أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016
404
التاريخ: 10-8-2016
900
التاريخ: 25-8-2016
523
التاريخ: 6-9-2016
752
|
...الحكم تارة يجعل على نهج القضية الحقيقية، واخرى يجعل على نهج القضية الخارجية.
والقضية الخارجية هي القضية التي يجعل فيها الحاكم حكمه على افراد موجودة فعلا في الخارج في زمان اصدار الحكم، او في أي زمان آخر، فلو أتيح لحاكم ان يعرف بالضبط من وجد ومن هو موجود، ومن سوف يوجد في المستقبل من العلماء، فأشار اليهم جميعا وأمر بإكرامهم، فهذه قضية خارجية.
والقضية الحقيقية هي القضية التي يلتفت فيها الحاكم إلى تقديره وذهنه بدلا عن الواقع الخارجي فيشكل قضية شرطية شرطها هو الموضوع المقدر الوجود وجزاؤها هو الحكم فيقول: اذا كان الانسان عالما فاكرمه، واذا قال اكرم العالم قاصدا هذا المعنى فالقضية - روحا - شرطية وان كانت - صياغة - حملية.
وهناك فوارق بين القضيتين: منها ما هو نظري، ومنها ما يكون له مغزى عملي. فمن الفوارق اننا بموجب القضية الحقيقية نستطيع ان نشير إلى أي جاهل، ونقول لو كان هذا عالما لوجب اكرامه، لان الحكم بالوجوب ثبت على الطبيعة المقدرة، وهذا مصداقها، وكلما صدق الشرط صدق الجزاء خلافا للقضية الخارجية التي تعتمد على الاحصاء الشخصي للحاكم، فان هذا الفرد الجاهل ليس داخلا فيها، لا بالفعل ولا على تقدير ان يكون عالما، اما الاول فواضح، واما الثاني فلان القضية الخارجية ليس فيها تقدير وافتراض، بل هي تنصب على موضوع ناجز. ومن الفوارق ان الموضوع في القضية الحقيقية وصف كلي دائما يفترض وجوده فيرتب عليه الحكم سواء كان وصفا عرضا كالعالم او ذاتيا كالإنسان، واما الموضوع في القضية الخارجية فهو الذوات الخارجية، أي ما يقبل ان يشار اليه في الخارج بلحاظ احد الازمنة، ومن هنا استحال التقدير والافتراض فيها لان الذات الخارجية وما يقال عنه (هذا) خارجا لا معنى لتقدير وجوده، بل هو محقق الوجود، فان كان وصف ما دخيلا في ملاك الحكم في القضية الخارجية تصدى المولى نفسه لإحراز وجوده، كما اذا اراد ان يحكم على ولده بوجوب اكرام ابناء عمه وكان لتدينهم دخل في الحكم فانه يتصدى بنفسه لإحراز تدينهم، ثم يقول: اكرم ابناء عمك كلهم او إلا زيدا تبعا لما احرزه من تدينهم كلا او جلا. واما اذا قال: اكرم ابناء عمك ان كانوا متدينين، فالقضية شرطية وحقيقية من ناحية هذا الشرط لأنه قد افترض وقدر.
ومن الفوارق المترتبة على ذلك، ان الوصف الدخيل في الحكم في باب القضايا الحقيقية اذا انتفى ينتفى الحكم لأنه مأخوذ في موضوعه. وان شئت قلت لأنه شرط، والجزاء ينتفي بانتفاء الشرط، خلافا لباب القضايا الخارجية، فان الاوصاف ليست شروطا، وانما هي امور يتصدى المولى لإحرازها فتدعوه أي جعل الحكم، فإذا احرز المولى تدين ابناء العم فحكم بوجوب اكرامهم على نهج القضية الخارجية ثبت الحكم ولو لم يكونوا متدينين في الواقع، وهذا معنى ان الذي يتحمل مسؤولية تطبيق الوصف على افراده هو المكلف في باب القضايا الحقيقية للأحكام، وهو المولى في باب القضايا الخارجية لها.
وينبغي ان يعلم ان الحاكم - سواء كان حكمه على نهج القضية الحقيقية او على نهج القضية الخارجية وسواء كان حكمه تشريعيا كالحكم بوجوب الحج على المستطيع، او تكوينيا واخباريا كالحكم بان النار محرقة او انها في الموقد - انما يصب حكمه في الحقيقة على الصورة الذهنية لا على الموضوع الحقيقي للحكم، لان الحكم لما كان امرا ذهينا فلا يمكن ان يتعلق الا بما هو حاضر في الذهن، وليس ذلك الا الصورة الذهينة، وهى وان كانت مباينة للموضوع الخارجي بنظر، ولكنها عينه بنظر آخر، فانت اذا تصورت النار ترى بتصورك نارا، ولكنك اذا لاحظت بنظرة ثانية إلى ذهنك وجدت فيه صورة ذهنية للنار لا النار نفسها، ولما كان ما في الذهن عين الموضوع الخارجي بالنظر التصوري وبالحمل الاولي صح ان يحكم عليه بنفس ما هو ثابت للموضوع الخارجي من خصوصيات كالإحراق بالنسبة إلى النار، وهذا يعني انه يكفي في اصدار الحكم على الخارج إحضار صورة ذهنية تكون بالنظر التصوري عين الخارج وربط الحكم بها وان كانت بنظرة ثانوية فاحصة وتصديقية - اي بالحمل الشايع - مغايرة للخارج.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|