أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-17
1073
التاريخ: 15-6-2018
6615
التاريخ: 24-5-2017
1982
التاريخ: 6-11-2017
3921
|
استولى البيت الاموي على خلافة المسلمين بالقوة والغلبة لا على رضا ومشورة فان معاوية بن ابي سفيان استعان باهل الشام الذين كانوا شيعته على من خالفه من اهل العراق والحجاز حتى تم له الامر ورضي الناس عنه والقلوب منطوية على ما فيها من كراهة ولايته.
كان فب الامة فريقان عظيمان لا يرضون عنه وهم الخوارج وشيعة بني هاشم الاولون ذوو اقدام وبسالة ألداء لا يقف في اوجههم عما ارادوا شئ الا ان يكون الفناء والاخرون عددهم عظيم ومن السهل تحريك القلوب نحو نصرتهم لما لهم من شرف النسب الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبيت هذا شأنه لا يصفو له الملك الا اذا اتكأ على حسن السياسة والتأمت حوله القلوب التي تشايعه والتي سلت السيوف لنصرته فاذا حلق الخرق محل الفرق والقسوة محل اللين فسرعان ما تهب تلك القلوب من مكانها فأن صادفت قوة عادت بالفشل وانتظرت فرصة اخرى وان صادفت شمل خصمها متفرقا قهرته وقضت عليه .
عرف ذلك معاوية فاستعمل من ضروب السياسة مع رؤساء العشائر وكبار الشيعة ما الان شكيمتهم واسكن ثورتهم, فكان يغضي عن الزلات ويعفو عن السيئات , يسمع كلمة السوء توجه اليه فيحملها على احسن محاملها ويجعل من الجد مزحا زمن العداء تقربا ويخلط ذلك بالكرم الفياض الذي يذلل النفوس الجامحة , ويقرب القلوب النافرة و الا انه زل زلة كبرى قللت من قيمة عمله وهي اهتمامه بالبغض من علي بن ابي طالب على منابر الامصار , فكان هو وأمراؤه يفعلون ذلك حتى جعل النيران تتأجج في صدور شيعته, وكان كثيرا منهم يظهر بعد ذلك امتعاضا وربما رد الجريء منهم الامير وجها لوجه فيكون من وراء ذلك اسراف في العقوبة يزيد الامر شرا كما حصل من زيادة في امر حجر الكندي.
ظهر من ذلك ان خلفاء البيت الاموي كانوا في حاجة لتأييد سلطانهم الى ما لا يحتاج اليه غيرهم ولكنهم لم يهتموا كثيرا فظهرت لهم جملة عيوب كانت سببا في القضاء عليهم وهي:
أولا: ولاية العهد:
كانت ولاية العهد سببا كبيرا في انشقاق البيت الاموي, وذلك ان بني مروان اعتادوا ان يولوا عهدهم اثنين يلي احدهما الاخر. واول من فعل ذلك مروان فانه ولي عهده عبد الملك ثم عبد العزيز , فكاد عبد الملك بشق هذا البيت حيث اراد تحويل ولاية عهده الى ابنه الوليد وعزل اخيه لولا ان ساعده القضاء المحتوم بوفاة عبد العزيز فلم تبدأ الازمة ولكنه هو الذي رأى ذلك وعلمه لم يستفيد من تلك التجربة بل ولي الوليد وسليمان. خطر ببال الوليد ان يعزل سليمان ويولي ابنه فعاجله القضاء وتأجل الامر الى حين. لم يستفد سليمان مما حصل له فولى ولاية عهده عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ولم يكن عمر يميل الى يزيد فخيف منه فعجل حتى قيل انه سم, أعاد يزيد هذه الغلطة فولى عهده هشام اخاه ثم الوليد ابنه فأراد هشام ان يخلع الوليد ولج في ذلك حتى تباعد ما بين هشام والوليد وكان كثير من كبار القواد وذوي الكلمة المسموعة في الدولة الاموية صرحوا بما مالاه هشام على رايه ولكنه مات قبل ان ينفذ ما رأى فجاء الوليد مشمرا عن ساعد الحد في الانتقام من اولئك الخصوم الذي عليهم المعول في اشادة بيتهم ومنهم بنو عمه وكبار اهل بيته فكان ذلك نذير الخراب فان البيت انشق وتجزأت القوى التي كان يستند عليها فكان من وراء ذلك مجال واسع لخصومهم الذين هبت اعاصيرهم من المشرق فأخمدت منهم الانفاس وجعلتهم اثرا بعد عين.
ثانيا: احياء العصبية الجاهلية:
لقد جاء الاسلام معفيا لآثرها ومشددا في النعي عليها لانه رأى لن حياة الامة العربية لا تستقيم مع هذه العصبيات التي أضعفت قواهم في جاهليتهم.
وقد نقض عرقها في اول الدول المروانية فان مرج راهط التي تلاها قيام مروان بالأمر كانت بين شعبين متناظرين وهما قيس التي كانت تشايع الضحاك وكلب التي كانت تشايع مروان يقدمها حسان بن مجدل الكلبي وقال في ذلك مروان:
لمــا رايـت الامر امـرا نهبــا يسرت غسان لــهم وكلبــا
والسـكـيــن رجــالا غــلبـــا وطيئـا تأبـاه الا ضـربــا
والقين تمشي في الحديد نكبتا ومن تنوح مشمخرا صعبا
لا يـأخذ المـلـك الا غصـبـا وان دنت قيس فقل لا قربا
وكان من نتيجة ذلك ان الجند الذي ارسل بقيادة عبيد الله بن زياد لحرب المختار بن عبيد الثقفي كاد يستأصل فان عمر بن الحباب السلمي كان على ميسرة ذلك الجيش وهومن قيس عيلان فلما قامت رحا الحرب على نهر الخازر كان اول من نكس لواءه ونادى يا لثارات قتلى المرج وبذلك تمت الهزيمة على جند الشام وقتل عبيد الله وكثير من جند الشام, في الوقت الذي نبض فيه عرق العصبية الجاهلية بين قيس واليمن في الشام وكان ما هو اشد من خرسان, فان مسلم بن زياد اميرها لما علم بموت يزيد سار عنها واستخلف المهلب بن ابي صفرة وهو ازدي والازد من اليمن فلما كان بسرخس لقيه سليمان بن مرثد وهو من ربيعة فقال له ضاقت عليك نزار حتى خلفت على خرسان رجلا من اهل اليمن فولاه مرو الروذ والفارياب والطالقان والجوزجان وولي اوس بن ثعلبة هراة فلما وصل نيسابور لقيه عبيد الله بن خازم فقال من وليت خراسان فأخبره فقال اما وجدت في المصر من تستعمله حتى فرقت خراسان بي ربيعة واليمن اكتب لي عهدا على خراسان فكتب له فسار ابن خازم الى مرو وملكها واخرج بها من ربيعة فتوجهوا الى اوس بن ثعلبة بهراة وقالوا له نبايعك على ان تسير الى ابن خازم وتخرج مضر من خراسان فبايعهم على ذلك وسار ليهم ابن خازم واقتتل الفريقان بهراة وكانت الهزيمة على ربيعة بعد ان قتلوا جفاهم قتلا ذريعا ثم عاد ابن خازم الى مرو.
وكان بني تميم قد اعانوا ابن خازم لانهم من مضر فلما صفت له خراسان جفاهم فتنكروا له وكانت بينهم مواقع.
بذلك كانت العرب منقسمة الى اقسام اربعة: اليمن وربيعة وقيس عيلان وتميم ,وهؤلاء الثلاثة يجمعهم نزار ويجمع الاخيران مضر. كانت الامراء تساعد على انماء هذه الروح الخبيثة فاذا ولي يماني رفع رؤوس اهل اليمن واستعملهم عمالا على الامصار , فاذا تلاه مضري عكس الامر وانتقم من سلفه ومن عماله.
ولم يكن ذلك العراق يسكن الا اذا كانت حروب خارجية مع الصغد والترك فهناك تجتمع كلمتهم ويلتئم صدعهم للدفاع عن انفسهم، فاذا عادوا عاد الفساد وكان من هذا الاختلاف مجال واسع لخصوم البيت الاموي للذبن يطالونه بما في يده مما ليس له فان ابا مسلم الخراساني اتكأ على ذلك فضرب كل شعب بالآخر حتى تم الضفر بهم جميعهم ولا ننسى ان الشعراء العرب الذين نبغوا في هذه الدولة يدا كبرى في انماء هذه العصبية, فمن قرأ اشعار الاخطل والفرزدق وجرير وغيرهم من شعراء القبائل المختلفة ستجلى له ذلك، لا شئ اضر على الامم من ان تنقسم طوائف فتنتمي الى عناصر مختلفة وكل طائفة تتعصب لعنصرها فاذا كان مع ذلك الانقسام جهالة فان الكلمة تحق على الامة ويقرب منها الفناء فان الجهل روح العصبية موجهة الى معاكسة المخالفين فتكون الامة قوى متنافرة لا قبل لها بمن ينازعها بقائها لم ينتج من انماء روح العصبية الجاهلية في قلب الامة العربية ذهاب البيت الاموي وحده بل كان من ذلك ضعف الامة العربية نفسها وتغلب الاعاجم على امرها حتى كان منها ما كان في عهد الدولة العباسية .
ثالثا:
تحكيم بعض الخلفاء من بني امية اهواءهم في امر قوادهم وذوي الاثر الصالح من شجعان دولتهم وهذا السبب متفرع من السببين الاول والثاني, فان سليمان بن عبد الملك لما تولى بعد ان كان الوليد يريد اخراجه من ولاية العهد عمد الى كل من كان هواه مع الوليد فأذلهم وحرم نفسه وامته من الانتفاع بتجاربهم فقد اهلك علي بن القاسم وقتيبة بن مسلم وهما قائدان عظيمان من قيس بن عيلان ولا ذنب لهما الا انهما من صنائع الحجاج الذي كان هواه مع الوليد ولا يميل الى سليمان .
ولما جاء يزيد بن عبد الملك كان هواه مع آل الحجاج لانه صهرهم وكان اليزيد بن المهلب قد عذب آل الحجاج فخاف وهلع وكانت نتيجة ذلك ان الدولة فقدت آل المهلب ابن ابي صفرة وهو بيت طاعة من قديم وطالما كان له اعظم الاثر في خدمة بني امية والامة الاسلامية وكان بعد هذا شئ كثير ففسدت قلوب الناس حتى كان ينتظرون من يجمع كلمتهم على الانتقام من بني امية ومن يؤازرهم .
الامة التي ينتقم خلفاءها من عمال السلف لانهم كانوا على وفاق معه تفقد صالح الاعوان وتحرم الاستفادة من تجارب العقلاء فلا يختمر لها رأي ولا ينضج فيها عمل تمر عليها الامم سائرة الى امام وهي في موقفها ولها حركة لا تتبين فيها مواقع اقدامها فلا تكاد تخرج من مزلة الا صادفتها اخرى حتى يهديها التأريخ بعبرة فتعتبر اذ تساق الى الفناء فتكون عبرة من العبر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|