أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2014
2095
التاريخ: 6-11-2014
4321
التاريخ: 15-1-2016
1513
التاريخ: 15-1-2016
11885
|
الصَّرف : مصدر ( صرفه ) بمعنى ردّه ، والأكثر استعماله في ردّ العزيمة ، قال تعالى : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ} [الأعراف : 146] .
قال السيّد شبّر : أي عن إبطال دلائلي ، ومعناه ـ كما ذكره الطبرسي في المجمع ـ : سأفسخ عزائمهم على إبطال حججي بالقدح فيها وإمكان تكذيبها ؛ وذلك بوفرة الدلائل الواضحة والتأييد الكثير ، بما لا يدع مجالاً لتشكيك المعاندين ولا ارتياب المرتابين ، كما يقال : فلان أخرسَ أعداءه عن إمكان ذمّه والطعن فيه ، بما تحلّى من أفعاله الحميدة وأخلاقه الكريمة .
ومنه قوله تعالى ـ بشأن المنافقين ـ : {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة : 127] وهذا دعاء عليهم بصرف قلوبهم عن إرادة الخير ؛ لكونهم قوماً حاولوا التعمية على أنفسهم فضلاً عن الآخرين ..
وعلى ذلك فقد اختلفت الأنظار في تفسير مذهب الصرف على ما أراده أصحابه ، قال الأمير يحيى بن حمزة العلوي الزيدي ( توفّي سنة 749 هـ ) : واعلم أنّ قول أهل الصرفة يمكن أن يكون له تفسيرات ثلاثة ، لما فيه من الإجمال وكثرة الاحتمال .
التفسير الأوّل : أن يُريدوا بالصرفة أنّ الله تعالى سلب دواعيهم إلى المعارضة مع أنّ أسباب توفّر الدواعي في حقّهم حاصلة من التقريع بالعجز ، والاستنزال عن المراتب العالية والتكليف بالانقياد والخضوع ، ومخالفة الأهواء .
التفسير الثاني : أن يريدوا بالصرفة أنّ الله تعالى سلبهم العلوم التي لابدّ منها في الإتيان بما يشاكل القرآن ويقاربه .
ثمّ أنّ سلب العلوم يمكن تنزيله على وجهين :
أحدهما أن يقال : إنّ تلك العلوم كانت حاصلة لهم على جهة الاستمرار لكن الله تعالى أزالها عن أفئدتهم ومحاها عنهم .
وثانيهما أن يقال : إنّ تلك العلوم ما كانت حاصلةً لهم : خلا أنّ الله تعالى صرف دواعيهم عن تجديدها مخافةَ أن تحصل المعارضة .
التفسير الثالث : أن يراد بالصرفة أن الله تعالى منعهم بالإلجاء على جهة القسر عن المعارضة مع كونهم قادرين وسلب قُواهم عن ذلك ؛ فلأجل هذا لم تحصل من جهتهم المعارضة ، وحاصل الأمر في هذه المقالة : أنّهم قادرون على إيجاد المعارضة للقرآن ، إلاّ أنّ الله تعالى منعهم بما ذكرناه ... (1) .
وحاصل الفرق بين هذه التفاسير الثلاثة ، أنّ الصرف على الأَوّل : عبارة عن عدم إثارة الدواعي الباعثة على المعارضة ، كانوا مع القدرة عليها ، ووفرة الدواعي إليها ، خائري القُوى وخاملي العزائم عن القيام بها ، وهذا التثبيط من عزائمهم وصرف إراداتهم كان من لطيف صنعه تعالى ، ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون .
وعلى التفسير الثاني : كانوا قد أعوزتهم عمدة الوسائل المُحتاج إليها في معارضة مثل القرآن ، وهي العلوم والمعارف المشتمل عليها آياته الحكيمة ، حتّى إنّهم لو كانت عندهم شيء منها فقد أُزيلت عنهم ومُحيت آثارها عن قلوبهم ، أَو لَم تكن عندهم ولكنّهم صُرفوا عن تحصيلها من جديد خشيةَ أن تقوم قائمتهم بالمعارضة .
وعلى الثالث : أنّ الدواعي كانت متوفّرة ، والأسباب والوسائل المحتاج إليها للمعارضة كانت حاضرةً لديهم ، لكنّهم مُنعوا عن القيام بالمعارضة منع إلجاءٍ ، وقد أمسك الله بعنان عزيمتهم قهراً عليهم رغم الأُنوف .
قلت : والعقول من هذه التفاسير ـ نظراً لموقع أصحاب هذا الرأي من الفضيلة والكمال ـ هو التفسير الوسط ، لكن بمعنى أنّهم افتقدوا وسائل المعارضة لقصورهم بالذات من جانب ، وشموخ موضع القرآن من جانب آخر .. ومن المحتمل القريب إرادة هذا المعنى ، حسبما جاء في عرض كلامهم ولا سيّما في كلام الشريف المرتضى ما ينبّه عليه .
وهكذا رجّح ابن ميثم البحراني ( توفّي سنة 699 هـ ) إرادة هذا المعنى من كلام السيّد ، قال : وذهب المرتضى ( رحمه الله ) إلى أنّ الله تعالى صرف العرب عن معارضته ، وهذا الصرف يُحتمل أن يكون لسلب قُدَرهم ، ويُحتمل أن يكون لسلب دواعيهم ، ويُحتمل أن يكون لسلب العلوم التي يتمكّنون بها من المعارضة ، نقل عنه أنّه اختار هذا الاحتمال الأخير (2) .
وقد تنظّر سعد الدين التفتازاني ( توفّي سنة 793 هـ ) في صحّة التفاسير الثلاثة جميعاً ، قال : الصرفة إمّا بسلب قدرتهم ، أو بسلب دواعيهم ، أو بسلب العلوم التي لابدّ منها في الإتيان بمثل القرآن ، بمعنى أنّها لم تكن حاصلةً لهم ، أو بمعنى أنّها كانت حاصلةً فأزالها الله .
قال : وهذا ( الأخير الذي هو أوسط التفاسير ) هو المختار عند المرتضى ، وتحقيقه أنّه كان عنده العلم بنظم القرآن والعلم بأنّه كيف يؤلّف كلام يساويه أو يدانيه ، والمعتاد أنّ مَن كان عنده هذان العِلمان يتمكّن من الإتيان بالمثل ، إلا أنّهم كلّما حاولوا ذلك أزال الله تعالى عن قلوبهم تلك العلوم ، وفيه نظر ... (3) .
قال عبد الحكيم السيالكوتي الهروي ـ في تعليقته على شرح المواقف بعد نقل كلام التفتازاني هذا ـ : لعلّ وجه النظر استبعاد بعض الأقسام ، أو كون سلب القدرة عبارة عن سلب العلوم (4) .
وعلى أيّ حال ، فالأجدر هو النظر في تفاصيل مقالاتهم ، ماذا يريدون ؟.
______________________
1- الطراز : ج3 ، ص391 ـ 392 .
2- قواعد المرام : ص132 .
3- شرح المقاصد : ج2 ، ص184 .
4-شرح المواقف ( بالهامش ) : ج3 ، ص112 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|