الزنا في اللغة معروف، وفي المجمع هو بالقصر والمد وطء المرأة حراما من دون عقد، والزاني فاعل الزنا والجمع زناة كقضاة، والزنية بالفتح المرّة من الزنا وأجاز بعض الكسر انتهى.
وفي المفردات الزنا وطء المرأة من غير عقد شرعي وقد يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة والنسبة إليه زنوي انتهى.
ثم ان له عند الفقهاء تعاريف مختلفة أرادوا بذلك تعيين ما هو المراد من اللفظ الواقع موضوعا للأحكام في النصوص وإن كان أخص من المعنى اللغوي، وليس له معنى مصطلح في الشرع والقيود المأخوذة في كلمات الأصحاب دخيلة في الحكم دون الموضوع، وكيف كان الأولى تعريفه بأنه إيلاج الرجل ذكره في فرج امرأة من غير عقد مع فعلية حرمته، والمراد بالفرج أعم من القبل والدبر، والتقييد بغير العقد لإخراج الإيلاج الحرام مع العقد، وبفعلية الحرمة لإخراج الإيلاج بغير العقد مع عدم الحرمة، وبعبارة أخرى هنا قسمان من الإيلاج والإدخال ليسا من الزنا أحدهما الإيلاج المحرم مع تقارنه بالعقد فيتوهم دخوله في التعريف فتقييد التعريف بغير العقد للاحتراز عنه، وهو نظير وطء الحائض، والنفساء، والوطء في حال إحرامه أو إحرامها، وفي نهار شهر رمضان وهو صائم، أو هي صائمة، والوطء مع نذر عدمه أو اليمين أو العهد عليه فيما إذا اجتمع شرائطها وما أشبه ذلك، والثاني الإيلاج بغير العقد مع عدم الحرمة.
والتقييد بفعلية الحرمة للاحتراز عنه، وهو نظير زنا الصبي، والمجنون، والمكره، والمضطر، والجاهل بالحكم أو الموضوع، ومن أشبههم، والظاهر أنه لا إشكال في كون خروج القسم الأول عن الحد من باب التخصّص، إذ لا يتحقق الزنا لغة وشرعا مع العقد الصحيح، وأما القسم الثاني فظاهر الأصحاب كون خروجه أيضا تخصّصا، وقد يتوهم كونه زناء حقيقة رفع حكمه بأدلة رفع القلم ورفع الإكراه والاضطرار والجهل، وهذا غير بعيد في الصبي دون الجاهل والمشتبه.
ثم إن الزنا قد وقع في الشرع موضوعا لأحكام كثيرة ذكروها في أبواب متفرقة في الفقه:
منها: كونه من المحرمات الأكيدة في الشريعة الإسلامية بل في جميع الشرائع، بل لعل قبحه وحرمته من الأحكام العقلية التي توافقت عليها الشرائع، فإن في تحليله ورواجه إخلالا لحياة المجتمع الإنساني وإبطالا للنسب وإفسادا للنسل فهو حرام شرعا وعقلا إجماعا وضرورة من الدين.
ومنها: كونه سببا لحدوث حالة الجنابة لكل من الطرفين، وهي الجنابة من الحرام للزاني منهما دون الآخر ويترتب عليهما آثار مطلق الجنابة وعلى الذي جنابته من الحرام آثارها الخاصة.
ومنها: كونه سببا لحرمة أم المزني بها وبنتها على الزاني على اختلاف في المسألة.
ومنها: كونه سببا لحرمة المزني بها على أب الزاني وابنه.
ومنها: تحقق النسب بين الزاني والمتولد من الزنا على اختلاف بين الأصحاب في ذلك، فإن فيه وجوها: القول بعدم تحققه ويلزمه عدم ترتب شيء من آثاره، والقول بتحققه وتحقق جميع آثاره، والقول بالتحقق مع استثناء بعض الآثار، وهذا هو الأرجح ولعله المشهور أيضا فيترتب على المتولد من الزنا حرمة الزواج، وجواز النظر إلى المحارم فيما عدا العورة، وجواز إبدائها الزينة عندهم، ووجوب الإنفاق مع شرائطه، وحرمة قطع الرحم، وعدم جواز القصاص للولد من الأب نفسا وطرفا، ولا يترتب عليه التوارث مطلقا في جميع الطبقات.
ومنها: ترتب الحد على الفاعل والقابل إذا كان الزنا من الطرفين وإلّا فعلى من كان فعله زنا، وهذا من أهم أحكامه الفقهية وقد ذكر الأصحاب أن حد الزنا وهو عقوبته الشرعية على أقسام وصنوف، تختلف درجاتها في الشدة والخفة حسب اختلاف مراتب السبب في القبح والشناعة، والحدود عبارة عن القتل، والرجم، والجلد، والمجتمع من الجلد والرجم، والمجتمع من الجلد والتغريب والجزّ أي حلق الرأس، والمجتمع من الجلد والتغريب.
وأما الأسباب فقد قالوا إن القتل يثبت بأسباب ثلاثة:
الأول الزنا بذات محرم نسبا.
الثاني زنا الذمي بل مطلق الكافر بمسلمة مطاوعة أو مكرهة.
الثالث الزنا مع إجبارها بل الظاهر مع إكراهها أو مع اضطرارها ايضا ولا يشترط في الموارد الثلاثة الإحصان في الرجل ولا في الموردين الأولين الإحصان في المرأة.
وأما الرجم فهو حد للزنا مع الإحصان كما إذا زنى الرجل المحصن ببالغة عاقلة وزنت المرأة المحصنة ببالغ عاقل كانا شابين أو شائبين بل الظاهر ثبوت الرجم للمحصن وإن زنى بغير البالغة أو بالمجنونة.
وأما الجلد فهو حد الزاني غير المحصن إذا لم يتزوج ولم يعقد على المرأة، وعلى غير المحصنة إذا زنت، وعلى المرأة البالغة إذا زنى بها طفل كانت محصنة أو غير محصنة.
وأما الجلد والرجم معا فهما حد للشيخ والشيخة إذا كانا محصنين فيجلدان أولا ثم يرجمان.
وأما الجلد والتغريب والجز فهي حد البكر الذي تزوج ولم يدخل بها.
وأما الجلد والتغريب فهما حد البكرة التي تزوجت ولم يدخل بها.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|