أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016
798
التاريخ: 18-8-2016
864
التاريخ: 18-8-2016
928
التاريخ: 18-8-2016
1101
|
إنّ لتمييز الموضوع له عن غيره طرقاً قد تقدّم بعضها في الجزء الأوّل، أعني: التبادر وصحّة الحمل والاطراد وقول اللغويّ، والكلام في المقام في حجّية الأخير في تعيين الموضوع له.
وعلى القول بالحجّية، فهل هو حجّة من باب الشهادة وانّ اللغوي يشهد انّ العرب تستعمل ذلك اللفظ في هذا المعنى؟ أو حجّة من باب حجّية أهل الخبرة كالمقوم؟ فيها وجهان.
فذهب بعض إلى أنّ قوله حجّة من باب الشهادة، فيعتبر فيه التعدّد والعدالة واخباره عن حس.
وربما يقال بأنّه حجّة من باب حجّية قول أهل الخبرة، كالمقوّم والطبيب، فتشمله أدلّة حجّية قول أهل الخبرة، فلا تعتبر فيه العدالة والتعدّد، بل يكفي الوثوق بقوله.
يستدلّ للقول الأوّل بأنّ تعيين معاني الألفاظ من قبيل الأُمور الحسية التي لا دخل للنظر والرأي فيها، لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات، وليس له إعمال النظر والرأي، فيكون داخلاً في باب الشهادة وتشمله أدلّة الشهادة، ويعتبر فيها العدالة والتعدّد على قول المشهور.(1)
يلاحظ عليه: أنّ إخباره عن موارد الاستعمال فضلاً عن إخباره عن المعنى الحقيقي في مقابل المعنى المجازيّ ليس مجرداً عن إعمال النظر والاجتهاد، بل هو مزيج بالحدس، ويدلّ على ذلك انّ أصحاب المعاجم يستشهدون على إثبات مقاصدهم بالآيات والأحاديث النبوية والأشعار، فيستخرجون موارد الاستعمال ببركة الإمعان فيها، فالجلُّ لولا الكل مزيج بالاجتهاد ويتّضح ذلك لمن سَبَرَ كتب اللغة، فالحق حجّية قولهم من باب انّهم أهل الخبرة.
وقد أورد على هذا القول بعدم حجّية هذه السيرة، لعدم وجودها في زمان المعصومين ـ عليهم السَّلام ـ ، فإنّ الرجوع إلى كتب اللغويين أمر حادث.(2)
يلاحظ عليه: بوجود هذه السيرة (أي الرجوع إلى أئمّة اللغة وكتبهم) في عصر أئمّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ ، وهذا هو الخليل بن أحمد الفراهيدي من أصحاب الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ وقد أدرك عصر الإمام الكاظم ـ عليه السَّلام ـ ألّف كتابه العين ليرجع إليه الناس، وقد توفّي عام 170هـ، وكان مرجعاً في اللغة.
وكان الأصمعي (المتوفّى207هـ) المرجع في اللغة والأدب، وكان الناس يسألونه عن معاني الألفاظ، وقد سئل يوماً عن الألمعيّ فأنشد:
الألمـعيّ الــذي يظـن بـك * الظن كأن قد رأى وقد سمعا
وكان ابن عباس المرجعَ الكبير في تفسير لغات القرآن، وكان يقول :الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن ـ الذي أنزله بلغة العرب ـ رجعنا إلى ديوانه، فالتمسنا معرفة ذلك منه ـ ثمّ قال: ـ إذا سألتموني عن غريب القرآن، فالتمسوه في الشعر، فإنّ الشعر ديوان العرب.
وكان يُسأل عن القرآن فينشد فيه بالشعر، وقد سأله نافع بن الأزرق عن لغات القرآن ما يربو على مائة وسبعين سؤالاً، فأجابه مستشهداً بشعر العرب، وهو يعرب عن إحاطة ابن عباس بشعر العرب وموارد استعماله، وقد نقلها السيوطي في «الإتقان».(3)
هذا إذا قلنا بحجية قول اللغوي وأمّا إذا لم نقل بحجيّة قوله(4)، فليس للفقيه أيضاً غنى عن الرجوع إلى المعاجم، وذلك لأنّ هناك ألفاظاً فقهية معلومة إجمالاً، لكنّها مجهولة من حيث الشروط والقيود فلا تفهم إلاّ بالرجوع إلى المعاجم المعتبرة لاستظهار الحقيقة منها بالدقة والإمعان.
لا أقول: إنّ قول اللغوي الواحد حجّة، بل أقول إنّ الرجوع إلى المعاجم المختلفة المعتبرة والدقّة في كلماتهم وضرب بعضها على بعض، يورث الاطمئنان ويزيح الستار عن وجه الواقع، مثلاً: اختلف الفقهاء في معنى القمار والمقامرة وانّه هل يعتبر فيهما العوض أو لا؟ وهل يعتبر فيه الآلة المتعارفة أو لا؟ ولا يعلم ذلك إلاّ بعد مراجعة اللغات الأصلية حتّى يحصل الاطمئنان بواحد من الطرفين.
إلى هنا تمّ البحث في الأدلّة الظنّية الّتي قامت على حجّيتها أدلّة قطعية، فيبقى البحث في العرف والسيرة، وقد تطرّقنا إليها في «الموجز» على قدر الكفاية.
__________
1. مصباح الأُصول:2/131.
2. تهذيب الأُصول:2/97.
3. الإتقان:1/382ـ 416.
4. ذكرنا دليل القائلين بحجّية قول اللغوي وعدمها في الموجز، ص175ـ 176.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|