المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8118 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05



تنبيهات منجزية العلم الاجمالي(بيان الضابط لكون الشبهة غير محصورة وبيان حكمها)  
  
507   01:02 مساءاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.329
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /

لو كان العلم الاجمالي في اطراف غير محصورة عرفا  ففي تأثيره في وجوب الاجتناب مطلقا أو بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية وعدمه خلاف بين الاعلام والمشهور على عدم وجوب الاحتياط، وتنقيح الكلام فيه يقع من جهتين :

(الاولى) في بيان الضابط لكون الشبهة غير محصورة .

(الثانية) في بيان حكمها.

(اما الجهة الاولى) فقبل التعرض لها لا بأس بتمهيد مقدمة في تحرير موضوع البحث، وهى انه لا شبهة في ان البحث في المقام عن منجزية العلم الاجمالي وعدمه كما يقتضيه ظاهر العنوان في كلماتهم ممحض في مانعية كثرة الاطراف عن تأثير العلم وعدمه فلابد حينئذ من فرض الكلام في مورد يكون خاليا عن جميع ما يوجب المنع عن تأثير العلم الاجمالي كالعسر والحرج وكالاضطرار إلى ارتكاب بعض الاطراف، أو خروجه عن مورد الابتلاء، بحيث لولا كثرة الاطراف لكان العلم الاجمالي منجزا بلا كلام، والا فمع طر واحد هذه الطوارئ لا يفرق بين المحصور وغيره، لان في المحصور ايضا لا يجب الاحتياط فلا خصوصية حينئذ لغير المحصور كي يصح جعله عنوانا برأسه في قبال المحصور (وعليه) فلا مجال للاستدلال في المقام على عدم وجوب مراعاة العلم الاجمالي، بالعسر والحرج تارة، وبعدم كون جميع الاطراف محل الابتلاء اخرى، وثالثه بغير ذلك من الطوارئ المانعة عن تأثير العلم الاجمالي (وتوهم) ان ذلك من جهة ملازمة كثرة الاطراف مع احد هذه الموانع خصوصا العسر والحرج (مدفوع) بانه لو سلم ذلك فإنما هو في العلم الاجمالي في الواجبات (واما) في المحرمات المقصود منها مجرد الترك فلا، لان كثيرا ما يتصور خلو كثرة الاطراف عن الموانع المزبورة (مع ان العبرة) حينئذ تكون بها لا بكثرة الاطراف (وبعد ما عرفت) ذلك نقول انهم ذكروا وجوها في ضابط كون الشبهة غير محصورة (منها) ما عن الشيخ (قدس سره) من تحديده بما بلغ كثرة الاطراف إلى حد يوجب عدم اعتناء العقلاء بالعلم الاجمالي فيها، لما هو المعلوم من اختلاف حال العلم الاجمالي عند العقلاء في التأثير وعدمه مع قلة المحتملات وكثرتها، كما يرى بالوجدان الفرق الواضح بين قذف احد الشخصين لا بعينه وبين قذف احد من في البلد، حيث يرى تأثير كلا الشخصين في الاول وعدم تأثير احد من في البلد في الثاني وكذا لو اخبر شخص بموت شخص مردد بين ولده وشخص اخر اجنبي، فانه يضطرب حاله بمجرد سماع هذا الخبر، بخلاف صورة الاخبار بموت شخص من اهل بلده مرددا كونه في نظره بين ولده وبين غيره من اهل البلد، حيث لا يتأثر ولا يضطرب حاله من الاخبار المزبور (وفيه ان) ما افيد من عدم اعتناء العقلاء بالضرر مع كثرة الاطراف، انما يتم في مثل المضار الدنيوية، وذلك ايضا فيما يجوز توطين النفس على تحملها لبعض الاعراض، لاما يكون مورد الاهتمام التام عندهم كالمضار النفسية، والا ففيها يمنع اقدامهم على الارتكاب بمحض كثرة الاطراف لو علم بوجود سم قاتل في كأس مردد بين الف كؤوس أو ازيد يرى انه لا يقدم احد على ارتكاب شيء من تلك الكؤوس وان بلغت الاطراف في الكثرة ما بلغت، لا في المضار الأخروية التي يستقل العقل فيها بلزوم التحرز عنها ولو موهوما، فان في مثله لابد في تجويز العقل للارتكاب من وجود مؤمن يوجب القطع بعدم العقوبة على ارتكابه ولو بإخراجه عن دائرة المفرغ بجعل ما هو المفرغ غيره من الاطراف الاخر، والا فبدونه لابد من الاحتياط بالاجتناب عن كل ما يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليه ولو موهوما، نظرا إلى مساوقة احتمال المزبور لاحتمال الضرر والعقوبة المحكوم بحكم العقل بوجوب دفعه والتحرز عنه .

(ومنها) تحديده كما عن جماعة بما بلغ كثرة الاطراف إلى حد يعسر عدها في زمان قليل (وفيه) ايضا م لا يخفى، فان لازمه ان يكون العلم الاجمالي بنجاسة حبة من الحنطة أو الارز أو غصبيتها في ضمن اوقية من غير المحصور للمناط المزبور، مع انه كما ترى لا يظن منهم الالتزام بذلك.

 (ومنها) ما عن بعض الاعلام (قدس سره) من تحديد عدم حصر الشبهة ببلوغ كثرة الاطراف إلى حد لا يتمكن المكلف عادة من جمعها في الاستعمال من اكل أو شرب أو غيرهما، لا مجرد كثرة الاطراف ولو مع التمكن العادي من المخالفة بالجمع بين الاطراف في الاستعمال، ولا مجرد عدم التمكن العادي من الجمع بينها من دون كثرة الاطراف (وفيه) ان اريد من عدم التمكن من الجمع بين الاطراف في الاستعمال عدم التمكن منها ولو تدريجا بمضي الليالي والايام، فلا ريب في فساده إذ ما من شبهة غير محصورة الا ويتمكن المكلف من الجمع بين اطراف الشبهة ولو تدريجا وفى ازمنة طويلة (وان اريد) بذلك عدم التمكن من الجمع بينها فيزمان قصير، فهذا يحتاج إلى تحديده بزمان معين ولا معين في البين مع ان لازمه اندراج الشبهة الكثير في الكثير في غير المحصور من جهة تحقق الضابط المزبور كما في العلم الاجمالي بنجاسة الف ثوب في الفين، مع انه لا شبهة كما سيجئ في كونها ملحقة بالمحصور وحينئذ فالأولى ان يقال في تحديد كون الشبهة غير محصورة ان الضابط فيها هو بلوغ الاطراف في الكثرة بمثابة توجب ضعف احتمال وجود الحرام في كل واحد من الاطراف بحيث إذا لو خط كل واحد منها منفردا عن البقية يحصل الاطمئنان بعدم وجود الحرام فيه الملازم للاطمئنان بكون الحرام المعلوم في بقية الاطراف وتوهم منافات الاطمئنان بالعدم في كل واحد منها مع العلم الاجمالي بوجود الحرام في بعضها لضرورة مضادة العلم بالموجبة الجزئية مع الظن بالعدم في كل طرف بنحو السلب الكلي (مدفوع) بانه كذلك في فرض اقتضاء ضعف الاحتمال في كل طرف للاطمئنان بعدم التكليف فيه تعينيا ولو ملحوظ معه غيره من الاطراف الاخر (واما) اقتضاء الاطمئنان بالعدم في كل طرف ملحوظا كونه منفردا عن البقية بنحو يلازم للاطمئنان بالوجود فيما عداه فلا محذور فيه، إذ لا يلزم منه اجتماع العلم بالموجبة الجزئية مع الظن بالسلب الكلي، بل ما يلزمه انما هو العلم بالموجبة الجزئية مع الظن بالسلب الجزئي في كل طرف على البدل ولا تنافي بينهما كما هو ظاهر (فإذا فرض) حجية هذا الاطمئنان لدى العقلاء لبنائهم على عدم الاعتناء باحتمال الخلاف البالغ في الضعف إلى هذه المثابة ولو لكونه من العلوم العادية لهم فلا يجب رعاية العلم الاجمالي بالاحتياط في الجميع ولو مع التمكن العادي من ذلك (ثم اعلم) ان العبرة في المحتملات قلة وكثرة انما هي بكثرة الوقائع التي تقع موردا للحكم بوجوب الاجتناب مع العلم بالحرام تفصيلا، ويختلف ذلك في انظار العرف باختلاف الموارد، فقد يكون تناول امور متعددة باعتبار كونها مجتمعة يعد في انظارهم وقعة واحدة كاللقمة من الارز ويدخل المشتمل على الحرام منها في المحصور كما لو علم بوجود حبة محرمة أو نجسة من الارز أو الحنطة في الف حبة مع كون تناول الف حبة من الارز في العادة بعشر لقمات فان مرجعه إلى العلم بحرمة تناول احد لقماته العشر ومضغها لاشتمالها على مال لغير أو النجس، وقد يكون تناول كل حبة يعد في انظارهم واقعة مستقله كما لو كانت الحبوب متفرقة أو كان المقام يقتضي كون تناولها بتناول كل حبة حبة، ومضغها منفردة فيدخل بذلك في غير المحصور.

(واما الجهة الثانية) فالمشهور بين الاصحاب رضوان الله عليهم شهرة عظيمة هو عدم وجوب الموافقة القطعية فيها على خلاف بينهم في حرمة المخالفة القطعية، بل ونقل الاجتماع عليه مستفيض كما عن الرضوي ومحكي جامع المقاصد، بل عن المحقق البهبهاني (قدس سره) دعواه صريحا مع زياده انه من ضرورة الدين قال في حاشيته على المدارك ان الاجماع وضرورة الدين وطريقة المسلمين في الاعصار والامصار على عدم وجوب الاجتناب فيه ونحوه كلامه الاخر المحكي عن فوائده وهو كما افادوه، فانه بالتتبع في كلماتهم في الفقه يظهر بان عدم وجوب الاجتناب في الشبهات غير المحصورة في الجملة عندهم من المسلمات، بل يمكن دعوى كونه مغروسا في اذهان عوام المتشرعة ايضا، ولا ينافى ذلك ما عن بعضهم من الاستدلال للحكم المزبور، تارة بالعسر والحرج المنفيين، واخرى بعدم كون جميع الاطراف مع عدم الحصر مورد ابتلاء المكلف، وثالثه بغير ذلك كالاضطرار ونحوه، فان الظاهر ان ذلك منهم من قبيل بيان نكتة الشيء بعد وقوعه، وبعد ذا لا يصغى إلى ما عن بعض من الوسوسة في الحكم المزبور ومصيره إلى الخلاف، كل ذلك (مضافا) إلى كونه من مقتضيات الضابط الذى ذكرناه لغير المحصور (فانه) مع بلوغ كثرة الاطراف إلى حد تورث الوهن في احتمال مصادفة كل فرد بشخصه للحرام الواقعي عند لحاظه منفردا عن البقية بحيث يطمئن فيه بالعدم، يخرج احتمال التكليف في كل فرد عن مورد اعتناء العقلاء، فل يستقل العقل فيه بوجوب الاجتناب مراعاتا للاحتمال المزبور (نعم) لما كان ضعف احتمال وجود التكليف في كل فرد بانفراده ملازما لقوة احتمال وجوده في البقية (امكن) دعوى ان بنائهم على عدم الاعتناء باحتمال التكليف في كل فرد (انما) هو لأخذهم بالظن القائم بالوجود في البقية الراجع إلى بنائهم على بدلية احد الاطراف عن الواقع في المفرغية ولو تخييرا (والا) فضعف احتمال وجود التكليف في كل فرد لا يكون مصححا لجواز الارتكاب وان بلغ في الضعف ما بلغ خصوصا على مبنى علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية (ولعلة إلى) ذلك يكون نظر الاصحاب في بنائهم على عدم وجوب الاحتياط ورعاية احتمال التكليف في كل فرد، والا فمن البعيد جدا قيام اجماع تعبدي منهم في البين على الحكم المزبور كما هو ظاهر (هذا بالنسبة) إلى الموافقة القطعية (واما المخالفة) القطعية فيظهر حكمها مما ذكرناه، فانه على ما اخترناه من الضابط يكون العلم الاجمالي على تأثيره في حرمة المخالفة القطعية، بل عرفت ان مقتضاه وجوب الموافقة ايضا كما في المحصور وان عدم وجوب الاجتناب عن كل فرد انما هو بمناط جعل البدل لا بمناط سقوط العلم عن التأثير بالنسبة إلى الموافقة القطعية (والى ذلك يكون) نظر الشيخ (قدس سره) في مصيره إلى حرمة المخالفة القطعية كما صرح به في صورة الشك في كون الشبهة محصورة (نعم) لو كان بناء العقلاء في عدم الاعتناء باحتمال التكليف في كل فرد من جهة عدم اعتدادهم بالعلم الاجمالي الحاصل في البين لخروجه لديهم عند كثرة الاطراف عن التأثير وصلاحية البيانية والمنجزية للواقع لكان مقتضاه جواز المخالفة القطعية ايضا ولكن الشأن في اثبات هذه الجهة، ولا اقل من عدم احراز ذلك فيبقى العلم الاجمالي على تأثيره في حرمة المخالفة القطعية ومنه يظهر الكلام فيما لو كان المستند لجواز الارتكاب هو الاجماع (فان المسلم منه) هو قيامه على الترخيص في ترك تحصيل القطع بالموافقة بالاحتياط، وذلك ايضا بمناط كشفه عن بدلية احد الافراد عن الواقع في مقام المفرغية ولو بنحو كان اختيار تعينية بيد المكلف، والا فمع علية العلم الاجمالي حتى بالنسبة إلى الموافقة القطعية، يستحيل بدونها لترخيص في البعض ايضا لمنافاته مع حكم العقل تنجيزيا بلزوم الخروج عن العهدة، ومقتضى ذلك هو عدم جواز المخالفة القطعية لبقاء العلم الاجمالي على تأثيره في حرمتها (نعم) لو قيل بكشف الاجماع المزبور عن حجية تلك الظنون المتعلقة بعدم التكليف في كل فرد عند انفراده في اللحاظ عن غيره، لامكن دعوى عدم حرمة المخالفة القطعية، فانه بعد ان يلازم الظن بعدم التكليف في كل فرد للظن بالوجود في البقية، يصير كل ظن بقيامه على عدم التكليف في كل فرد مخرجا له عن دائرة المفرغ لاقتضائه بالملازمة لكون الحرام المعلوم في غيره من الاطراف، نظير الامارات القائمة على تعيين المعلوم بالإجمال في بعض الاطراف إلى ان ينتهى إلى الفرد الاخر فيكون الظن القائم بعدم التكليف فيه مخرجا له ايضا عن دائرة المفرغ لإثباته بالملازمة لكون المعلوم بالإجمال في غيره من الافراد التالفة الخارجة بأثارها عن مورد ابتلاء المكلف نظير الاماراة القائمة على تعيين المعلوم بالإجمال في احد طرفي العلم بالخصوص بعد تلفه (ولكن) الكلام في استفادة ذلك من الاجماع المزبور (فانه) غاية ما يقتضيه الاجماع انما هو الترخيص في ترك الموافقة القطعية بالاحتياط وبضميمة علية العلم الاجمالي للموافقة القطعية يكون المستكشف منه هو جعل بدلية احد الافراد عن الواقع في مقام تفريغ الذمة بنحو يكون اختيار تعينيه بيد المكلف (واما) اقتضائه لحجية تلك الظنون فلا، إذ ذلك يحتاج إلى دلالة وهى مفقودة (ومع) الغظ عن ذلك، فالمتيقن منها هو حجيتها تخييرا فيما عدى مقدار المعلوم بالإجمال الملازم لوجوب ابقاء مقدار الحرام وعدم ارتكابه (لا حجية) كل واحد منها تعينيا (مضافا) إلى العلم الاجمالي حينئذ بمخالفة احد هذه الظنون للواقع الموجب بمقتضى بطلان الترجيح بل مرجج لسقوط الجميع عن الحجية (الا ان) يدفع ذلك بانه مع تدريجية هذه الظنون وعدم اجتماعها في زمان واحد لا يضر العلم الاجمالي المزبور، إذ لا ينتهى الامر من حجية الجميع إلى التعبد بظنون متعددة على خلاف العلم في زمان واحد، فتأمل .

(وكيف كان) فهذا كله على المشرب المختار في ضابط كون الشبهة غير محصورة (واما) على المشارب الاخر فعلى المشرب الاول الذى يرجع إليه ظاهر كلام الشيخ (قدس سره) من جعل ضابط عدم الحصر بلوغ كثرة الاطراف إلى حد يوجب عدم اعتناء العقلاء بالعلم الاجمالي الحاصل في البين وصيرورته لديهم كالشك البدوي، لا اشكال في ان لازمة هو جواز المخالفة القطعية من غير فرق بين كون الشبهة وجوبية أو تحريمة (واما) على مشرب من جعل الضابط فيه بلوغ كثرة الاطراف حدا يوجب عدم التمكن العادي من الجمع بين المحتملات في الاستعمال (فلازمه) في الشبهة الوجوبية هو التبعيض في الاحتياط ووجوب الموافقة الاحتمالية نظرا إلى امكان المخالفة القطعية ح، بترك جميع الاطراف (نعم) لما لا يتمكن من الموافقة القطعية بالجمع بين الاطراف في الاستعمال يسقط وجوبها، ونتيجة ذلك هو التبغيض في الاحتياط كما اشرنا إليه (واما) في الشبهة التحريمية، فقد يقال باقتضائه لسقوط العلم الاجمالي راسا (اما) بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية فلعدم التمكن منها، واما بالنسبة إلى الموافقة القطعية، فلان وجوبها فرع حرمة المخالفة القطعية لان وجوب الموافقة القطعية متفرغ على تعارض الاصول وتساقطها وهو متفرغ على حرمة المخالفة القطعية، فإذا لم تحرم المخالفة القطعية، ولو بعدم التمكن العادي منها فلا تعارض بين الاصول ومع عدم تعارضها لا يجب الموافقة القطعية، ثم اشكل على ما افاده الشيخ (قدس سره) من التفصيل بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية بحرمة الاولى وعدم وجوب الثانية، بان حرمة المخالفة القطعية قرع التمكن من المخالفة ومع التمكن منها لا تكون الشبهة غير محصورة (وفيه) ان عدم امكان الجمع بين المحتملات بعدم التمكن من البعض غير المعين لا يقتضى الا عدم انتهاء الامر إلى القطع بالمخالفة لا عدم التمكن من المخالفة واقعا كي يقتضى عدم حرمة مخالفة المعلوم بالإجمال، وحينئذ فمع فرض القدرة على فعل كل واحد في ظرف عدم الاخر، تحرم المخالفة لا محالة، وان لم ينتهى الامر إلى القطع بها، ولازمه المنع عن جريان الاصول النافية الموجب لحكم العقل بوجوب الموافقة القطعية (واما) ما افيد من تعليل عدم وجوب الموافقة القطعية بعدم تعارض الاصول في الاطراف، نظرا إلى ان المانع من جريانها انما هي المخالفة القطعية العملية ومع عدم انتهاء الامر إلى القطع بها لا تعارض بينها فلا يجب الموافقة القطعية (ففيه) مضافا إلى جريان مثله في الشبهة المحصورة ايضا في فرض عدم تمكن المكلف من المخالفة القطعية بالجمع بين الاطراف كما لو علم بخمريه احد المايعين ولم يتمكن الا من شرب احدهما، فانه مع عدم التمكن من المخالفة القطعية لا ينتهى الامر على هذ المبنى إلى تعارض الاصول، فلابد من المصير إلى جواز ارتكاب احدهما، مع انه كما ترى لا يظن التزامه من احد، انه مبنى على القول باقتضاء العلم الاجمالي للموافقة القطعية، (والا فعلى) القول بعلية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية ومانعيته عن جريان الاصل النافي للتكليف ولو في بعض الاطراف بلا معارض كما هو التحقيق، فلا يتم ذلك (لان) مجرد عدم التمكن من المخالفة القطعية بالجمع بين المحتملات لا تقتضي سقوط العلم عن التأثير بالنسبة إلى الموافقة القطعية مع التمكن منها بترك جميع الاطراف كما هو ظاهر.

(واما) اشكاله على الشيخ قدس سره فالإنصاف انه في غير محله (إذ هو) (قدس سره) لم يقل بالضابط المذكور بل، ولا ذكره ايضا في عداد الضوابط (نعم) مقتضى ما افاده (قدس سره) من الضابط كما ذكرناه هو جواز المخالفة القطعية، ولكنه اعرض عنه والتزم بنحو ما ذكرناه من مؤثرية العلم الاجمالي في التنجيز كما في المحصور بنحو يمنع عن الترخيص على خلافه ولو في البعض الا بجعل بعض الاطراف بدلا ظاهريا عن المعلوم بالإجمال يقتضى قيامه مقامه في مقام الامتثال وتفريغ الذمة فراجع (بقى الكلام) في حكم الشك في كون الشبهة غير محصورة (والظاهر) هو اختلافه باختلاف الوجوه المتقدمة في ضابط عدم حصر الشبهة (فعلى الوجه) الاول الذى ارتضاه الشيخ (قدس سره) يكون ملحقا بغير المحصور لرجوع الشك في الحصر وعدمه حينئذ إلى الشك في بيانية العلم الاجمالي لدي العقلاء وصلاحيته للمنجزية فيكون المرجع في مثله هي البرائة (واما على الوجه الثاني) وهو بلوغ كثرة الاطراف حدا لا يتمكن من الجمع بينها في الاستعمال، فلازمه هو الحاق صورة الشك في الحصر بالمحصور في وجوب الاحتياط (لرجوع) الشك المزبور حينئذ إلى الشك في القدرة مع العلم بالخطاب ووجود الملاك، فلابد من الاحتياط لاستقلال العقل في مثله بلزوم الجري على ما يقتضيه العلم وعدم الاعتناء باحتمال العجز (وكذلك) الحال على الضابط المختار فمقتضاه ايضا هو الحاق فرض الشك في الحصر بالمحصور في وجوب رعاية العلم الاجمالي (لان) مرجع الشك في الحصر إلى الشك في جعل البدل الذى هو المصحح للترخيص في ترك الاحتياط، ومع الشك فيه وعدم احرازه لابد من مراعات العلم الاجمالي فيجب الاحتياط بالاجتناب عن جميع المحتملات، هذا اتمام الكلام في الشبهة غير المحصورة (واما)شبهة الكثير في الكثير وهي ما كان المردد بين الامور غير المحصورة افراد كثيرة نسبة مجموعها إلى المشتبهات كنسبة الشيء إلى الامور المحصورة، كما إذا علم بوجود خمسمائة شاة موطوئة في الفين شاة، حيث ان نسبة مجموع المعلوم بالإجمالي إلى المشتبهات كنسبة الواحد إلى الاربعة، فحكمها حكم الشبهة المحصورة بل هي في الحقيقة من افرادها فتجري فيها قواعد العلم الاجمالي من حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.