أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-7-2020
1151
التاريخ: 10-8-2016
695
التاريخ: 4-9-2016
650
التاريخ: 4-9-2016
580
|
...البحث[هنا] عن حقيقة التشريع وأنّه هل هو عبارة عن الالتزام القلبي أو مجرّد الإسناد إلى الله تعالى مطلقاً؟ فنقول هنا اُمور ثلاثة لابدّ من البحث فيها:
الأوّل: في حقيقة التشريع.
الثاني: في الدليل على حرمته.
الثالث: في أنّ المحرّم هل هو خصوص التديّن والتعبّد، أو يسري القبح إلى الفعل المتشرّع به أيضاً فيصير الفعل الخارجي قبيحاً عقلا وحراماً شرعاً؟
أمّا الأمر الأوّل: فنقول: إنّ حقيقة التشريع ومعناه ادخال ما ليس من الدين في الدين بحسب الاعتقاد القلبي وهو غير الإسناد إلى الله تعالى، والنسبة بينهما هي العموم المطلق، فالمعروف بين العلماء أنّ حقيقة التشريع تصدّق في الوحدة أيضاً بمجرّد بناء القلب من دون الإظهار والإسناد، كما إذا صام يوم عيد الفطر بنيّة استحبابه من قبل الله تعالى من دون أن يسندها في محضر غيره إلى الله فيتحقّق حينئذ التشريع من دون تحقّق الإسناد الذي هو نوع من الإخبار.
ثّم إنّه هل التشريع يصدق في صورة الشكّ أيضاً؟ فإذا شككنا مثلا في وجوب سجدتي السهو، فهل يصدق التشريع إذا أتى بهما بنيّة الوجوب أو لا يصدق، بل الصادق حينئذ مجرّد التجرّي؟
الصحيح عندنا هو الثاني، لأنّ المسلّم من حرمة التشريع هو إدخال ما ليس من الدين في الدين اعتقاداً، وإن كان المعروف عند العلماء أنّ التديّن والاعتقاد بالمشكوك فيه أيضاً تشريع محرّم.
وكيف كان، فالمعروف أنّ التشريع عبارة عن الالتزام القلبي كالالتزام قلباً بأنّ هذا واجب أو حرام ولذا يقال: لا يجوز إتيان الذكر الفلان بقصد الورود، أو يقال: يجوز إتيان الذكر الفلان بقصد الرجاء.
لكن قد أورد بعض الأعاظم على هذا إشكالا حاصله: «أنّ الالتزام الجزمي بما شكّ كونه من المولى أمر ممتنع، وكيف يمكن التعبّد الحقيقي بما لا يعلم أنّه عبادي، فإنّ الالتزامات النفسانيّة ليست واقعة تحت اختيار النفس حتّى توجدها في أي وقت شاء»(1).
أقول: الحقّ أن التعبّد الحقيقي بما لا يعلم أنّه عبادي أمر ممكن كما هو المعروف في الألسنة والكتب الفقهيّة لأنّه من قبيل قوله تعالى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ } [النمل: 14] فلا إشكال في أنّ فرعون مثلا كان كافراً بالله تعالى مع علمه به، وليس هذا إلاّ أنّه بنى في قلبه والتزم قلباً بأنّه ليس في العالم إله يسمّى بـ «الله»، هذا في الاُصول الاعتقاديّة، وكذلك في الفروع فيمكن الالتزام القلبي بأنّ الشيء الفلان حرام مع العلم بحلّيته.
وإن شئت قلت: ليس التشريع هو العلم بل هو اعتقاد وعقد في القلب، والاعتقاد غير العلم لأنّ العلم، هو مجرّد الإدراك، وأمّا الاعتقاد فإنّه من عقد القلب والبناء القلبي، وكم من شيء يعلمه الإنسان (أي يدركه) ولكن لا يقبله ولا يلتزم به في قلبه وبالعكس.
وبعبارة اُخرى: عقد القلب هو التسليم الباطني تجاه شيء، علم به أو لم يعلم، كما يدلّ عليه ما مرّ سابقاً، وهو ما رواه إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال: أخبرني أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، ... إلى أن قال: فإنّ أدنى ما يخرج به الرجل عن الإيمان أن يقول للحصاة، هذه نواة ثمّ يدين بذلك ويبرأ ممّن خالفه، يا ابن أبي محمود احفظ ما حدّثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة»(2).
هذا كلّه في الأمر الأوّل.
أمّا الأمر الثاني: وهو الدليل على حرمة التشريع، فيدلّ عليها:
أوّلا: جميع ما يدلّ على حرمة البدعة من الإجماع والآيات والأخبار الواردة في باب البدعة وتحريمها لأنّ التشريع مصداق من مصاديقها.
وثانياً: حكم العقل بقبح التشريع، لأنّ من المستقلاّت العقليّة أنّ التشريع نوع تلاعب بأحكام المولى ومخالف لحقّ الطاعة ورسم العبوديّة.
أمّا الأمر الثالث: وهو أنّ المحرّم هل هو خصوص التديّن والالتزام القلبي أو يسري قبح التشريع إلى الفعل المتشرّع به بحيث يصير الفعل قبيحاً عقلا وحراماً شرعاً؟ فذهب المحقّق النائيني (رحمه الله)إلى الثاني وقال: «إنّه من الممكن أن يكون القصد والداعي من الجهات والعناوين المغيّرة لجهة حسن العمل وقبحه فيكون الالتزام والتعبّد والتديّن بعمل لا يعلم التعبّد به من الشارع موجباً لانقلاب العمل عمّا هو عليه وتطرأ عليه بذلك جهة مفسدة تقتضي قبحه عقلا وحرمته شرعاً، وظاهر قوله: «رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم» حرمة القضاء واستحقاق العقوبة عليه، فيدلّ على حرمة نفس العمل»(3).
أقول: كلامه في محلّه لأنّ أدلّة حرمة التشريع لا تعمّ مجرّد الالتزام القلبي من دون تحقّق عمل في الخارج، وبعبارة اُخرى: ليس التشريع من قبيل اُصول الدين التي تتقوّم بنفس الاعتقاد في القلب بل القدر المتيقّن من الأدلّة هو الفعل الخارجي الناشيء من الالتزام القلبي، وإن شئت فعبّر «الفعل الخارجي مع هذه النيّة».
________________
1. راجع تهذيب الاُصول: ج2، ص85، طبع جماعة المدرّسين.
2. وسائل الشيعة: الباب10، من أبواب صفات القاضي، ح13
3. فوائد الاُصول: ج3، ص122 ـ 121، طبع جماعة المدرّسين.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|