أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-6-2021
2235
التاريخ: 22-10-2015
2851
التاريخ: 28-3-2017
3793
التاريخ: 25-4-2022
1714
|
اولاً. ماهية واجبات الدولة
ثانياً. تنظيم واجبات الدولة
اولاً. ماهية واجبات الدولة:
1. واجب الاعتراف بالحق في الأمن الفردي: يتوجب على الدولة ان تقر بحق الإنسان في الامن الشخصي .ومن نقطة البدء هذه ، يتحدد واجب السلطة التأسيسية الاصلية (وهي تضع وثيقة الدستور) ، في النص صراحة على حق الفرد في الحياة في امان واطمئنان دون رهبة او خوف ، وعدم جواز تعرض الفرد لاية اجراءات قانونية وتعسفية (1). وعلى اساس ذلك، ينبغي ان يتضمن التشريع الدستوري والعادي المبادئ التالية (2):
- حق الامن الشخص، معترف به ، ومحمي من قبل الدولة .
- لا يجوز القبض على الشخص او اعتقاله او حبسه ، وعدم اتخاذ أي تصرف يمس بامن الفرد الشخصي الا طبقاً للقانون .
- يتمتع الشخص بضمانات ضد الاعتقال او الحبس او العقوبات التعسفية .
- ضرورة اطلاق سراح المقبوض عليه او المحتجز بلا مبرر قانوني ، وحقه في ان يتخذ الاجراءات ضد المعتدي .
- لكل مواطن الحق في الحصول على الامر القضائي بالافراج عن المقبوض عليه (3).
- في حالة التلبس يجوز القبض على الشخص او تفتيشه او حبسه او تقييد حريته باي قيد يامر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع ، وبصدر هذا الامر من سلطة قضائية مختصة ، وذلك وفقاً لاحكام القانون(4).
2. واجب كفالة الحق في الامن الفردي:
لئن كان حق الامن من الحقوق الطبيعية للانسان، فان التمتع به يستلزم ان تضطلع الدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية بواجبات تضمن ما ياتي:
- ان تكون سيادة القانون اساس الحكم في الدولة ، وان تخضع الدولة للقانون(5).
- العمل على توكيد استقلال القضاء .
- الاقرار بمبدأ العقوبة الشخصية .
- تبني قاعدة لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون ، ولا يجوز فرض وتطبيق العقوبة الا بموجب حكم صادر من جهة قضائية مختصة (6).
- لا يجوز القبض على الناس وجسهم بدون وجه حق (7).
تقرير المسؤولية القانونية عن الافعال التي تمس وتنتهك حق الإنسان في امنه الشخص ، وذلك بتجريم هذه الافعال والعقاب عليها ، سواء تمت تلك الافعال من فرد على فرد او من سلطة عامة على فرد (8).
وفي ضوء ذلك ، ينبغي تحقق المسؤولية الجنائية اذا وقعت تلك الافعال على فرد بدون وجه حق ودون اتباع الاجراءات القانونية السليمة ، ودون تفرقة بين ممثلي السلطة والافراد العاديين.
3. واجب تحديد نطاق الحق في الأمن الفردي:
الفكرة الأساسية التي تصدر عنها الفلسفة الديمقراطية هي ان الاصل في اية جماعة انسانية هو الحرية ، وان القيد امر عارض لا يجوز ان يفرض الا لضرورة او لتحقيق مصلحة حيوية . الا ان كثير من الفقهاء قد ادركوا ان قيام المجتمع نفسه يتعارض مع التسليم بصفة مطلقة للحريات المعترف بها للافراد ، ولذلك كان تنظيم الحريات – في نظرهم- امراً اساسياً ، وان الحريات بدون تنظيم تكون مجرد وعود ، وان هو الذي يعطي الحريات ملامحها الحقيقية الواقعية ، غير ان تقدير التنظيم يتوقف على التأكد من ان هذا التنظيم لا يتخذ ذريعة لاهدار الحرية او انتقاصها ، وفي هذا الشأن تختلف الدكتاتوريات عن النظم الديمقراطية(9). وتنظيم حق الامن لا يستقل أي مشرع (ولو كان المشرع الدستوري) بخلقها بل انه يعد فيما يضعه من قواعد واحكام تؤمن السلام والتوافق الاجتماعي واحترام القانون العادل والقرارات والاوامر المشروعة الصادرة عن السلطات العامة ، وقد يكون المقصود به ايضا حماية الافراد قدر المستطاع من أي خطر كان ، واطمئنانهم على انفسهم وعلى اموالهم واعراضهم وذلك بتحصين الافراد ضد هذه المخاطر سواء كان مصدرها سلطة العامة ام نشاط الافراد (10).
اما في حالة الظروف الاستثنائية: ويتعرض هذا الحق لبعض القيود من اجل حماية المصلحة العامة ، فيجوز للسلطة التنفيذية ان تترخص في استعمال سلطتها وان تفرض قيوداً على هذا الحق ، وابرز هذه القيود هو الاعتقال الاداري والذي هو اجراء او تدبير استثنائي تقوم به سلطة الضبط الاداري بسبب وجود حالة واقعية تهدد الامن والنظام العام (11)، وتبدو خطورته في انه يرتب عليه المساس بالحقوق الشخصية على نحو يعطل الانتفاع بباقي الحقوق الاخرى الشخصية والعامة (12).
والدستور لم يضع تنظيماً مفصلا لحالة الطوارئ نفسها ، وانما احال الى القانون في ذلك ، وينظم حالة الطوارئ في العراق المادة (4) من قانون السلامة الوطنية لسنة 1965، حيث منحت رئيس الجمهورية حق فرض قيود على الاشخاص في الاعتقال والتجول والمرور، واحتجاز المشتبه في سلوكهم او فرض الاقامة الجبرية عليهم ، وله ايضا الحق بالامر بتفتيش الاشخاص ... (13).
وفي مصر ينظم حالة الطوارئ القانون رقم 162 (14) لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972 وقد حدد هذا القانون اسباب اعلان حالة الطوارئ التي من اهمها تعرض الامن والنظام العام للخطر بسبب حرب او اضطرابات او كوارث او اوبئة (15). ولرئيس الجمهورية – متى اعلنت حالة الطوارئ – اتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الامن والنظام العام. واهم هذه التدابير تتمثل في القبض على المشتبه فيهم او الخطرين على الامن والنظام العام واعتقالهم ، والترخيص في تفتيش الاشخاص والاماكن دون التقييد باحكام قانون الاجراءات الجنائية (16). ونصت المادة السادسة من هذا القانون على ان : يجوز القبض في الحال على المخالفين للاوامر التي تصدر طبقاً لاحكام هذا القانون والجرائم المحددة في هذه الاوامر (17).
ثانياً. تنظيم واجبات الدولة.
أ. النظم الدستورية:
تختلف الدساتير في معالجتها لحق الامن الشخصي تبعاً لتباين الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي وضعت في ظلها ، وتبعاً لتباين انظمة الحكم والمذاهب الفكرية التي اعتنقها ، وتبنى عدد من الدساتير احكاماً ومبادئ لحماية هذا الحق ، حيث اقرت هذا الحق ووضعت ضمانات موضوعية وشكلية تحكم الاعتقال او الحبس او العقوبات التعسفية . من هذه الدساتير الدستور العراقي لعام 2005، حيث اقر هذا الحق ، واوجب على الدولة حماية هذا الحق من أي اعتداء سواء تعرض لها الفرد من قبل اجهزة الدولة او من الافراد الاخرين ، واكد بانه لا يجوز القبض على الشخص او اعتقاله او حبسه ، او اتخاذ أي تصرف يمس بامن الفرد الشخص الا طبقا للقانون واشترط ايضا شرطاً قانونياً اخر هو صدور قرار قضائي صادر من السلطة القضائية المختصة ، لضمان هذا الحق وضد الاعتقال او الحبس او العقوبات التعسفية، وتضمن الدستور ايضا المبادئ الأساسية وينبغي على الدولة وسلطاتها العامة الالتزام بادائها ، من هذه المبادئ :
1. القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون .
2. لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، ولا عقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة .
3. التقاضي حق مصون ومكفول للجميع .4. حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة .
5. المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ، ولا يحاكم المتهم بالتهمة نفسها مرة اخرى بعد الافراج عنه الا اذا ظهرت ادلة جديدة .
6. لكل فرد الحق في ان يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائية والادارية .
7. جلسات المحاكم علنية الا اذا قررت المحكمة جعلها سرية .8. العقوبة شخصية .
9. ليس للقوانين اثر رجعي ما لم ينص على خلاف ذلك ، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم .
10. لا يسري القانون الجزائي باثر رجعي الا اذا كان اصلح للمتهم .
11. تنتدب المحكمة محامياً للدفاع عن المتهم بجناية او جنحة لمن ليس له محام يدافع عنه وعلى نفقة الدولة .
12. أ- يحظر الحجز . ب- لا يجوز الحبس او التوقيف في غير الاماكن المخصصة لذلك وفق قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة لسلطات الدولة .
13. تعرض اوراق التحقيق الابتدائي على القاضي المختص خلال مدة لا تتجاوز اربعا وعشرين ساعة من حين القبض على المتهم ولا يجوز تمديدها الا مرة واحدة وللمدة نفسها(18).
واعترف الدستور المصري لعام 1971، بهذا الحق ويتوجب على الدولة كفالة هذا الحق وحمايته من الاعتداءات سواء اكانت صادرة من اجهزتها العامة المعنية او من قبل الافراد الاخرين ، ولتفادي القبض التعسفي ، بين الدستور شروط صحة القبض او التفتيش ومدة الحبس ، واشترط لأمر القبض ان يكون لازماً لضرورة التحقيق في جريمة وقعت ، او بخطر مطلوب بصيانة امن المجتمع.
وفضلاً عن ذلك تضمن الدستور مجموعة من المبادئ والقواعد والتي تعد من الضمانات الأساسية لحماية الحقوق ، وعلى الدولة وسلطاتها العامة الالتزام بها والعمل بموجبها ، ومن هذه المبادئ :
سيادة القانون اساس الحكم في الدولة .
تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحصانته.
العقوبة شخصية ، وتنصب على فاعل الجريمة وحده ، ولايحملها احد سواه ما لم يشترك معه فيها (19).ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون .وان العقوبة لا توقع الا بحكم قضائي .ولا عقاب الا على الافعال اللاحقة لنفاذ القانون . المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة .
تكفل الدولة تقريب جهات القضاة من المتقاضيين، وسرعة الفصل في القضايا ، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل او قرار اداري من رقابة القضاء .
حق الدفاع اصالة او بالوكالة مكفول ، وتكفل الدولة لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء الى القضاء والدفاع عن حقوقهم (20).
ومن خلال المقارنة بين النصين السابقين نجد ان الدستور المصري لم يكتف بتقرير شرط القانونية في القيود التي قد يتعرض لها هذا الحق بل اضاف شروطاً اخرى تمثلت بوجوب صدور امر قضائي لهذا التقييد ، وان يكون مسبباً وتحدد فيه مدة التقييد ، الا ان الدستور العراقي اكتفى فقط بوجوب صدور الامر القضائي للتقيد دون ذكر الاسباب او تحديد مدة التقيد وكان الاولى به ان يضيف اليها الشروط التي ذكرها الدستور المصري من اجل ان تكتسب ضمانة اكبر . ويلاحظ ان المشرع العراقي قد فرق في المسؤولية والعقاب بين جريمة القبض بدون وجه حق الواقعة على الافراد وجريمة القبض بدون وجه حق الواقعة للفرد ضد فرد اخر. وبهذا يكون المشرع العراقي قد فرق في المسؤولية بين القبض الواقع من فرد على فرد والقبض الواقع من سلطة على فرد ومتضمن عدواناً على الحرية الفردية . على ان ما يؤخذ على المشرع العراقي انه نص على تجريم القبض دون وجه حق الواقع من السلطة ضد الافراد في تجريمه لتجاوز الموظفين حدود وظائفهم وكان الاولى بالمشرع العراقي ان يجرم القبض دون وجه حق ضمن جرائم الاعتداء على الحرية الفردية فيكون قد وضعها في مكانها الصحيح تحت عنوان يدل عليها ويفاخر بها(21). اما الدستور الايطالي لعام 1947 فلم يتضمن أي نص عن اقرار هذا الحق، الا ان تضمن المبادئ الرئيسية والتي تعد حقوق وضمانات المعتقل وعلى الدولة وسلطاتها العامة العمل بموجبها والالتزام بادائها ، وبناء عليه فان على الدولة:
ان تؤمن للافراد حق اللجوء الى المحكمة للمطالبة بحقوقهم ومصالحهم المشروعة.
السماح للافراد بحق الدفاع في جميع مراحل الدعوى ودرجاتها. ان تؤمن للاشخاص غير القادرين مادياً، الوسائل اللازمة للدفاع عن انفسهم .تعويض المتضررين عن الاخطاء القضائية وبيان شروطها وكيفيتها(22). الإقرار بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص . اتخاذ الاجراءات الآمنة في ضوء القواعد القانونية .الاقرار بالمسؤولية الجنائية الشخصية. على المشرع سن قوانين عقابية تستهدف اعادة وتأهيل المحكوم عليه(23).
وكذلك الحال بالنسبة للدستور السويسري لعام 1999 ، حيث لم يورد نصاً يضمن حق الامن الشخصي ، ولكنه تناول مجموعة من المبادئ والضمانات على الدولة وممثليها افراد السلطة العامة الالتزام بادائها والعمل بموجبها او بناء عليه يتوجب على الدولة ما يلي :
- حماية امن افرادها وعدم التعرض لها الا في ضوء القواعد القانونية المقررة .
- ابلاغ المعتقل عن سبب اعتقاله والتهمة الموجهة له . ان يتاح له الفرصة اعلام اقربائه المقربون . تتاح له على وجه السرعة الادلاء باقواله امام سلطة قضائية ، والاقرار على وجه السرعة بالافراج عنه او بقائه في الحجز (24). الاقرار بان المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ومستقلة ونزيهة . عدم محاكمة الافراد في محاكم استثنائية . ان تسمح للافراد بحق الدفاع في جميع مراحل الدعوى ودرجاتها .
ان تكون جلسات المحاكم علنية (25).
وقد اقر القضاء الاجراءات المتخذة من قبل الادارة في حالة الظروف الاستثنائية ففي حكم لمحكمة التمييز في العراق(26) راقبت المحكمة مدى التزام الادارة بتقدير الضرورات التي توجب قيامها بالعمل الاستثنائي ، فقررت في 13/7/1966 ان : (الضرورات تبيح المحضورات) وان القوات المرابطة في وزارة الدفاع عندما احدثت والحقت الضرر ببناية الوقف كانت في حالة القيام بواجباتها والدفاع عن نفسها ولم تتجاوز الضرورات التي يتطلبها الموقف العسكري الراهن وقت ذاك فالوزارة غير ملزمة بالتعويض (27). وقد قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية، بان حالة الطوارئ بالنظر الى حدتها وطبيعة المخاطر المرتبطة بها – لا تلائمها احياناً تلك التدابير التي تتخذها الدولة في الاوضاع المعتادة ، باعتبار ان طبيعتها ومداها تفرض من التدابير الاستثنائية ما يناسبها ، ويعتبر لازماً لمواجهة تبعاتها ، ولا تقتصر تلك التدابير ضرورياً لمواجهة الجرائم التي تهدد امن الدولة الداخلي او الخارجي ، بل تتناول في عديد من صورها وتطبيقاتها جرائم اخرى تخرج عن هذا النطاق وتجاوزه(28). كما وصفت المحكمة العليا نظام الطوارئ بانه نظام دستوري وضع الدستور اساسه وبين القانون حدوده وضوابطه ، لذلك فان التدابير التي تتخذ استناداً الى هذا النظام يتعين ان تكون متفقة مع احكام الدستور والقانون فان جاوزت ذلك فانها تكون غير مشروعة ، فتنبسط عليها رقابة القضاء(29).
وقد استقر قضاء محكمة القضاء الاداري المصري وقضاء المحكمة الادارية العليا المصري على ان حق رئيس الجمهورية في اصدار اوامر القبض والاعتقال مقيد قانونا ، ولا يتناول سوى المشتبه بهم والخطرين على الامن العام والنظام العام أي انه مقصور في نطاقه ومداه على من توافرت فيهم حالة الاشتباه المنصوص عليها بقانون رقم 98 لسنة1945 الخاص بالمتشردين(30).وفي حكم قضائي لمحكمة القضاء الاداري المصرية نصت على ان : فيما يتعلق بالامر الصادر من رئيس الجمهورية باعتقال المدعي عملا باحكام المادة (3) من القانون رقم (162) لسنة 1983 التي خولت رئيس الجمهورية سلطة تقييد حرية الاشخاص واعتقالهم مقصور على من يكون من هؤلاء الاشخاص خطراً على الامن والنظام العام(31).
ب.الدستور الدولي المشترك:
كان واجبات الدول موضع اهتمام المنظمات الدولية والاقليمية المعنية ، وقد اصدرت العديد من المواثيق في هذا الشأن،وجاء الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 في مقدمة تؤكد على وحدة الاسرة الإنسانية وقيمة الإنسان ، كما توضح الصلة القائمة بين احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والحرية في النظام الداخلي من جهة والسلام العالمي بين الامم من جهة اخرى (32). فالمادة الاولى منه تعلن ان : جميع الناس يولدون احراراً ... واكد على هذا الحق في المادة التاسعة منه على ان : لا يجوز اعتقال أي انسان او نفيه او حبسه تعسفياً .
وتضمنت مقدمة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 موافقة الدول الاطراف في هذا العهد على ان ميثاق الامم المتحدة يفرض عليها الالتزام بتعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان ، وتعني هذه الموافقة الاعتراف بان المسائل المتصلة بحقوق الإنسان لم تعد من قبيل الاختصاص الداخلي للدول ، فان ما تجري عليه العديد منها في هذا المجال هو بخلاف ذلك تماماً (33). وقد اتفقت الدول على المواد الواردة في هذا العهد ووفقاً للمادة (9) تتعهد الدول الاطراف بضمان:
- الاعتراف بحق كل فرد في الحرية وفي الامان على شخصه ، ولا يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفاً ، ولا يجوز حرمان احد من حريته الا لاسباب ينص عليها القانون وطبقا للاجراءات المقررة فيه .
- على ممثلي السلطة ابلاغ أي شخص يتم توقيفه باسباب هذا التوقيف ، كما يتوجب ابلاغه سريعاً باية تهمه توجه اليه .
- على الموظف المسؤول تقديم الموقوف او المعتقل بتهمة جزائية ، سريعاً ، الى احد القضاة ، او احد الموظفين المخولين قانوناً ، ويجب ان يحاكم خلال مدة معقولة او ان يفرج عنه ، ويجوز تعليق الافراج على ضمانات لكفالة حضوره المحاكمة في اية مرحلة اخرى من مراحل الاجراءات القضائية .
الاقرار بحق كل شخص حرم من حريته بالتوقيف او الاعتقال الرجوع الى المحكمة كما تفصل دون ابطاء في قانونية اعتقاله ، وتأمر بالافراج عنه اذا كان الاعتقال غير قانوني. على الدولة تعويض المتضرر بسبب الاعتقال غير القانوني في ضوء القواعد القانونية(34).:
وتؤكد مقدمة الاتفاقية الاوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على عزم حكومات الدول الاوربية على اتخاذ التدابير الكفيلة باعمال بعض الحقوق المبينة في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان . وتعترف المادة الاولى من الاتفاقية لكل انسان يخضع لولاية الدول الاطراف بالحقوق المحددة في القسم الاول من الاتفاقية او من ضمن الحقوق التي تشملها الاتفاقية هي الحق في الامن (35). وترتبت على الدول بموجب المادة الخامسة ما يلي :
1. الاعتراف لكل انسان بالحق في الحرية والامن لشخصه ، ولا يجوز حرمان أي شخص من حريته الا في الاحوال الاتية ووفقاً للاجراءات المحددة في القانون وهذه الحالات هي :
أ- على السلطة المخولة في الدولة حبس الشخص بناء على محاكمة قانونية امام محكمة مختصة .
ب- على السلطة المعنية القاء القبض على شخص وحبسه لمخالفة امراً صادراً من محكمة طبق القانون لضمان تنفيذ أي التزام محدد في القانون .
ج- على السلطة المعنية القاء القبض على شخص او حجزه طبقاً للقانون بهدف تقديمه الى السلطة الشرعية المختصة ، بناء على اشتباه معقول في ارتكاب جريمة ، او عندما يعتبر حجزه امراً معقولا بالضرورة لمنعه من ارتكاب الجريمة او الهروب بعد ارتكابها .
د- على السلطة المخولة في الدولة حجز حدث وفقاً للنظام القانوني ، بهدف الاشراف على تعليمه او بهدف تقديمه الى السلطة الشرعية المختصة .
هـ- على السلطة المخولة في الدولة حجز الاشخاص طبقاً للقانون لمنع انتشار مرض معد ، او الاشخاص ذوي الخلل العقلي او مدمني الخمور ، او المخدرات ، او المتشردين .
و- على السلطة المخولة القاء القبض على شخص او حجزه لمنع دخوله غير المشروع الى ارض الدولة ، او شخص تتخذ ضده فعلا اجراءات ابعاده او تسليمه.
2. على الموظف المسؤول تقديم المحجوز فوراً الى القاضي او موظف اخر مخول قانوناً بممارسة سلطة قضائية ، ويجب تقديمه للمحاكمة خلال فترة معقوله ، او يفرج عنه مع استمرار المحاكمة ، ويجوز ان يكون الافراج مشروطاً بضمانات لحضور المحاكمة .
3. على الدولة تعويض المتضررين بسبب الحجز غير القانوني (36).
وتتعهد الدول الاطراف في الاتفاقية الامريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 بان تحترم الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية وبان تضمن لكل الاشخاص الخاضعين لولايتها القانونية الممارسة الحرة لتلك الحقوق . وبموجب المادة (7) ترتبت على الدول :
الاعتراف لكل شخص بالحق في الحرية وفي الامان على شخصه .لا يجوز لسلطات الدولة المخولة حرمان احد من حريته الا لاسباب وفي الاحوال المحددة سلفا في دساتير الدول الاطراف ، او في القوانين الصادرة طبقاً لهذه الدساتير .
على الدولة منع سلطاتها المعنية والافراد العاديين من القبض او الحجز التعسفي .
على الموظف المسؤول ابلاغ المعتقل فوراً باسباب اعتقاله واخطاره فوراً بالتهمة الموجه اليه . على الموظف المسؤول تقديم الموقوف للقاضي او أي موظف مخول قانوناً بممارسة سلطة قضائية وان يحاكم خلال مدة معقولة او يفرج عنه بضمانات تكفل حضوره المحاكمة .السماح للموقوف والمعتقل الرجوع الى المحاكمة المختصة للفصل في قانونية توقيفه او احتجازه وتامر بالافراج عنه اذا كان اعتقاله غير قانوني.لا يجوز لسلطات الدولة توقيف احد بسبب دين ، الا ان هذا المبدأ لايحد من الاوامر التي تصدرها السلطة القضائية المختصة بسبب عدم القيام بواجب الاعالة (37).
__________________
1 – د. رافع خضر صالح شبر، واجبات الدولة المتولدة عن الحقوق المتصلة بشخص الإنسان، بحث غير منشور، 2006، ص7 .
- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية والقانون الدستوري، الدار الجامعية ، بيروت ، 1992 ، ص390.
2 – د. اسماعيل ابراهيم بدوي ، دعائم الحكم في الشريعة والاسلامية والنظم الدستورية المعاصرة، دار النهضة العربية ، 1994 ، ص88 .
- د. عبد الله محمد حسين ، الحرية الشخصية في مصر ، بلا دار نشر ، بلا تاريخ ، ص179 .
3- د. رافع صالح شبر، واجبات الدولة المتولدة عن الحقوق المتصلة بشخص الإنسان ، المصدر السابق، ص7 .
4- د. مصطفى ابو زيد فهمي ، الدستور المصري فقهأ وقضاءاً ، ط9،دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية ، 1996، ص172.
5- د. محمد عصفور، سيادة القانون، الصراع بين القانون والسلطة في الشرق والغرب، عالم الكتب، القاهرة، 1967، ص7 .
- د. ماجد راغب الحلو، الدولة في ميزان الشريعة، الانظمة السياسية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية ، 1996، ص70 .
6 – د. مصطفى ابو زيد فهمي ، الدستور المصري ، المصدر السابق، ص175.
- د. احمد فتحي سرور، الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية،القاهرة، طبعة معدلة، 1995، ص124 .
7- د. ثروت بدوي ، النظم السياسية ، دار النهضة العربية ، 1975 ، 421 .
8- د. رافع خضر صالح شبر ، واجبات الدولة ، المصدر السابق، ص8 .
9- د. محمد عصفور، الحريات في الفكر الديمقراطي والاشتراكي، عالم الكتب، القاهرة، 1961، ص59.
10- حارث اديب ابراهيم ، المصدر السابق، ص 78 وما بعدها .
11- د. اشرف توفيق شمس الدين ، الحماية الجنائية للحرية الشخصية من الوجهة الموضوعية ، دراسة مقارنة دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1996 ، ص 129 .
12- د. صبري محمد السنوسي ، الاعتقال الاداري بين الحرية الشخصية ومقتضيات النظام العام، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، 1996 ، ص32 .
13- كانت هذه السلطات منوطة برئيس الوزراء وفقاً للمادة (4) من قانون السلامة الوطنية ، وبموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 764 في 24/12/1969 انتقلت هذه السلطات الى رئيس الجمهورية .الوقائع العراقية ، عدد 1825 في 5/1/1970.
14- اصبح هذا الاختصاص لوزير الداخلية وذلك بموجب قرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 562 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 6/10/1981 .
15- د. جميل يوسف كتكت ، ص20 وما بعدها .
16- د. جورجي شفيق ساري، اصول واحكام القانون الدسستوري، النهضة، ط1، 2004، ص 186 وما بعدها .
17- د. اشرف توفيق شمس الدين ، المصدر السابق، ص128 .
18- قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1970 وتعديلاته .
19- د. مصطفى ابو زيد فهمي ، الدستور المصري فقهأ وقضاءاً ، ط9،دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية ، 1996، ص175 .
20- احمد محمد امين، حدود السلطة التشريعية ، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، 2001 ، ص 129 وما بعدها.
21- عبد الكريم يونس ذنون،الحماية الجنائية للحريات الفردية، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية القانون، جامعة الموصل، 2003، ص84.
22- ينظر المادة (24) من الدستور .
23- ينظر المادة (27/فق 1 ، 2 ، 3) من الدستور .
24- ينظر المادة (31) من الدستور .
25- ينظر المادة (32) من الدستور .
ومن الدساتير التي اخذت الاتجاه ذاته ، الدستور الامريكي لعام 1787 في التعديل الخامس الذي تم اقراره عام 1791 والتي تنص على ان : لا يجوز اعتقال أي شخص لاستجوابه بشأن جناية او جريمة شائنة اخرى الا تبعاً لصدور قرار اتهامي او مضبطة اتهام عن هيئة محلفين كبرى ، باستثناء القضايا الحاصلة في القوات البرية او البحرية او في المليشيا عندما تكون هذه القوات في الخدمة الفعلية في وقت الحرب او الحظر العام ، ولا يجوز اتهام أي شخص في اية دعوى جنائية على ان يكون شاهدا ضد نفسه ولا ان يحرم من الحرية دون اتباع الاجراءات القانونية الاصولية ...
موسوعة وورلد بوك ، المصدر السابق، ص34 . جواد ناصر الاربش ، المصدر السابق، ص528 .
وجدير بالذكر ان بعض الولايات الامريكية قد اصدرت قوانين تجيز الاعتقال الوقائي وذلك بهدف تفادي الخطورة الاجرامية المحتملة لبعض الاشخاص ومن اهم تلك القوانين Fedral Bail Reform الصادر عام 1984 وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بدستورية هذا القانون . ينظر:
- FRANKOWSKI (stanislaw) and LUEPKE (Henry): "Preventive Detention, Pri – Trial Detention in the U.S, Edited by : Stanislaw Frankowski and Dinah Shelton , 1992, P. 56 .
26- وتجدر الإشارة الى وجود محكمة التمييز في اقليم كوردستان العراق.
27- حكم التمييز في مجلة ديوان التدوين القانوني، كانون الاول، 1966.
- محمود خلف حسين ، الحماية القانونية للافراد في مواجهة اعمال الادارة في العراق ، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون والسياسة ، جامعة بغداد ، 1986، ص206.
28- المحكمة الدستورية العليا المصرية ، طلب التفسير رقم (1) ، لسنة 15ق "تفسير" جلسة 30/1/1993.
- د. احمد جاد منصور ، الحماية القضائية لحقوق الإنسان ، دار النهضة للطباعة ، القاهرة ، 1997، ص190 .
29- المحكمة الدستورية العليا المصرية ، طلب التفسير رقم (1) ، لسنة 15ق "تفسير" جلسة 30/1/1993.
- د. احمد جاد منصور ، الحماية القضائية لحقوق الإنسان ، دار النهضة للطباعة ، القاهرة ، 1997، ص190 .
30- المحكمة الادارية العليا جلسة 27 مايو 1978 ، الموسوعة الادارية ، ج5، رقم 161 .
- د. فتحي فكري ، اعتقال المشتبه فيهم طبقا لقانون الطوارئ المصري ، حقوق الإنسان ، المجلد الثالث ، دراسات تطبيقية في العالم العربي ، اعداد د. محمود شريف وآخرين ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1989 ، ص 362 .
31- طعن 734 لسنة 23 ق، جلسة 26/11/1983، الموسوعة الادارية الحديثة، ط1، الدار العربية للموسوعات، القاهرة، 1987، ج13، ص 129.
32- د. محمد يوسف علوان ، حقوق الانسان في ضوء القوانين الوطنية والمواثيق الدولية ، مطبوعة وحدة التاليف ، لكلية الحقوق ـ جامعة الكويت ،1989 ، ص119 .
33- د. محمد يوسف علوان ، المصدر السابق، ص130 .
34 – د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الاول، الوثائق العالمية ، ط1 ، دار الشروق، القاهرة ، 2003 ، ص 82 وما بعدها .
الوقائع العراقية ، العدد 3387 في 6 /1/1992 ، ص 10 وما بعدها .
د. الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الانسان ذاتيته ومصادره، حقوق الإنسان، المجلد الثاني، اعداد محمود شريف بسيوني، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 2004، ص 40 .
35- د. محمد يوسف علوان ، المصدر السابق، ص144 .
- د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الثاني، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، ط1، دار الشروق، 2003، ص 54 .
36- د. ابراهيم عبد الله المرزوقي ، حقوق الانسان في الاسلام ، ط2، ترجمة محمد حسين، المجمع الثقافي، ابو ظبي ، 2000، ص 466 وما بعدها .
37- د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، المصدر السابق، ص206 .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|