المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

حقيقة القرآن قبل نزوله
14-06-2015
Atomic and Molecular Orbitals
10-7-2018
ابن الاعلم الشريف
1-6-2016
آداب الحرية
22-6-2017
Overview of Glycogen Metabolism
24-9-2021
الوصية دأب الأنبياء
5-6-2022


قاعدة « الولد للفراش » (*)  
  
2280   12:32 مساءاً   التاريخ: 18-9-2016
المؤلف : آية الله العظمى السيد محمد حسن البجنوردي
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج4 ص23 - 50.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الولد للفراش /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-07 182
التاريخ: 2024-09-07 198
التاريخ: 2024-09-07 197
التاريخ: 2024-09-07 189

ومن جملة القواعد الفقهيّة المعروفة قاعدة « الولد للفراش ».

وفيها جهات من البحث :

[ الجهة ] الأولى

في مدركها‌ :

فنقول : وهو الحديث المشهور المعروف بين جميع الفرق والطوائف الإسلاميّة ، ولم ينكره أحد من المسلمين ، وهو قوله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (1).

وقد روى هذا الحديث في الصحاح المعتبرة عندهم هكذا عن عائشة ، قالت : كان عتبة بن أبي وقّاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقّاص أنّ ابن وليدة زمعة مني فأقبضه. قالت : فلمّا كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقّاص ، وقال ابن أخي قد عهد إلىّ فيه ، فقام عبد بن زمعة ، فقال : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه ، فتساوقا إلى النبي صلى الله عليه واله فقال سعد : يا رسول الله صلى الله عليه واله ابن أخي كان قد عهد إلىّ فيه ، فقال عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : « هو لك يا عبد بن‌ زمعة » ثمَّ قال النبي صلى الله عليه واله : « الولد للفراش وللعاهر الحجر ». ثمَّ قال صلى الله عليه واله لسودة ـ بنت زمعة زوج النّبي صلى الله عليه واله ـ « احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة : فما رآها حتّى لقي الله تعالى » (2).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في جواب معاوية : « وأمّا ما ذكرت من نفي زياد ، فإنّي لم أنفه بل نفاه رسول الله صلى الله عليه واله إذ قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (3).

وكتب الحسن عليه السلام في جواب زياد ـ لمّا كتب زياد إليه عليه السلام : من زياد بن أبي سفيان إلى حسن بن فاطمة عليه السلام يريد بذلك إهانته عليه السلام ـ : من حسن بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله إلى زياد بن سميّة ، قال رسول الله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (4).

ورواية حسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته ويسأل عن رجل اشترى جارية ، ثمَّ وقع عليها قبل أن يستبرأ رحمها ، قال عليه السلام : « بئس ما صنع يستغفر الله ولا يعد » قلت : فإن باعها من آخر ولم يستبرئ رحمها ، ثمَّ باعها الثاني من رجل آخر ، فوقع عليها ولم يستبرء رحمها فاستبان حملها عند الثالث؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (5).

ورواية سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد ، لمن يكن الولد؟ قال : « للذي عند الجارية ، لقول رسول‌ الله صلى الله عليه واله : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (6).

ولا ينبغي البحث عن صدور هذا الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله ، لأنّ صدوره قطعيّ.

وذلك من جهة أنّ إلحاق معاوية زياد بن سميّة بأبي سفيان صار سببا لاشتهار هذا الحديث بين المحدّثين والمؤرّخين ، إذ هذه القضية العجيبة التي كانت خلاف نصّ رسول الله صلى الله عليه واله وقعت في زمان وجود جمع كثير من الصحابة الكرام ، وأنكروا كلّهم هذا الأمر على معاوية لمّا سمعوا من رسول الله صلى الله عليه واله هذا النصّ الصريح ، ولذلك اشتهر ونقله المحدّثون وأغلب المؤرّخين ، وذكروا له المطاعن الأربعة المعروفة عند جميع المسلمين : بغيه على أمير المؤمنين عليه السلام ، وقتله حجر بن عدي الذي كان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ، وإلحاق زياد ، ونصبه يزيد ابنه خليفة من بعده وأميرا على المسلمين.

ولما ذكرنا فمدّعى القطع بصدور هذا الحديث ليس بمجازف ، وعلى كلّ حال ثبوته وصدوره من المسلّمات بين المسلمين.

[ الجهة ] الثانية

في بيان مدلول هذا الحديث والمتفاهم العرفي منه‌ :

فنقول : أوّلا : أنّ ألفاظ الحديث الشريف : فـ « الولد » عبارة عن أنّ النطفة بعد استقرارها في الرحم ونمائها إلى أن بلغ إلى قابليّتها لولوج الروح فيها ، أي بعد تكميل خلقتها البدنيّة ، فإذا ولج فيها الروح يسمّى ولدا ، سواء أكان وقت خروجه حيّا سويّا‌ أم لا.

نعم بعض الآثار الشرعيّة يترتّب عليها بشرط خروجها حيّا ، وهذا الذي يسمّى بالولد له إضافة إلى من تولّدت النطفة منه ، وهذه الإضافة والنسبة خارجيّة ، لا أنّها صرف اعتبار تشريعي أو عرفي.

وهذه النسبة المكررة بين الوالد والولد ، وكذا بين الوالدة تكون من المحمولات بالضمائم ومن مقولة الإضافة ، وحالها حال سائر الأعراض التسعة الخارجيّة المقوليّة ، وهذه النسبة حيث أنّه لها طرفان ، بمعنى أنّه لكلّ واحد من الطرفين نسبة مقوليّة إلى الطرف الآخر.

وتسمّى هذه النسبة من الطرف الذي خرجت هذه النطفة من صلبه بـ « الأبوّة » ، ويسمّى ذلك الشخص باعتبار تولّد هذه النطفة منه بـ « الوالد » ، وتسمّى بالنسبة إلى نفس هذه النطفة بعد تكميلها وولوج الروح فيها بـ « البنوّة » إن كان ذكرا و « البنتيّة » إن كانت أنثى ، وموصوف هذه الإضافة والنسبة يسمّى بالابن إن كان ذكرا ، وبالبنت إن كانت أنثى.

كما أنّ الموصوف لتلك النسبة التي في الطرف يسمّى بالوالد أو الأب كما ذكرنا.

وأيضا لهذه النطفة نسبة مكرّرة إلى من استقرّت هي في رحمها ، وهي أيضا نسبة خارجيّة مقوليّة مكرّرة لها طرفان ، وليس فرق بين هذه النسبة وبين النسبة السابقة ، إلاّ أنّها من طرف من استقرّت في رحمها تسمّى بالأمومة ، وموصوفها تسمّى بالأمّ أو الوالدة ، فهذا هو معنى الولد ، والوالد ، والوالدة.

وأمّا « الفراش » فهي عبارة عمّا يفرش لنوم أو لغيره ، وها هنا كناية عن الزوج الشرعي أو المالك ، باعتبار أنّ من هو زوج شرعا أو كان مالكا لها له حقّ أن ينام معها فيه شرعا ويستمتع منها ، وأمثال هذه الكنايات كثيرة في لغة العرب وتعابيرهم وفي القرآن الكريم.

وأمّا « العاهر » هو الزاني ، و « الحجر » معناه واضح.

وهذا الذي ذكرنا كان معنى مفردات الحديث.

وأمّا المتفاهم العرفي من هاتين الجملتين :

أمّا الجملة الأولى ، فهي عبارة عن أنّ الولد مخصوص بالزوج ، وليس لأحد غيره حقّ ونصيب فيه ، وهذا المعنى نتيجة حصر المبتدأ في الخبر الذي يقولون به في علم البلاغة إذا كان المبتدأ معرّفا بالألف واللام ، كقولهم : الكرم والفصاحة في العرب.

ولا شكّ في أنّه صلى الله عليه واله في مقام بيان الحكم الشرعي ، لا في مقام الإخبار عن أمر خارجي ، وظاهر القضايا الشرعيّة التي بصورة الأخبار كلّها من هذا القبيل ، أي وإن كانت بحسب الصورة جمل خبريّة ، لكنّها في الحقيقة إنشاءات بصورة الإخبار عن وقوعها في أحد الأزمنة الثلاثة.

مضافا إلى أنّها لو كانت إخبارات عن الأمور الخارجيّة تكون غير مطابق مع الواقع في كثير من الأحيان ، فقوله عليه السلام: « يغتسل » و « يعيد » وأمثال هذين في مقام بيان الأحكام الشرعيّة ، فربما لا يغتسل ولا يعيد.

وفي نفس محلّ الكلام لو كان قوله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش » إخبارا عن أمر واقع ، ربما لا يكون كذلك ، أي يكون الولد واقعا لغير الفراش ، خصوصا في الأزمنة التي تشيع فيها الفجور ، ولا يمكن أن يصدر الكذب منه صلى الله عليه واله ، لأنّه صلى الله عليه واله معصوم ، فهذا وجه آخر لأنّها إنشاءات لا إخبارات.

فإذا كان الأمر كذلك ، فلا بدّ من القول بأنّه صلى الله عليه واله في مقام جعل الفراش أمارة معتبرة في مقام الإثبات لإثبات أنّ المولود في فراش شخص يكون له ، وليس لآخر نصيب فيه. ومن المعلوم أنّ جميع الأمارات الشرعيّة كالعرفيّة ـ بل هي أيضا عرفية في الأغلب أمضاها الشارع ـ قد تخطّى ، لكنّها غالب المطابقة ، وهذا مناط جعلها أمارة.

وأيضا معلوم أنّ أماريّة الأمارة منوطة بعدم القطع على خلافها وعلى وفاقها أيضا ، إذ مع القطع بأحد الطرفين لا يبقى مجال للتعبّد.

أمّا في صورة كون القطع على وفاقها ، فحجّية الأمارة تكون من قبيل تحصيل ما هو حاصل بالوجدان بالتعبّد ، الذي هو أسوء من تحصيل الحاصل المحال.

وأمّا في صورة كونه على خلافها ، فمن جهة عدم إمكان جعل الطريق والمثبت للذي خلافه ثابت لديه ، فالأمارة المعتبرة حجّة لمن يكن شاكّا في مؤدّاها ، فإذن قوله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش » يكون أمارة في مورد الشكّ في أنّ الولد هل لصاحب الفراش أو لغيره ، وإلاّ فمع أنّه له أو لغيره لا يبقى مجال للتمسّك به في مقام الإثبات.

نعم حيث أنّه بناء على ما ذكرنا أمارة معتبرة لا يعتنى بالظنون غير المعتبرة على خلافها ، كما هو الحال في كلّ أمارة ، مثلا لو شهدت البيّنة العادلة على أنّ فلانة زوجة فلان مع عدم نفيه ، فالظنّ غير المعتبر على أنّها ليس زوجة له لا أثر له.

وفيما نحن فيه بعد ما جعل الشارع الفراش أمارة على أنّ الولد لصاحب الفراش ، فكونه شبيها بالزاني وإن كان يوجب الظنّ بأنّه له ، ولكنّ الشارع لم يعتبر هذا الظنّ ، فلا أثر له في مقابل الحجّة المعتبرة ، ولذلك هو صلى الله عليه واله لم يعتبر ولم يعتن بالشبه الذي كان بين الولد وعتبة بن أبي وقّاص ، وردّ دعوى سعد بن أبي وقّاص ، وحكم بكون الولد لزمعة ، معلّلا بأنّه صاحب الفراش. وأمّا أمره صلى الله عليه واله زوجته سودة أمّ المؤمنين بالاحتجاب عن ذلك الولد للشباهة التي كانت بينه وبين عتبة ـ مع أنّه صلى الله عليه واله حكم بأنّه أخوها ـ فمن باب الاحتياط ، وقد تقرّر في الأصول أنّ الاحتياط حسن عقلا وشرعا ، حتّى مع وجود الحجّة المعتبرة على أحد الاحتمالين.

وهذا الحديث أيضا أحد الأدلّة على حسنه شرعا ، بل استحبابه إن كان أمره صلى الله عليه واله باحتجابها منه مولويّا ، لا إرشاديّا إلى حسن الاحتياط.

ومن جملة الظنون غير المعتبرة التي لا تقاوهم هذه الأمارة قول القافة بواسطة‌ الأمارات التي عندهم ، ولا شكّ في أنّ قولهم يوجب الظنّ ، ولكنّ الشارع لم يعتبره.

وأمّا سرور النبي صلى الله عليه واله من قول القائف حينما رأى رجلي أسامة وزيد وعليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت إقدامها ، فقال : إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض.

وقد روى هذا الحديث عن أمّ المؤمنين عائشة بعدّة طرق ، ومتن الحديث على ما رواه سفيان عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم مسرورا ، فقال : « يا عائشة ألم ترى أنّ مجزز السلمي المدلجي دخل علىّ فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت إقدامهما ، فقال : إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض » (7) فلا يدلّ على حجّية قول القائف واعتباره.

وذلك أنّ سروره صلى الله عليه واله ـ على تقدير صحّة الرواية ـ كان من جهة أنّ أسامة كان أسود شديد السواد ، وكان زيد أبيض ، وكانوا يقدحون في نسب أسامة ويطعنون من هذه الجهة ، والنبي صلى الله عليه واله كان يحبّ زيدا وكذلك أسامة ، فلمّا أخبر القائف بصحّة نسبه وأن زيدا أبوه فرح صلى الله عليه واله بذلك.

ولا شكّ في أنّ الظنّ بوجود ما هو المطلوب والمحبوب يوجب السرور والفرح وإن لم يكن ذلك الظنّ حجّة شرعا ، فلو أخبر معلّم كافر مشرك بأنّ ابنك فلان ذكيّ ، سريع الفهم ، وفوق ذلك أنّه مشغول جدّا بالمطالعة والحفظ يسرّ الأب ، وان كان قول المعلّم ليس حجّة ، لأنّ قول المؤمن العادل الواحد ليس بحجة في الموضوعات ، فضلا عن قول الكافر المشرك.

هذا أوّلا.

وثانيا : في الجاهلية كانت العرب تعتبر قول القائفين ، وكانوا يرتّبون عليه الآثار ، فأخبار القائف بصحّة نسب أسامة كان موجبا لارتداع القادحين عن قدحهم وطعنهم ، ولذلك سرّ النبيّ صلى الله عليه واله لحبّه زيدا وولده أسامة.

وأمّا وجه سواد أسامة فهو من ناحية أمّه أمّ أيمن ، فإنّها كانت امرأة حبشيّة تزوّجها زيد بعد زوجها الأوّل ، وهو عبيد بن زيد من بني الحارث بن خزرج ، وكانت أمّ أيمن حاضنة النبيّ صلى الله عليه واله ، وورثها من أبيه مع خمس جمال وقطيعة من غنم ، فأعتقها رسول الله صلى الله عليه واله وقال صلى الله عليه واله : « من سرّه أن يتزوج امرأة من أهل الجنّة فليتزوّج أمّ أيمن ، فتزوّجها زيد ابن حارثة ، فولدت له أسامة بن زيد (8) ، فكان رسول الله صلى الله عليه واله يحبّ أسامة حبّا شديدا ، وقد صرّح بذلك حين أمره على الجيش المعروف بجيش أسامة.

ومن جملة الظنون التي لا تقاوم هذا الأمارة المعتبرة ، الأمارات الظنيّة غير المعتبرة شرعا ولكنّ العرف يعتمدون عليها ، من قبيل تحليل الدم وأمثاله الشائعة في هذه الأعصار عند الأطبّاء ، ولكن كلّ ما ذكرنا من عدم مقاومتها لهذه الأمارة المعتبرة يكون فيما إذا يوجب الظنّ.

وأمّا إذا أوجب القطع بأنّ الولد لغير صاحب الفراش ، فلا يبقى مجال لإجراء هذه القاعدة ، لأنّها أمارة عند الشكّ.

وممّا ذكرنا ظهر أنّ نفي النسب عن الزاني أو عن غيره ممّن هو ليس بصاحب الفراش في صورة إمكان الانتساب إلى صاحب الفراش.

وأمّا إذا لم يكن ـ كما إذا كان الزوج في سفر طويل ، أو كان غيبته عنها لسبب آخر كالسجن الطويل مثلا وأمثال ذلك ـ فلا تجرى هذه القاعدة ، وبناء على هذا لو ولدت بعد الزواج بمدّة أقلّ من أقلّ الحمل ، أو ولدت بعد غياب الزوج بمدّة أكثر من أكثر الحمل فلا يجوز الإلحاق بهذه القاعدة.

هذا هو شرح الجملة الأولى من الحديث الشريف.

وأمّا الجملة الثانية : فالعاهر هو الزاني ، والحجر معناه معلوم.

وقيل في معنى هذه الجملة : أنّها كناية عن طرد الزاني وردّه عن دعواه الولد ، كما أنّ الكلب يطرد بالحجارة ، وقيل : بأنّ المراد من الزاني هو المحصن وهو لا يعطى له الولد ، بل يرمى بالحجارة حتّى يهلك ، أي يحدّ بهذا الحدّ الذي عيّنه الشارع للزاني المحصن.

والأوّل أولى ، وإن كان الذي يتبادر إلى الذهن أوّلا هو الثاني.

وجه الأولويّة : هو أنّ ظاهر الحديث الشريف أنّ أماريّة الفراش ليست مخصوصة بكونها في مقابل الزاني المحصن ، بل تكون أماريّته عامّة في قبال كلّ زان ، بل في قبال كلّ واطئ ليس بصاحب الفراش وإن لم يكن زانيا ، فحمله على المعنى الثاني خروج عمّا هو المتفاهم العرفي من ظاهر الحديث ، ويكون من قبيل التخصيص بلا مخصّص.

[ الجهة ] الثالثة

في بيان جملة من موارد تطبيقها‌ :

فنقول :

الأوّل : أن يكون في مقابل الفراش زناء فقط ، ويمكن الإلحاق بكلّ واحد منهما خارجا أي ليس شي‌ء يمنع المنع عن إلحاقه بأحدهما لا شرعا ولا تكوينا لو لا معارضة أحدهما بالآخر ولو لا هذه القاعدة.

وهذا القسم هو القدر المتيقّن من موارد هذه القاعدة ، وكان هذا هو مورد الحديث الشريف في دعوى سعد بن أبي وقّاص ، ودعوى عبد بن زمعة ، حيث أنّ عبد بن زمعة يدّعى الولد لزمعة الذي هو صاحب الفراش ، لأنّه كان مالكا للجارية.

والفراش يتحقّق بأحد أمرين : إمّا أن يكون زوجا لها بالعقد الدائم أو الموقّت‌ المسمّى بالمتعة في اصطلاح الفقهاء وعند العرف أيضا ، أو يكون مالكا لها. وأمّا التحليل سنتكلّم فيها ، وسعد بن أبي وقّاص يدّعيه لأخيه بالزنا وقد عرفت أنّه صلى الله عليه واله حكم لزمعة : « الولد للفراش وللعاهر الحجر ».

وإلحاق الولد بصاحب الفراش قد عرفت أنّه فيما أن يكون له عقلا وشرعا. أمّا الإمكان العقلي العادي هو أنّه لا يلزم من الانتساب إليه محال بحسب العادة ، كأن يكون الزوج مسافرا مدّة طويلة لا يمكن وصوله إليها عادة ، أو كان غائبا لجهة أخرى غير المسافرة لا يمكن له الوصول إليها ، أو لا يكون للزوج أو المالك أمناء لمرض ، أو لشيخوخة ، أو لأيّ علّة أخرى.

وخلاصة الكلام : أنّه لا يكون الانتساب إلى صاحب الفراش ـ سواء أكان زوجا لها بالعقد الدائم أو المنقطع ، أو كان مالكا لها، أو كان مالكها حلّلها له بناء على أنّ التحليل أيضا يوجب صيرورة المحلّلة له صاحب فراش كما أنّه ليس ببعيد ـ من قبيل وجود المعلول بدون العلّة.

وأمّا الإمكان شرعا فذكر الفقهاء ـ قدّس الله أسرارهم ـ له شروط ثلاثة :

الأوّل : الدخول ولو دبرا ، وقال : بعضهم وإن لم ينزل ، فإن كان المراد عدم العلم بالإنزال مع احتماله فله وجه ، وأمّا إن كان مرادهم من عدم الإنزال هو العلم بعدمه فهذا عجيب ، لأنّ مرجعه إلى وجود المسبّب بدون السبب.

وأمّا ما أفاده صاحب الجواهر في هذا المقام بقوله : ولعلّه لتحرّك نطفة الامرأة واكتسابها العلوق من نطفة الرجل في محلّها ، أو غير ذلك من الحكم التي لا يحيط بها إلاّ ربّ العزّة (9) ، فهذا الذي قال من تحرّك النطفة إلى قوله « في محلّها » يشبه أن يكون أمرا خياليّا لا واقعيّا. وأمّا قوله أو غير ذلك من الحكم إلى آخره.

ففيه : أنّه حقّ لو جاء دليل قطعي على أنّه بدون إنزال صاحب الفراش يلحق به ، ولكنّ الأمر ليس كذلك ، بل هنا قاعدة وأمارة شرعيّة ، وهو قوله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » وبيّنّا أنّها أمارة لكون الولد لصاحب الفراش في ظرف إمكان ذلك عادة ، وبدون الإنزال لا يمكن ، ولذلك قال في الرياض ما خلاصته أنّ إلحاق الولد بصاحب الفراش مشروط بما إذا كان تولّده من مائه محتملا ولو باحتمال بعيد ، وفي غيره إشكال (10).

وان حكى الإطلاق عن الأصحاب واحتمل الإجماع ، فاعتبار الدخول ليس لموضوعيّة فيه ، بل من جهة كونه مقدّمة لوصول الماء إلى رحمها ، ولذلك لو وصل الماء إلى رحمها من غير الدخول ، كما إذا لاعبها وأنزل على الفرج ووصل الماء إليها من غير الدخول يلحق بصاحب الفراش الملاعب قطعا ، وقد شاهدنا في عصرنا مواليد تكونوا من ماء أبيهم مع عدم زوال بكارة أمّهم ، وأولدتهم القوابل بالعلاج.

وروى في قرب الإسناد بإسناده عن أبي البختري عن جعفر بن محمّد عليه السلام عن أبيه عليه السلام أنّ رجلا أتى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال : إنّ امرأتي هذه حامل وهي جارية حدثة ، وهي عذراء ، وهي حامل في تسعة أشهر ، ولا أعلم إلاّ خيرا وأنا شيخ كبير ما افترعتها ، وأنّها لعلى حالها ، فقال له عليّ عليه السلام : « نشدتك الله هل كنت تهريق على فرجها؟ » إلى أن قال عليه السلام : « وقد ألحقت بك ولدها فشقّ عنها القوابل ، فجاءت بغلام فعاش » (11).

ورواية أخرى بهذا المضمون نقلها في الوسائل عن المفيد في الإرشاد (12).

وظهر ممّا ذكرنا أنّ إدخال ماء الرجل بتوسّط الإبر في الرحم ـ كما يقولون لو‌ صحّ هذا ـ أيضا يوجب أن يلحق الولد بصاحب الماء ، وإن قلنا بأنّ هذا الفعل حرام ، وكذلك لو انجذب الماء إلى الفرج في الحمّام ودخل في الرحم ، وتكون الولد يلحق بصاحب الماء لو كان معلوما.

وحاصل الكلام : أنّ كون الولد لصاحب الماء أمر تكويني ، لأنّه هو نفس الماء ، غاية الأمر نما إلى أن جعله الله ولدا سويّا ، فهو في سياق الزرع ، كما أنّ البذر إذا وقع في الأرض ينمو إلى أن يصير سنبلا بإرادة الله وجعله ، كذلك النطفة بعد ما وصل إلى الرحم القابل ينمو إلى أن يجعله الله ولدا وينشأه خلقا آخر ، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون: 14].

نعم في خصوص الزنا ألغى الشارع هذا الانتساب التكويني من حيث بعض الآثار لبعض المصالح ، ولعلّ عمدتها حفظ الجامعة عن الفجور.

وممّا ذكرنا ظهر الإشكال في كفاية الدخول في الدبر إلاّ مع الإمناء واحتمال السبق وعدم الشعور به ، ولذلك حكى عن ابن إدريس في السرائر (13) وعن العلاّمة في التحرير (14) ـ قدّس الله اسرارهما ـ عدم العبرة بالوطي دبرا ، وعدم اعتبارهما بالوطي في الدبر.

إمّا في صورة عدم احتمال السبق ، أو لكون الاحتمال ضعيفا بدرجة يكون عند العقلاء بحكم العدم.

الثاني : مضىّ ستّة أشهر هلاليّة من زمان الوطي ، فلو كان أقلّ من ذلك وولدت تامّ الخلقة حيّا لا يلحق بصاحب الفراش ، وذلك من جهة أنّها أقلّ الحمل كتابا وسنّة ، مستفيضة بل متواترة ، ولا خلاف في ذلك بين الأصحاب ، بل نسب الاتّفاق إلى علماء الإسلام ، وقد نسب في الجواهر (15) إلى المفيد (16) والشيخ (17) ـ قدس سرّهما ـ التخيير‌ بين النفي والإقرار به.

وهذه الفتوى من هذين الشيخين الجليلين لا يخلو عن غرابة ، مع استفاضة الروايات واتّفاق الفقهاء على خلافهما.

ولكنّ الذي يظهر من عبارة المقنعة أنّه لو نفاه الزوج وخاصمته المرأة وادّعت أنّه منه واختلفا في زمان الحمل (18) ، لا أنّ المرأة مع اعترافها بأنّها وضعت لأقلّ من ستّة أشهر تدّعي أنّه له ، فيكون هذا من فروع اختلافهما في مدّة الحمل ، ويكون خارجا عن محلّ بحثنا ، وهو أن يكون معلوما مدّة الحمل وأنّها أقلّ من ستّة أشهر.

والشاهد على ذلك أنّه يصرّح قبل هذا العبارة ، بأنّها إن ولدته حيّا تامّا لأقلّ من ستّة أشهر من يوم لامسها ، فليس له بولد بحكم العادة (19).

وعبارة المبسوط أيضا صريح في أنّها إذا وضعت لأقلّ من ستّة أشهر من حين لامسها فالولد لا يلحق به ، وهذا عين عبارته: كما لو أتت بولد لدون ستّة أشهر ، فإنّه ينفي عن الزوج بلا لعان ، لأنّه لا يمكن أن يكون منه (20).

فهذا الشرط أيضا مقدّمة لإثبات مورد القاعدة ، وهو احتمال أن يكون الولد لصاحب الفراش ، لأنّه قبل انقضاء ستّة أشهر من حين الوطي لو ولدت نفى الشارع كونه له ، فيكون احتمال كونه منه ملغى بحكم الشارع ، ويكون معلوم العدم ، فلا يبقى موضوع للقاعدة.

الثالث : أن لا يكون الوضع في أكثر من أكثر مدّة الحمل.

وفي تعيين أكثر مدّة الحمل خلاف ، فالمشهور يقولون بأنّه عبارة عن تسعة أشهر ، وبناء على هذا لو تجاوز مدّة الحمل ـ أي من زمان الوطي تسعة أشهر إلى‌ زمان الوضع ـ فلا يلحق. والأخبار التي تدلّ على أنّ أكثر مدّة الحمل تسعة أشهر كثيرة.

وقول آخر بأنّه عشرة أشهر ، وهو الذي استحسنه في الشرائع (21) ، وحكى عن الشيخ في المبسوط (22) أيضا ، ونسب إلى العلاّمة (23) أيضا ، وصرّح العلاّمة في التبصرة بذلك (24).

وقول آخر بأنّه سنة ، وإليه ذهب المرتضى في الانتصار مدّعيا عليه الإجماع (25) ، وأبو الصلاح (26) ، ومال إليه في المختلف (27) على نقل صاحب الجواهر (28) .

وقال الشهيد الثاني إنّه أقرب إلى الصواب (29). ولكن المحقق قال في الشرائع : إنّه متروك (30) ، وهناك رواية على أنّه سنتين (31) ، ولكن لم يقل به أحد من الأصحاب ، وحملوها على التقيّة.

أقول : أمّا القول الأوّل الذي هو المشهور بين أصحابنا الإماميّة ـ قدّس الله أسرارهم ـ فمستنده قبل الإجماع روايات مستفيضة ذكر سبعة منها في الجواهر (32) ، ودلالة بعضها واضحة لا يمكن المناقشة فيها ، وذلك كمرسل عبد الرحمن ابن سيابة :

« أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر ولا يزيد لحظة ، ولو زاد لحظة لقتل أمّه قبل أن يخرج » (33).

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مضمون هذا الخبر معلوم البطلان بالوجدان ، فلا يمكن صدوره عن الامام عليه السلام .

ولكن يمكن أن يقال : إنّ معلوميّة بطلانه بالوجدان غير معلوم ، لأنّ هذه أمور لا يعرفها غير ربّ العزّة جلّ جلاله ، هذا أوّلا.

وثانيا : صدر الرواية جملة مستقلّة لا إشكال في مضمونه ، وهو قوله عليه السلام : « أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر » فلا مانع من التعبّد بصدوره ، وهو كاف في إثبات المطلوب.

وكرواية محمّد بن حكيم ، عن أبي الحسن عليه السلام في حديث قال : قلت : فإنّها ادّعت الحمل بعد تسعة أشهر ، قال عليه السلام : « إنّما الحمل تسعة أشهر » (34).

وأمّا رواية أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال عليه السلام : « إنّ مريم حملت بعيسى تسع ساعات كلّ ساعة شهر » (35). فدلالتها على أنّ الحمل لا يزيد على تسعة أشهر غير واضحة ، ولا يخلو عن المناقشة.

وعلى كلّ حال هذا القول ـ أي : أنّ أكثر الحمل لا يزيد على تسعة أشهر ـ بحسب المدرك قويّ ، للروايات المستفيضة ، وادّعاء الإجماع فيه ، والشهرة المحقّقة.

وأمّا القول الثاني ـ أي كون أكثر الحمل عشرة أشهر الذي استحسنه المحقق في الشرائع وقال : يعضده الوجدان (36) ـ فلا إجماع ولا رواية تدلّ عليه.

وعمدة الوجه هو ادّعاؤهم الوجدان ، وأنّه كثيرا ما يزيد على تسعة أشهر.

ولكن فيه أنّ مبدأ الحقيقي للحمل غالبا غير معلوم ، وإن كان انتهاؤه بالولادة أمر محسوس ، وحكم القوابل أو النساء بالحمل إمّا بواسطة احتباس الحيض ، وإمّا بواسطة ظهور علامات الحمل. والأوّل ربما يكون لجهة أخرى غير الحمل ، بل يكون لعلّة ومرض فيها. والثاني غالبا يكون بعد مضيّ زمان من شهر أو شهرين بعد الحمل.

وأمّا القول الثالث ـ أي كون أكثر الحمل سنة ـ فادّعى المرتضى عليه الإجماع (37) ، وقرّبه المسالك إلى الصواب (38).

ولكن ليس في الروايات ما يدلّ على ذلك ، إلاّ ما نقل من خبر غياث ، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام عن أبيه عليه السلام قال : « أدنى ما تحمل المرأة لستّة أشهر ، وأكثر ما تحمل لسنة » (39). لكن في الوسائل روى هذه الرواية عن غياث « وأكثر ما تحمل سنتين » (40).

وقلنا إنّه لم يقل به أحد من الأصحاب ، ولذلك حمله في الوسائل على التقيّة. ومع هذا الاختلاف في النقل لا يبقى مجال للاستدلال بها على السنة.

وأيضا ممّا يمكن أن يستدلّ به على هذا القول ما هو المروي عن نوادر المعجزات للراوندي عن سيّدة النساء عليها السلام أنّها ولدت الحسين عليه السلام عند تمام السنة (41) لكنّه معارض بما هو المعروف والمشهور أنّها ولدته لستّة أشهر (42).

ففي الوسائل عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام  قال : « حمل الحسين عليه السلام ستّة أشهر ، وأرضع سنتين، وهو قول الله عزّ وجلّ {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] » (43).

هذا ، مضافا إلى أنّه معارض بما ورد من أنّ ولادته عليه السلام في ثالث شعبان ، وولادة الحسن عليه السلام في النصف من رمضان ، ومعلوم أنّ الفصل بينهما أقلّ من السنة بما لا يتسامح.

وأيضا ربما يستدلّ لهذا القول بما رواه حريز عمّن ذكره ، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} [الرعد: 8] قال عليه السلام : « الغيض : كلّ حمل دون تسعة أشهر. وما تزداد : كلّ شي‌ء يزداد على تسعة أشهر ، فلمّا رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد بعدد الأيّام التي رأت في حملها من الدم » (44).

وظاهر هذه الرواية ـ على تقدير صحّة سندها والإغماض عن إرسالها ، ومع الإغماض عن معارضاتها الأقوى منها سندا ودلالة ـ هو أنّ المراد من الزيادة مقدار ما رأت الدم في حال حملها يزيد في مقدار الحمل ، فإن رأت الدم في حال الحمل خمسة أيّام يزيد في مدّة الحمل خمسة أيّام ، فلا تدلّ على المقصود أي كون مدّة أكثر الحمل سنة إلاّ على تقدير شاذّ في غاية الشذوذ.

بل يمكن أن يقال بأنّه حال عادة ، وهو أن ترى الدم في كلّ شهر عشرة أيّام كي يصير في مجموع تسعة أشهر الذي هو مدّة الحمل تسعين يوما ، فيزيد هذا المقدار على تسعة أشهر ، فيكون المجموع سنة كاملة. هذا حال الأخبار التي استدلّوا بها على هذا القول.

ولكن الشهيد الثاني تمسّك لإثبات هذا القول بوجوه :

الأوّل : عدم دليل معتبر على الأقلّ من السنة (45).

وفيه : ما عرفت من وضوح دلالة بعض الروايات على أنّ أكثر الحمل تسعة أشهر ، وقلنا لو كان ضعف في سندها فهو منجبر بعمل الأصحاب والشهرة المحقّقة ، وقد حكينا من جماعة الإجماع. وأمّا إجماع المرتضى (46) ـ فوجّهه في الجواهر على أنّ مراده منه نفي أكثر من السنة ، لإثبات السنة به (47). وهو توجيه حسن فلا يعارض هذا الإجماع.

الثاني : الوجدان ، وهو ما إذا سافر الزوج بعد الوطي مثلا إلى مكان بعيد لا يمكن وصوله عادة إليها ، وأيضا علم من الخارج من الأمارات الموجبة لليقين والمفيدة للعلم أنّه لم يصل إليها أجنبيّ ، ومع ذلك وضعت بعد مضيّ سنة من زمان الوطي.

وفيه : على فرض تسليم ما قيل ليس سبب الحمل منحصرا بوصول الزوج أو أجنبي إليها ، بل هناك احتمالات أخر معلومة لا يحتاج إلى الذكر.

الثالث : أمره بالاحتياط بعد انقضاء تسعة أشهر من حين الوطي في بعض الأخبار التي مفادها أنّ أكثر الحمل تسعة أشهر :

منها : خبر محمّد بن الحكيم ، عن أبي الحسن عليه السلام قلت له : المرأة الشابّة التي مثلها تحيض يطلّقها زوجها ويرتفع حيضها كم عدّتها؟ قال : « ثلاثة أشهر ». قلت : فإنّها ادّعت الحمل بعد الثلاثة أشهر ، قال عليه السلام : « عدّتها تسعة أشهر». قلت : فإنّها ادّعت‌ الحبل بعد تسعة أشهر ، قال عليه السلام : « إنّما الحبل تسعة أشهر ». قلت : تتزوّج؟ قال عليه السلام :

« تحتاط بثلاثة أشهر ». قلت : فإنّها ادّعت بعد ثلاثة أشهر ، قال عليه السلام : « لا ريبة عليها تزوّجت إن شاءت » (48).

وهذه الرواية لها ظهور جليّ في أنّ من تدّعي الحبل بعد مضيّ تسعة أشهر من طلاقها أيضا يجب عليها أن تحتاط بثلاثة أشهر إن ادّعت بقاء الحبل بعد ذلك أيضا ، وهذا مرجعه إلى أنّ احتمال بقاء الحمل إلى سنة موجود ، ويجب ترتيب الأثر بعدم جواز التزويج قبل انقضاء السنة.

ومنها : خبر عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سمعت أبا إبراهيم عليه السلام يقول : « إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلا ، انتظر بها تسعة أشهر ، فإن ولدت وإلاّ اعتدّت بثلاثة أشهر ، ثمَّ قد بانت منه » (49).

ومنها : خبر أبان عن ابن حكيم ، عن أبي إبراهيم عليه السلام أو ابنه عليه السلام قال عليه السلام في المطلّقة يطلّقها زوجها، فتقول : أنا حبلى ، فتمكث سنة ، فقال عليه السلام : « إن جاءت به لأكثر من سنة لم تصدق ، ولو ساعة واحدة في دعواها » (50).

فمن هذه الروايات يستكشف أنّ الشارع لم يلغ احتمال كونها أكثر من تسعة إلى السنة وإن كان نادرا.

نعم يستظهر منها أنّ احتمال الزائد على السنة ملغى في نظره ، ولذلك أجمعت‌ الإماميّة الاثنتي عشريّة على نفي الزائد عنها ، ولم يقل به أحد ، وقلنا إنّ صاحب الجواهر وجّه إجماع المرتضى بأنّ مراده نفي الزائد على السنة ، وقلنا : إنّه حسن.

أقول : لا شكّ في أنّ الغالب في أكثر الحمل هو تسعة أشهر كما نراه بالوجدان. نعم قد يزيد أو ينقص أيّام قلائل ، ولا شكّ في أنّ لكلّ أمر من الأمور الخارجيّة مصاديق وأفراد غالبيّة ، ومصاديق نادرة شاذّة ، وذلك كما أنّ البلوغ واليأس في المرأة أفرادها الغالبية في البلوغ يكون بإكمال تسع سنين هلاليّة ، وفي اليأس بإكمال خمسين أو ستّين ، والشارع لاحظ في الحكم بحيضيّة الدم الخارج عن المرأة الأفراد الغالبيّة إذ لم ير محذورا في ذلك ، فحكم بعدم الحيضيّة في أقلّ من تسع وأكثر من خمسين أو ستّين ، مع أنّ النساء يختلفن في ذلك قطعا حسب اختلاف امزجتهنّ ، إذ لا محذور مهمّ في عدم مراعاة الأفراد النادرة ، فأيّة مفسدة مهمّة في الحكم بحيضيّة دم ليس بحيض في الواقع ، أو بالعكس في الأفراد النادرة.

وأمّا إذا كان في عدم ملاحظة الأفراد النادرة مفاسد عظيمة ـ كما في ما نحن فيه ، لأنّ نفي النسب مع ثبوته واقعا ربما ينجرّ إلى مفاسد عظيمة ، كنكاح العمّ لبنت أخيه ، والأخ للأخت ، أو حرمان شخص عن ثروته الكثيرة ، أو عن شرف أسرته الجليلة ـ فحينئذ يجب مراعاة الأفراد النادرة. فمكث الحمل وبقاؤه في الرحم إلى السنة وإن كان في غاية القلّة والندرة ، ولكن مع ذلك مراعاته لازم لما ذكرنا ، ولذلك أمر بالاحتياط بثلاثة أشهر بعد مضيّ تسعة أشهر كما تقدّم.

والإنصاف أنّ قول المشهور وإن كان قويّا بحسب المدرك ، مضافا إلى اشتهاره بين أرباب الفتوى. ولكن مراعاة هذا الاحتياط لا ينبغي أن يترك ، لما ذكرنا من المفاسد العظيمة في تركه ، ولعلّه لذلك ذهب جماعة من أعاظم أساطين الفنّ‌ كالمرتضى (51) والعلاّمة في المختلف (52) والشهيد الثاني في المسالك (53) ـ قدّس الله أسرارهم ـ إلى هذا القول ، مع ما رأوا من القوّة في مدرك القول المشهور. وقد ذهب إلى هذا القول أيضا الفقيه المتتبّع السيّد الطباطبائي اليزدي في حواشيه على التبصرة.

إذا عرفت ما ذكرنا ، فنقول :

تارة : يكون الزاني مدّعيا للفراش يدّعى الولد في مقابله ، فهذا هو القدر المتيقّن من مورد القاعدة إن كان صاحب الفراش ـ أي : الزوج دواما أو انقطاعا ، أو المالك ـ واجد للشرائط المذكورة التي كانت نتيجتها إمكان تكون ذلك الولد من مائه عادة ، وإن كان الفقهاء اشترطوا الدخول قبلا أو دبرا ، وعدم كون مدّة الحمل أقلّ من أقلّ الحمل والأكثر من أكثره ، لكن المقصود هو ما ذكرناه ، أو الحقّ ما ذكرناه وإن لم يكن مقصودا لهم.

وأخرى : يكون الواطئ بالشبهة يدّعي الولد في مقابل الفراش بالمعنى الذي ذكرنا للفراش.

وظاهر الأصحاب أنّه يقرع بينهما.

ولكن عندي في هذا تأمّل ، لأنّه بناء على ما ذكرنا من أنّ الشارع جعل الفراش أمارة لكون الولد لصاحب الفراش فيما يمكن أن يكون له تكوينا وشرعا.

أمّا تكوينا فبوصول نطفة صاحب الفراش إلى رحمها ، وأمّا شرعا فبأن لا يكون حمله أقلّ من أقلّ الحمل ولا أكثر من أكثره ، فلصاحب الفراش أمارة على أنّ الولد له وهي الفراش ، فلا تصل النوبة إلى القرعة.

كما حقّقناه في قاعدة القرعة أنّها تستعمل في الشبهة الموضوعيّة التي لا يجوز فيها‌ الاحتياط ولا يجب ، وتكون من المعضلات والمشكلات ، ومع وجود الأمارة في بعض أطراف العلم الإجمالي ينحلّ العلم ، ولا يبقى إجمال في البين.

وبعبارة أخرى : قلنا إنّ القرعة أمارة حيث لا أمارة في البين ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ أماريّة الفراش مخصوصة بما إذا كان في قبال الزناء ، لا في قبال الوطي بالشبهة.

وهذا الاحتمال أبطلناه فيما تقدّم ، وقلنا إنّ أماريّته مطلقة ، فقوله صلى الله عليه واله : « الولد للفراش » كلام مستقلّ ، ومفاده أنّ الفراش ـ أي كون الرجل له حقّ المضاجعة في ذلك الفراش مع المرأة التي تنام فيه ، ويكون لها نحو اختصاص به ـ أمارة شرعيّة على أنّ الولد الذي ولد في ذلك الفراش ملحق بصاحب الفراش عند الشكّ ، فيكون حال الفراش حال البيّنة.

نعم الفرق هو أنّ البيّنة أمارة في جميع الموضوعات ، والفراش أمارة في خصوص إلحاق الولد بصاحب الفراش فيما أمكن الإلحاق به.

وأمّا الجملة الأخرى ، أي : قوله صلى الله عليه واله : « وللعاهر الحجر » فلا ربط له بالجملة الأولى ، بل ذكره لطرد المدّعي المقابل لصاحب الفراش ، لأنّ المدّعي المقابل لصاحب الفراش في مورد الحديث كان زانيا ، فطرده بهذا الكلام.

وأمّا فيما إذا لم يمكن ، كما إذا كان صاحب الفراش لم يمسّه لا قبلا ولا دبرا ، أو لم يمض من حين وطئه مدّة أقلّ الحمل ، أو تجاوز من زمان وطئه إلى الوضع أكثر مدّة الحمل ، فلا يكون الفراش أمارة ، القطع بالعدم شرعا.

وفي مثل هذه الصورة يعطي الولد الواطئ بالشبهة ، لأنّه مدّع بلا معارض ، أو للقطع بأنّه منه.

وأمّا لو كان المدّعي المقابل للفراش هو أيضا صاحب الفراش ، ففيه صور أربع :

الأولى : أن لا يمكن لحوقه بالثاني وأمكن لحوقه بالأوّل ، كما إذا طلّق الأوّل زوجته وبعد انقضاء عدّتها تزوّجها الثاني ، فوضعت لأقلّ من ستّة أشهر من زمان‌ وطئ الثاني ، ولم يتجاوز أقصى الحمل من زمان وطئ الأوّل ، فالولد ملحق بالأوّل لكونه ذا أمارة وفراش ، والثاني لا يمكن أن يكون أمارة لكونه ولدت في زمان يكون أقلّ من أقلّ الحمل ، فيستكشف بطلان نكاح الثاني لوقوعه في العدّة ، لأنّ انقضاء عدّة الأوّل بالوضع ، والمفروض أنّه تزوّجها قبل الوضع وتصير تلك المرأة محرمة على الثاني أبدا ، لأنّه وطأها في العدّة بعد العقد عليها.

الثانية : عكس الصورة الأولى ، وهو عدم إمكان لحوقه بالأوّل وإمكان لحوقه بالثاني ، كما إذا كانت الولادة بعد مضيّ أكثر الحمل من الوطي الأوّل ، ولا يكون أقلّ من أقلّ الحمل ، ولا أكثر من أكثره من حين وطئ الثاني ، ألحق بالثاني ، لعدم أماريّة فراش الأوّل ، لعدم الشكّ وعدم إمكان الإلحاق ، فيكون الفراش الثاني أمارة بلا معارض لها.

الثالثة : عدم إمكان الإلحاق بكلّ واحد منهما ، فيسقط أماريّة كليهما وينفي عنهما لما ذكرنا أنّ أماريّة الفراش في ظرف إمكان الإلحاق.

الرابعة : إمكان الإلحاق بكليهما ، فمقتضى القاعدة سقوط كليهما بالتعارض ، ولكن بناء الأصحاب على الإلحاق بالثاني ، لإحدى جهتين :

إمّا من جهة أنّ المراد من الفراش هو الفراش الفعلي ، ولا شكّ أنّ الفراش الفعلي هو الثاني ، دون الأوّل.

وفيه : أنّ لزوم الفعليّة في الفراش أمر مسلّم ، ولكن في زمان الوطي لا في زمان الوضع ، والمفروض أنّه في زمان الوطي كان كلاهما فعليّين.

وإمّا من جهة الأخبار ، وقد وردت روايات مستفيضة (54) في أنّ الولد يلحق‌ بالفراش الثاني إن أمكن ، وإن كان لحوقه بالأوّل أيضا ممكنا. وهو صحيح لا إشكال فيه .

وأمّا التمسّك بالإجماع مع وجود هذه الأخبار فلا وجه له ، لما ذكرنا مرارا فلا نعيد.

وقد عرفت أنّ المراد من الفراش في الحديث الشريف من له حقّ المضاجعة شرعا مع المرأة وأن يلامسها ، فالفراش كناية عن هذا الأمر ، وقد عرفت أنّ الزوج بكلا قسميه ـ الدوام والانقطاع ـ حيث أنّ له هذا الحقّ فيكون صاحب الفراش ، وكذلك مالك الجارية حيث له هذا الحقّ فيكون صاحب الفراش.

هذا ، مضافا إلى تطبيقه صلى الله عليه واله هذه القاعدة على زمعة ، وهو كان مالكا لا زوجا.

وأمّا الواطئ بالشبهة ، فليس له هذه الحقّ قطعا ، بل هو متعدّ ومتجاوز على عرض الغير ، غاية الأمر لا يعاقب لجهله ، فهو معذور بالنسبة إلى العقاب والمؤاخذة ، لا أنّ له هذا الحقّ شرعا.

وجواز الوطي له حكم ظاهري ، لا أنّه واقعا له جائز ، إلاّ على القول بالتصويب الباطل ، فلا فرق بين الزاني والواطئ بالشبهة في حرمة الوطي واقعا.

نعم هناك فروق آخر بينهما ، وهو أنّ الشارع جعل الزناء موضوعا لأحكام لا تجري ولا تترتّب تلك الأحكام على الوطي بالشبهة ، من الحدّ ، وعدم إلحاق الولد به بالنسبة إلى بعض الأحكام ، كتوريثه من أبيه ، فادّعاء أنّ الواطئ بالشبهة صاحب الفراش عجيب.

وأمّا التحليل فكون المحلّل له صاحب الفراش فله وجه ، لأنّه بالتحليل يوجد له هذا الحقّ ، خصوصا إذا قلنا بأنّ التحليل عقد محتاج إلى الإيجاب والقبول ، فيمكن أن يقال بأنّه تزويج لها من المولى ، فيكون كالمتعة تزويجا موقّتا ، فهو أيضا صاحب‌ الفراش كالزوج في عقد الانقطاع.

والحاصل : أنّ الفراش عبارة عن كونه مالكا شرعا للوطي ، وله حقّ أن يفعل ، والمشتبه ليس له ذلك ، وإنّما يرتكب محرّما معفوا عنه ، لجهله. نعم فعله ليس زناء ، لأنّه أخذ في مفهوم الزناء الالتفات والعلم أو العلمي بالحكم والموضوع جميعا ، فلا يترتّب على عمله آثار المترتّبة على الزناء ، من عدم إرث الولد والحدّ وغيره.

فلو كان هناك واطئان بالشبهة وأمكن الإلحاق بكلّ واحد منهما يقرع بينهما ، أمّا لو اجتمع الزناء مع الوطي بالشبهة وأمكن الإلحاق بكلّ واحد منهما ، كما إذا وطيا في طهر واحد ، والوضع صار بعد التجاوز عن أقلّ الحمل ، وعدم التجاوز عن أكثر الحمل من زمان وطئ كلّ واحد منهما.

فإن قلنا : إنّ الزاني مطرود ولا نسب له مطلقا ، فلا شكّ أنّ الولد للواطئ شبهة ، وليس للزاني إلاّ الحجر.

وأمّا إن قلنا : إنّ طرده فيما إذا ادّعى في قبال الفراش ـ كما هو مورد الحديث لا مطلقا ونفي النسب بملاحظة الإرث لا مطلقا، ولذلك يحرم على الزاني تزويج بنته من الزناء إجماعا بل ضرورة ـ فمقتضى القواعد الأوّليّة هو أن يقرع بينهما ، ولكن الظاهر اتّفاق الأصحاب عن أنّه للواطئ بالشبهة ، ويطرد الزاني ، لأنّه عليه السلام عبّر من الولد المخلوق من ماء الزاني « أنّه لغية ».

محمّد ابن الحسن القمّي ، قال : كتب بعض أصحابنا على يدي إلى أبي جعفر عليه السلام : ما تقول في رجل فجر بامرأة فحبلت ، ثمَّ أنّه تزوّجها بعد الحمل ، فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به؟ فكتب عليه السلام بخطّه وخاتمه : « الولد لغية لا يورث » (55) والغية ظاهرها أنّه باطل وخائب ولا يعتنى به ، فمفاد هذه الرواية هو أنّ الولد لا يلحق بالزاني وإن لم‌ يكن مدّع في مقابله ، فضلا عمّا إذا كان مثل الواطئ بالشبهة الذي لم يلغ الشارع نسبه ، حتّى أنّ بعضهم ادّعى صدق الفراش على وطئ الشبهة.

ولكن مع ذلك كلّه ظاهر الرواية أنّه لغية من ناحية الإرث ، لا أنّه لغية بقول مطلق حتّى من ناحية نكاح المحارم.

وممّا ذكرنا ظهر أنّه لو زنى الاثنان بامرأة في طهر واحد فجاءت بولد يمكن القول بالاقتراع بالنسبة إلى الآثار غير الإرث.

تنبيه‌ :

ثمَّ إنّه من المعلوم والواضح الجلي أنّ الزناء قد يكون بالنسبة إلى الرجل والمرأة ، فيكونان زانيا وزانية ، والولد لا يرث من كلّ واحد منهما ويكون لغية من الطرفين.

وقد يكون الزناء من طرف واحد ، وذلك بأن يكون أحدهما متعمّدا ملتفتا ، والطرف الآخر مشتبها ، فيرث الولد من المشتبه دون الزاني والزانية.

وأمّا في غير الإرث فقد بيّنّا أنّه يلحق بهما بالنسبة إلى بعض الآثار ، كحرمة نكاح المحارم حتّى في الزناء من الطرفين ، بحيث يكونان باغ وبغيا ، فضلا عن أن يكون من طرف واحد.

هذا هو الذي اخترناه.

ولكن ظاهر المشهور وبعض الروايات هو أنّ الشارع ألغى النسب في الزناء.

 ولكن الالتزام بذلك مشكل جدّا ، خصوصا بالنسبة إلى نكاح المحارم ، كتزويج البنت من الزناء ، والأخت من الزناء.

وبناء على ما اخترناه فلو كان الولد الأكبر من الزناء لا يرث الحبوة ، ولكن يجب عليه قضاء صلوات أبيه.

هذا إذا كان الزناء من الطرفين ، وأمّا إذا كان أحد الطرفين مشتبها ، فيلحق الولد بالمشتبه قطعا ، ويترتّب عليه جميع آثار النسب الصحيح. والله هو العالم بحقائق الأمور والأحكام.

والحمد لله أوّلا وآخرا ، وظاهرا وباطنا.

__________________

(*) « القواعد » ص 189.

(1) « الكافي » ج 5 ، ص 492 ، باب الرجل يكون له جارية. ، ح 3 ، « الكافي » ج 7 ، ص 163 ، باب ميراث ولد الزنا ، ح 1 و 3 ، « الفقيه » ج 4 ، ص 380 ، ح 5812 ، باب النوادر ( من ألفاظ النبي 6 ) ، ح 50 ، « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 565 ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، باب 56 ، ح 1 ، « سنن ابن ماجه » ج 1 ، ص 647 ، ح 2006 و 2007 ، باب الولد للفراش وللعاهر الحجر.

(2) « صحيح البخاري » ج 3 ، ص 70 ، باب تفسير المشبّهات ، و: ( يا سودة ) غير موجودة في نص البخاري ، « صحيح مسلم » ج 2 ، ص 1080 ، ح 1457 ، كتاب الرضاع ، ح 36 ، باب الولد للفراش ، وتوقي الشبهات ، « سنن ابن ماجه » ج 1 ، ص 646 ، ح 2004 ، باب الولد للفراش وللعاهر الحجر.

(3) « الخصال » ص 213 ، باب : الأربعة ، عن ابن عباس.

(4) « شرح نهج البلاغة » لابن أبى الحديد ، ج 16 ، ص 194 ، باب نسب زياد بن أبيه ..

(5) « الكافي » ج 5 ، ص 491 ، باب الرجل يكون له جارية. ، ح 1 ، « الفقيه » ج 3 ، ص 450 ، ح 4557 ، باب أحكام المماليك والإماء ، ح 2 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 168 ، ح 587 ، باب لحوق الأولاد بالآباء ، ح 11 ، « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 568 ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، باب 58 ، ح 2.

(6) « الكافي » ج 5 ، ص 491 ، باب الرجل يكون له جارية. ، ح 3 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 169 ، ح 589 ، باب لحوق الأولاد بالآباء ، ح 13 ، « الاستبصار » ج 3 ، ص 368 ، ح 1317 ، باب القوم يتبايعون الجارية. ، ح 3 ، « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 568 ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، باب 58 ، ح 4.

(7) « صحيح البخاري » ج 8 ، ص 195 ، باب : القائف ، « صحيح مسلم » ج 2 ، ص 1082 ، ح 1459 ، كتاب الرضاع ، ح 39 ، باب العمل بإلحاق القائف الولد ، « سنن النسائي » ج 6 ، ص 184 ، باب : القافة. في المصادر أعلاه : « أنّ مجزّزا المدلجي. ».

(8) « الطبقات الكبرى » ج 8 ، ص 224 ، باب تسمية النساء المسلمات المبايعات.

(9) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 223.

(10) « رياض المسائل » ج 2 ، ص 154.

(11) « قرب الإسناد » ص 149 ، ح 541 ، أحاديث متفرقة.

(12) « الإرشاد » للمفيد ، ص 112 و 113 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 114 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 16 ، ح 2.

(13) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 223.

(14) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 223.

(15) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 230.

(16) « المقنعة » ص 538.

(17) « النهاية » ص 505.

(18) « المقنعة » ص 538.

(19) « المقنعة » ص 538.

(20) « المبسوط » ج 5 ، ص 185.

(21) « شرائع الإسلام » ج 2 ، ص 340.

(22) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 226.

(23) « تحرير الأحكام » ج 2 ، ص 44.

(24) « تبصرة المتعلمين » ص 143.

(25) « الانتصار » ص 154.

(26) « الكافي في الفقه » ص 314.

(27) « مختلف الشيعة » ج 7 ، ص 316.

(28) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 226.

(29) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 458.

(30) « شرائع الإسلام » ج 2 ، ص 340.

(31) « الفقيه » ج 3 ، ص 511 ، ح 4793 ، باب : طلاق الحامل ، ح 8 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 118 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 15.

(32) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 225.

(33) « الكافي » ج 6 ، ص 52 ، باب النوادر ( من كتاب العقيقة ) ، ح 3 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 115 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 115 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 3.

(34) « الكافي » ج 6 ، ص 101 ، باب المسترابة بالجميل ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 116 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 5.

(35) « الكافي » ج 8 ، ص 332 ، ح 516 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 116 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 7.

(36) « شرائع الإسلام » ج 2 ، ص 340.

(37) « الانتصار » ص 154.

(38) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 458.

(39) « الفقيه » ج 3 ، ص 511 ، ح 4793 ، باب طلاق الحامل ، ح 7 ، وفيه : لسنتين بدل لسنة.

(40) « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 118 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 15.

(41) الراوندي في « الخرائج والجرائح » ج 2 ، ص 840 ، الباب (16) : في نوادر المعجزات ، وفيه : في تمام الستّة ، وفي نسخة « بحار الأنوار » ج 43 ، ص 273 ، فيه : فنزل تمام السنة.

(42) « الكافي » ج 1 ، ص 385 ، باب مولد الحسين بن علي 8 ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 116 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 4.

(43) « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 118 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 14.

(44) « الكافي » ج 6 ، ص 12 ، باب بدء خلق الإنسان وتقلبه في بطن أمه ، ح 2 ، « تفسير العياشي » ج 2 ، ص 204 ، ح 10 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 116 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 6.

(45) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 408.

(46) « الانتصار » ص 154.

(47) « جواهر الكلام » ج 31 ، ص 227.

(48) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 408 ، في أحكام الأولاد ، « الكافي » ج 6 ، ص 101 ، باب المسترابة بالحمل ، ح 2 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 129 ، ح 445 ، في عدد النساء ، ح 44.

(49) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 408 ، في أحكام الأولاد ، « الكافي » ج 6 ، ص 101 ، باب المسترابة بالحمل ، ح 1 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 129 ، ح 444 ، في عدد النساء ، ح 43.

(50) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 408 ، في أحكام الأولاد ، « الكافي » ج 6 ، ص 101 ، باب المسترابة بالحمل ، ح 3 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 129 ، ح 446 ، في عدد النساء ح 45 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 442 ، أبواب العدد ، باب 25 ، ح 3.

(51) « الانتصار » ص 154.

(52) « مختلف الشيعة » ج 7 ، ص 316 ، المسألة : 222.

(53) « مسالك الأفهام » ج 1 ، ص 458.

(54) « الفقيه » ج 3 ، ص 470 ، ح 4639 ، باب النوادر ( من كتاب النكاح ) ح 23 ، « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 168 ، ح 584 ، في لحوق الأولاد بالآباء. ، ح 8 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 118 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ، ح 13.

(55) « تهذيب الأحكام » ج 8 ، ص 182 ، ح 637 ، في لحوق الأولاد بالآباء. » ح 61 ، « وسائل الشيعة » ج 15 ، ص 214 ، أبواب أحكام الأولاد ، باب 101 ، ح 1.

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.