أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016
299
التاريخ: 8-9-2016
286
التاريخ: 9-9-2016
233
التاريخ: 9-9-2016
549
|
دليل الانسداد أحد الأدلة التي يستدلّ بها على حجية الظن المطلق. والمراد من الانسداد هو انسداد باب العلم والعلمي بالإحكام الشرعية، بمعنى عدم وجود طرق تورث العلم بالأحكام الشرعية ، وعدم وجود طرق ظنية خاصة قام الدليل القطعي على حجيتها.
ودليل الانسداد مكوّن من أربع أو خمس مقدمات ـ على الخلاف ـ وتسميته بذلك ناشئ عن انّ احدى مقدماته هي دعوى انسداد باب العلم والعلمي. والمراد من العلم هو العلم الوجداني بالأحكام الإلهية الشرعية ، وأما المراد من العلمي فهو العلم التعبدي الناشئ عن الأدلة الظنية الخاصة والتي قام الدليل القطعي على حجيتها بالخصوص دون سائر الظنون.
ولو تمت مقدمات الانسداد لكانت النتيجة المتحصلة عنها هي حجية الظن المطلق ، بمعنى منجزيّة ومعذريّة مطلق الظن وبقطع النظر عن منشئه ، فحينما يحصل الظنّ بوجوب شيء يكون المكلّف مسئولا عن ذلك الوجوب حتى وان كان منشأ الظن به خبر الواحد الضعيف أو النص الشرعي المجمل أو غير ذلك ، وحينما يحصل الظن بحليّة شيء فإنّ المكلّف يكون في سعة من جهته بقطع النظر عن منشأ الظن بالحلّية.
وحتى يتجلّى المراد من دليل الانسداد أكثر ، وما هو وجه الاستدلال به على حجية مطلق الظن لا بدّ من استعراض مقدمات هذا الدليل بما يتناسب مع الغرض ، فنقول : انّ الشيخ الأنصاري رحمه الله ذكر انّ لهذا الدليل أربع مقدمات اذا تمّت فإنّها تنتج حجية الظن :
المقدمة الاولى : هي العلم اجمالا بثبوت تكاليف بالغة مرتبة الفعليّة ، وهذا معناه مسئولية المكلف عن التصدّي لامتثالها ولا يجوز له اهمالها وتجاوزها.
وهذه المقدمة مكوّنة من دعويين : الاولى : هي العلم الإجمالي بوجود تكاليف شرعية ، والثانية: هي انّ هذه التكاليف المعلوم ثبوتها اجمالا بالغة مرتبة الفعليّة والتنجّز.
والشيخ الآخوند صاحب الكفاية رحمه الله فصل بين الدعويين ، وجعل الدعوى الاولى هي المقدمة الاولى ، وجعل الدعوى الثانية المقدمة الثالثة ، ولذلك فإنّ مقدمات دليل الانسداد خمس بنظر صاحب الكفاية رحمه الله.
المقدمة الثانية : هي عدم وجود طرق تورث العلم بالأحكام الشرعية ، وعدم وجود طرق ظنيّة خاصة قام الدليل القطعي على حجيتها واعتبارها ، وهذا هو معنى انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام الشرعية.
ومدرك هذه المقدمة هو انّ الأحكام الواصلة لنا بواسطة العلم الوجداني قليلة جدّا ، حيث انّ نسبتها الى الكم الهائل من الأحكام الشرعية المتصلة بحياة الإنسان الخاصّة والعامّة ضئيلة جدّا لا تكاد تذكر. والوسيلة الوحيدة ـ دون مجازفة ـ التي يمكن الاتّكال عليها في مقام التعرّف على الأحكام الشرعية هي الروايات المودعة في الكتب المعتمدة عند الطائفة ، وهي وان كانت مستوعبة تقريبا لتمام الأحكام المتصلة بحياة الإنسان الخاصّة والعامّة إلاّ انّ المشكلة في طريقيّتها لإثبات الاحكام الشرعية ، بمعنى انّ طريقيّتها وحجيتها منوط بتمامية دعويين :
الاولى : حجيّة أخبار الثقات ، ثم إثبات وثاقة الواقعين في طرق هذه الروايات.
الثانية : حجيّة ظواهر هذه الروايات ، أي حجية ما يفهمه العرف من متون هذه الأخبار.
ومع سقوط كلا الدعويين او احداهما تكون النتيجة هي انسداد باب العلمي. فلو لم نتمكن من اثبات حجيّة خبر الثقة أو لم نتمكن من اثبات وثاقة الواقعين في طرق هذه الروايات فإنّه حينئذ لا تكون ثمة قيمة علمية لهذه الروايات ، ولو أمكن إثبات حجيّة خبر الثقة وإثبات وثاقة الواقعين في طرق هذه الروايات إلاّ انّه لم نتمكن من إثبات حجيّة ما يظهر من متون هذه الروايات أو كان الدليل مقتضيا لعدم حجيّة الظواهر لغير المشافهين أو المقصودين بالإفهام فإنّ النتيجة هي انسداد باب العلمي أيضا ، إذ انّ ما ينفهم من الروايات لا مبرّر لاعتماده بعد ان كانت حجيّة ودليليّة هذا الفهم ساقطة عن الاعتبار.
وأما القرآن الكريم فهو وان كان لا يواجه المشكلة الاولى ، حيث انّ صدوره قطعي إلاّ انّ المشكلة الثانية وهي عدم حجية الظواهر تشمل ظواهر الكتاب المجيد ـ لو تمّت ـ وهي كافية في انسداد باب العلمي بالإحكام المودعة في القرآن المجيد.
المقدمة الثالثة : انّ العمل بالاحتياط ـ وذلك بواسطة الإتيان بكلّ ما يحتمل وجوبه وترك كل ما يحتمل حرمته ـ غير لازم أو غير جائز ، أمّا انّه غير لازم فهو ما لو كان الاحتياط متعذّرا ، وحينئذ يكون التكليف به تكليفا بغير المقدور ، أو كان الالتزام به موجبا للوقوع في العسر والحرج المنفيين شرعا. وأما انّه غير جائز فهو ما لو كان الالتزام به موجبا لاختلال النظام.
والعمل بالأصول العمليّة في كل مسألة ينافي العلم الإجمالي ، كما انّ العمل بمثل القرعة مما لم يقم الدليل على اعتباره خصوصا في الشبهات الحكمية ، بل الضرورة الفقهية قاضية بعدم صحة الاعتماد على مثل هذه الوسائل لإثبات الأحكام الشرعية ، فلم يبق إلاّ تقليد الانفتاحي والذي تمّت عنده حجية الروايات سندا ودلالة ، وهذا ما لا يمكن المصير اليه ، وذلك لأنّ الذي يبني على انسداد باب العلم والعلمي يرى انّ الانفتاحي مخطئ في مذهبه وعليه يكون الرجوع اليه معناه رجوع العالم للجاهل وهو غير جائز كما هو واضح.
المقدمة الرابعة : هي انّ عدم العمل بمطلق الظن يستلزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا ، وذلك لأنّ المكلّف لمّا كان يعلم بثبوت تكاليف بالغة مرتبة الفعليّة وكان الاحتياط متعذّرا أو موجبا لاختلال النظام أو الوقوع في العسر والحرج ، وكان الرجوع الى الاصول العمليّة ينافي العلم الإجمالي ، والرجوع الى مثل القرعة أو الانفتاحي غير جائز ، فالعمل حينئذ بغير الظن لا يكون إلاّ عملا بالشك أو الوهم ، ومن الواضح انّ الأخذ بمقتضاهما وترك ما يؤدي اليه الظن من ترجيح المرجوع على الراجح.
وقد يقال انّه لما ذا لا يكون العمل على وفق الظنون الخاصة التي يرى الانفتاحي حجيتها ، وحينئذ لا يكون العمل بها من ترجيح المرجوح ، لأنها إذا لم تكن أرجح من سائر الظنون فهي في عرضها.
والجواب عن ذلك هو انّ العمل بالظنون الخاصة وان لم يكن من ترجيح المرجوح إلاّ انّه من الترجيح بلا مرجح ، وذلك لعدم قيام الدليل الخاص على حجيّة الظنون الخاصة كما هو مقتضى الفرض.
هذا تمام الكلام في مقدمات دليل الانسداد. وتلاحظون انّ هذا الدليل لا يكون منتجا لحجيّة مطلق الظن ما لم تكن جميع مقدماته تامّة ، إذ يكفي في سقوطه سقوط احدى مقدماته ، فحينما نتمكن من إثبات حجية أخبار الثقات وإثبات وثاقة الواقعين في طرق الروايات أو إثبات حجيتها بطريق آخر ، هذا بالاضافة الى التمكن من إثبات حجية الظواهر وانّها غير مختصة بالمشافهين فحينئذ يكون باب العلمي منفتحا وبه ينحل العلم الإجمالي الكبير بالعلم الإجمالي الصغير ، فلا يكون الالتزام بأطرافه متعذرا أو موجبا للعسر والحرج أو اختلال النظام.
وكيف كان لو تمّت مقدمات الانسداد فإنها تنتج حجية مطلق الظن إلا ان الكلام في انّ ذلك هل هو من باب الكشف أو الحكومة أي هل انّ الحجية الثابتة لمطلق الظن ـ لو تمّت مقدمات الانسداد ـ حجية شرعية أو حجية عقلية.
والمراد من الكشف هو انّ مقدمات الانسداد تكون كاشفة ـ لو تمّت ـ عن جعل الشارع الحجية لمطلق الظن فالكاشف هي مقدمات الانسداد والمنكشف هو الجعل الشرعي للحجيّة.
وأما المراد من الحكومة فهو انّ العقل ـ عند ما تكون مقدمات الانسداد تامّة ـ يدرك بأنّ المكلف يكون مسئولا عن الامتثال الموجب للظن بفراغ الذمة عن التكليف ولا يكون معذورا حين الاكتفاء بالامتثال الموجب للشك أو احتمال الخروج عن عهدة التكليف ، بمعنى انّه لا يصح منه التنزّل من الامتثال الظني الى الامتثال الشكي أو الاحتمالي. وهذا هو معنى التبعض في الاحتياط ، إذ انّ العقل يدرك انّ المكلّف لمّا لم يكن قادرا على الاحتياط التام لكونه متعذّرا أو موجبا للعسر والحرج او اختلال النظام فإنّه يتنزل منه الى التبعيض في الاحتياط. وهذا التبعيض له مراتب ، فمنه ما يكون موجبا للظن بفراغ الذمّة ، ومنه ما يكون موجبا لاحتمال فراغ الذمّة ، ولا تصل النوبة للمراتب النازلة عند ما تكون المرتبة العليا مقدورة وغير موجبة لمحذور العسر والحرج أو اختلال النظام ، نعم لو أوجبت ذلك فإنّ العقل يدرك ان التنزّل انّما يكون للمرتبة التي تليها وهكذا.
وتلاحظون انّ هذا يعني استقلال العقل في إدراك لزوم العمل بما هو مقتضى الظن وعندئذ يكون المكلّف معذورا في مخالفة الواقع الناتج عن التبعيض في الاحتياط وعدم الالتزام بتمام الاطراف المحتملة أي عدم العمل بالامتثال الإجمالي القطعي. وهذا هو المراد من الحكومة بحسب مبنى السيد الخوئي رحمه الله ، وأما بحسب مبنى صاحب الكفاية رحمه الله فهو انّ المراد من الحكومة هو حكم العقل بحجية الظن المطلق لو تمّت مقدمات الانسداد. والفرق بين المبنيين أوضحناه تحت عنوان « الحكومة الانسدادية ».
وعلى أيّ حال فالوجه في تبني حجية الظن المطلق من باب الكشف هو دعوى انّ الشارع لا يرضى بالاحتياط إذا كان مستوجبا للامتثال الإجمالي في أكثر الأحكام ، إذ انّ ذلك ينافي قصد الوجه المعتبر في العبادات ، وباعتبار انّ الطرق الاخرى كالرجوع الى فتوى الانفتاحي أو الاعتماد على مثل القرعة أو الاصول العملية الجارية في كل مورد ، باعتبار انّ كل هذه الطرق ساقطة ـ كما هو مقتضى الفرض ـ فإنّ ذلك يكشف عن انّ الشارع قد جعل الحجية لمطلق الظن، إذ هو المتعين بعد سقوط كل الطرق الاخرى.
وبتعبير آخر : انّه بعد افتراض تمامية مقدمات الانسداد يدور الأمر بين التبعيض في الاحتياط والذي هو الامتثال الاجمالي الظني وبين جعل الشارع الحجية لمطلق الظن والاول ساقط بسبب العلم بعدم رضا الشارع به ، وذلك لقيام الإجماع فالمتعيّن هو الثاني.
وأما الوجه في تبنّي حجية مطلق الظن من باب الحكومة فهو لأنّ الاحتياط التام لمّا كان محرما باعتباره موجبا لاختلال النظام أو انّه غير واجب لاستلزامه العسر والحرج فإنّ العقل يدرك لزوم التنزّل من مرتبة الاحتياط التام الى مرتبة التبعيض في الاحتياط ، ولا يصار الى المرتبة الدنيا اذا كانت المرتبة العليا من التبعيض مقدورة وغير موجبة لاختلال النظام أو العسر والحرج.
واذا كانت هذه المرتبة من الاحتياط غير محرمة لسقوط دعوى الاجماع بتحريمها يكون المتعيّن حينئذ هو الحكومة ، إذ لا مجال لانكشاف جعل الشارع الحجية للظن بعد امكان ان يتكل الشارع على ما يدركه العقل من لزوم الامتثال الإجمالي الظني أو التبعيض في الاحتياط ، وبه تتعيّن الحكومة دون الكشف ، إذ مبنى الكشف معتمد على تمامية الإجماع على حرمة التبعيض في الاحتياط ومع سقوط دعوى الإجماع لا مجال للكشف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|