أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2016
654
التاريخ: 13-11-2016
1142
التاريخ: 13-11-2016
900
التاريخ: 13-11-2016
499
|
يبدو أن علاقة الأنباط بالبطالمة بدأت تتدهور على أيام "بطليموس الثاني" "284-246ق. م" ذلك أن الرجل قد بدأ يفكر في احتكار التجارة البحرية والسيطرة على البحر الأحمر، ومن ثم فقد أمر بإعادة فتح القناة القديمة التي كانت تصل النيل بالبحر الأحمر(1)، وهو المشروع الذي طالما فكر المصريون في تنفيذه على أيام الدولة الحديثة "1575-1087ق. م"، ثم على أيام "نخاو الثاني" "610-595ق. م" الذي تخلى عنه فجأة، لأن نبوءة جاءت من "بوتو" تقول أن القناة ليست في مصلحة مصر، وأنه لن يستفيد منها إلا الأجانب(2)، وهو نفس المشروع الذي أتمه "دارا الأول" الفارسي "522-386ق. م" لمصلحة بلاده(3).
وأيًّا ما كان الأمر، فإن بطليموس الثاني قد أرسل بعد ذلك "أرستون" لكشف الساحل الشرقي للبحر الأحمر(4)، إلى جانب إنشاء موانئ على هذا البحر(5)، وهكذا وضع بطليموس الثاني الساحل العربي للبحر الأحمر تحت سلطانه، كما عمل في نفس الوقت على توطيد علاقاته الطيبة بـ "ديدان" على طريق القوافل، وربطها بميناء جديد على البحر الأحمر، مما أدى في نهاية الأمر إلى تحويل تجارة البخور عن طريقها القديم الذي كان يمر ببلاد الأنباط إلى هذا الطريق الجديد، ثم العمل على نقلها بعد ذلك إلى مصر، عبر البحر الأحمر، عن طريق المراكب(6).
وقد أدى ذلك كله إلى أن تشهد العلاقات التجارية بين مصر وبلاد العرب، نشاطًا لم تعهده من قبل(7)، ولا أدل على ذلك من أن البطالمة قد أنشئوا منصبا جديدًا في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الأول قبل الميلاد، وهو منصب "قائد البحر الأحمر والبحري الهندي"، الذي يرجع أن الذي كان يتولاه في بادئ الأمر، قائد مديرية "قفط" "بمحافظة قنا"، أما بعد عام 78ق. م فقد شغل المنصب قائد منطقة طيبة(8).
على أن الأمر جد مختلف بالنسبة إلى الأنباط، فقد كان استكشاف السواحل العربية على البحر الأحمر، وإعادة القناة التي تصل النيل بالبحر الأحمر، فضلا عن خضوع فلسطين وفينيقيا لمصر، إنما يعني سيطرة مصر على التجارة البحرية، وهذا يعني ببساطة خسائر فادحة للأنباط الذين كانوا يحصلون على أرباح باهظة من تجارة القوافل التي كانت تمر ببلادهم، ومن ثم فقد انتهز القوم فرصة الحروب التي استعر أوارها بين البطالمة والسلوقيين، وأخذوا يشنون الغارة تلو الأخرى على السفائن الذاهبة أو الآيبة من مصر(9)، وقد أدى هذا الوضع الجديد إلى أن ينشئ بطليموس الثاني قوة بحرية لحراسة هذه السفن التجارية(10)، بل إن هناك من يرى أن الرجل ربما قد أرسل -عقب رحلة أرستون- حملة ضد النبط(11)، فضلا عن الاستيلاء على أهم المحطات والموانئ التجارية، كميناء أيله عند خليج العقبة(12)، و"لوكي كومي" على ساحل الحجاز -وهي الحوراء مرفأ سفن مصر إلى المدينة على رأي(13)، والمويلح على رأي آخر(14)، وعينونة أو الحربية على رأي ثالث(15).
ومن المحتمل أيضًا أن بطليموس الثاني قد استولى وقت ذاك على الشاطئ الشرقي للبحر الميت الذي كان في قبضة النبط، كما أن هناك احتمالا، أنه قد شجع "ميليتوس" على إنشاء مستعمرة لها على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر، في مواجهة "المدينة المنورة"، ومن هذا الثغر الذي عرف باسم "أمبلوني Ampione" كانت تجارة بلاد العرب والهند تنقل إلى مصر(16).
على أن نشاط الأنباط الاقتصادي -رغم ضياع نفوذهم السياسي- لم يتوقف، وظلوا يمارسون التجارة وقيادة القوافل بين مصر وبلاد العرب وموانئ البحر الأحمر، وبخاصة تلك التي تواجه السواحل المصرية، كما تدلنا على ذلك كتابات نبطية من سيناء ومن داخل مصر، ومنها تلك الكتابة، التي ترجع إلى عام "266م"(17)، وأخيرا فإن بعضا من المستشرقين إنما يظن أن "عرب الحويطات" القاطنين في منطقة "حسمى" في شمال الحجاز، إنما هم من بقايا النبط(18).
____________________
(1) دائرة المعارف الإسلامية 6/ 480، إبراهيم نصحي: دراسات في تاريخ مصر ص124.
(2)G. POSENER, LE CANAL DU NIL A LA MER ROUGE, IN CHRONIQUE D'EGYPT, 26, P.272
(3) أحمد فخري: مصر الفرعونية ص426.
(4) فضلو حوراني: المرجع السابق ص53، إبراهيم نصحي: المرجع السابق ص121
وكذا W.W. TARN, JEA, 15, P.14
(5) جواد علي 3/ 21
وكذا W. VINCENT, THE PERIPLUS OF THE ERYTHREAN SEA, P.309
وكذا M. ROSTOYTZEFF, SOCIAL AND ECONOMIC HISTORY OF THE HELLENISTIC WORLD, I, P.387
(6) دائرة المعارف الإسلامية 6/ 480-481.
(7) فضلو حوراني: المرجع السابق ص55-56
وكذا S.A. HUZAYYIN ARABIA AND THE FAR EAST, CAIRO, 1942, P.86
وكذا DE LACY O'LEARY, ARABIA BEFORE MUHAMMED, LONDON, 1927, P.71ذ
(8) إبراهيم نصحي: دراسات في تاريخ مصر ص151، وكذا M. ROSTOVTZEFF, OP. CIT., P.928.
وانظر مقالنا: "العرب وعلاقاتهم الدولية القديمة "مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية، العدد السادس ص287-437.
(9) جواد علي 3/ 20-21، وكذا STRABO, III, P.402
وكذا MURRY, THE ROCK CITY PETRA, P.80
(10) M. ROSTOVTZEFF, OP. CIT., P.383F
(11) إبراهيم نصحي: المرجع السابق ص122.
(12) جواد علي 3/ 27.
(13) C. FORSTER, OP. CIT., P.220
(14)C. FORSTER, OP, CIT. P.285. وكذا W. VINCENT, OP, CIT. P.230
(15) جواد علي 3/ 28.
(16) إبراهيم نصحي: المرجع السابق ص122-123.
(17) E. LITTMANN, NABATAEAN INSCRIPTIONS FROM EGYPT, P.1
وكذا H. WINCKLER, ROCK-DRAWINGS OF SOUTHERN UPPER EGYPT I, LONDON, 1938
وكذا جواد علي 3/ 49-50.
(18) جواد علي 3/ 50، وكذا EI, I, P.368, III, P.802
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|