أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2016
496
التاريخ: 16-10-2016
1059
التاريخ: 2-10-2019
740
التاريخ: 16-10-2016
8482
|
اختلفت كلمة الأُصوليّين في اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه، والضدّ على قسمين:
أحدهما: الضدّ العام وهو بمعنى النقيض، فلو أمر بالصّلاة يكون تركها محرماً.
ثانيهما: الضدّ الخاص وهو الفعل الوجودي الذي لا يجتمع مع الفعل الواجب، كما إذا أمر بإزالة النجس عن المسجد فوراً وقد دخل وقت الصلاة، فلو قلنا بالاقتضاء يكون الأمر بالإزالة نهياً عن الصلاة.
في حكم الضدّ العام:
أمّا الضدّ العام فلا يخلو إمّا أن يكون الاقتضاء بالدلالة المطابقية بأن يكون الأمر بالشيء عين النّهي عن تركه، أو بالدلالة التضمنية بأن يكون الأمر بالشيء بمعنى طلب ذلك الشيء والمنع عن تركه، فالوجهان لا يرجعان إلى شيء لما عرفت من أنّ مفاد الأمر هو البعث إلى الشيء و ليس فيه أيّ دلالة على حكم الترك فضلاً عن كون النّهي عنه على نحو العينية أو الجزئية، وأمّا الدّلالة على النّهي بنحو الدلالة الالتزامية فهي تتصور على نحوين:
الأوّل: الالتزام بنحو اللّزوم البين بالمعنى الأخص بأن يكون نفس تصوّر
الوجوب كافياً في تصوّر المنع عن الترك.
الثاني: الالتزام بنحو اللّزوم البيّن بالمعنى الأعم بأن يكون تصوّر الطرفين (الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ العام) والنسبة كافياً في التصديق بالاقتضاء.
أمّا الأوّل فواضح الانتفاء، إذ كيف يصحّ ادّعاء الدلالة الالتزامية بهذا النحو، مع أنّ الإنسان كثيراً ما يأمر بشيء و هو غافل عن الترك فضلاً عن النّهي عنه؟
وأمّا الثّاني: ففيه انّ هذا النحو من النهي يدور أمره بين عدم الحاجة واللغوية ، وذلك لأنّ الأمر بالشيء إذا كان باعثاً نحو المطلوب يكون النّهي عن الترك غير محتاج إليه إلاّ إذا كان تأكيداً للأمر ولكنّه خارج عن محط البحث، و إذا لم يكن باعثاً نحو المطلوب، يكون النهي عن الترك لغواً لعدم ترتّب الفائدة عليه.
هذا كلّه حول الضد العام.
أمّا الضدّ الخاص، فقد استدلّ عليه بوجهين :
أحدهما : مسلك المقدمية.
الثاني: مسلك الملازمة.
أمّا الأوّل فهو مبني على تسليم أُمور ثلاثة:
1. انّ ترك الضدّ كالصلاة مقدّمة للمأمور به كالإزالة.
2. انّ مقدّمة الواجب واجبة فيكون ترك الصلاة واجباً بهذا الملاك.
3. انّ الأمر بالشيء (وهو في المقام قوله: اترك الصلاة) يقتضي النهي عن ضدّه العام، أعني: نقيض المأمور به وهو هنا نفس الصلاة.
وأنت خبير بعدم صحّة واحد من هذه الأُمور.
أمّا الأمر الأوّل أي كون ترك الضد مقدّمة للمأمور به فغير صحيح، إذ لا مقدّمية لترك أحد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر، فلا ترك الصلاة مقدّمة للإزالة ولا ترك الإزالة مقدّمة للصّلاة، بل غاية الأمر انّ بينهما منافرة ومعاندة لا يجتمعان في زمان واحد. وأمّا كون أحد التَرْكين مقدّمة للآخر فلا، لأنّ السبب الحقيقي لتحقّق كلّ واحد من الضدّين، هو إرادة المكلّف واختياره، فإذا وقع امام الضدين ورأى انّ الجمع بينهما أمر غير ممكن، يختار واحداً منهما ، ويترك الآخر، حسب اقتضاء غرضه، من دون أن يكون ترك أحدهما مقدّمة لفعل الآخر.
ويمكن إبطاله أيضاً بوجه آخر وهو انّ جعل العدم موقوفاً عليه غفلة عن حقيقة العدم، فإنّ العدم أمر ذهني لا وجود له في الخارج كما هو واضح، وما هو هذا شأنه لا يكون مؤثّراً ولا متأثّراً ولا موقوفاً ولا موقوفاً عليه.
وأمّا الأمر الثاني، أي وجوب المقدّمة التي هي «ترك الصلاة» فقد عرفت ضعفه لما عرفت من أنّ وجوب المقدّمة دائر بين ما لا حاجة إليه أو كونه لغواً.
وأمّا الأمر الثالث أي كون الأمر بالشيء حتّى الأمر المقدّمي مثل «اترك الصلاة»، يقتضي النهي عن ضدّه العام ونقيضه أي الصلاة ففيه انّ هذا النهي (لا تصلّ) امّا غير محتاج إليه إذا كان الأمر بالترك باعثاً، أو لغو إذا كان الأمر بالترك غير باعث.
إلى هنا تمّ الكلام في اقتضاء وجوب الشيء حرمة ضدّه سواء أُريد منه الضدّ العام أو الخاص من باب المقدمية.
وأمّا المسلك الثاني، أي مسلك الملازمة فقد أوضحنا حاله في الموجز(1) فلا نطيل فلاحظ.
الثمرة الفقهية للمسألة:
تظهر الثمرة الفقهية للمسألة في بطلان العبادة إذا ثبت الاقتضاء، فإذا كان الضدّ عبادة كالصلاة، وقلنا بتعلقّ النهي بها بأحد المسلكين السابقين تقع فاسدة، لأنّ النهي يقتضي الفساد، فلو اشتغل بالصلاة حين الأمر بالإزالة تقع صلاته فاسدة، أو اشتغل بها، حين طلب الدائن دينه.
ثمّ إنّ شيخنا بهاء الدين العاملي أنكر الثمرة، وقال: إنّ الصلاة باطلة سواء أقلنا باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه أم لم نقل.
أمّا على الصورة الأُولى فلأجل النهي، وأمّا على الصورة الثانية فلأجل سقوط الأمر بالصلاة، لأنّ الأمر بالشيء وإن لم يستلزم النهي عن الضدّ ولكن يستلزم سقوط الأمر بالضدّ في ظرف الأمر بالإزالة لئلا يلزم الأمر بالضدين في وقت واحد، فنفس عدم الأمر كاف في البطلان وان لم يتعلّق بها النهي.
فالمسألة فاقدة للثمرة على كلّ حال، لأنّ الصلاة باطلة إمّا لكونها محرّمة على القول بالاقتضاء، أو غير واجبة على القول بإنكار الاقتضاء، ومعنى عدم وجوبها، عدم تعلّق الأمر بها وهو يلازم البطلان.
ثمّ إنّ المتأخّرين من الأُصوليّين حاولوا إثبات صحّة الصلاة مع سقوط أمره من طريقين:
الأوّل: صحّة الصلاة لأجل وجود الملاك في الضدّ المبتلى به.
الثاني: الأمر بالضدّ على نحو الترتّب، أي بشرط عصيان الأمر بالأهم، كأن يقول: أزل النجاسة وإن عصيت فصلِّ.
أمّا الوجه الأوّل، فقد اختاره المحقّق الخراساني، وذلك لأنّ تعلّق النهي يلازم فساد العبادة لا عدم تعلّق الأمر، والمقام من قبيل الثاني لا الأوّل. فإذا كانت العبادة غير منهية عنها يكون محكوماً بالصحّة وإن لم يكن هناك أمر وذلك لكفاية الملاك والرجحان الذاتي فيها، إذ الفرد المزاحِم للعبادة وغير المزاحِم سيان في الملاك والمحبوبية الذاتية، إذ غاية ما أوجبه الابتلاء بالأهم هو سقوط أمره وأمّا ملاكه فهو بعدُ باق عليه.
هذا هو حال الوجه الأوّل، وأمّا حال الوجه الثاني فهو المعروف بمسألة الترتّب يطلب من دراسات عليا.
_______________
1. الموجز:56ـ57.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|