أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2016
1287
التاريخ: 27-10-2016
2437
التاريخ: 26-10-2016
2848
التاريخ: 26-10-2016
1058
|
مملكة أكد أول (امبراطورية) في التاريخ:
يسجل تأسيس هذه المملكة الكبرى (الامبراطورية) على يد شروكين، في القرن الرابع والشعرين ق.م نحو 2334 ق.م منعطفا فاصلا في تاريخ المشرق العربي القديم. فلأول مرة وصلت القبائل والشعوب التي كانت تتكلم لغات ولهجات (سامية)، وهي أقدمُ لغاتِ (العربية القديمة الأولى)، إلى ممارسة سيطرة سياسية دائمة على أرض بلاد الرافدين كلها، وفقد السومريون دور السيادة. وهكذا حلّ العصر الأكادي محل العصر السومري القديم إلا ان هذا الانتقال في السيادة قد يحتاج إلى بعض الايضاح.
فمن دراسة النصوص والوثائق لا نستطيع ان نسجل اي تعارض ما بين الساميين والسومريين بصفتهما من العناصر المكونة للمجتمع الرافدي القديم. فالتمييز بينهما يبنى على أساس لغوي لا على أساس عنصري. حتى ان التعارض اللغوي يبدو كذلك وهمياً، لان كتاب الدولة الأكدية استمروا غالبا في استخدام اللغة السومرية إلى جانب الأكدية.
أما أهمية هذا الحدث التاريخي، وهو التغيير السياسي الذي تمّ على أيدي الأكاديين، فتكمن في انفجار الأفق الجغرافي المعهود منذ القديم أي في تجاوز الحدود التي توقف عندها السومريون. فقد قاد شروكين جيشه الظافر من بلاد البحر الأدنى، الخليج (العربي) إلى البحر الأعلى (المتوسط)، ومن سلسلة جبار زاغروس إلى جبال طوروس والأناضول. وعلى الرغم من أنه لم يتوصل بالفعل إلى توحيد كل هذه المناطق تحت سلطة مركزية واحدة، فان نفوذه الفعلي يبدو انه شمل أراضي في بلاد الرافدين والجزيرة امتدت إلى عيلام وحوض نهر ديالى والى شمال العراق وحتى حوض الخابور. وقد كان لدى المعاصرين للأحداث آنذاك انطباع بأن عصراً جديداً قد بدأ، وأنهم بصدد اكتشاف عالم جديد لم يكن معروفاً من قبل. وبدا انجاز شروكين الذي تحقق بسهولة كأنه بركة من الآلهة، وتمثل الملك في أذهان الناس مثلا للفاتح المظفر, وارتسمت له صورة مثالية قدوة، حرص العواهل المتعاقبون بعدئذ على محاكاتها في أشور وبابل (شروكين الثاني، ونبوخذ نصّر).
إلا ان المرحلة التي جاءت بعد شروكين في تاريخ الدولة الأكادية كانت أقل بريقا. فالدولة لم تعرف الاستقرار والأمن والطمأنينة وكان على شروكين نفسه ان يحمل السلاح طوال مدة حكمه. اما خلفاؤه من أبنائه وأحفاده فكان عليهم ان يواجهوا الثورات المتكررة وربما كان مصير ثلاثة من العواهل الأكاديين الموت قتلاً. ولقد انتهى حكم نرام سين الذي يمثل عهده الذروة في الدولة الأكادية إلى كارثة. ورأت التقاليد الموروثة في هذا العاهل الصورة الكاملة للملك المشؤوم. إلا ان هذه الصورة قد تكون من وضع خصوم الاسرة الاكادية الحاكمة ومعارضيها. ومهما يكن فإن الرجال الذين تعاقبوا على الدولة الأكادية كانوا يتمتعون بمؤهلات ممتازة للحكم في ظروف بالغة الخطورة.
على أنه من الصعوبة بمكان كبير التعرف على تلك الظروف بدقة لعدم توافر الوثائق الكافية وما تزال الوثائق المباشرة الضرورية للبحث مدفونة في مكان ما من أرض وسط بلاد الرافدين بين انقاض اول عاصمة لأول مملكة مشرقية – عربية كبرى في التاريخ. ولكن ما يتوفر حتى الآن من الوثائق التي يعود إلى زمن ما بعد شروكين قد يسمح بتسجيل بعض الملاحظات :
ان اول ما قد يمكن ملاحظته هو حدوث تغيير اداري جذري. فالمناطق ذات الأغلبية الأكادية كانت تدار من السلطة المركزية مباشرة. أما المناطق التي ضُمت إلى المملكة مثل جنوبي بلاد الرافدين وعيلام فقد احتفظت بنظمها بعد ان افرغت من مضمونها السابق؛ ولئن بقي رؤساء المدن السومرية يحملون الألقاب الرسمية القديمة نفسها، فإنهم لم يكونوا في ظل الحكومة الأكادية أكثر من حكام محليين. والواقع هو ان الطبقة النبيلة القديمة كسر جناحها واستبدلت بها طبقة ارستقراطية من كبار الموظفين.
ولابد ان مصالح بعض الأفراد والجماعات قد مُسّت واستدعى ذلك ظهور بعض الردود والثورات التي قد يكون سبقها ورافقها نمو المشاعر العدائية والنزعات الاقليمية والمحلية. ولا يستبعد بالاستناد إلى ما ورد في احدى الحوليات وبعض نصوص العرافة وقوع ثورة عامة ضد شروكين في نهاية حكمه وأنه ربما حوصر في عاصمته لكن الملك الذي كان تقدّم في السن استطاع الانتصار على الحلف الثائر على أبواب عاصمته نفسها. واذا كان هناك من استنتاج يجدر ذكره فهو أن تأسيس المملكة الكبرى لم يكن امراً يسيراً هيناً ولم تمر التطورات دون مصاعب. فلقد بدت الدولة على الرغم من اتساعها وعظمتها قابلة للمساس بها وعرضة للاهتزاز المفاجئ الخطير. لكن بمقابل ذلك كان هناك عامل دائم وأساسي للاستقرار الطويل وهو الجيش.
لقد أضحى الجيش على أيدي الأكاديين مؤسسة دائمة، مسلحاً بصورة أكثر فعالية من الممالك السومرية المنهارة، وبخاصة الأقواس التي كانت تعد آنذاك سلاحا بعيد المدى بالقياس إلى الاسلحة اليدوية التي كانت تستخدم آنذاك في المواجهة المباشرة. ولقد تعزز في ظل الحكم الاكادي وإدارته القوية مفهوم وحدة العالم تحت سلطة واحدة : ملك واحد لعالم واحد، ويتلخص ذلك في اللقب الملكي (ملك الجهات الاربع) الذي اتخذه نرام سين لنفسه، الذي جعل اسمه مسبوقاً برمز الاله. مما جرّ عليه نقمة سدنة معابد نيبور ومواجهتهم.
ومهما يكن فإن نشوء الدولة الأكادية وقيامها وامتدادها وتوسعها، إنما يمثل مرحلة حاسمة جديدة في تاريخ المنطقة تركت بصماتها على المراحل التي تلتها. فعندما انهار حكم الأسرة الأكادية امام نيران الغزو الكوتي نحو 2169 ق.م. كان قد خلّف بعد حكم استمر قرابة قرن ونصف القرن واقعا جديدا في الجغرافية السياسية للمشرق العربي القديم يتمثل في مملكة كبرى ودولة امبراطورية لها قوة عسكرية فائقة وتحكمها سلطة شرعية تكونت لها تقاليدها ومراسيمها. وتتميز هذه السلطة بإدارة مركزية معترف بها في رقعة واسعة من المنطقة. هذان هما الوجهان البارزان من وجوه التغيير اللذان ظهرا في تلك المرحلة ثم لازما كل المراحل التالية من تاريخ بلاد الرافدين إلى نهايته.
لقد كانت تجربة الدولة الأكدية إذن تجربة غنية بالأحداث والخبرات وحفلت بصراعات داخلية شديدة وعنيفة أرهقت قوى الدولة. وكان للدولة أعداء خطرون شديدو المراس من الأقوام والشعوب المحيطة بها. وكان على ملوك أكد التحرك في مدى جغرافي واسع التفكير في إدارته وحمايته وهو مال مل يكن معهودا من قبل. وقد عاشت هذه التجربة بصلابة مدة تجاوزت القرن، اما الاخفاق الذي لحقها آخر الأمر فينبغي أن يعزى كما يرى الاستاذ ب غاريللي (1) إلى شدة الظروف أكثر مما يمكن عزوهُ إلى أخطاء الرجال الذين حملوا أعباء تلك المرحلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) P. Garelli. le Proche – Orient Asiatique P.U.F (1969), P. 92.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|