أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-9-2016
805
التاريخ: 2024-03-18
673
التاريخ: 21-9-2016
838
التاريخ: 21-9-2016
1342
|
ينبغي لكل مؤمن أن يستحضر عند اشتغاله بالطهارة عن الحدث : أن تكليفه بها للدخول في العبادات و المناجاة مع خالق البريات إنما هو لكون اعضائه التي أمر بغسلها مباشرة للأمور الدنيوية ، منهمكة في الكدورات الطبيعية ، فخرجت عن أهلية القيام بين يدي اللّه - سبحانه - ، و الاشتغال بعبادته .
فالأمر بغسلها ، لتتطهر عن هذه الكدورات ، فيتأهل للمناجاة .
ولا ريب في ان مجرد غسلها لا يطهرها عن الادناس الدنيوية و الكدورات الجسمانية ، ما لم يطهر قلبه عن الأخلاق الذميمة ، و العلائق الدنيوية ، و ما لم يعزم على الرجوع إلى اللّه ، و الانقطاع عن الدنيا و شهواتها .
فينبغي أن يكون قلبه عند الطهارة مطهرا عن ذمائم الصفات و خبائث الشهوات ، جازما على فطام الأعضاء التي هي اتباعه و خدامه عن شهوات الدنيا ، لتسري نوريته و طهارته إلى تلك الأعضاء ، ثم أمر في الوضوء أولا : بغسل الوجه ، الذي هو مجمع أكثر الحواس الظاهرة التي هي أعظم الأسباب الباعثة على مطالب الدنيا ، ليتوجه و يقبل بوجه القلب على اللّه ، و هو خال من تلك الادناس ، وثانيا : بغسل اليدين ، لمباشرتهما أكثر الأمور الدنيوية والمشتهيات الطبيعية المانعة من الإقبال على الآخرة ، و ثالثا : بمسح الرجلين ، للتوصل بهما إلى أكثر المطالب الدنيوية و المقاصد الطبيعية .
فأمر بتطهير جميعها ليسوغ له الدخول بها في العبادات و الإقبال عليها .
وأمر في الغسل بغسل جميع البشرة ، لأن أدنى حالات الإنسان و أشدها تعلقا بالملكات الشهوية حالة الوقاع ، و لجميع بدنه مدخل في تلك الحالة .
ولهذا قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «تحت كل شعرة جنابة» , فحيث كان جميع بدنه بعيدا عن المرتبة العلية ، منغمسا في اللذات الدنية ، كان غسله أجمع من أهم المطالب الشرعية ليتأهل لمقابلة الجهة الشريفة ، و الدخول في العبادة المنيفة.
وأمر في التيمم بمسح الأعضاء بالتراب ، عند تعذر غسلها بالماء ، وضعا لتلك الأعضاء الرئيسة ، و هضما لها بملاقاتها أثر التربة الخسيسة .
ثم لما كان القلب هو الرئيس الأعظم لهذه الجوارح و الأعضاء ، و المستخدم لها في تلك الأمور المبعدة عن جنابه - تعالى-، و هو الموضع لنظر اللّه- سبحانه- ، كما قال (صلى الله عليه واله): «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم ، و لكن ينظر إلى قلوبكم» ، فله من ذلك الحظ الا وفر و النصيب الاكمل .
فيكون الاشتغال بتطهيره من الرذائل و التوجهات المانعة من درك الفضائل أولى من تطهير الأعضاء الظاهرة عند اللبيب العاقل .
وإذا لم يمكن تطهيره من الأخلاق الرذيلة ، و تحليته بالأوصاف الجميلة ، لرسوخه على حب الدنيا الدنية ، فليقمه في مقام الهضم و الازراء ، و يسقه بسياط الذل و الاغضاء .
كما أنه عند تعذر غسل الأعضاء بالماء يهضمها و يذللها بالوضع على التراب ، عسى أن يرحم ربه تواضعه و انكساره ، فيهبه نفحة من نفحات نوره اللامع ، فانه عند المنكسرة قلوبهم ، كما ورد في الأثر، فترق من هذه الإشارات و نحوها إلى ما يوجب لك الإقبال ، و يتدارك سالف الإهمال.
ثم ما ذكر من السر في الطهارة ، يمكن استنباطه - مع الزيادة - من كلام مولانا الصادق (عليه السلام) في (مصباح الشريعة)، حيث قال : «اذا أردت الطهارة و الوضوء ، فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة اللّه ، فان اللّه- تعالى- قد جعل الماء مفتاح قربته و مناجاته ، و دليلا إلى بساط خدمته ، و كما ان رحمة اللّه تطهر ذنوب العباد كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غيره قال اللّه - تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان : 48].
وقال اللّه - تعالى - : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } [الأنبياء : 30] .
فكما احيى به كل شيء من نعيم الدنيا، كذلك برحمته و فضله جعل حياة القلوب بالطاعات وتفكر في صفاء الماء و رقته ، و طهره و بركته ، و لطيف امتزاجه بكل شيء , و استعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك اللّه بتطهيرها ، و تعبدك بآدابها في فرائضه و سننه , فان تحت كل واحد منها فوائد كثيرة ، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائد عن قريب.
ثم عاشر خلق اللّه - تعالى- كامتزاج الماء بالأشياء ، يؤدي كل شيء حقه ، ولا يتغير عن معناه معتبرا لقول الرسول (صلى الله عليه واله) : (مثل المؤمن الخالص كمثل الماء).
ولتكن صفوتك مع اللّه - تعالى - في جميع طاعتك كصفوة الماء حين انزله من السماء و سماه طهورا ، و طهر قلبك بالتقوى و اليقين عند طهارة جوارحك بالماء» .
ومن الاسرار الواردة في الطهارة و تخصيص بعض الأعضاء بالتطهير في الوضوء ، ما أشار إليه مولانا الرضا (عليه السلام) بقوله : «إنما امر بالوضوء ليكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه، مطيعا له فيما امره ، نقيا من الادناس و النجاسة ، مع ما فيه من ذهاب الكسل ، و طرد النعاس ، و تزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار , و إنما وجب ذلك على الوجه و اليدين و الرأس و الرجلين ، لان العبد إذا قام بين يدي الجبار، فانما ينكشف من جوارحه و يظهر ما يجب فيه الوضوء ، و ذلك انه بوجهه يسجد و يخضع ، وبيده يسأل و يرغب و يرهب ويتبتل ، وبرأسه يستقبل في ركوعه و سجوده , و برجليه يقوم و يقعد , وامر بالغسل من الجنابة دون الخلاء ، لان الجنابة من نفس الإنسان ، وهو شيء يخرج من جميع جسده ، و الخلاء ليس هو من نفس الإنسان ، إنما هو غذاء يدخل من باب و يخرج من باب».
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|