أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2016
2245
التاريخ: 2-2-2017
2084
التاريخ: 6-11-2016
31743
التاريخ: 14-5-2021
2551
|
للحياة الحضرية وجود في بعض مناطق شبه جزيرة العرب منذ اقدم الازمنة، وهذه المناطق، وجزء منها، عبارة عن مناطق زراعية والجزء الآخر مناطق تقع على طرق تجارية وترتبط بالتجارة، وتضم المنطقة الجبلية الجنوبية بالجزيرة من اليمن وحتى عمان مناطق زراعية عديدة نسبيا، خاصة اليمن التي يطلق عليها العرب (اليمن الخضراء) لما تتمتع به من خضرة وخصوبة، وفي مزارعها وجبالها تزرع أنواع من محاصيل البحر المتوسط وكذلك محاصيل الأقاليم الحارة كالبن، ويزدهر النخيل كعنصر مشترك في كل هذه المناطق عامة ويعد رمزا للعرب وشبه جزيرتهم، وفي معظم المناطق الساحلية تنتشر حرفة صيد الاسماك، وفي اقليم المهرة يعتمد الاهالي في عيشهم على الاسماك بل وفي اطعام ابلهم، وفي مناطق الاحساء والبحرين يمثل صيد اللؤلؤ حرفة خاصة للأهالي، وفي وسط الفافي هناك من يعيش من الناس في واحات حيث يزرعون النخيل على مياه الينابيع والآبار، وهذه مناطق حضرية ومدن قائمة في تلك البقاع منذ القدم، بل وتضم حضارات ودولا، كما سنرى فيما بعد وما يمكن ان يطلق عليه اسم (قرية) بالجزيرة العربية عبارة عن قلاع حصينة ترى أحياناً في مناطق بعيدة عن المدن وربما كانت درءا لهجمات البدو، وفي المدن، هناك أيضاً منازل حصينة وتضم غالبا عدة طبقات لا تخلو من شبه بالقلاع، وتبنى المباني عادة من الطين وتطلى من الخارج بالجير، والحارات فيها ضيقة ومتداخلة. إلا أن العامل الأهم في قيام مدن شبه جزيرة العرب هو التجارة، فهذه الأرض القاحلة تمتاز بوقوعها على اول الطريق الى اسيا واوروبا. لذا، فقد لعبت دورا هاما منذ القدم في التجارة بين هاتين القارتين.
لم يكن السفر بالبحر في الازمنة السالفة يسير كما هو اليوم، وكان الطريق القاحل الموحش في البر يرجح السفر بالبحر، وخاصة حين يكون اقصر من نظيره البحري، لهذا فعندما كانوا يريدون نقل البضائع الهندية والصينية الى اوروبا او الى مصر فقد كانوا ينقلونها بالسفن الى الجزيرة العربية فقط ثم يتم نقلها من هناك عن طريق قوافل الإبل الى موانئ شرق البحر المتوسط او خليج العقبة. وفي اوروبا القديمة، كان الاوروبيون يعتبرون بضائع الهند من إنتاج الجزيرة العربية لقدومها عن طريق الجزيرة العربية، وكان معظم هذه البضائع عبارة عن ذهب وأحجار كريمة وأدوية معطرة وأحيانا حيوانات وطيور نادرة كالطاووس والقرد. وللجزيرة العربية أيضاً حاصلات تصديرية هامة في بقاعها الجنوبية ومنها البخور ومشتقاته الى الصمغ الذي يحرق في المعابد ويزداد استهلاكه في اوروبا في المراسم والطقوس الدينية بالإضافة الى استعمالاته الطبية في سفر حزقيال الذي يعد من اسفار (العهد القديم) وينتمي الى القرن السادس قبل الميلاد، ويتحدث عن تجارة التجار العرب في الماعز والكباش وغيرها في ميناء صور (1)، ويتضح من نقش دون بالطحين المعيني والاغريقي وحد في جزيرة دلوس اليونانية ويرجح في تاريخه الى عام 135 قبل الميلاد ان بعضا من تجار معين كانوا يقيمون في تلك الجزيرة وشيدوا محراباً لآلهتهم (2).
وفي الجزيرة العربية كانت هناك عدة طرق تجارية ازدهر كل منها في عهد من العهود ولأسباب مختلفة، والطريق في الصحاري غالبا عدة طرق تجارية ازدهر كل منها في عهد من الع هود ولأسباب مختلفة والطريق في الصحاري غالبا مالا يكون اختياريا، فلابد للمسافر وللقافلة ان تأخذ في اعتبارها وجود واحات على الطريق، وكانت الطرق التجارية في شبه الجزيرة العربية بمثابة خطوم اتصال بين خليج عمان والخليج الفارسي من ناحية والبحر المتوسط ومصر من ناحية اخرى.
وكان ثمة طريق شمالية تبدأ من الخليجين المذكورين (وخاصة من ميناء عمان) وتنتهي الى ميناء صور عاصمة فينيقيا مرورا ببادية الشام وفلسطين، أو يمتد الى خليج العقبة وميناء غزة عن طريق سوريا وفلسطين بهدف الوصول الى مصر، وعلى هذه الطريق كانت هناك مدن هامة وواحات حيوية من قبيل بابل والحيرة ودومة الجندل (الجوف حاليا) وتدمير وغيرها مما ترى اطلال بعضها حتى اليوم في قلب الصحراء، وكانت هذه الطريق تربط العراق بالبحر المتوسط ومصر، ويرى لامانس الباحث البلجيكي انه كانت هناك حركة تجارية نشطة في شمال شبه الجزيرة العربية على ضفاف نهر الفرات من فتحة شط العرب والى مشارف الشام، وكان اعراب بني تغلب يسيطرون عليها (3).
والطرق الاخرى طريق شبه الجزيرة العربية الجنوبي؛ فكانت السفن القادمة من الهند تفرغ حمولتها في ميناء عمان او احد الموانئ الاخرى في الجنوب لتحملها قوافل العرب بموازاة الساحل الجنوبي الى اليمن ومنها بموازاة البحر الاحمر اي من ارض تهامة المستوية الى شبه الجزيرة العربية الصخرية (البطراء) ومنها الى ميناء ايلة على خليج العقبة او ميناء غزة على البحر المتوسط. وعلى طول هذا الطريق، كانت هناك مدن زاهرة في جنوب شبه الجزيرة من عمان الى اليمن، ومن اليمن الى البطراء أيضاً كانت هناك واحات هامة عديدة ومن بينها مكة والمدينة على نفس هذا الطريق.
ويبدو أن هذا الطريق الجنوبي كان يأتي في المقام الأول في العهود القديمة، ثم يتلوه الطريق الشمالي في الدرجة الثانية من حيث مروره بمراكز انتاج المحاصيل الجنوبية بشبه الجزيرة وفي أنه لم يكن قاصرا على دوره كمعبر لبضائع الهند. وكان سبب تدهور مكانة هذا الطريق ان الرومان الذين حكموا مصر حول الميلاد قد أقروا الملاحة في البحر الاحمر من باب المندب وحتى مصر بعد وقوفهم على سر الرياح الموسمية، وبالتالي صارت القوافل التي كانت تعمل بين جنوب شبه الجزيرة ومصر مهددة بالتوقف وبدأت المدن التي ازدهرت على هذا الطريق في خراب وترى أطلالها اليوم هناك، وهاجرت بعض القبائل من الجنوب الى الشمال حيث كان طريق الشمال لا يزال على اهميته، الا ان اليمن ونواحيها كانت بها حركة تجارية نشطة مع الشمال لكونها مركزا انتاجيا، وخصصت قوافل قريش فصل الشتاء لرحلة اليمن من مكة، كما ورد ذكرها في القرآن (4).
كانت هذه الحركة التجارية تمثل مجالا عريضا لأعمال العرب، فاتخذ بعض منهم سكنا على الطرق والمنازل وأقاموا تجارة، وتولى عدد آخر منهم مهمة النقل والخفارة لهذه الطائفة دون التخلي عن حياتهم البدوية، في حين أفاد بعض آخر منهم عن طريق فرض الإتاوة او الإغارة على القوافل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حزقيال، باب 27 آية، 21.
(2) آقاي تقبراده، تاريخ عربستان، قسمت 3، ص20.
(3) Lammens, la Mecque, 107
(4) سورة قريش "ورد في الكشاف. " كانت لقريش رحلتان يرحلون في الشتاء الى اليمن وفي الصيف إلى الشام فيمتازون ويتجرون".
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
لأول مرة في العراق.. مكتبة العتبة العباسية الرقمية تقدم خدماتها بنظام العضوية
|
|
|