أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
620
التاريخ: 3-8-2016
794
التاريخ: 3-8-2016
762
التاريخ: 26-8-2016
1000
|
يقسم الحكم العقلي إلى قسمين:
احدهما: الحكم النظري وهو ادراك ما يكون واقعا.
والآخر: الحكم العملي وهو ادراك ما ينبغي او ما لا ينبغي ان يقع. وبالتحليل نلاحظ رجوع الثاني إلى الاول لانه ادراك لصفة واقعية في الفعل وهي انه ينبغي ان يقع وهو الحسن او لا ينبغي وهو القبح.
وعلى هذا نعرف ان الحسن والقبح صفتان واقعيتان يدركهما العقل، كما يدرك سائر الصفات والامور الواقعية، غير انهما تختلفان عنها في اقتضائهما بذاتهما جريا عمليا معينا خلافا للأمور الواقعية الاخرى.
وعلى هذا الاساس يمكن ان يقال ان الحكم النظري هو ادراك الامور الواقعية التي لا تقتضي بذاتها جريا عمليا معينا، والحكم العملي هو ادراك الامور الواقعية التي تقتضي بذاتها ذلك، ويدخل ادراك العقل للمصلحة والمفسدة في الحكم النظري لان المصلحة ليست بذاتها مقتضية للجري العملي ويختص الحكم العملي من العقل بادراك الحسن والقبح. وسنتكلم فيما يلي عن الملازمة بين كلا هذين القسمين من الحكم العقلي وحكم الشارع.
الملازمة بين الحكم النظري وحكم الشارع:
لا شك في ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد وان الملاك متى ما تم بكل خصوصياته وشرائطه وتجرد عن الموانع عن التأثير كان بحكم العلة التامة الداعية للمولى إلى جعل الحكم على طبقه وفقا لحكمته تعالى، وعلى هذا الاساس فمن الممكن نظريا ان نفترض ادراك العقل النظري لذلك الملاك بكل خصوصياته وشؤونه، وفي مثل ذلك يستكشف الحكم الشرعي لا محالة استكشافا لميا، اي بالانتقال من العلة إلى المعلول. ولكن هذا الافتراض صعب التحقق من الناحية الواقعية في كثير من الاحيان لضيق دائرة العقل وشعور الانسان بانه محدود الاطلاع، الامر الذي يجعله يحتمل غالبا ان يكون قد فاته الاطلاع على بعض نكات الموقف، فقد يدرك المصلحة في فعل، ولكنه لا يجزم عادة بدرجتها وبمدى اهميتها وبعدم وجود اي مزاحم لها، وما لم يجزم بكل ذلك لا يتم الاستكشاف.
الملازمة بين الحكم العملي وحكم الشارع:
عرفنا ان مرجع الحكم العملي إلى الحسن والقبح وانهما امران واقعيان يدركهما العقل، وقبل الدخول في الحديث عن الملازمة ينبغي ان نقول كلمة عن واقعية هذين الامرين، فان جملة من الباحثين فسر الحسن والقبح بوصفهما حكمين عقلائيين، اي مجعولين من قبل العقلاء تبعا لما يدركون من مصالح ومفاسد للنوع البشري، فما يرونه مصلحة كذلك يجعلونه حسنا، وما يرونه مفسدة كذلك يجعلونه قبيحا، وتميزهما عن غيرهما من التشريعات العقلائية اتفاق العقلاء عليهما وتطابقهم على تشريعهما لوضوح المصالح والمفاسد التي تدعو إلى جعلهما.
وهذا التفسير خاطئ وجدانا وتجربة.
اما الوجدان فهو قاض بان قبح الظلم ثابت بقطع النظر عن جعل اي جاعل كإمكان الممكن، واما التجربة فلان الملحوظ خارجيا عدم تبعية الحسن والقبح للمصالح والمفاسد فقد تكون المصلحة في القبيح اكثر من المفسدة فيه ومع هذا يتفق العقلاء على قبحه فقتل انسان لأجل استخراج دواء مخصوص من قلبه يتم به انقاذ انسانين من الموت اذا لوحظ من زاوية المصالح والمفاسد فقط، فالمصلحة اكبر من المفسدة، ومع هذا لا يشك احد في ان هذا ظلم وقبيح عقلا، فالحسن والقبح اذن ليسا تابعين للمصالح والمفاسد بصورة بحتة بل لهما واقعية تلتقي مع المصالح والمفاسد في كثير من الاحيان وتختلف معها احيانا. والمشهور بين علمائنا الملازمة بين الحكم العملي العقلي والحكم الشرعي. وهناك من ذهب إلى استحالة حكم الشارع في موارد الحكم العملي العقلي بالحسن والقبح، فهذان اتجاهان. اما الاتجاه الاول فقد قرب بان الشارع احد العقلاء وسيدهم فاذا كان العقلاء متطابقين بما هم عقلاء على حسن شيء وقبحه فلابد ان يكون الشارع داخلا ضمن ذلك ايضا.
والتحقيق انا تارة نتعامل مع الحسن والقبح بوصفهما امرين واقعيين يدركهما العقل، واخرى بوصفهما مجعولين عقلائيين رعاية للمصالح العامة، فعلى الاول لا معنى للتقريب المذكور لان العقلاء بما هم عقلاء انما يدركون الحسن والقبح ولا شك في ان الشارع يدرك ذلك، وانما الكلام في انه هل يجعل حكما تشريعيا على طبقهما اولا؟ وعلى الثاني ان اريد استكشاف الحكم الشرعي بلحاظ ما ادركه العقلاء من المصالح العامة التي دعتهم إلى التحسين والتقبيح، فهذا استكشاف للحكم الشرعي بالحكم العقلي النظري لا العملي لان مناطه هو إدراك المصلحة ولا دخل للحسن والقبح فيه، وان اريد استكشاف الحكم الشرعي بلحاظ حكم العقلاء وجعلهم الحسن والقبح فلا مبرر لذلك، اذ لا برهان على لزوم صدور جعل من الشارع يماثل ما يجعله العقلاء.
واما الاتجاه الثاني فقد قرب بان جعل الشارع للحكم في مورد حكم العقل بالحسن والقبح لغو لكفاية الحسن والقبح للإدانة والمسؤولية والمحركية.
ويرد على ذلك ان حسن الامانة وقبح الخيانة مثلا وان كانا يستبطنان درجة من المسؤولية والمحركية غير ان حكم الشارع على طبقهما يؤدي إلى نشوء ملاك آخر للحسن والقبح وهو طاعة المولى ومعصيته، وبذلك تتأكد المسؤولية والمحركية فاذا كان المولى مهتما بحفظ واجبات العقل العملي بدرجة اكبر مما تقتضيه الاحكام العملية نفسها حكم على طبقها، والا فلا، وبذلك يتضح انه لا ملازمة بين الحكم العقلي العملي وحكم الشارع على طبقه ولا بينه وبين عدم حكم الشارع على طبقه، فكلا الاتجاهين غير تام.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|