المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05



شرائط وجوب الجهاد  
  
1438   01:21 مساءاً   التاريخ: 18-9-2016
المؤلف : السيد ابو القاسم الخوئي (قدس)
الكتاب أو المصدر : منهاج الصالحين
الجزء والصفحة : ج1. ص 362-368
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الجهاد / وجوب الجهاد و شرائطه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-11-2019 817
التاريخ: 18-9-2016 1439
التاريخ: 12-8-2017 771
التاريخ: 25-11-2016 1023

 يشترط في وجوب الجهاد أمور:

الأوّل : التكليف ، فلا يجب على المجنون ولا على الصبيّ.

الثاني : الذكورة ، فلا يجب على المرأة اتفاقا، وتدلّ عليه- مضافا إلى سيرة النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلم- معتبرة الأصبغ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كتب اللّه الجهاد على الرجال والنساء، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل اللّه، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها» «1».

الثالث : الحرّية على المشهور، ودليله غير ظاهر، والإجماع المدّعى على ذلك غير ثابت.

نعم، إنّ هنا روايتين: إحداهما رواية يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إنّ معنا مماليك لنا وقد تمتعوا، علينا أن نذبح عنهم؟ قال: فقال: «إنّ المملوك لا حجّ له ولا عمرة ولا شي‌ء» «2».

والأخرى رواية آدم بن علي، عن أبي الحسن عليه السّلام، قال: «ليس على المملوك حجّ ولا جهاد» الحديث «3» ولا يمكن الاستدلال بشي‌ء منهما على اعتبار الحريّة.

أمّا الرّواية الأولى فهي ضعيفة سندا ودلالة.

أمّا سندا، فلأنّ الموجود في التهذيب وإن كان هو رواية الشيخ بسنده عن العبّاس عن سعد بن سعد، إلّا أنّ الظاهر وقوع التحريف فيه، والصحيح: عبّاد، عن سعد بن سعد، وهو عباد بن سليمان، حيث إنّه راو لكتاب سعد بن سعد وقد أكثر‌ الرواية عنه، وطريق الشيخ إلى عبّاد مجهول، فالنتيجة أنّ الرواية ضعيفة سندا.

وأمّا دلالة، فلأنّه لا يمكن الأخذ بإطلاقها لاستلزامه تخصيص الأكثر المستهجن لدى العرف.

هذا مضافا إلى أنّه لا يبعد أن يكون المراد من الشي‌ء في نفسه ما هو راجع إلى الحج.

وأمّا الرواية الثانية فهي وإن كانت تامّة دلالة، إلّا أنّها ضعيفة سندا، فإنّ آدم ابن علي لم يرد فيه توثيق ولا مدح.

الرابع : القدرة ، فلا يجب على الأعمى والأعرج والمقعد والشيخ الهمّ والزمن والمريض والفقير الذي يعجز عن نفقة الطريق والعيال والسّلاح ونحو ذلك، ويدلّ عليه قوله تعالى {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} [النور: 61] وقوله تعالى : {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: 91].

(مسألة)

الجهاد واجب كفائي، فلا يتعيّن على أحد من المسلمين إلّا أن يعيّنه الإمام عليه السّلام لمصلحة تدعو إلى ذلك، أو فيما لم يكن من به الكفاية موجودا إلّا بضمّه، كما أنّه يتعيّن بالنذر وشبهه.

(مسألة)

إنّ الجهاد مع الكفّار من أحد أركان الدين الإسلامي وقد تقوّى الإسلام وانتشر أمره في العالم بالجهاد مع الدعوة إلى التوحيد في ظلّ راية النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ومن هنا قد اهتم القرآن الكريم به في ضمن نصوصه التشريعيّة، حيث قد ورد في الآيات الكثيرة وجوب القتال والجهاد على المسلمين مع الكفّار المشركين حتى يسلموا أو يقتلوا، ومع أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومن الطبيعي أنّ تخصيص هذا الحكم بزمان موقّت وهو زمان‌ الحضور لا ينسجم مع اهتمام القرآن وأمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة، ثم إنّ الكلام يقع في مقامين :

المقام الأوّل : هل يعتبر إذن الإمام (عليه السلام) أو نائبه الخاص في مشروعية أصل الجهاد في الشريعة المقدّسة؟ فيه وجهان :

المشهور بين الأصحاب هو الوجه الأوّل. وقد استدلّ عليه بوجهين .الوجه الأوّل: دعوى الإجماع على ذلك.

وفيه: إنّ الإجماع لم يثبت، إذ لم يتعرّض جماعة من الأصحاب للمسألة، ولذا استشكل السبزواري في الكفاية في الحكم بقوله :

ويشترط في وجوب الجهاد وجود الإمام (عليه السلام) أو من نصبه على المشهور بين الأصحاب، ولعلّ مستنده أخبار لم تبلغ درجة الصحّة مع معارضتها بعموم الآيات، ففي الحكم به إشكال «4».

ثم على تقدير ثبوته فهو لا يكون كاشفا عن قول المعصوم عليه السّلام، لاحتمال أن يكون مدركه الروايات الآتية فلا يكون تعبديّا.

نعم، الجهاد في عصر الحضور يعتبر فيه إذن ولي الأمر، النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو الإمام عليه السّلام بعده.

الوجه الثاني: الروايات التي استدلّ بها على اعتبار إذن الإمام عليه السّلام في مشروعية الجهاد، والعمدة منها روايتان:

الأولى: رواية سويد القلاء، عن بشير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قلت له: إنّي رأيت في المنام أنّي قلت لك: انّ القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «هو كذلك، هو كذلك» «5».

و فيه: إنّ هذه الرواية مضافا إلى إمكان المناقشة في سندها على أساس أنّه لا‌ يمكن لنا إثبات أنّ المراد من بشير الواقع في سندها هو بشير الدّهان، ورواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لا تدلّ على أنّ المراد من بشير هنا هو بشير الدهّان، مع أنّ المسمّى ب‍(بشير) متعدّد في هذه الطبقة ولا يكون منحصرا ب‍ (بشير) الدهّان.

نعم، روى في الكافي هذه الرواية مرسلا عن بشير الدهّان «6» وهي لا تكون حجّة من جهة الإرسال وقابلة للمناقشة دلالة، فإنّ الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته وبمتابعته فيه، ولا تدلّ على حرمة القتال على المسلمين مع الكفّار إذا رأى المسلمون من ذوي الآراء والخبرة فيه مصلحة عامّة للإسلام وإعلاء كلمة التوحيد بدون إذن الإمام عليه السّلام كزماننا هذا.

الثانية: رواية عبد اللّه بن مغيرة، قال محمد بن عبد اللّه للرضا (عليه السلام) وأنا أسمع: حدّثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنّه قال له بعضهم: إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدوا يقال له الديلم، فهل من جهاد؟ أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد عليه الحديث، فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بدرا، وإن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات اللّه عليه، الحديث «7».

ولكن الظاهر أنّها في مقام بيان الحكم الموقّت لا الحكم الدائم بمعنى أنّه لم يكن في الجهاد أو الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، ويشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنّه لا شبهة في عدم توقّفه على إذن الإمام عليه السلام وثبوته في زمان الغيبة، وممّا يؤكّد ذلك أنّه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب إذا قبلوا ذلك، مع أن أخذ الجزية إنّما هو في مقابل ترك القتال معهم، فلو لم يكن القتال معهم في هذا العصر مشروعا لم يجز أخذ الجزية منهم أيضا.

وقد تحصّل من ذلك أنّ الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة‌ وثبوته في كافّة الأعصار لدى توفّر شرائطه، وهو في زمن الغيبة منوط بتشخيص المسلمين من ذوي الخبرة في الموضوع أنّ في الجهاد معهم مصلحة للإسلام على أساس أنّ لديهم قوّة كافية من حيث العدد والعدّة لدحرهم بشكل لا يحتمل عادة أن يخسروا في المعركة، فإذا توفّرت هذه الشرائط عندهم وجب عليهم الجهاد والمقاتلة معهم.

وأمّا ما ورد في عدّة من الروايات من حرمة الخروج بالسيف على الحكّام وخلفاء الجور قبل قيام قائمنا صلوات اللّه عليه فهو أجنبي عن مسألتنا هذه وهي الجهاد مع الكفّار رأسا، ولا يرتبط بها نهائيا.

المقام الثاني: أنّا لو قلنا بمشروعيّة أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أو لا؟ يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة.

وهذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، وهو أنّ على الفقيه أن يشاور في هذا الأمر المهم أهل الخبرة والبصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأنّ لدى المسلمين من العدّة والعدد ما يكفي للغلبة على الكفّار الحربيّين، وبما أنّ عملية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة إلى قائد وآمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محالة يتعيّن ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فإنّه يتصدّى لتنفيذ هذا الأمر المهم من باب الحسبة على أساس أنّ تصدّى غيره لذلك يوجب الهرج والمرج ويؤدّي إلى عدم تنفيذه بشكل مطلوب وكامل.

(مسألة)

إذا كان الجهاد واجبا على شخص عينا على أساس عدم وجود من به الكفاية، لم يكن الدين الثابت على ذمّته مانعا عن وجوب الخروج إليه، بلا فرق بين كون الدّين حالّا أو مؤجّلا، وبلا فرق بين إذن الغريم فيه وعدم إذنه، نعم لو تمكّن- والحالة هذه- من التحفّظ على حقّ الغريم بإيصاء أو نحوه وجب ذلك. وأمّا إذا كان من به الكفاية موجودا لم يجب عليه الخروج إلى الجهاد مطلقا وإن كان دينه مؤجّلا أو كان حالا ولكن لم يكن موسرا، بل لا يجوز إذا كان موجبا لتفويت حق الغير.

(مسألة)

إذا منع الأبوان ولدهما عن الخروج إلى الجهاد فإن كان عينيّا وجب عليه الخروج ولا أثر لمنعهما، وإن لم يكن عينيّا- لوجود من به الكفاية- لم يجز له الخروج إليه إذا كان موجبا لإيذائهما لا مطلقا. وفي اعتبار كون الأبوين حرّين إشكال بل منع لعدم الدليل عليه.

(مسألة)

إذا طرأ العذر على المقاتل المسلم أثناء الحرب فإن كان ممّا يعتبر عدمه في وجوب الجهاد شرعا كالعمى والمرض ونحوهما سقط الوجوب عنه، وأما إذا كان العذر ممّا لا يعتبر عدمه فيه، وإنّما كان اعتباره لأجل المزاحمة مع واجب آخر كمنع الأبوين أو مطالبة الغريم أو نحو ذلك فالظاهر عدم السقوط، وذلك لأن الخروج إلى الجهاد وإن لم يكن واجبا عليه إلّا أنّه إذا خرج ودخل فيه لم يجز تركه والفرار عنه ، لأنّه يدخل في الفرار من الزحف والدبر عنه وهو محرّم.

(مسألة)

إذا بذل للمعسر ما يحتاج إليه في الحرب، فإن كان من به الكفاية موجودا لم يجب عليه القبول مجانا فضلا عمّا إذا كان بنحو الإجارة، وإن لم يكن موجودا وجب عليه القبول، بل الظاهر وجوب الإجارة عليه على أساس أنّ المعتبر في وجوب الجهاد على المكلّف هو التمكّن، والفرض أنّه متمكّن ولو بالإجارة.

(مسألة)

الأظهر أنّه لا يجب، عينا ولا كفاية، على العاجز عن الجهاد بنفسه لمرض أو نحوه أن يجهّز غيره مكانه، حيث إنّ ذلك بحاجة إلى دليل ولا دليل عليه، نعم لا شبهة في استحباب ذلك شرعا على أساس أنّ ذلك سبيل من سبل اللّه. هذا فيما إذا لم يكن الجهاد الواجب متوقّفا على إقامة غيره مكانه، وإلّا وجب عليه ذلك جزما.

(مسألة)

الجهاد مع الكفّار يقوم على أساس أمرين:

الأوّل: الجهاد بالنفس.

الثاني: الجهاد بالمال.

ويترتّب على ذلك وجوب الجهاد بالنفس والمال معا على من تمكّن من ذلك كفاية إن كان من به الكفاية موجودا، وعينا ان لم يكن موجودا. وبالنفس فقط على‌ من تمكّن من الجهاد بها كفاية أو عينا، وبالمال فقط على من تمكن من الجهاد به كذلك.

وتدلّ على ذلك عدة من الآيات.

منها قوله تعالى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: 41].

ومنها قوله تعالى {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [التوبة: 81].

ومنها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10، 11].

وتدلّ على ذلك أيضا معتبرة الأصبغ المتقدّمة في الشرط الثاني من شرائط وجوب الجهاد.

ثم إنّ كثيرا من الأصحاب لم يتعرضوا لهذه المسألة، ولا يبعد أن يكون ذلك لوضوح الحكم، فلا يصغى إلى ما قيل من عدم وجدان قائل بوجوب الجهاد بالنفس والمال معا على شخص واحد.

_______________


(1) الوسائل ج 11 باب 4 من أبواب جهاد العدوّ، الحديث 1.

(2) الوسائل ج 8 باب 15 من وجوب الحجّ، الحديث 3.

(3) الوسائل ج 8 باب 15 من وجوب الحجّ، الحديث 4.


(4) كفاية الأحكام: 74.

(5) الوسائل ج 11 باب 12 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.


(6) الوسائل ج 11 باب 12 من أبواب جهاد العدو، ذيل الحديث 1.

(7) الوسائل ج 11 باب 12 من أبواب جهاد العدو، حديث 5.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.