أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-28
177
التاريخ: 23-8-2016
1227
التاريخ: 2024-08-28
209
التاريخ: 6-8-2019
1691
|
ما يحتّم على الأبناء النُّبلاء أنْ يُقدّروا فضل آبائهم وعظيم إحسانهم ، فيجازونهم بما يستحقّونه مِن حُسن الوفاء ، وجميل التوقير والإجلال ، ولطف البرّ والإحسان ، وسموّ الرعاية والتكريم أدبيّاً وماديّاً .
أنظر كيف يعظم القرآن الكريم شأن الأبوين ، ويحضّ على إجلالها ومصاحبتهما بالبرّ والمعروف ، حيث قال : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [لقمان : 14].
وقال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء : 23، 24].
فقد أعربت هاتان الآيتان عن فضل الوالدين ومقامهما الرفيع ، وضرورة مكافأتهما بالشكر الجزيل ، والبرِّ والإحسان اللائقين بهما ، فأمرت الآية الأُولى بشكرهما بعد شكر اللّه تعالى وقرنت الثانية الإحسان إليهما بعبادته عزّ وجل ، وهذا غاية التعزيز والتكريم .
وعلى هدي القرآن وضَوئه تواترت أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) :
قال الباقر ( عليه السلام ) : ( ثلاث لم يجعل اللّه تعالى فيهنّ رخصة : أداء الأمانة إلى البَرِّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبَرِّ والفاجر ، وبرّ الوالدين بريّن كانا أو فاجرين )(1) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ رجُلاً أتى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فقال : يا رسول اللّه ، أوصني , فقال : لا تشرك باللّه شيئاً ، وإنْ حُرِقت بالنار وعذّبت إلاّ وقلبك مطمئنٌّ بالإيمان , ووالديك ، فأطعهما وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين ، وإنْ أمَراك أنْ تخرج مِن أهلِك ومالك فافعل ، فإنّ ذلك من الإيمان ) (2) .
وعن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : كن بارّاً واقتصر على الجنّة ، وإنْ كنت عاقّاً فاقتصر على النار )(3)
وعنه ( عليه السلام ) ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : نظر الولد إلى والدَيه حبّاً لهما عبادة ) (4) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن أحبّ أنْ يُخفّف اللّه عزّ وجل عنه سكَرات الموت ، فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه بارّاً ، فإذا كان كذلك هوّن اللّه عليه سكَرات الموت ، ولم يُصبه في حياته فقرٌ أبداً ) (5) .
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أتته أُختٌ له مِن الرضاعة ، فلمّا نظر إليها سرّ بها وبسط ملحفته لها ، فأجلسها عليها ، ثمّ أقبل يُحدّثها ويضحك في وجهها .
ثمّ قامت فذهبت ، وجاء أخوها فلم يصنع به ما صنّع بها .
فقيل له : يا رسول اللّه ، صنعت بأُخته ما لم تصنع به ، وهو رجل ! فقال : ( لأنّها كانت أبرّ بوالديها منه ) (6) .
وفي الوقت الذي أوصت الشريعة الإسلامية ببرِّ الوالدين والإحسان إليهما ، فقد آثرت الأُمّ بالقسط الأوفر مِن الرعاية والبر ، نظراً لما انفردت به مِن جهودٍ جبّارة وأتعابٍ مُضنية في سبيل أبنائها ، كالحمل والرضاع ، ونحوهما مِن وظائف الأُمومة وواجباتها المُرهقة .
فعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( جاء رجلٌ إلى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال : يا رسول اللّه ، مَن أبرّ ؟ قال : أُمّك , قال : ثمّ مَن ؟ قال : أُمّك , قال : ثمّ مَن ؟ قال : أُمّك , قال : ثمّ مَن ؟ قال : أباك ) (7) .
وعن إبراهيم بن مهزم قال : خرجت مِن عند أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ليلةً ممسياً ، فأتيت منزلي في المدينة ، وكانت أُمّي معي . فوقع بيني وبينها كلام ، فأغلظت لها .
فلمّا كان مِن الغد ، صلّيت الغداة ، وأتيت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) ، فلمّا دخلت عليه ، قال لي مبتدئاً : ( يا أبا مهزم ، مالك ولِخالدة ؟ أغلظت في كلامها البارحة ، أما علِمت أنّ بطنها منزلٌ قد سكنته ، وأنّ حِجرها مهدٌ قد غمزته ، وثديها وعاءٌ قد شربته ؟ ) قال قلت : بلى .
قال : فلا تغلظ لها (8) .
واستمع إلى الإمام السجّاد ( عليه السلام ) ، وهو يوصي بالأمّ ، مُعدّداً جهودها وفضلها على الأبناء ، بأُسلوبٍ عاطفيٍّ أخّاذ ، فيقول ( عليه السلام ) :
( وأمّا حقّ أُمّك : أنْ تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً ، وأعطتك مِن ثمرة قلبها ما لا يُعطي أحدٌ أحداً ، ووَقَتك بجميع جوارحها ، ولم تُبال أنْ تجوع وتُطعِمك ، وتَعطش وتسقيك وتعري وتكسوك ، وتَضحى وتظلّك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووَقَتك الحرّ والبرد لتكون لها فإنّك لا تطيق شكرها إلاّ بعون اللّه وتوفيقه )(9) .
وبِرّ الوالدين ، وإنْ كان له طيبتُه ووقعه الجميل في نفس الوالدين ، بيد أنّه يزداد طيبةً ووقْعاً حسَناً عند عجزهما وشدّة احتياجهما إلى الرعاية والبر ، كحالات المرض والشيخوخة ، وإلى هذا أشار القرآن الكريم : {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء : 23، 24] .
وقد ورد أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فقال : يا رسول اللّه ، إنّ أبَويّ بلغا مِن الكِبَر أنّي ألي منهما ما ولياني في الصغر ، فهل قضيتهما حقّهما ؟.
قال : ( لا ، فإنّهما كانا يفعلان ذلك وهُما يحبّان بقاءك ، وأنت تفعل ذلك وتريد موتهما ).
وعن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : إنّ أبي قد كبُر جدّاً وضعُف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة .
فقال : ( إنْ استطعت أنْ تلي ذلك منه فافعل ، ولقّمه بيدك ، فإنّه جنّةٌ لك غداً ) (10) .
وليس البرّ مقصوراً على حياة الوالدين فحسب ، بل هو ضروري في حياتهما وبعد وفاتهما لانقطاعهما عن الدنيا وشدّة احتياجهما إلى البرّ والإحسان .
فعن الصادق ( عليه السلام ) قال : ( ليس يتبع الرجل بعد موته مِن الأجر إلاّ ثلاث خصال : صدقةٌ أجراها في حياته وهي تجري بعد موته ، وسنّة هدىً سَنّها فهي يُعمل بها بعد موته ، أو ولدٌ صالح يدعو له ) (11) .
مِن أجل ذلك فقد حرّضت وصايا أهل البيت ( عليهم السلام ) على برّ الوالدين بعد وفاتهما وأكّدت عليه وذلك بقضاء ديونهما الماليّة أو العباديّة ، وإسداء الخيرات والمبرّات إليهما والاستغفار لهما ، والترحّم عليهما .
واعتبرت إهمال ذلك ضرباً مِن العقوق .
قال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ العبد ليكون بارّاً بوالديه في حياتهما ، ثمّ يموتان فلا يقضي عنهما دينهما ولا يستغفر لهما ، فيكتبه اللّه عاقّاً ، وإنّه ليكون عاقّاً لهما في حياتهما غير بارٍّ بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما ، فيكتبه اللّه تعالى بارّاً ) (12) .
وعن الصادق عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : سيّد الأبرار يوم القيامة ، رجلٌ برّ والديه بعد موتهما ) (13) .
_____________________
1- الوافي : ج 3 , ص 93 ، عن الكافي .
2- الوافي : ج 3 , ص 91 - 92 ، عن الكافي .
3- الوافي : ج 3 , ص 155 ، عن الكافي .
4- البحار : م 16 , ج 4 , ص 24 ، عن كشف الغمّة الأربلي .
5- البحار : م 16 , ج 4 , ص 21 ، عن أمالي الشيخ الصدوق ، وآمالي ابن الشيخ الطوسي.
6- الوافي : ج3 , ص92 ، عن الكافي .
7- الوافي : ج3 , ص92 ، عن الكافي .
8- البحار : م 16 , ج 4 , ص 23 ، عن بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفّار .
9- رسالة الحقوق للإمام السجاد ( عليه السلام ) .
10- الوافي : ج 3 , ص 92 ، عن الكافي .
11- الوافي : ج 13 , ص 90 ، عن الكافي والتهذيب .
12- الوافي : ج 3 , ص 93 ، عن الكافي .
13- البحار : م 16 , ج 4 , ص 26 ، عن كتاب الإمامة والتبصرة لعليّ بن بابويه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|