أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-3-2021
2505
التاريخ: 2023-12-26
862
التاريخ: 16-1-2017
3448
التاريخ: 2023-12-09
993
|
هبل:
وهو (أعظم اصنام قريش). وكان على بئر في جوف الكعبة تجمع فيه الهدايا. وكان شعار قريش يوم أحد (اعل هبل).
لا نعلم بالضبط معنى هبل او اشتقاقه ؛ وربما كان مشتقا من بل وهو إله معروف في بلاد الهلال الخصيب. ومما يجلب النظر ان هبل وضع في الكعبة، مع ان الكعبة بيت الله.
يروي ابن الكلبي ان عمرو بن لحي الخزاعي جاء بهبل من هيت من العراق، ونصبه على بئر الأخشف في بطن الكعبة، وكان من عقيق احمر على صورة انسان مكسور اليد، فجعلت يده من ذهب. وكانت حجاج قريش تطوف حوله وتحلق رؤوسها وتلبي عنده : (لبيك اللهم لبيك. اننا لقاح حرمتنا على اسنة الرماح يحسدنا الناس على النجاح). ويروي ابن سعد، عن ابن الكلبي، ان خزيمة بن مدركة هو الذي وضع هبل موضعه، فكان يقال له صنم خزيمة.
وكان عند هبل سبعة اقداح، كل قدح منها فيه كتاب : قدح فيه العقل اذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة؛ وقدح فيه نعم للأمر، فاذا ارادوا امر ضربوا به في القداح، فاذا خرج قدح النعم عملوا به؛ وقدح فيه لا، فاذا ارادوا امرا ضربوا به في القداح، فاذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الامر؛ وقدح فيه منكم؛ وقدح فيه ملصق؛ وقدح فيه من غيركم؛ وقدح فيه الحياة، اذا ارادوا ان يحفروا للماء، ضربوا بالقداح، وفيها ذلك القدح، فحيثما خرج عملوا به. وكانوا اذا ارادوا ان يختنوا غلاما، او ينكحوا منكحا، او يدفنوا ميتا او شكوا في نسب احد منهم، ذهبوا به الى هبل، وبمائة درهم وجزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها؛ ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا يا الهنا هذا فلان قد اردنا به كذا وكذا، فاخرج الحق فيه. ثم يقولون لصاحب القداح اضرب، فيضرب؛ فان خرج عليه منكم كان وسيطا؛ وان خرج عليه من غيركم، كان حليفا؛ وان خرج عليه ملصق كان على منزلته منهم لا نسب له ولا حلف؛ وان خرج من شيء سوى هذا مما يعملون به، فقد عملوا به؛ وان خرج لا، اخروه عاملهم ذلك، حتى يأتوا به مرة اخرى، فينتهون في امورهم الى ذلك مما خرج فيه القداح. ويروي الازرقي ان قربانه مائة بعير يعطونها لغاضرة بن حبشية بن سلول الخزاعي. ويقول محمد بن حبيب ان هبل كان لبني بكر ومالك وملكان وسائر بني كنانة. وكانت قريش تعبد صاحب بني كنانة؛ وبنو كنانة يعبدون صاحب قريش.
اساف ونائلة:
اساف ونائلة، في الرواية العربية انها في الاصل رجل وامرأة فمسخا حجرين، فاخرجا من الكعبة، فنصب احدهما على الصفا والاخر على المروة، وانما نصبا هناك ليعتبر بهما الناس، ويزدجروا عن مثل ما ارتكباه، لما يرون من الحال التي صارا اليها؛ فلم يزل الامر يدرس ويتقادم حتى صار يمسحان، يتمسح بهما من وقف على الصفا والمروة. ثم صار اثنين يعبدان. فلما كان عمرو بن لحي، امر الناس بعبادتهما والتمسح بهما. وقال للناس ان من كان قبلهم كان يعبدهما؛ فكانا كذلك حتى كان قصي بن كلاب، فصارت اليه الحجابة وامر مكة، فحولهما من الصفا والمروة، فجعل احدهما بلصق الكعبة، وجعل الاخر في موضع زمزم. ويقال جعلهما جميعا في موضع زمزم (1).
وكان أهل الجاهلية يمرون بإساف ونائلة، ويتمسحون بهما. وكان الطائف اذا طاف بالبيت، بدأ بإساف فيستلمه، فاذا فرغ من طوافه ختم بنائلة فاستلمها، فكانا كذلك حتى كان يوم الفتح، فكسرهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع ما كسر من الأصنام (2). وكان يطرح بينهما ما يهدى للكعبة وينحر عندهما ويحلقون رؤوسهم. ولم تكن تدنو منهما امرأة طامث(3)، وكانت قريش تذبح عندهما الذبائح (4).
ويروي الشعبي ومحمد بن حبيب ان اساف ونائلة كانا على الصفا والمروة(5). ونحن نرجح رواية الازرقي، لانه اوسع اطلاعا على احوال مكة وشؤونها. وكانت اساف ونائلة، على ما يروي محمد بن حبيب، لقريش والاحابيش.
اما ابن الكلبي، فيروي عن ابن عباس ان عبادهما كانوا خزاعة وقريشا ومن حج البيت بعد من العرب (6). وكان نسكهم لإساف : (لبيك اللهم لبيك لا شريك لك، الا شريك هو لك تملكه وما ملك).
نهيك ومطعم الطير واصنام اخرى:
نهيك ومطعم الطير:
ويروي الازرقي عن ابن اسحاق ابن عمرو بن لحي نصب على الصفا صنما يقال له نهيك مجاور الريح؛ ونصب على المروة صنما يقال له مطعم الطير(7).
اصنام منى:
يروي الازرقي عن ابن اسحاق : (ان عمرو بن لحي نصب بمنى سبعة اصنام : نصب صنما على القرشيين الذين بين مسجد منى والجمرة الاولى على بعض الطريق، ونصب على الجمرة الاولى صنما، وعلى المدعاة صنما، وعلى الجمرة الوسطى صنما، ونصب على شفير الوادي صنما، وفوق الجمرة الوسطى صنما، وفوق الجمرة العظمى صنما، وقسم عليهن حصى الجمار احدى وعشرين حصاة يرمى كل وثن بثلاث حصوات. ويقال للوثن الذي يرمى انت اكبر من فلان، الصنم الذي يرمى قبله (8). غير أننا لا نعلم اسماء هذه الأصنام. كما ان القران الكريم لم يذكر أي صنم من الأصنام في مكة.
مناف:
ومعناه العلو، وقد تسمى به عدد قليل من الناس، منهم عبد مناف، احد اجداد النبي (صلى الله عليه وآله ). ويقول الطبري انه كان أعظم اصنام مكة (9). كما يروي ابن حجر عن عمرو بن شبه ان بني سلمة كانت تعبد منافا(10). غير أننا لا نعلم شيئا عن مكانه، او امره شيئا.
قزح:
لم تذكر الكتب العربية ان قزح كان الها او صنما؛ بل تذكر انه موقع على المزدلفة. وكانت الحلة والحمس تجتمع عنده في الحج. وفي الإسلام، يقف عنده الامام، وعنده توقد النيران في الحج (11). ويسمي العرب قوس قزح بالنسبة له. ويرى كوك انه هو الاله كوز الادومي(12)، فكان قزح اله المطر، وان الطيف الذي يظهر بعد الامطار هو قوسه، وان الناس في الحج كانت تتجمع عنده. فاذا صح ذلك فمعناه اما ان تكون عبادته قد نسيت عند ظهور الإسلام، او ان المسلمين طمسوا ذكره، لان موضعه اصبح من طقوس الحج الاسلامية.
ورد في القران الكريم ذكر لعدد من الالهة الجاهلية كان مقرها خارج مكة. واوردت عنها كتب التاريخ والأدب والجغرافيا معلومات غير قليلة. واهم هذه الالهة هي اللات والعزى ومناة والشعرى؛ وقد ذكرت في سورة النجم؛ وبعل وقد ورد في سورة الصافات؛ ورد سواع ويغوث ويعوق ونسرا، وقد وردت في سورة نوح.
العزى:
وهي من الالهة التي عبدها اهل مكة وتسموا بها. وكان يعبدها اللخميون ايضا، وقدم المنذر بن ماء السماء أربعمائة من اسرى الغساسنة ضحايا لها. ويقول بروكوبيوس ان هذه الضحايا قدمت لافروديتي، مما يحمل على الاعتقاد بان العزى كانت تقابل افروديتي، او نجمة الصباح. ويقول الطبري ان الزهرة عند العرب هي بالفارسية أناهيدا(13)؛ وهذه النجمة هي التي تقابل عشتروت(14). غير انه من الصعب الجزم بان العزى هي عشتروت، او نجمة الصباح (الزهرة)(15)، لان اسمها مشتق من العزة، أي القوة والرفعة. ولم يرد في الكتب العربية أي دليل يشير الى نوع اختصاص العزى، وعملها والهة أي شيء كانت.
كانت العزى في بطن نخلة (بواد من نخلة الشامية يقال له حراض بازاء الغمير عن يمين المصعد الى العراق من مكة، وذلك فوق ذات عرق الى البستان بتسعة اميال). ويروي ابن الكلبي ان الذي اتخذها ظالم بن اسعد. اما ابن إسحاق فيقول، فيما يروي الازرقي، ان عمرو بن لحي هو الذي جاء بها. واما الازرقي، فيروي ان أول من دعا لعبادتها هو عمرو بن ربيعة والحارث بن كعب. ويروي محمد بن حبيب ان عبدتها غطفان وقريش وغني وباهلة، بينما يروي الطبري، عن ابن زيد، ان ثقيفا عبدتها. وفي رواية للأزرقي ان نصرا وجشم وسعد بن بكر، وهم اعجاز هوازن، كانوا يعبدونها. ويروي الازرقي، عن ابن إسحاق، ان العزى كانت لخزاعة، وان قريشا وكنانة كانتا تعظمان العزى. ويروي ابن الكلبي انها احدث من اللات ومناة، وانها كانت تسمى بهما، وكانت أعظم الأصنام عند قريش، وانها حمت لها شعبا من حراض يقال له سقام يضاهون به حرم الكعبة؛ وانه كانت قريش تخصها بالإعظام ولم تكن قريش بمكة، ومن أقام بها من العرب، يعظمون شيئا من الأصنام اعظامهم العزى، ثم اللات ثم مناة. فاما العزى، فكانت قريش تخصها دون غيرها في الزيارة والهدايا لقرب مكانها منها. ويروي الازرقي عن ابن إسحاق انهم كانوا اذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يحلوا حتى يأتوا العزى، فيطوفون بها، ويحلون عندها، ويعكفون عندها يوما. ويقول ابن الكلبي ان قريشا كانوا يزورونها ويهدون لها، ويتقربون عندها بالذبح؛ وانه كان لها منحر يذبحون فيه هداياها، ويقال له الغبغب؛ فكانوا يقسمون لحوم هداياها فيمن حضرها، وكان عندها (16)؛ وكانت تلبيتها (لبيك اللهم لبيك وسعديك ما أحبنا اليك).
يروي الازرقي عن ابن إسحاق وابن الكلبي، ان سدنتها بنو شيبان بن مرة السلميون، وان اخر سدنتها منهم دبية بن حرسي السلمي؛ وكان قبله، على ما يروي الازرقي، أفلح بن النضر السلمي. ولكن محمد بن حبيب وابن الكلبي يرويان أيضاً ان سدنتها بنو صرمة بن مرة. وقد هدمها خالد بن الوليد وقتل سادنها(17).
الّلات:
كانت اللات من الالهة البابلية، وهي تمثل فصل الصيف. كما كانت عند النبطيين بشكل صخرة بيضاء مربعة، وهي تمثل رب البيت. كما كانت تعبد في تدمر وتسمى بها وهب اللات بن اذينة.
وهي في العربية مؤنث كلمة الله. ويقول ابن الكلبي انها احدث من مناة. وكانت صخرة مربعة في الطائف. وكان لها، على ما يروي محمد بن حبيب، بيت يسترونه وواد يحرمونه. وكانت قريش وجميع العرب تعظمها الا ان ثقيفا كانت تخص اللات، كما كانت قريش تخص العزى. وكانت تلبية من نسك اللات : (لبيك اللهم لبيك كفى بيتنا بنية، ليس بمهجور ولا بلية، لكنه من تربية زكية، ارباب من صالحي البرية).
مناة:
كانت مام ناتو من الالهة البابلية، وكانت مناتو عند النبطيين الهة القدر والموت. اما في العربية، فقد يكون اشتقاقها من القوة، او القطع او من المنية أي الموت، وقد اقسمت بها العرب. ويروي الازرقي، عن ابن إسحاق : (ان عمرو بن لحي نصب مناة على ساحل البحر، مما يلي قديدا وهي التي كانت للأزد وغسان؛ ويحجونها ويعظمونها، فاذا طافوا بالبيت وافاضوا من عرفات وفرغوا من منى، لم يحلقوا الا عند مناة. وكانوا يهلون لها، ومن أهل لها، لم يطف بين الصفا والمروة لمكان الصنمين اللذين عليهما نهيك مجاور الريح ومطعم الطير؛ فكان هذا الحي من الأنصار يهلون بمناة. وكانوا اذا اهلوا بحج او عمرة، لم يظل احد منهم سقف بيت، حتى يفرغ من حجته او عمرته).
ويؤيد ابن الكلبي ما اورده الازرقي اذ يقول ان مناة كانت منصوبة على ساحل البحر من ناحية بقديد بين مكة والمدينة، وهي قريبة من المدينة، وان القبائل الساكنة بين مكة والمدينة، يعظمونها ويذبحون لها؛ ولكن الاوس والخزرج كانتا اشد اعظاما لها، حيث يحلقون عندها، ولا يرون لحجتهم تماما الا بذلك. وكانت تلبية من نسك لها (لبيك اللهم لبيك، لولا ان بكرا دونك يبرك الناس ويهجرونك ما زال حج عثج يأتونك، انا على عدوانهم من دونك).
يروي ابن الكلبي ان مناة كانت اقدم الالهة؛ وقد تسمى بها عدد من مختلف القبائل، وكانت احدى قبائل تميم تسمى بها (سعد مناة وزيد مناة)؛ ولكن الغريب ان الاوس والخزرج لم تنتشر فيهما هذه التسمية ولا في قريش. وكان لمناة بيت وكان سدنته الغضاريف من الأزد؛ وقد بعث الرسول لهدمه سعيد بن عبيد الأشهلي، وفي رواية أخرى علي بن أبي طالب (18).
لقد ذكرت هذه الآلهات الثلاث في القرآن الكريم : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 19 - 22] (النجم 19-22)؛ ان هذه الآيات لا تنص بوضوح على انهن كن بنات الله؛ ولكن سياق الاسلوب القرآني المكي يحملنا على القول بان الآية الثانية ذات صلة بالآيات الأولى، وان أهل مكة كانوا يعدونها بنات الله.
ولقد بينا انهم كانوا يعتقدون ان الملائكة بنات الله وشفاؤهم عنده. ولكن لا تشير الأخبار المتوفرة لدينا الى اعتقاد العرب بان هذه الآلهات الثلاث كن ملائكة. كما لا يوجد في القرآن الكريم، ولا في كتب التاريخ والادب واللغة، ما يشير الى اختصاص هذه الالهة او الالهة الأخرى او العلاقات بينها. ومن الصعب قبول ادعاء ان المسلمين تعمدوا طمس اخبارها، لأنها تناقض الإسلام. فقد وردتنا بعض الأخبار عنها؛ والف ابن الكلبي فيها كتابا، كما اورد ابن إسحاق اخبارا عنها. وقد روي من الشعر الجاهلي ما لا يطابق روح الإسلام، فلماذا لا يذكر عن هذه الالهة شيء، ولو بمعرض السخرية والرد؟ وجدير بنا ان نؤكد ان هذه الالهة لم تذكر في القرآن الكريم، الا مرة واحدة عرضية، كما ذكرت اصنام أخرى بصورة عرضية؛ وانها لم تكن الالهة الوحيدة في مكة، او في الجزيرة، بل ذكرت أيضاً الهة أخرى فيها.
الشعرى:
فاما الشعرى، فهي التي تسمى العبور (19). ويذكر مصعب الزبيري ان وجرة بن غالب وهو من خزاعة، وهو أول من عبد الشعرى، كان يقول ان الشعرى تقطع السماء عرضا فلا ارى في السماء شيئا، شمسا ولا قمرا ولا نجما، يقطع السماء عرضا. ووجرة هو ابن كبشة الذي كانت قريش تنسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه. والعرب تظن ان احداً لا يعمل شيئا الا بعرق ينزعه. فلما خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) دين قريش، قالت قريش نزعه او كبشة، لان ابا كبشة خالف الناس في عبادة الشعرى. وكان أبو كبشة سيدا في خزاعة(20). كما يذكر صاعد الأندلسي ان عبد قيس كانت تعبد الشعرى(21).
الشمس:
فأما الشمس، فقد ذكر القرآن الكريم ان أهل سبأ كانوا يعبدونها : {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24] . والواقع ان عبادة الشمس قديمة، انتشرت عند معظم الامم القديمة، وكان الاله شماس وشمس من اكبر الالهة البابلية واليمانية. وذكر سترابو ان أهل بطرا كانوا يعبدون الشمس. وقد انتشرت تسمية عبد شمس عند العرب، وكانت عبادته في بني تميم، وكان له بيت، وكانت تعبده بنو أد كلها : ضبة وتميم وعدي وعكل وثور. وكان سدنته من بني اوس بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن اسيد بن عمرو بن تميم. وكانت تلبية من نسك له (لبيك اللهم لبيك، ما نهارنا نجره، إدلاجه وحره وقره، لا نتقي شيئا ولا نضره، حجا لرب مستقيم بره)؛ وقد هدمه هند بن أبي هالة وصفوان بن اسيد بن الحلاحل بن اوس بن مخاشن(22).
ولعل مما يتصل بالشمس الشارق(23)، الذي تسمى به العرب، وعبده بعضهم، وان لم تكن لدينا معلومات عن عبادته.
بعل:
اما بعل، الذي يذكره القرآن الكريم باعتباره الها كان يعبده قوم الياس : { أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] ، وهو من اشهر الالهة القديمة، فقد كان اله الارض عند البابليين، ثم اصبح اله الخصب عند الاسرائيليين، واله المياه الباطنية عند اليمانيين. وتستعمل كتب الفقه الإسلامية، عند تصنيف الأراضي الزراعية (ما سقي بالبعل) أي الارض التي تسقى بالآبار (24)، فكان هذا التعبير من آثار ما قبل الإسلام، أي ما سقاه الاله بعل.
ذكرت ان القرآن ذكر : وداً وسواعاً، ويغوث ويعوق نسراً، باعتبارها من الهة قوم نوح.
ودّ:
أما ودّ، فكان من اكبر الالهة المعينية؛ وقد ورد ذكره في النقوش الثمودية. وكان موضعه عند ظهور الإسلام بدومة الجندل، وكان تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال، قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده وقد تنكب قوسا، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة (أي جعبة) فيها نبل (25)؛ وهذا الوصف يوحي بانه كان اله الحرب. ولكن الكتب العربية لا تشير الى اختصاصه، كان ان تلبيته لا توحي بشيء فقد كانت تلبية من نسك إليه (لبيك اللهم لبيك معذرة اليك). وكان يقدم إليه اللبن. ولا تشير المصادر الى آية علاقة بينه وبين ودان التي هي قرية في الحجاز.
كان سدنة الاله ود من بني عامر الاجدار، وقد بعث إليه الرسول خالد بن الوليد لهدمه. ولكن بني عبد ود وعامر الاجدار قاوموه؛ فاشتبك معهم، وانتصر عليهم، ثم هدمه.
سواع:
فاما سواع، فتسميته غامضة، وكان برهاط من ارض ينبع، وكانت تعبده بنو كنانة وهذيل ومزينة وعمرو بن قيس بن عيلان؛ ولكن هذيلا اختصت به اكثر، فكانوا يقدمون إليه الذبائح. وقد ذكر ابن سعد خبراً ذكر فيه ان بقرة قدمت لسواع. وكانت تلبية من نسك إليه (لبي اللهم لبيك لبيك، ابنا اليك، ان سواع طلبنا اليك).
كان سدنة سواع من بني لحيان، وكان سادنه عند ظهور الإسلام غاوي بن ظالم. وقد هدمه عمرو بن العاص (26).
يغوث:
اما يغوث، اما اسمه مشتق من الغوث او النجدة، واسمه يشبه اسم الاله العبري يعوش، مما حمل روبرتسن سميث على اعتبارهما الها واحدا. وكان عند ظهر الإسلام في اليمن تعبده مذحج وأهل جرش. ويذكر محد بن حبيب انه كان في انعم، وكان لمذحج كلها، فقاتلهم عليه غطيف بن مراد، حتى هربوا به الى نجران، فأقروه عند بني النار من الضباب من بني الحارث بن كعب، واجتمعوا عليه جميعا. وكان سادنه عند ظهور الإسلام العوامل بن جهيل الهمداني السلمي. وكانت التلبية إليه (لبيك اللهم لبيك لبيك أحبنا بما لديك، فنحن عبادك، قد صرنا اليك)(27).
يعوق:
اما يعوق، فاسمه يدل على العاقة والمنع. ولعل المقصود منع الشر، فهو الحارس من الشرور، وكان في قرية خيوان التي تبعد ليلتين شمال صنعاء، ولم يسم به احد، والتلبية إليه (لبيك اللهم لبيك لبيك بغض الينا الشر، وحبب الينا الخير، ولا تبطرنا فنأشر، ولا تفدحنا بعثار)(28).
نسر:
ونسر اله قديم؛ فقد وجد في نقوش ممفيس ما يفهم منه ان نسرا اله عربي، وقد عبده الكلدانيون وتسمى به اشهر ملوكهم نبوخذ نصر، كما عبده الآراميون في سوريا، وكان اله الحضر الأكبر. اما عند الإسلام، فكان في غمدان، تعبده حمير وتعظمه وتدين له وتلبي له. ولكن لم يتسم احد به، ولم يذكر في الشعر (29).
يتبين مما تقدم ان الالهة التي ذكر في القرآن الكريم بوصفها الهة قوم نوح، كانت عند ظهور الإسلام يعبد اكثرها في اليمن. والواقع ان المصادر الادبية لم تقدم عنها معلومات وافية؛ كما ان القرآن الكريم لم يشر الى عبادات او معبودات أهل اليمن، ولم يذكر كثيرا من الأصنام التي يرد ذكرها في الكتب، وهي غير قليلة، وبعضها اجرام سماوية؛ فيذكر صاعد الأندلسي ان تميما عبدت الدبران، وعبدت لخم وجذام المشتري، وعبدت طي سهيل، وعبدت اسد عطارد. وهناك معبودات سميت بأسماء الأماكن، كذي الشرى وذي الخلصة.
ذو الشرى:
فاما ذو الشرى، فان اسمه مشتق من جبل السراة، وقد عبده الانباط، وسموا كثيرا من أولادهم (ذو الشرى). وكان عندهم صخرة مربعة ارتفاعها أربعة اقدام وطولها قدمان، ويفسح عليها او اماهما دم الضحايا. ويقول ابيفانوس انه كان يقام لها عيد في 25 كانون الأول، أي يوم الانقلاب الشتوي. فاذا صح هذا فمعناه انه كانت لها علاقة بالشمس. وكان عند ظهور الإسلام يعبده بنو الحارث بن يشكر الأزديين، على ما يقول ابن الكلبي(30).
ذو الخلصة:
اما ذو الخلصة، فكان صخرة بيضاء عليها كهيئة التاج، ولها بيت، وكانت بتبالة بين مكة واليمن، وكانت خثعم وبجيلة وازد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هوزان يعظمونها ويهدون اليها ويلبسونها القلائد، ويهدون اليها الشعير والحنطة، ويصبون عليه اللبن، ويذبحون لها. كما كانوا يستقسمون عندها بالأزلام. وقد استقسم عندها امرؤ القيس. وكان سدنتها بني امامة من باهلة بن اعصر. وقد هدمها جرير البجلي، بعد ان اشتبك مع سدنتها وعبادها بمعركة عنيفة، وانشئ مكانها مسجد العبلات بتبالة (31).
الفلس:
وهناك آلهة بأسماء أعضاء الجسم، او بشكل إنسان، مثل الفلس الذي كان نتوءا بارزا في جبل اجا يشبه تمثال إنسان. وكانت طي تعبده، وتهدي إليه وتعتر عنده العتائر؛ ولا يأتيه خائف الا أمن عنده؛ ولا يطرد احد طريدة، فيلجأ بها إليه، الا تركت له ولم تخفر حوبته. وكان سدنته بني بولان. وقد هدمه علي بن أبي طالب، بعد ان وجد عنده سيفين اهداهما إليه الحارث بن أبي شمر الغساني.
آلهة أخرى:
ذكر ابن الكلبي عدة آلهة أخرى منها ذو الكفين، وكان لبني منهب بن دوس؛ ورضاء وكان بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة.
وسعد، وكان صخرة طويلة بساحل جدة، توقف عليه الابل وتراق عليه الدماء، وكان لمالك وملكان ابني كنانة. والاقيصر وهو لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان؛ وكانوا يحجون له، ويحلقون رؤوسهم عنده، ويخلطون شعرهم بالدقيق.
ونهم، وكان لمزينة؛ وبه كانت تسمى هذه القبيلة عبد نهم. وكانت تذبح عنده العتائر. وله سادن من بني عداء المزينيين اسمه خزاعي.
وعائم، وهو لأزد السراة وقد ذكر زيد الخيل. و سعيره، لعنزة و عميناس، وكان لخولان. وفيه نزلت آية { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [الأنعام: 136]. ذكر محمد بن حبيب (32) آلهة أخرى، منها جهار، وكان لهوزان ومحارب بعكاظ في سفح جبل اطحل، وكان سدنته آل عوف النصريين.
والسعيدة، وكانت بأحد تعبدها الأزد وسعد هذيم وقضاعة، وكان سدنتها بني العجلان(33).
وذور الليا بالمشقر، في البحرين، وتعبده عبد القيس، وسدنته بنو عامر.
والمحرق بسلمان لبكر بن وائل، وله اولاد موزعون على قبائلها : ففي عنزة، بلج بن المحرق؛ وفي عميرة وغفيلة، عمرو بن المحرق، وسدنته آل الأسود العجليون.
وذريح، بالنجير، في جنوب اليمن، لكندة.
ومرحب، بحضرموت.
والمنطبق، وكان صنما من نحاس، وهو للسلف وعك والاشعريين. (وهو من نحاس يكلمون من جوفه كلاما لم يسمع بمثله. فلما كسرت الأصنام وجدوا فيه سيفا فاصطفاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) وسماه مزدما (34)).
ويذكر البكري عن ابن إسحاق صنما اسمه ضمار كان لبني سليم يعبدونه؛ وقد ورد في شعر عباس بن مرداس (35).
كما ذكر ياقوت أول صنم كان لبكر بن وائل (36)؛ وذا الرجل وهو في الحجاز (37)؛ وحلال، اسم صنم لبني فزارة(38)؛ وعبعب، وهو صنم كان لقضاعة ومن يقاربهم.
وأغلب ما يستعمل في الكتب العربية لوصف ما ذكرناه صيغة الضمير، فيقولون (اتخذوا) او (وكان لهم) دون ان يذكروا ماهيتها. غير ان بعض مؤلفات المتدينين تصفها بأنها اصنام او اوثان. أما القرآن، فيصفها بأنها آلهتهم او أربابهم (المزيفة طبعا). ولا ريب في أن عدم استعمال الكتب العربية لكلمة آلهة هو خشية مؤلفيها من ان يلتبس هذا التعبير بالإله الحقيقي، وهو الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأصنام : ص29؛ الازرقي : ج2 ص34؛ سيرة ابن هشام : ج1 ص86.
(2) الازرقي : ج1 ص112. ويروي الازرقي (ان في دار العباس هذه حجران عظيمان يقال لهما اساف ونائلة كانا يعبدان في الجاهلية في ركن الدار) : ج2 ص188.
(3) الازرقي : ج1 ص44، 69، 70، ج2 ص18.
(4) الطبري : ج2 ص174.
(5) رواية الشعبي في تفسير الطبري: ج2 ص17؛ ورواية محمد بن حبيب في المحبر: ص311.
(6) الأصنام : ص9.
(7) الازرقي : ج1 ص73؛ الفاسي : ص6.
(8) الازرقي : ج2 ص142.
(9) الطبري : ج2 ص181.
(10) الاصابة : ج1 ص245.
(11) الازرقي : ج1 ص32، 123، ج2 ص150 – 151، 154؛ البكري : 392-3؛ ياقوت : معجم البلدان ج2 ص118، ج4 ص85، ج2 ص180.
(12) انظر الاساطير العربية قبل الإسلام : ص132-133.
(13) تفسير الطبري: ج1 ص363.
(14) انظر في ذلك ما كتبه نولدكه، والاساطير العربية : ص119 – 125، وما كتبه بوهل عن (العزى) في دائرة المعارف الاسلامية.
(15) لقد كانت الزهرة تدعى عند اهل اليمن يلمفة والمق (بكري : ص1398 عن الهمداني).
(16) الأصنام : ص18 – 27؛ الازرقي : ج1 ص74، 78، 231. سيرة ابن هشام : ج1 ص87، 89.
(17) الطبري : ج2 ص128.
(18) بالإضافة الى نولدكه، ومقالة بوهل عنها في دائرة المعارف الإسلامية والاساطير العربية لمحمد عبد المعيد خان ص125-129، انظر أيضاً الأصنام : ص13 – 16؛ سيرة ابن هشام : ج1 ص90 – 91؛ الازرقي : ج1 ص78؛ تفسير الطبري : ج2 ص29 – 31، ج27 ص35؛ المحبر : ص136. ياقوت : ج4 ص625.
(19) تفسير الطبري: ج27 ص45.
(20) نسب قريش : ص261.
(21) المحبر : 129؛ طبقات الامم ص43.
(22) المحبر : ص316.
(23) الزبيدي : تاج العروس مادة شرق.
(24) وقد وردت كلمة بعل بمعنى زوج في موضعين في القرآن (النساء 1228، هود 72).
(25) الأصنام: ص10؛ سيرة ابن هشام: ج1 ص83؛ المحبر: ص312. 316؛ وكذلك نولدكه، وكتاب الاساطير العربية ص129-132.
(26) الأصنام : ص9-10؛ سيرة ابن هشام : ج1 ص83؛ الازرقي : ج1 ص78؛ وانظر عن سدنته، المحبر : ص316؛ ابن حجر : الإصابة في تمييز الصحابة ج1 ص483.
(27) الأصنام: ص10، 57؛ سيرة ابن هشام: ج1 ص83؛ المحبر: ص316.
(28) الأصنام: ص10، 57؛ سيرة ابن هشام: ج1 ص83؛ المحبر: ص316 ياقوت ج4 ص1122.
(29) انظر في ذلك نولدكه، وكذلك ياقوت : ج1 ص714، ج4 ص780.
(30) الأصنام : ص38، وانظر أيضاً نولدكه.
(31) الأصنام : ص35؛ سيرة ابن هشام : ج1 ص91؛ الازرقي : ج1 ص73. وقد ألحق ناشر الكتاب ملحقا طويلا عنها في نهاية الجزء الأول، وانظر أيضاً الاساطير العربية : ص104. ياقوت : ج2 ص462؛ البكري : ص508.
(32) المحبر : ص311 – 319؛ معجم البلدان : ج5 ص167.
(33) ياقوت : ج3 ص93.
(34) البكري : معجم ما استعجم ص881.
(35) ياقوت : ج1 ص385.
(36) ياقوت : ج2 ص755.
(37) ياقوت : ج2 ص302.
(38) ياقوت : ج3 ص606.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|