كيف كفرت بالله سبحانه مع أنّك كنت تراباً فصرت نطفة ، ثمّ رجلاً سوياً ، فمن نقلك من حال إلى حال وجعلك سوياً معتدل الخلقة ؟
وبما انّه ليس في عبارته إنكار للصانع صراحة ، بل إنكار للمعاد ، فكأنّه يلازم إنكار الربّ.
فإن افتخرت أنت بالمال ، فأنا أفتخر بأنّي عبد من عباد الله لا أُشرك به أحداً.
ثمّ ذكّره بسوء العاقبة ، وانّك لماذا لم تقل حين دخولك البستان ما شاء الله ، فانّ الجنتين نعمة من نعم الله سبحانه ، فلو بذلت جهداً في عمارتها فإنّما هو بقدرة الله تبارك وتعالى .
ثمّ أشار إلى نفسه ، وقال : أنا وإن كنت أقل منك مالاً وولداً ، ولكن أرجو أن يجزيني ربي في الآخرة خيراً من جنتك ، كما أترقب أن يرسل عذاباً من السماء على جنتك فتصبح أرضاً صلبة لا ينبت فيها شيء ، أو يجعل ماءها غائراً ذاهباً في باطن الأرض على وجه لا تستطيع أن تستحصله.
قالها أخوه وهو يندّد به ويحذّره من مغبّة تماديه في كفره وغيّه ويتكهن له بمستقبل مظلم .
فعندما جاء العذاب وأحاط بثمره ، ففي ذلك الوقت استيقظ الأخ الكافر من رقدته ، فأخذ يقلّب كفّيه تأسّفاً وتحسّراً على ما أنفق من الأموال في عمارة جنتيه ، وأخذ يندم على شركه ، ويقول : يا ليتني لم أكن مشركاً بربي ، ولكن لم ينفعه ندمه ولم يكن هناك من يدفع عنه عذاب الله ولم يكن منتصراً من جانب ناصر.
هذه حصيلة التمثيل ، وقد بيّنه سبحانه على وجه الإيجاز ، بقوله : {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف : 46].
وقد روى المفسرون انّه سبحانه أشار إلى هذا التمثيل في سورة الصافات في آيات أُخرى ، وقال : { قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } [الصافات : 51-55].
إلى هنا تبيّن مفهوم المثل ، وأمّا تفسير مفردات الآية وجملها ، فالإمعان فيما ذكرنا يغني الباحث عن تفسير الآية ثانياً ، ومع ذلك نفسرها على وجه الإيجاز.
( وَاضْرِبْ لَهُم ) أي للكفار مع المؤمنين ( مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا ) أي للكافر ( جَنَّتَيْنِ ) أي بستانين ( مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا ) أحدقناهما بنخل ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ) يقتات به ( كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا ) ثمرها ( لَمْ تَظْلِم ) تنقص ( مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا ) يجري بينهما ( وَكَانَ لَهُ ) مع الجنتين ( ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ ) المؤمن ( وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) يفاخره ( أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا ) عشيرة ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ) بصاحبه يطوف به فيها ويريه ثمارها. ( وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) بالكفر ( قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ ) تنعدم (هَٰذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي ) في الآخرة على زعمك ( لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ) مرجعاً ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) يجادله ( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ) لأنّ آدم خلق منه ( ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ ) عدلك وصيّرك ( رَجُلاً ). أمّا أنا فأقول { لَّٰكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ } عند اعجابك بها ( مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ). (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا * فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا ) وصواعق ( مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ) أي أرضا ً ملساء لا يثبت عليها قدم ( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ) بمعنى غائراً ( فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ) حيلة تدركه بها ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ) مع ما جنته بالهلاك فهلكت ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) ندماً وتحسراً ( عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا ) في عمارة جنته ( وَهِيَ خَاوِيَةٌ ) ساقطة ( عَلَىٰ عُرُوشِهَا ) دعائمها للكرم بأن سقطت ثمّ سقط الكرم ( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي ) كأنّه تذكّر موعظة أخيه ( لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ ) جماعة ( يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ ) عند هلاكها و ( مَا كَانَ مُنتَصِرًا ) عند هلاكها بنفسه ( هُنَالِكَ ) أي يوم القيامة ( الْوَلايَةُ ) الملك ( للهِ الحَقِّ ) (1).
__________________
(1) السيوطي : تفسير الجلالين : تفسير سورة الكهف .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|