أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2017
11032
التاريخ: 22-2-2017
3974
التاريخ: 13-2-2017
5926
التاريخ: 5-2-2017
7306
|
قال تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء : 80-81] .
رغب تعالى في طاعة الرسول فقال {من يطع الرسول فقد أطاع الله} : بين أن طاعته طاعة الله ، وإنما كانت كذلك لأنها وإن كانت طاعة للنبي من حيث وافقت إرادته المستدعية للفعل ، فإنها طاعة الله أيضا على الحقيقة ، إذ كانت بأمره وإرادته . فأما الأمر الواحد ، فلا يكون على الحقيقة من أمرين ، كما أن الفعل الواحد لا يكون من فاعلين {ومن تولى} أي : ومن أعرض ، ولم يطع {فما أرسلناك عليهم حفيظا} : أي حافظا لهم من التولي ، حتى يسلموا ، عن ابن زيد ، قال :
فكان هذا أول ما بعث ، كما قال في موضع آخر : {إن عليك إلا البلاغ} ثم أمر فيما بعد بالجهاد . وقيل : معناه ما أرسلناك حافظا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها ، فتخاف أن لا تقوم بها ، لأنا نحن نجازيهم عليها . وقيل : حافظا لهم من المعاصي حتى لا تقع ، عن الجبائي .
وفي هذه الآية تسلية للنبي في تولي الناس عنه ، مع ما فيه من تعظيم شأنه ، بكون طاعته طاعة الله ، ثم بين أن المنافقين أظهروا طاعته ، وأضمروا خلافه ، بقوله : {ويقولون طاعة} يعني به المنافقين ، عن الحسن ، والسدي ، والضحاك .
وقيل : المراد به المسلمون الذين حكى عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ، يقولون أمرك طاعة ، كأنهم قالوا : قابلنا أمرك بالطاعة {فإذا برزوا} : أي خرجوا {من عندك بيت طائفة منهم} : أي قدر جماعة منهم ليلا {غير الذي تقول} : أي غير ما تقولون على جهة التكذيب ، عن الحسن ، وقتادة . وقيل : معناه غيروا بالليل ، وبدلوا ما قالوه ، بأن أضمروا الخلاف عليك ، فيما أمرتهم به ، ونهيتهم عنه ، عن ابن عباس ، وقتادة ، والسدي . وقيل : دبروا ليلا غير ما أعطوك نهارا ، عن أبي عبيدة ، والقتيبي .
{والله يكتب ما يبيتون} في اللوح المحفوظ ، ليجازيهم به . وقيل : يكتبه بأن ينزله إليك في الكتاب ، عن الزجاج . {فأعرض عنهما} أمر الله نبيه بالإعراض عنهم ، وأن لا يسميهم بأعيانهم إبقاء عليهم ، وسترا لأمورهم إلى أن يستقر أمر الإسلام {وتوكل على الله} : أي فوض أمرك إليه ، وثق به {وكفى بالله وكيلا} : أي حفيظا لما تفوضه إليه من التدبير .
_________________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 139-140 .
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهً} . سبق تفسيره في الآية 59 من هذه السورة .
{ومَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} . ان وظيفة الرسول تحددها كلمة الرسول نفسها ، كما تحدد كلمة الشمس معناها ، أما الحساب والعقاب فإلى اللَّه ، لا إلى الرسول : {إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ}[ الغاشية : 26] . وتكلمنا عن هذا الموضوع مفصلا عند تفسير الآية 270 من سورة البقرة ، المجلد الأول ص 422 .
{ويَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ - الطائفة التي أظهرت الطاعة - واللَّه يكتب ما يبيتون} . ظاهر الآية ان المسلمين بجملتهم أظهروا طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) ولكنهم لم يكونوا جميعا مخلصين فيما أظهروا ، بل منهم فئة منافقة تخادع الرسول ، وتبيت خلاف ما تبديه له من الطاعة . . وهذه الآية رد مفحم لمن ادعى ان جميع الصحابة عدول ، وان مجرد الصحبة للرسول (صلى الله عليه وآله) تعصم صاحبها من كل شبهة .
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} . الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله) ، والمعنى ان الحكمة تستدعي ان لا تهتك ستر المنافقين ، وتذكرهم بأسمائهم ، وأيضا لا تطمئن إليهم ، وتقبل عليهم إقبالك على المؤمنين المخلصين . . والأيام كفيلة بإظهارهم على حقيقتهم . ومثل هذه الآية ، الآية 63 من السورة نفسها ، وتقدمت هي وتفسيرها .
_______________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 388 .
قوله تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ } ، استئناف فيه تأكيد وتثبيت لقوله في الآية السابقة { وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } ، وبمنزلة التعليل لحكمه أي ما أنت إلا رسولا منا من يطعك بما أنت رسول فقد أطاع الله ، ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا.
ومن هنا يظهر أن قوله { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ } ، من قبيل وضع الصفة موضع الموصوف للإشعار بعلة الحكم نظير ما تقدم في قوله { وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } وعلى هذا فالسياق جار على استقامته من غير التفات من الخطاب في قوله { وَأَرْسَلْناكَ } ، إلى الغيبة في قوله { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ } ، ثم إلى الخطاب في قوله { فَما أَرْسَلْناكَ } .
قوله تعالى { وَيَقُولُونَ طاعَةٌ } إلخ {طاعَةٌ} مرفوع على الخبرية على ما قيل والتقدير أمرنا طاعة أي نطيعك طاعة والبروز الظهور والخروج والتبييت من البيتوتة ومعناه إحكام الأمر وتدبيره ليلا والضمير في {تَقُولُ} راجع إلى {طائِفَةٌ} أو إلى النبي صلى الله عليه وآله.
والمعنى والله أعلم ويقول هؤلاء مجيبين لك فيما تدعوهم إليه من الجهاد أمرنا طاعة فإذا أخرجوا من عندك دبروا ليلا أمرا غير ما أجابوك به وقالوا لك أو غير ما قلته أنت لهم وهو كناية عن عقدهم النية على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله .
ثم أمر الله رسوله بالإعراض عنهم والتوكل في الأمر والعزيمة فقال {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} ولا دليل في الآية يدل على كون المحكي عنهم هم المنافقين كما ذكره بعضهم بل الأمر بالنظر إلى اتصال السياق على خلاف ذلك.
________________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 8-16 .
سنّة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة الوحي :
توضح الآية الأولى موضع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم من الناس وحسناتهم وسيئاتهم وتؤكد أوّلا بأن إطاعة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم هي في الحقيقة طاعة لله : و {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ...} أي لا انفصال بين طاعة الله وطاعة الرّسول ، وذلك لأن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يخطو أية خطوة خلافا لإرادة الله ... كل ما يصدر منه من فعل وقول وتقرير إنّما يطابق إرادة الله سبحانه وتعالى ومشيئته.
ثمّ تبيّن إنّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس مسئولا عن الذين يتجاهلون ويخالفون أوامره ، كما أنه ليس مكلّفا بإرغام هؤلاء على ترك العصيان ، بل إن مسئولية النّبي صلى الله عليه وآله وسلم هي الدعوة للرسالة الإلهية التي بعث بها ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإرشاد الضالين والغافلين تقول الآية : {وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة «حفيظ» صفة مشبهة باسم الفاعل ، وتدل على ثبات واستمرار الصفة في الموصوف ، بخلاف اسم الفاعل «حافظ» ، فعبارة «حفيظ» تعني الذي يراقب ويحافظ بصورة دائمة مستمرة ، ويستدل من الآية على أن واجب النّبي صلى الله عليه وآله وسلم هو قيادة الناس وهدايتهم وإرشادهم ، ودعوتهم إلى اتّباع الحقّ واجتناب الباطل ، ومكافحة الفساد ، وحين يصر البعض على اتّباع طريق الباطل والانحراف عن جادة الحقّ ، فلا النّبي صلى الله عليه وآله وسلم مسئول عن هذه الانحرافات ، ولا المطلوب منه أن يراقب هؤلاء المنحرفين في كل صغيرة وكبيرة ، كما ليس المطلوب منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يستخدم القوة لإرغام المنحرفين على العدول عن انحرافهم ، ولا يمكنه بالوسائل العادية القيام بمثل هذه الأعمال .
وعلى هذا الأساس ، فإنّ الآية قد تكون ـ أيضا ـ إشارة إلى غزوات كغزوة أحد حيث كان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم مكلّفا ـ فقط ـ بتجنيد الإمكانيات المتوفرة من الناحية العسكرية في إعداد خطة للدفاع عن المسلمين حيال هجمات الأعداء ، وبديهي أن تكون إطاعة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الأمر إطاعة لله ، ولو افترضنا أنّ أفرادا عصوا الرّسول في هذا المجال وأدى عصيانهم إلى تراجع المسلمين ، فالعاصون ـ وحدهم ـ هم المسؤولون عن ذلك ، وليس الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم .
والأمر المهم الآخر في هذه الآية هو أنّها واحدة من أكثر آيات القرآن دلالة على حجّيّة السنّة النّبوية الشّريفة ، فهي حكم بوجوب الإذعان للأحاديث الصحيحة المروية عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، واستنادا إلى هذه الآية لا يجوز لأحد القول بقبول القرآن وحده وعدم قبول أحاديث وسنّة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنّ الآية صريحة بأن إطاعة أقوال النّبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحاديثه المروية عنه بطرق صحيحة ، هي بمثابة إطاعة الله.
ومن المنطلق نفسه تثبت حقيقة أخرى ، هي ضرورة إطاعة أئمة أهل بيت النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي ما أكد عليها حديث «الثقلين» الوارد في المصادر الإسلامية السنية والشيعية ، وفيه بيّن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ صراحة ـ حجية أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ومنه نستنتج أنّ إطاعة أوامرهم هي إطاعة للرسول وبالنتيجة إطاعة لله تعالى ، ولما كانت أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام بمثابة أحاديث النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يستطيع أحد أن يقول : إنّي أقبل القرآن وأرفض أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، فذلك نقض للآية المذكورة أعلاه وللآيات المشابهة .
ولذلك نقرأ في الأحاديث التي أوردها صاحب تفسير البرهان في تفسير هذه الآية ما يؤكّد هذه الحقيقة :إنّ الله وهب نبيّه حقّ الأمر والنهي في الآية المذكورة ، والنّبي صلى الله عليه وآله وسلم بدوره وهب هذا الحق لعلي بن أبي طالب عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام من بعده ، والناس ملزمون بإطاعة أوامر هذه النخبة الطاهرة عليهم السلام ، لأن أوامر ونواهي النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة من أهل بيته الكرام هي أوامر ونواهي الله ، وطاعتهم طاعة لله ، وهم لا يأتون بشيء من عند أنفسهم وكل ما جاؤوا به للمسلمين هو من عند الله . (2) أمّا الآية الثّانية ففيها إشارة إلى وضع نفر من المنافقين أو المتذبذبين من ضعاف الإيمان ، الذين يتظاهرون حين يحضرون عند النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين بأنّهم مع الجماعة ، ويظهرون الطاعة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليدفعوا بذلك الضرر عن أنفسهم وليحموا مصالحهم الخاصّة ، بدعوى الإخلاص والطاعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم {وَيَقُولُونَ طاعَةٌ} .
وبعد أن ينصرف الناس من عند النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ويختلي هؤلاء بأنفسهم يتجاهلون عهودهم في إطاعة النّبي ويتآمرون في ندواتهم الخاصّة ـ السرية الليلية ـ على أقوال النّبي : {فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ...} .
نعرف من هذه الآية أنّ المنافقين في زمن الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا لا يألون جهدا في التآمر على النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا يخططون في اجتماعاتهم السرّية للوقوف بوجه الدعوة .
ولكن الله يأمر نبيّه بأن لا يلتفت إلى مكائد هؤلاء ، وأن لا يخافهم ولا يخشى خططهم وأن يتجنب الاعتماد عليهم في مشاريعه ، بل يتوكل على الله الذي هو خير ناصر ومعين : {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص219-221 .
2. تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣٩٦.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
قسم العلاقات العامة يطلق برنامج الجدار الثقافي في مدارس محافظة بابل
|
|
|