أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
664
التاريخ: 3-8-2016
508
التاريخ: 26-8-2016
1063
التاريخ: 26-8-2016
478
|
...مسألة[مقدمة الواجب] هل هي من المسائل الاُصوليّة أو أنّها مسألة فقهيّة، أو أنّها كلاميّة، أو هي من المباديء الأحكاميّة للفقه؟ ففيها وجوه.
يمكن أن يقال أنّها اُصوليّة نظراً إلى أنّ المهمّ المبحوث عنه في هذه المسألة إنّما هي الملازمة بين وجوب الشيء شرعاً ووجوب مقدّمته كذلك، فيترتّب عليها وجوب المقدّمة شرعاً، وهذا هو شأن المسألة الاُصوليّة حيث إنّها تقع في طريق استنباط الأحكام الكلّية الفرعيّة الإلهيّة أو الوظيفة العمليّة، ولا إشكال في أنّ وجوب المقدّمة شرعاً حكم كلّي فرعي إلهي يستنبط من وجود الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة بناءً على قبولها.
ويمكن أن يقال بأنّها فقهيّة نظراً إلى أنّ موضوعها فعل المكلّف وهو المقدّمة في المقام، ومحمولها الحكم الشرعي وهو الوجوب، والبحث في ما نحن فيه يقع في وجوب المقدّمة وعدمه.
ويمكن أن يقال بأنّها كلاميّة لأنّها تبحث عن ترتّب الثواب على فعل المقدّمة والعقاب على تركها (بناءً على وجوبها) وهذا هو شأن المسألة الكلاميّة (حيث إنّها تبحث عن شؤون المبدأ والمعاد) لا لأنّها مسألة عقليّة كما قد يتوهّم فإنّ مجرّد كون البحث عنها عقليّاً لا يوجب دخولها في المسائل الكلاميّة، ضرورة أنّ المسائل الكلاميّة صنف خاصّ من المسائل العقليّة وهي التي يبحث فيها عن المبدأ والمعاد فحسب.
ويمكن أن يقال بأنّها من المباديء الأحكاميّة للفقه كما ذهب إليه بعض المحقّقين المعاصرين(1) حيث قال: «إنّه كان للقدماء مباحث يبحث فيها عن معاندات الأحكام وملازماتها يسمّونها بالمبادىء الأحكاميّة، ومنها هذه المسألة».
ولا يخفى أنّ المباديء الأحكاميّة في الحقيقة ترجع إلى المباديء التصوّريّة (فإنّ تصوّر وجوب المقدّمة يلازم تصوّر وجوب ذيها) أو ترجع إلى المباديء التصديقية لأنّه يمكن الاستدلال بوجوب المقدّمة على وجوب كثير من الأفعال في الفقه.
هذا كلّه هي الوجوه المتصوّر للبحث عن مقدّمة الواجب.
قال المحقّق الخراساني(رحمه الله): «الظاهر أنّ المهمّ المبحوث عنه في هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته، فتكون المسألة اُصوليّة لا عن نفس وجوبها كما هو المتوهّم من بعض العناوين كي تكون فرعيّة، وذلك لوضوح أنّ البحث كذلك لا يناسب الاُصولي، والاستطّراد لا وجه له بعد إمكان أن يكون البحث على وجه يكون من المسائل الاُصوليّة».
ويرد عليه: أنّ عنوان المسألة في كلمات الأصحاب عبارة عن أنّه «هل المقدّمة واجب، أم لا؟» وهو غير عنوان الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته، والشاهد على ذلك وقوع المتأخّرين في حيص وبيص، فذكر كلّ واحد منهم لكون المسألة على العنوان المزبور وجهاً.
وقال المحقّق النائيني(رحمه الله) في مقام دفع كون المسألة فقهيّة: «علم الفقه متكفّل لبيان أحوال موضوعات خاصّة كالصّلاة والصّوم وغيرها، والبحث عن وجوب كلّي المقدّمة التي لا تنحصر صدقها بموضوع خاصّ لا يتكفّله علم الفقه أصلا»(2).
وفيه: أنّه قد وقع الخلط بين العناوين الأوّليّة والعناوين الثانويّة، لأنّ مثل عنوان مقدّمة الواجب كعنوان اطاعة الوالدين والوفاء بالنذر عناوين ثانويّة تتعلّق وتنطبق على مثل عنوان الصّلاة والحجّ الذي هو من العناوين الأوّليّة، ولا فرق بين القسمين من العنوان إلاّ في أنّ أحدهما أوّلي والآخر ثانوي ويكون لكلّ منهما مصاديق كثيرة.
فمجرّد كون العنوان ذا مصاديق كثيرة لا يخرجها عن قسم المسائل الفقهيّة. إلاّ أن يرجع إلى ما نذكره عن قريب.
والإنصاف أنّ هذه النزاعات والتطويلات قد نشأت من عدم التفكيك بين المسألة الاُصوليّة والمسألة الفقهيّة وبين القاعدة الفقهيّة، فإنّ المسألة من القواعد الفقهيّة وليست من المسائل الاُصوليّة ولا من المسائل الفقهيّة، وسرّه يظهر بملاحظة ما ذكرنا في أوّل الاُصول من معيار كون المسألة اُصوليّة أو فقهيّة أو قاعدة فقهيّة، فقد مرّ هناك: أنّ المسألة الاُصوليّة هي القواعد التي لا تشمل على حكم شرعي بل تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي أو الوظيفة العمليّة، وإنّ المسألة الفقهيّة هي التي تبحث عن نفس الأحكام الفرعيّة الخاصّة والتكاليف الجزئيّة العمليّة في كلّ باب باب من أبواب الفقه المعدّة لعمل المقلّدين، وأمّا القاعدة الفقهيّة فهي عبارة عن الأحكام الكلّية الفرعيّة التي تجري في جميع أبواب الفقه أو في أبواب عديدة من الفقه، ولا يمكن تفويض أمر تطبيقها على مصاديقها إلى المقلّدين مثل قاعدة «لا تعاد» التي تجري في جميع أبواب الصّلاة، وقاعدة «لا حرج» التي تكون جارية في جميع أبواب الفقه، فكلّ واحدة منهما تسمّى قاعدة لكونها كلّية، وفقهيّة لكون الحكم فيها حكماً من الأحكام الفرعيّة الشرعيّة (والمراد من الحكم هو الأعمّ من عقده الإثباتي والنفي فيشمل حتّى مثل مفاد قاعدة لا حرج الذي هو عبارة عن نفي الحكم لا الحكم نفسه).
فظهر أنّ مسألة وجوب المقدّمة من القواعد الفقهيّة لأنّها حكم فرعي كلّي حتّى بناءً على عنوانها الآخر وهو ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته وعدمه، لأنّ لازم وجود الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمته إنّ المقدّمة واجبة بوجوب ذيها، وعلى هذا لا يمكن تفويض أمر تطبيقها على مصاديقها إلى المقلّدين، فإنّه يحتاج إلى دقّة ونظر وإحاطة بأمور لا يقدر عليها المقلّد، كما في سائر القواعد الفقهيّة، فقد يكون وجوب المقدّمة معارضاً لحرمة ذاتيّة لا بدّ من ملاحظة الأرجح منهما كما في الدخول في الأرض المغصوبة لنجاة الغريق، وقد يكون وجوب ذي المقدّمة مشروطاً إلى غير ذلك ممّا لا يسع المقلّد تشخيصها.
كما ظهر إلى هنا أنّه لا وجه لتغيير عنوان ذكره الأقدمون للمسألة إلى عنوان آخر، والمسألة ليست لفظيّة كذلك، فذكرها في باب الألفاظ استطّرادي كما أنّ ذكرها في علم الاُصول مطلقاً كذلك.
__________________
1. وهو سيّدنا الاُستاذ المحقّق البروجردي(رحمه الله) فراجع نهاية الاُصول: ص142.
2. أجود التقريرات: ج1، ص213.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|